لماذا لايبتسمون ؟!
بقلم: الكاتبة شفاء الوهاس_جدة
عندما كنت أسافر إلى تركيا طوال السنوات الماضية كنت أشاهد القطارات والباصات مكتظة بالناس وتقف في محطات كثيرة، ولا أشاهد من يستخدم سيارات الأجرة ، إلا السواح أو عدد قليل من المقيمين ، والمواطنين
وكنت أقول في نفسي : ما أسعدهم دائما يشعرون بمتعة اجتماعهم في البيوت ، وفي السيارات ، وفي كل مكان، نادراً مايكون شخص بمفرده في سيارة خاصة أو سيارة اجرة. إنهم لايشعرون بالوحدة أبداً ،
إلى أن سافرت للسياحة هذا العام، وقررت في يوم أن استقل مواصلاتهم بدءاً من الباصات ، ونهاية بالقطارات السريعة ، والمترو الذي يسير تحت الأرض …
خرجت من الفندق في تمام الساعه ٨ لم أصل لوجهتي التي تبعد عن موقعي ساعه إلا بعد ساعتين كانت مليئة بالمشقات والمتاعب :
أولاً صعدت إلى الباص الذي يتجه إلى محطة القطار . كان في الباص عدد قليل ولكن لكثرة وقفاته فكلما مر بموقف باص زاد العدد وأصبحتُ بالكاد أتنفس وارتديت الماسك ، كانت الروائح تصيبني بالدوار والغثيان ..
وتوقف بنا في محطة القطار بعد مسافة نصف ساعة كأنها ساعات طويلة الناس لايتحدثون ، ولا ينظرون إلا إلى وجهتهم ، وبعدها كان لابد أن آخذ القطار لأصل إلى وجهتي ، ولكنه سوف يكون مزدحم بالناس الذاهبين لأعمالهم وصعدت إلى القطار المتجه لنفس المكان المقصود وأيضاً كان مكتظاً بالناس يقف في محطة، ينزل منه عدد من الركاب ويصعد أكثر منهم ، هناك الكبير في العمر الذي يصعد بصعوبة ولكنه لايملك المال الكافي ليستقل سيارة أجرة مما اضطره لركوب المواصلات الأرخص والأكثر صعوبة وتزاحم الناس بالقرب من الباب والنوافذ ، وأصبحت بالكاد أجد متنفسا لأحصل على الأوكسجين …
وعندما توقف في المحطة الأقرب للمكان بعد عشرين دقيقة من الدوران، والوقوف ، نزلت لأجدهم يصعدون وينزلون من أنفاق تحت الارض للمترو ، وقالوا لي : لابد أن تأخذي المترو لضمان الوصول السريع أو تصعدي للباصات ولكني قد قررت أن أسير معهم بنفس المواصلات ، ولاني قد اخذت البطاقة الخاصة بمتروا الانفاق اريد تجربة كل شي
ونزلت واكتشفت ان المتروا يسير عكس الاتجاه ، لابد ان اخرج واعود من الجهه المقابله وصعدت درج طويل بالكاد ينتهي وعدت للجهه المقابله واخذت القطار المتجه لموقعي ، وايضاً كان الناس يقفون متزاحمين وانا اتابع الشاشه التي بالكاد اراها من الناس الواقفه في وجهي وحتى لا اتعدى محطتي. وبينما انا اقف ماسكة بعمود ، وانظر لوجوه الجالسين مكتأبين ، والواقفين ، ممتعضين ، ولا احد يبتسم او يتحدث لدرجة شعرت كانني في محشر ، المتروا يسير داخل الانفاق وفجأة شعرت بفوبيا الاماكن الضيقة والمغلقة التي لم تصيبني من قبل ولكن الشعور بأننا تحت الارض شئ مخيف ، تخيلت لو حدث عطل وتوقف ولم يصل للمحطة ، التي بها مخارج ودرج يخرجنا للاعلى ، ماذا سنفعل ؟ انظر لجهة اليمين جدار ومن اليسار جدار اخر، الى ان نصل للمحطات المزوده بمنافذ للخروج وعندما وصلت لمحطتي نزلت مسرعة والخوف يتملكني ، وصعدت للاعلى شاهدت الناس والشمس وشكرت الله على نعمة الحياة ، والنور
ومن هناك اكملت طريقي للمكان المقصود سيراً على الاقدام مسافة عشر دقائق كانت افضل بالنسبة لي من معاناة المواصلات ، واخيراً وصلت لوجهتي وجدته مكان جميل جداً ..
به فنادق ومطاعم وشواطئ. ولكن قررت ان لا اعيد التجربه المتعبه جداً وظليت افكر كيف يعيشون على هذا المنوال وكيف تسير حياتهم اليومية بهذا الشكل المتعب ؟ يصعدون وينزلون ويقفون وينتظرون ،
إلى أن يصلون لمقر أعمالهم. حيث يذهبون في تمام الثامنة صباحا ويعودون بنفس الطريقه في تمام الساعه ١٢ بعد منتصف الليل ، هم لايضحكون أو يبتسمون إلا نادراً ، فالمعاناة أقوى من أن تجعلهم سعداء أو يضحكون .
وحمدت الله على النعم التي أعيش فيها في بلدي سيارتي وعملي وبيتي أجمل نعمة مع الصحة والتفائل والأمل…
ولم أعد اتسائل لماذا الناس في تركيا لايضحكون ولايبتسمون وتعاملهم جاف مع الأغراب ، إن معاناة الحياة والحصول على الرزق صعب جداً هناك ،
وأظن أغلب الدول لا تختلف عن تركيا كثيراً ..
وقررت بعد انتهاء رحلتي المتعبة أن أعود بسيارة أجره مهما كلفتني من المال ، لأنه لاطاقة لي في تحمل نفس الرحلة . وبالفعل حصلت على سيارة بعد أن طلبتها من أحد التطبيقات ، ورفض السائق أن يفتح المكيف بحجة أن به عطل وأن الهواء من الخارج لطيف وتحملت في سبيل أن أصل بلا متاعب …
هذه المعاناة جعلتني اتذكر أننا نعيش في نعمة لا نفكر فيها ، نعمة أن تصل إلى عملك وأنت في سيارة مكيفة ومريحة وشوارع واسعة وطرق معبدة .
والله اننا في بلد خير وأمن وراحة بال وراحة أجساد ، الحمدلله دائماً وابداً ….
عندما كنت أسافر إلى تركيا طوال السنوات الماضية كنت أشاهد القطارات والباصات مكتظة بالناس وتقف في محطات كثيرة، ولا أشاهد من يستخدم سيارات الأجرة ، إلا السواح أو عدد قليل من المقيمين ، والمواطنين
وكنت أقول في نفسي : ما أسعدهم دائما يشعرون بمتعة اجتماعهم في البيوت ، وفي السيارات ، وفي كل مكان، نادراً مايكون شخص بمفرده في سيارة خاصة أو سيارة اجرة. إنهم لايشعرون بالوحدة أبداً ،
إلى أن سافرت للسياحة هذا العام، وقررت في يوم أن استقل مواصلاتهم بدءاً من الباصات ، ونهاية بالقطارات السريعة ، والمترو الذي يسير تحت الأرض …
خرجت من الفندق في تمام الساعه ٨ لم أصل لوجهتي التي تبعد عن موقعي ساعه إلا بعد ساعتين كانت مليئة بالمشقات والمتاعب :
أولاً صعدت إلى الباص الذي يتجه إلى محطة القطار . كان في الباص عدد قليل ولكن لكثرة وقفاته فكلما مر بموقف باص زاد العدد وأصبحتُ بالكاد أتنفس وارتديت الماسك ، كانت الروائح تصيبني بالدوار والغثيان ..
وتوقف بنا في محطة القطار بعد مسافة نصف ساعة كأنها ساعات طويلة الناس لايتحدثون ، ولا ينظرون إلا إلى وجهتهم ، وبعدها كان لابد أن آخذ القطار لأصل إلى وجهتي ، ولكنه سوف يكون مزدحم بالناس الذاهبين لأعمالهم وصعدت إلى القطار المتجه لنفس المكان المقصود وأيضاً كان مكتظاً بالناس يقف في محطة، ينزل منه عدد من الركاب ويصعد أكثر منهم ، هناك الكبير في العمر الذي يصعد بصعوبة ولكنه لايملك المال الكافي ليستقل سيارة أجرة مما اضطره لركوب المواصلات الأرخص والأكثر صعوبة وتزاحم الناس بالقرب من الباب والنوافذ ، وأصبحت بالكاد أجد متنفسا لأحصل على الأوكسجين …
وعندما توقف في المحطة الأقرب للمكان بعد عشرين دقيقة من الدوران، والوقوف ، نزلت لأجدهم يصعدون وينزلون من أنفاق تحت الارض للمترو ، وقالوا لي : لابد أن تأخذي المترو لضمان الوصول السريع أو تصعدي للباصات ولكني قد قررت أن أسير معهم بنفس المواصلات ، ولاني قد اخذت البطاقة الخاصة بمتروا الانفاق اريد تجربة كل شي
ونزلت واكتشفت ان المتروا يسير عكس الاتجاه ، لابد ان اخرج واعود من الجهه المقابله وصعدت درج طويل بالكاد ينتهي وعدت للجهه المقابله واخذت القطار المتجه لموقعي ، وايضاً كان الناس يقفون متزاحمين وانا اتابع الشاشه التي بالكاد اراها من الناس الواقفه في وجهي وحتى لا اتعدى محطتي. وبينما انا اقف ماسكة بعمود ، وانظر لوجوه الجالسين مكتأبين ، والواقفين ، ممتعضين ، ولا احد يبتسم او يتحدث لدرجة شعرت كانني في محشر ، المتروا يسير داخل الانفاق وفجأة شعرت بفوبيا الاماكن الضيقة والمغلقة التي لم تصيبني من قبل ولكن الشعور بأننا تحت الارض شئ مخيف ، تخيلت لو حدث عطل وتوقف ولم يصل للمحطة ، التي بها مخارج ودرج يخرجنا للاعلى ، ماذا سنفعل ؟ انظر لجهة اليمين جدار ومن اليسار جدار اخر، الى ان نصل للمحطات المزوده بمنافذ للخروج وعندما وصلت لمحطتي نزلت مسرعة والخوف يتملكني ، وصعدت للاعلى شاهدت الناس والشمس وشكرت الله على نعمة الحياة ، والنور
ومن هناك اكملت طريقي للمكان المقصود سيراً على الاقدام مسافة عشر دقائق كانت افضل بالنسبة لي من معاناة المواصلات ، واخيراً وصلت لوجهتي وجدته مكان جميل جداً ..
به فنادق ومطاعم وشواطئ. ولكن قررت ان لا اعيد التجربه المتعبه جداً وظليت افكر كيف يعيشون على هذا المنوال وكيف تسير حياتهم اليومية بهذا الشكل المتعب ؟ يصعدون وينزلون ويقفون وينتظرون ،
إلى أن يصلون لمقر أعمالهم. حيث يذهبون في تمام الثامنة صباحا ويعودون بنفس الطريقه في تمام الساعه ١٢ بعد منتصف الليل ، هم لايضحكون أو يبتسمون إلا نادراً ، فالمعاناة أقوى من أن تجعلهم سعداء أو يضحكون .
وحمدت الله على النعم التي أعيش فيها في بلدي سيارتي وعملي وبيتي أجمل نعمة مع الصحة والتفائل والأمل…
ولم أعد اتسائل لماذا الناس في تركيا لايضحكون ولايبتسمون وتعاملهم جاف مع الأغراب ، إن معاناة الحياة والحصول على الرزق صعب جداً هناك ،
وأظن أغلب الدول لا تختلف عن تركيا كثيراً ..
وقررت بعد انتهاء رحلتي المتعبة أن أعود بسيارة أجره مهما كلفتني من المال ، لأنه لاطاقة لي في تحمل نفس الرحلة . وبالفعل حصلت على سيارة بعد أن طلبتها من أحد التطبيقات ، ورفض السائق أن يفتح المكيف بحجة أن به عطل وأن الهواء من الخارج لطيف وتحملت في سبيل أن أصل بلا متاعب …
هذه المعاناة جعلتني اتذكر أننا نعيش في نعمة لا نفكر فيها ، نعمة أن تصل إلى عملك وأنت في سيارة مكيفة ومريحة وشوارع واسعة وطرق معبدة .
والله اننا في بلد خير وأمن وراحة بال وراحة أجساد ، الحمدلله دائماً وابداً ….