جَفاف
محمد الرياني
استيقظت بعد أن نامتْ في ليلٍ كأنَّه يلبسُ عباءةَ فرح ، تتضوَّعُ حولها ريحانةُ أمِّها التي زرعتْها ثم تركتْها تنثرُ شذى،
غادرتْ أمُّها وتركتْها لليلِ وعبَقِ الريحانة، تُجاورُ الريحانةَ نَبْتَةُ حِنَّاءٍ ذاتِ رائحةٍ فريدةٍ وكأنها ورثتْ من كفِّ أمِّها رائحتَها الزكية،
كانتْ أمُّها تصبغُ كفيَّها فتختلطُ حمرةُ الحِنَّاءِ بحُمرةِ بَشَرتها ،استروحَتْ رائحةَ كفيَّها مرةً في باطنهما ومرةً في ظاهرهما ،
انطلقَتْ للريحانةِ تُقبِّلُ أوراقَها وتسبقُها عبراتُها فتهمي دموعُها على كفيَّها وعلى الأوراقِ الندية، نظرتْ إلى أوراقِ الحناء ، قطفَتْ من أوراقِ الحناءِ كما كانت تفعلُ أمها في الصباح ، بحثَتْ عمَّن يسحقُ لها الأوراقَ الخضراءَ لتكون حمراءَ على قدميْها فلم تجد .
جلسَتْ وحيدةً في الصباحِ بين رائحتين ، استمعتْ إلى تغريدِ العصافيرِ التي تتَنقلُ بين أوراقِ الحناءِ والريحان، سألتْ نفسها !! هل مع هذه العصافيرِ أمهاتٌ يُخضبنَ أقدامهن؟ فرَّتِ العصافيرُ وكأنَّ وحيَ الحُزنِ قد تسللَ إلى مسامعها ، ضربَتْ قدمًا بقدمٍ وهي تنتظرُ مَن يسحقُ لها الأوراقُ الخضراءَ ليزيلَ عن قدميْها وحشةَ الفراقِ والغيابِ الأبدي.
حضرتْ نسائمُ الجنوبِ فتحركتِ الأوراقُ من النبتتين الفاتنتين، تعوَّذَتْ من الشيطانِ في الصباح،
نهضَتْ لتطردَ الهواجسَ والأحزان، أزالتْ دموعًا همتْ وقتَ الندى في أولِ النهار، مسحتْ بكفِّها مقدمةِ رأسِها ، تأملتِ الريحانةَ وقد تدلتْ فروعُها خجلًا مثلَ عذراءَ جميلة ، ثم حدَّقَتْ في فروعِ الحناءِ وهي ترفرفُ مثلَ عصفورٍ منتشٍ من الفرح ، غرَّدتِ العصافيرُ من جديدٍ أمامَها وأخذتْ تشربُ من الحوضين المتجاورين ، أرادتْ أن تفعلَ مثلَها وتشربَ من الحوضين فخشيتْ من أن تُعكِّرَ عليها جوَّها ، أغمضَتْ عينيها فنامتْ من جديدٍ على سريرِها تحتَ الظلال ، في المنامِ القصيرِ رأتْ قدمين حمراوين تشبهان قدميْها ، نهضَتْ فرحةً فوجدتِ العصافيرَ قد غادرتِ الأحواضَ وتركتِ الأوراقَ تلعبُ مع النسيم؛ تفقدتْ قدميْها فوجدتْهما مازالتا جافتين .
استيقظت بعد أن نامتْ في ليلٍ كأنَّه يلبسُ عباءةَ فرح ، تتضوَّعُ حولها ريحانةُ أمِّها التي زرعتْها ثم تركتْها تنثرُ شذى،
غادرتْ أمُّها وتركتْها لليلِ وعبَقِ الريحانة، تُجاورُ الريحانةَ نَبْتَةُ حِنَّاءٍ ذاتِ رائحةٍ فريدةٍ وكأنها ورثتْ من كفِّ أمِّها رائحتَها الزكية،
كانتْ أمُّها تصبغُ كفيَّها فتختلطُ حمرةُ الحِنَّاءِ بحُمرةِ بَشَرتها ،استروحَتْ رائحةَ كفيَّها مرةً في باطنهما ومرةً في ظاهرهما ،
انطلقَتْ للريحانةِ تُقبِّلُ أوراقَها وتسبقُها عبراتُها فتهمي دموعُها على كفيَّها وعلى الأوراقِ الندية، نظرتْ إلى أوراقِ الحناء ، قطفَتْ من أوراقِ الحناءِ كما كانت تفعلُ أمها في الصباح ، بحثَتْ عمَّن يسحقُ لها الأوراقَ الخضراءَ لتكون حمراءَ على قدميْها فلم تجد .
جلسَتْ وحيدةً في الصباحِ بين رائحتين ، استمعتْ إلى تغريدِ العصافيرِ التي تتَنقلُ بين أوراقِ الحناءِ والريحان، سألتْ نفسها !! هل مع هذه العصافيرِ أمهاتٌ يُخضبنَ أقدامهن؟ فرَّتِ العصافيرُ وكأنَّ وحيَ الحُزنِ قد تسللَ إلى مسامعها ، ضربَتْ قدمًا بقدمٍ وهي تنتظرُ مَن يسحقُ لها الأوراقُ الخضراءَ ليزيلَ عن قدميْها وحشةَ الفراقِ والغيابِ الأبدي.
حضرتْ نسائمُ الجنوبِ فتحركتِ الأوراقُ من النبتتين الفاتنتين، تعوَّذَتْ من الشيطانِ في الصباح،
نهضَتْ لتطردَ الهواجسَ والأحزان، أزالتْ دموعًا همتْ وقتَ الندى في أولِ النهار، مسحتْ بكفِّها مقدمةِ رأسِها ، تأملتِ الريحانةَ وقد تدلتْ فروعُها خجلًا مثلَ عذراءَ جميلة ، ثم حدَّقَتْ في فروعِ الحناءِ وهي ترفرفُ مثلَ عصفورٍ منتشٍ من الفرح ، غرَّدتِ العصافيرُ من جديدٍ أمامَها وأخذتْ تشربُ من الحوضين المتجاورين ، أرادتْ أن تفعلَ مثلَها وتشربَ من الحوضين فخشيتْ من أن تُعكِّرَ عليها جوَّها ، أغمضَتْ عينيها فنامتْ من جديدٍ على سريرِها تحتَ الظلال ، في المنامِ القصيرِ رأتْ قدمين حمراوين تشبهان قدميْها ، نهضَتْ فرحةً فوجدتِ العصافيرَ قد غادرتِ الأحواضَ وتركتِ الأوراقَ تلعبُ مع النسيم؛ تفقدتْ قدميْها فوجدتْهما مازالتا جافتين .