أرزاق
محمد الرياني
في الفناءِ الصغير وجدتُ سريرَ جدتي القديم وقد نَزعَ منه القِدمُ كثيرًا من تفاصيله، ومع هذا بقي بعضُ جَمالِ ماضيه، تذكرتُ ملامحَ جدتي الأصيلة، عينها البراقة البريئة، يدها وهي تمشط شعرها المتجعد وقد سكبتْ عليه قليلًا من الدهان العتيق، تنهدتُ وأنا أنظرُ إلى السماءِ التي بدتْ صافيةً باستثناء بعضِ الطيورِ المحلقةِ وكأنها في نزهةٍ برِّيةٍ تتأمل الكون، تمددتُ على السرير غيرَ مبالٍ بنتواءاتِ الحديدِ الصدئةِ وماستُحدثه بظهري ، رائحة الفل في فناء الدارِ تفوحُ شذى في أولِ النهارِ وبه بقايا من ظُلمةِ الليل، أخذتُ أتنفس بعمقٍ ولاتزال في عيني أجنحةُ الطيورِ المحلقة، سألتُ نفسي!.! ماذا تتنفسُ الطيورُ في هذا العلوِّ؟ هل ستجد ريحًا طيبةً كما أنا؟ فجأةً هوتْ مجتمعةً وكأنها قد سمعتْ كلامي، أو أنَّ همسات الصباحِ التي أطلقتُها قد اخترقت الصمتَ لترقى إلى السماء، بسطتْ أجنحتَها وأخذتْ تدور حول شجرةِ الفلِّ القريبة مني، بدأتْ تنوحُ وظللتُ أرقبها وأنا أشعرُ أنَّ السريرَ القديمَ يُحدثُ في بشرتي ألمًا، لم أكترثْ بما يحدث، الظلالُ رائعةٌ والشمسُ أروعُ وهي تَهبُ الظلالَ كلَّ هذا الجمال، جلستُ معتدلًا لأرى الطيورَ أكثر، منظرها وهي تلتقطُ الحبوبَ من الأرضِ ثم تشربُ برقَّةٍ من بقايا الماء في حوضِ شجرةِ الفلِّ ، بقائي وحيدًا مع كائنات أخرى غير البشَرِ ذابَ وأنا أسمعُ تغريدَ العصافيرِ ومعها الطيورُ القادمةُ من أعلى، تلويحُ الأوراقِ الخضراءِ والنسائمُ تحركها أوقدتْ عندي الأمل، تمددتُ من جديدٍ على سريرِ جدتي وفي قعرِ عيني صورتُها البريئة، مشطها ودهانها ويدها التي تسحبُ السريرُ بحثًا عن ظلال، أخذتُ نفسًا عميقًا، ارتديتُ جلبابًا أنيقًا ليغطي سائرَ جسدي، فرحتُ كثيرًا والطيورُ المحلقةُ لم تغادر محيطي، جعلتُ أنثرُ لها من كيسِ الحبوبِ القريبِ مني على الأرض، أخذتْ تلتقطها على عجَلٍ وكأنها تريد الرحيلَ قبل أن أغادر السرير، نثرتُ المزيدَ لتطمئن، أشعرتُها بأنَّ الصباحَ سيطول هذا اليوم، وأني باقٍ معها مابقيتِ الظلال، نظرتُ إلى جسدي، تذكرت أنني بحاجةٍ إلى طعامٍ مثل العصافير، سألتُ نفسي! هل سيأتي مَن يُطعمني في الصباحِ كما أطعمتُ العصافير؟ تمنيتُ لو كنتُ ذا أجنحةٍ حتى أحلِّقَ وهناك من ينظرُ إليَّ ويهمسُ في نفسه ثم أهبطُ من ارتفاعٍ لأجدَ على الأرضِ الذي يضعُ لي طعامًا تحتَ الظلال، تمنيتُ!! فجأةً طارتِ الطيورُ بأرزاقها وتركتْني أنتظرُ رزقي.
في الفناءِ الصغير وجدتُ سريرَ جدتي القديم وقد نَزعَ منه القِدمُ كثيرًا من تفاصيله، ومع هذا بقي بعضُ جَمالِ ماضيه، تذكرتُ ملامحَ جدتي الأصيلة، عينها البراقة البريئة، يدها وهي تمشط شعرها المتجعد وقد سكبتْ عليه قليلًا من الدهان العتيق، تنهدتُ وأنا أنظرُ إلى السماءِ التي بدتْ صافيةً باستثناء بعضِ الطيورِ المحلقةِ وكأنها في نزهةٍ برِّيةٍ تتأمل الكون، تمددتُ على السرير غيرَ مبالٍ بنتواءاتِ الحديدِ الصدئةِ وماستُحدثه بظهري ، رائحة الفل في فناء الدارِ تفوحُ شذى في أولِ النهارِ وبه بقايا من ظُلمةِ الليل، أخذتُ أتنفس بعمقٍ ولاتزال في عيني أجنحةُ الطيورِ المحلقة، سألتُ نفسي!.! ماذا تتنفسُ الطيورُ في هذا العلوِّ؟ هل ستجد ريحًا طيبةً كما أنا؟ فجأةً هوتْ مجتمعةً وكأنها قد سمعتْ كلامي، أو أنَّ همسات الصباحِ التي أطلقتُها قد اخترقت الصمتَ لترقى إلى السماء، بسطتْ أجنحتَها وأخذتْ تدور حول شجرةِ الفلِّ القريبة مني، بدأتْ تنوحُ وظللتُ أرقبها وأنا أشعرُ أنَّ السريرَ القديمَ يُحدثُ في بشرتي ألمًا، لم أكترثْ بما يحدث، الظلالُ رائعةٌ والشمسُ أروعُ وهي تَهبُ الظلالَ كلَّ هذا الجمال، جلستُ معتدلًا لأرى الطيورَ أكثر، منظرها وهي تلتقطُ الحبوبَ من الأرضِ ثم تشربُ برقَّةٍ من بقايا الماء في حوضِ شجرةِ الفلِّ ، بقائي وحيدًا مع كائنات أخرى غير البشَرِ ذابَ وأنا أسمعُ تغريدَ العصافيرِ ومعها الطيورُ القادمةُ من أعلى، تلويحُ الأوراقِ الخضراءِ والنسائمُ تحركها أوقدتْ عندي الأمل، تمددتُ من جديدٍ على سريرِ جدتي وفي قعرِ عيني صورتُها البريئة، مشطها ودهانها ويدها التي تسحبُ السريرُ بحثًا عن ظلال، أخذتُ نفسًا عميقًا، ارتديتُ جلبابًا أنيقًا ليغطي سائرَ جسدي، فرحتُ كثيرًا والطيورُ المحلقةُ لم تغادر محيطي، جعلتُ أنثرُ لها من كيسِ الحبوبِ القريبِ مني على الأرض، أخذتْ تلتقطها على عجَلٍ وكأنها تريد الرحيلَ قبل أن أغادر السرير، نثرتُ المزيدَ لتطمئن، أشعرتُها بأنَّ الصباحَ سيطول هذا اليوم، وأني باقٍ معها مابقيتِ الظلال، نظرتُ إلى جسدي، تذكرت أنني بحاجةٍ إلى طعامٍ مثل العصافير، سألتُ نفسي! هل سيأتي مَن يُطعمني في الصباحِ كما أطعمتُ العصافير؟ تمنيتُ لو كنتُ ذا أجنحةٍ حتى أحلِّقَ وهناك من ينظرُ إليَّ ويهمسُ في نفسه ثم أهبطُ من ارتفاعٍ لأجدَ على الأرضِ الذي يضعُ لي طعامًا تحتَ الظلال، تمنيتُ!! فجأةً طارتِ الطيورُ بأرزاقها وتركتْني أنتظرُ رزقي.