(ويتفكرون)
هناك أشياء كثيرة تحيط بنا في عالم الكون، والحياة، نحس بها ونشعر، ونستمتع بها ونستأنس، نأخذ منها ونعطي، ونتلذذ بطعمها وقتما نأكلها أنى شئنا، وجميعها خُلقت من أجلنا نحن البشر في إطار، حياة رحبة ومتغيرات لا بد منها تقتضي أولاً وأخيراً عبادة الله وحده، وإعمار الأرض على امتدادها، من هذه الأشياء التي دائماً ما تُلفت انتباهنا بحق وحقيقة، النباتات الصحراوية التي تنمو عقب سقوط الأمطار بعدة أيام، فعندما نفكر ملياً في كينونتها، نجدها لم تكن شيئاً مذكورا، وأن تفكيرنا سيظل في نفس الوقت عاجز عن الوصول لأي نتيجة نعلل بها سر تكونها ونموها على هذا النحو، أما ما يُثير الدهشة والتعجب بخصوصها، أنها سرعان ما تذبل وتموت بعد فترة وجيزة بعد انقطاع المطر، ولعدم تمكنها من الوصول للمياه الجوفية في الأماكن الصحراوية التي تنمو فيها، وعندما يقتلعها، أي شخص لا يجد لبعضها جذور كنبات ( البرنوق ) والذي لا يعرف شكله وهيئته سوى أبناء البادية، وهو عبارة عن نبات إرتفاعه حوالي 15 سم، ويأخذ الشكل الدائري، ضيق في وسطه، ومُتسع في قاعدته وفي أعلاه على هيئة شكل هرمي غير مُدبب، أما قطره فيتفاوت ما بين 3سم - 5سم، وعندما يقوم أي شخص بشويه على موقد نار أو طبخه، ومن ثم يأكله، فأنه لن يبرح المكان ما لم يسعى للحصول على المزيد منه نظراً لتميزه بطعم لذيذ جداً، شبيهاً بلحوم الأغنام، أما الأكثر تعجباً، فيتمثل بأنه يستحيل على أي شخص يبحث عن هذه النبتة في أماكن نموها فلا يجد لها مُقابل، في أي اتجاه، اللهم إلا في حالة كون الشخص المتجول في الصحراء عقب ازدهارها بهذه النباتات الخضراء، لا يعرف حقيقة أن هناك أخرى تماثلها، وتقع قريبة منها، فما أعظمها من قدرة إلاهية عجيبة تدعوا للتفكر والتأمل والتدبر، قال تعالى( وَهُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ نَبَاتَ كُلِّ شَیۡءࣲ ) وفي آية أخرى قوله تعالى( يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)