ربيعُ البامية
محمد الرياني
صحوتُ جائعًا بعد ليلٍ من التعب، ساقايَ تعانيان من الألم، لم أتناول طعامًا من منتصفِ يومِ أمس، سألتُها وعلى وجهها البؤس، تبدو هي جائعةً مثلي ولكنها ساكتة، قلتُ لها : ألا يوجدُ شيءٌ نأكله، فتحتِ الثلاجةَ ولايوجد بها غيرُ عددٍ قليلٍ من قرونِ البامية، عادت إليَّ لتخبرني بما وجدتْ، قلتُ لها متعحبًّا بامية... بامية!! قالت إن الباميةَ لاتصلح بدون طماطم، ابتسمتُ وبطني تتلوى من الجوع، أجبتُها وهل البطنُ الخاليةُ تفكر في الباميةِ مع طماطم أو بدون طماطم، تركتْني ووضعتِ الماءَ في القدرِ على الموقدِ وألقتْ فيها الباميةَ الخضراء وانتظرتْها، جاءت إليَّ تقول: جوعكَ حارٌّ على مايبدو، هززتُ رأسي أتأوه؛ أقول لها : كلُّ تلك الأعوام لم تخبركِ أن جوعي حار، لم تجبني وانطلقتْ لتنقذَ الباميةَ من أن تحترق، أقبلتْ تحملُ الطبق ، وضعتْه أمامي وتركتني تبحث عن خبز، عادت بفتاتٍ من بقايا أمس تفوحُ رائحةُ بهاراته، وجدتْني قد التهمتُ نصفَ القرونِ الخضراء المهروسة، وضعتُ الفتاتَ في القدرِ ومزجتُه وهي تحرك يدي بيدها، أحسستُ بشعورٍ عارمٍ يقبضُ على قلبي ويدُها تمسكُ يدي، قلتُ لها حسبُكِ رفيقةَ عمري ، كأني قد شبعت، ضحكتْ وقالت دعني أشارككَ الإفطارَ فأنا مثلكَ لم أذق طعمَ الطعامِ وأنا أنتظرك، تركتُ لها الباقي وعيني في عينيها، قالت لي : أرأيتَ ماصنعتْ بنا حباتُ الباميةِ الخضراء دون طماطم؟
قلتُ لها هل تعنين أننا نحب بعضنا، قالت هذا شيء مفروغٌ منه، لم أجبها وتركتُها تمضغُ لقيماتِها الصغيرةَ ، كبرتْ وزادَ عمرُها ولقيماتُها البريئةُ تذكرني بها عندما كانت في ربيعِ العمر.
صحوتُ جائعًا بعد ليلٍ من التعب، ساقايَ تعانيان من الألم، لم أتناول طعامًا من منتصفِ يومِ أمس، سألتُها وعلى وجهها البؤس، تبدو هي جائعةً مثلي ولكنها ساكتة، قلتُ لها : ألا يوجدُ شيءٌ نأكله، فتحتِ الثلاجةَ ولايوجد بها غيرُ عددٍ قليلٍ من قرونِ البامية، عادت إليَّ لتخبرني بما وجدتْ، قلتُ لها متعحبًّا بامية... بامية!! قالت إن الباميةَ لاتصلح بدون طماطم، ابتسمتُ وبطني تتلوى من الجوع، أجبتُها وهل البطنُ الخاليةُ تفكر في الباميةِ مع طماطم أو بدون طماطم، تركتْني ووضعتِ الماءَ في القدرِ على الموقدِ وألقتْ فيها الباميةَ الخضراء وانتظرتْها، جاءت إليَّ تقول: جوعكَ حارٌّ على مايبدو، هززتُ رأسي أتأوه؛ أقول لها : كلُّ تلك الأعوام لم تخبركِ أن جوعي حار، لم تجبني وانطلقتْ لتنقذَ الباميةَ من أن تحترق، أقبلتْ تحملُ الطبق ، وضعتْه أمامي وتركتني تبحث عن خبز، عادت بفتاتٍ من بقايا أمس تفوحُ رائحةُ بهاراته، وجدتْني قد التهمتُ نصفَ القرونِ الخضراء المهروسة، وضعتُ الفتاتَ في القدرِ ومزجتُه وهي تحرك يدي بيدها، أحسستُ بشعورٍ عارمٍ يقبضُ على قلبي ويدُها تمسكُ يدي، قلتُ لها حسبُكِ رفيقةَ عمري ، كأني قد شبعت، ضحكتْ وقالت دعني أشارككَ الإفطارَ فأنا مثلكَ لم أذق طعمَ الطعامِ وأنا أنتظرك، تركتُ لها الباقي وعيني في عينيها، قالت لي : أرأيتَ ماصنعتْ بنا حباتُ الباميةِ الخضراء دون طماطم؟
قلتُ لها هل تعنين أننا نحب بعضنا، قالت هذا شيء مفروغٌ منه، لم أجبها وتركتُها تمضغُ لقيماتِها الصغيرةَ ، كبرتْ وزادَ عمرُها ولقيماتُها البريئةُ تذكرني بها عندما كانت في ربيعِ العمر.