أزمة المصارف الأميركية لم تطاول الخليج: ضوابط صارمة من دروس 2008
امتد صدى أزمة إفلاس ثلاثة مصارف أميركية إلى بورصات عدد من الدول الخليجية بخسائر بلغت أكثر من 50 مليار دولار، فيما ظل القطاع المصرفي في تلك الدول بمنأى عن هذا التأثر طوال الأسبوع الماضي، ما قدم مؤشرا على ضعف احتمال امتداد العاصفة إلى هذه المنظومة المصرفية الخليجية.
وجاء الاستقرار المصرفي خليجيا رغم انهيار بنكي "سيليكون فالي" و"سيغنيتشر" ومن بعدهما إعلان تعثر بنك فيرست ريببليك الأميركي، في ظل الإعلان عن أزمة مالية لدى بنك "كريدي سويس"، الذي يضم من ضمن مساهميه كلاً من البنك الأهلي السعودي ومجموعة العليان السعودية وجهاز قطر للاستثمار. وتأثرت البورصات الخليجية، على وقع حالة عدم اليقين حول السياسة النقدية الأميركية من جانب، وخسائر الاستثمار في قطاعات تكنولوجية، مثلت ساحة مشتركة بين شركات خليجية والبنوك الأميركية المفلسة.
ويعود سبب عدم تأثر القطاع المصرفي الخليج بنفس درجة تأثر البورصات جزئيا إلى اتخاذ السلطات الأميركية إجراءات طارئة، منذ الأحد الماضي، لتعزيز الثقة في النظام المصرفي، وإعلان مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) ووزارة الخزانة أن أموال المودعين في بنك سيليكون فالي مضمونة، رغم إفلاس البنك.
كذا، يشرح خبراء لـ "العربي الجديد" أن المصارف الخليجية ظلت محمية بسبب منظومة التحوط التي اتبعتها دول الخليج منذ تأثرها القوي بالأزمة المالية العالمية عام 2008، إضافة إلى كونها غير مشاركة للبنوك المفلسة سواء في الاستثمارات بالسندات طويلة الأمد، أو في أسهم شركات التكنولوجيا والعملات المشفرة. ومثلت الأزمة المالية العالمية، التي عرفت بأزمة الرهن العقاري، درسا تاريخيا دفع بعض حكومات دول الخليج إلى تقديم دعم مالي للبنوك وتخفيض أسعار الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي، كما تحوطت لاحقا من تقلبات التأثر بالبنوك الأميركية عبر إجراءات من شأنها ضمان حقوق المودعين في البنوك، بحسب إفادة المستشار المصرفي والخبير الاقتصادي، علي أحمد درويش،
ولفت درويش إلى أن الدول الخليجية أنشأت أطرًا تنظيمية صارمة، لضمان حماية حقوق المودعين ودعمها في جميع الأوقات، تشمل لوائح بشأن نسب كفاية رأس المال ومتطلبات السيولة وممارسات إدارة المخاطر والرقابة الداخلية على المؤسسات المصرفية، مشيرا إلى أن هذه الأنظمة والقوانين المطبقة بدول الخليج قوية، ما يجعل تأثر البنوك الخليجية بأزمة إفلاس البنوك الأميركية احتمالاً ضئيلاً. وقال درويش إن التحوط الخليجي يعتمد على عدة آليات خاصة بحماية أموال المودعين.
الآلية الأولى هي صيغ رقابة للبنوك المركزية، التي تتابع عمل المصارف، وخاصة الرقابة على المحافظ التي تستثمر فيها ودائع المودعين، ولدى دول الخليج بالفعل نسبة عالية من تحقيق هذه الرقابة، وبالتالي هناك ضبط لعملية الاستثمار الخطر، وخاصة بالسندات السيادية أو السندات طويلة الأمد، والتي قد تتعرض لانخفاض مفاجئ في قيمتها الأساسية.
والآلية الثانية تعتمد على صناديق ضمان الودائع، التي توضع فيها نسب مالية من البنوك لحماية المودعين في حال إفلاسها، ويكون لها سقوف محددة. أما الآلية الثالثة فترتبط بالصناديق السيادية، وهي صناديق الاستثمار التي تملكها الحكومات أو بنوك مركزية لدعم النمو الاقتصادي وتحقيق عوائد طويلة الأجل، وهي العوائد التي يمكن استخدامها في حماية أموال المودعين حال تعرض البنوك لإفلاس أو تعثر.
فقد وضعت دول الخليج العربية أنظمة وقوانين تحمي أموال مودعي البنوك، بعضها يقوم على إنشاء صندوق لضمان الودائع، كما جرى في السعودية وسلطنة عمان، والبعض الآخر يقوم على إعلان قرار سيادي بضمان الحكومة لأموال المودعين، كما جرى في الإمارات والكويت.
أما البحرين، فيقوم نظامها على مجلس حماية يدير صندوقين للضمان، أحدهما للبنوك التقليدية، والآخر للبنوك الإسلامية. بينما تعتمد قطر على نظام ضمان يخضع لإشراف البنك المركزي، وفق درويش. وإزاء منظومة ضمان كهذه، هناك صعوبة لخسارة أي مودع لأمواله لدى بنوك دول الخليج العربية، حسبما رأى درويش، لافتا إلى متانة اقتصاديات هذه الدول، التي حققت فائضا ماليا عام 2022 نتيجة قفزة أسعار النفط والغاز، وبالتالي فهي قادرة على التعامل الناجع حتى في حال حدوث أي تعثر مصرفي.
ومع ذلك، رأى المستشار المصرفي أن خسائر البورصات الخليجية تقدم مؤشرا سلبيا، يشير الى ضرورة الرقابة بشكل أكبر، وعدم الانزلاق نحو عملية الاستثمارات عالية المخاطر، خاصة في أوقات الأزمات المالية حول العالم. وفي السياق، اعتبر الخبير بالشؤون المالية والاقتصادية، محمد رمضان، أن دول الخليج بمعزل عن تعثرات مصرفية كبيرة أو إعلان إفلاس بنوك على الأرجح، ضاربا المثل بالكويت، التي "تضمن الودائع مهما كان مبلغها، ولا يوجد سقف لهذا الضمان" حسب قوله.
فالنظام المصرفي الكويتي آمن جدا، وهذا ليس جديدا، بحسب ما صرح رمضان لـ "العربي الجديد"، وأشار إلى الإجراءات التحوطية التي اتخذتها الدولة إثر تداعيات الأزمة المالية العالمية. ففي عام 2009، تعرض بنك الخليج الكويتي لخسائر كبيرة في تداول المشتقات، ما أدى الى تآكل رأس ماله، ودفع البنك المركزي والهيئة العامة للاستثمار إلى التدخل وفق خطة إنقاذ سريعة، لم تستغرق سوى ساعات معدودة، لضخ أموال، تملكت الحكومة بها حصة كبيرة في البنك.
وأكد رمضان، في هذا الصدد، أن الكويت ودول الخليج تهتم بنظامها المصرفي بشكل كبير جدا منذ أزمة عام 2008، وهو نظام على مستوى عال من الأمان، ما يعود إلى وجود قيود كثيرة على تمويلات البنوك، بخلاف الوضع في الولايات المتحدة الأميركية. كما أن نسبة الأموال التي يلزم حجزها لدى البنوك الخليجية أعلى من نظيرتها في أميركا والدول الغربية، ما يؤثر سلبا في قدرة البنوك على الإقراض، لكنه يزيدها أمانا، بحسب رمضان.
وجاء الاستقرار المصرفي خليجيا رغم انهيار بنكي "سيليكون فالي" و"سيغنيتشر" ومن بعدهما إعلان تعثر بنك فيرست ريببليك الأميركي، في ظل الإعلان عن أزمة مالية لدى بنك "كريدي سويس"، الذي يضم من ضمن مساهميه كلاً من البنك الأهلي السعودي ومجموعة العليان السعودية وجهاز قطر للاستثمار. وتأثرت البورصات الخليجية، على وقع حالة عدم اليقين حول السياسة النقدية الأميركية من جانب، وخسائر الاستثمار في قطاعات تكنولوجية، مثلت ساحة مشتركة بين شركات خليجية والبنوك الأميركية المفلسة.
ويعود سبب عدم تأثر القطاع المصرفي الخليج بنفس درجة تأثر البورصات جزئيا إلى اتخاذ السلطات الأميركية إجراءات طارئة، منذ الأحد الماضي، لتعزيز الثقة في النظام المصرفي، وإعلان مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) ووزارة الخزانة أن أموال المودعين في بنك سيليكون فالي مضمونة، رغم إفلاس البنك.
كذا، يشرح خبراء لـ "العربي الجديد" أن المصارف الخليجية ظلت محمية بسبب منظومة التحوط التي اتبعتها دول الخليج منذ تأثرها القوي بالأزمة المالية العالمية عام 2008، إضافة إلى كونها غير مشاركة للبنوك المفلسة سواء في الاستثمارات بالسندات طويلة الأمد، أو في أسهم شركات التكنولوجيا والعملات المشفرة. ومثلت الأزمة المالية العالمية، التي عرفت بأزمة الرهن العقاري، درسا تاريخيا دفع بعض حكومات دول الخليج إلى تقديم دعم مالي للبنوك وتخفيض أسعار الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي، كما تحوطت لاحقا من تقلبات التأثر بالبنوك الأميركية عبر إجراءات من شأنها ضمان حقوق المودعين في البنوك، بحسب إفادة المستشار المصرفي والخبير الاقتصادي، علي أحمد درويش،
ولفت درويش إلى أن الدول الخليجية أنشأت أطرًا تنظيمية صارمة، لضمان حماية حقوق المودعين ودعمها في جميع الأوقات، تشمل لوائح بشأن نسب كفاية رأس المال ومتطلبات السيولة وممارسات إدارة المخاطر والرقابة الداخلية على المؤسسات المصرفية، مشيرا إلى أن هذه الأنظمة والقوانين المطبقة بدول الخليج قوية، ما يجعل تأثر البنوك الخليجية بأزمة إفلاس البنوك الأميركية احتمالاً ضئيلاً. وقال درويش إن التحوط الخليجي يعتمد على عدة آليات خاصة بحماية أموال المودعين.
الآلية الأولى هي صيغ رقابة للبنوك المركزية، التي تتابع عمل المصارف، وخاصة الرقابة على المحافظ التي تستثمر فيها ودائع المودعين، ولدى دول الخليج بالفعل نسبة عالية من تحقيق هذه الرقابة، وبالتالي هناك ضبط لعملية الاستثمار الخطر، وخاصة بالسندات السيادية أو السندات طويلة الأمد، والتي قد تتعرض لانخفاض مفاجئ في قيمتها الأساسية.
والآلية الثانية تعتمد على صناديق ضمان الودائع، التي توضع فيها نسب مالية من البنوك لحماية المودعين في حال إفلاسها، ويكون لها سقوف محددة. أما الآلية الثالثة فترتبط بالصناديق السيادية، وهي صناديق الاستثمار التي تملكها الحكومات أو بنوك مركزية لدعم النمو الاقتصادي وتحقيق عوائد طويلة الأجل، وهي العوائد التي يمكن استخدامها في حماية أموال المودعين حال تعرض البنوك لإفلاس أو تعثر.
فقد وضعت دول الخليج العربية أنظمة وقوانين تحمي أموال مودعي البنوك، بعضها يقوم على إنشاء صندوق لضمان الودائع، كما جرى في السعودية وسلطنة عمان، والبعض الآخر يقوم على إعلان قرار سيادي بضمان الحكومة لأموال المودعين، كما جرى في الإمارات والكويت.
أما البحرين، فيقوم نظامها على مجلس حماية يدير صندوقين للضمان، أحدهما للبنوك التقليدية، والآخر للبنوك الإسلامية. بينما تعتمد قطر على نظام ضمان يخضع لإشراف البنك المركزي، وفق درويش. وإزاء منظومة ضمان كهذه، هناك صعوبة لخسارة أي مودع لأمواله لدى بنوك دول الخليج العربية، حسبما رأى درويش، لافتا إلى متانة اقتصاديات هذه الدول، التي حققت فائضا ماليا عام 2022 نتيجة قفزة أسعار النفط والغاز، وبالتالي فهي قادرة على التعامل الناجع حتى في حال حدوث أي تعثر مصرفي.
ومع ذلك، رأى المستشار المصرفي أن خسائر البورصات الخليجية تقدم مؤشرا سلبيا، يشير الى ضرورة الرقابة بشكل أكبر، وعدم الانزلاق نحو عملية الاستثمارات عالية المخاطر، خاصة في أوقات الأزمات المالية حول العالم. وفي السياق، اعتبر الخبير بالشؤون المالية والاقتصادية، محمد رمضان، أن دول الخليج بمعزل عن تعثرات مصرفية كبيرة أو إعلان إفلاس بنوك على الأرجح، ضاربا المثل بالكويت، التي "تضمن الودائع مهما كان مبلغها، ولا يوجد سقف لهذا الضمان" حسب قوله.
فالنظام المصرفي الكويتي آمن جدا، وهذا ليس جديدا، بحسب ما صرح رمضان لـ "العربي الجديد"، وأشار إلى الإجراءات التحوطية التي اتخذتها الدولة إثر تداعيات الأزمة المالية العالمية. ففي عام 2009، تعرض بنك الخليج الكويتي لخسائر كبيرة في تداول المشتقات، ما أدى الى تآكل رأس ماله، ودفع البنك المركزي والهيئة العامة للاستثمار إلى التدخل وفق خطة إنقاذ سريعة، لم تستغرق سوى ساعات معدودة، لضخ أموال، تملكت الحكومة بها حصة كبيرة في البنك.
وأكد رمضان، في هذا الصدد، أن الكويت ودول الخليج تهتم بنظامها المصرفي بشكل كبير جدا منذ أزمة عام 2008، وهو نظام على مستوى عال من الأمان، ما يعود إلى وجود قيود كثيرة على تمويلات البنوك، بخلاف الوضع في الولايات المتحدة الأميركية. كما أن نسبة الأموال التي يلزم حجزها لدى البنوك الخليجية أعلى من نظيرتها في أميركا والدول الغربية، ما يؤثر سلبا في قدرة البنوك على الإقراض، لكنه يزيدها أمانا، بحسب رمضان.