قضايا اجتماعية.. الجزء الحادي عشر قضية " قطع الرحم"
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
أهو الزمان الذي تغير ، أم نحن ، هل تغير علينا أم تغيرنا عليه وبكل جهل ، هل غيرناه بسلوكنا أم غيرنا هو بما حل عليه من طرائق تفكير ، ومختلف علوم ، وتعدد ملل وتداخل نِحَل .
هل كان للتطوير الذي قلب الزمان تأثيره على قلب أفكارنا رأساً على عقب ، أم أن تغييره الذي أحدثه بنا وبنفوسنا لم يجعله بأعيننا كما نحب ، أم أنه وبكل ما طرأ عليه من مستجدات لم تجعله قادرا على احتوائنا كما يجب .
فالعادات مازالت موجودة باسمها ، ولكنها لم تجد من يطبقها ويدرك حسنها .
والتقاليد بيننا معروفة بقيمتها ، لكنها لدى الكثيرين مجهولة بكيفية تطبيقها و طريقتها.
وإننا والله إن كان الجهل بالتطبيق محصوراً على طرائق اللباس ، وأنواع الطعام و أشكال البيوت فلا باس ، ولكنه تعمق حتى وصل الجذور ، وبدأ ينخر بالأساس .
فتلاعب بعقولنا ، واستهان بأفكارنا ، واستطال بسطوته ، واستبد بسلطته ، واستشدّ بقسوته ، واستعان بسمعته ، فجذب إليه كل من كانوا على شاكلته ، من المستهترين بسلبيّته ، والمتلاعبين بسلامته .
فها هو التغيير يُغِير على المبادئ والقيم ، والتقدم يتقدم على معانٍ ظلت لدهور فوق القمم ، ولم يقدر على زعزعتها ، أو الإطاحة بها أحد منذ القِدَم ، حيث بقيت لنا نبراساً يقودنا في الظُلم ، وفيها لنا حُرّاسا فيحيطنا بِقُوّته عند العدم ، فَسُدنا به وبقينا لسنوات لم يكن فيها سأم ، واجتمعنا بالمحبة لم يَطُف فينا حسود ، كلنا للخير ساعٍ ، دوماً ليبني ما انهدم ، وهكذا كنا ، وهكذا عشنا ... ، حتى استعمرتنا الحياة ، وزيّنت لنا أهواءنا ، فعكرت صفاءنا ، وشوّهت نقاءنا ، وباعدت بيننا وبين أحبائنا ، وجعلتنا نستبدل الجواهر بالحصى ، والثريا بالثرى ، والثمرة بالنوى ، حتى ضاق الصدر وما حوى ، وضاع العمر وما بنى ، وطار الصدق وما نوى ، وخار الرفق بمن هوى ، فلم يعد لنا حبيب يسأل ، ولا قريب يُقْبِل ، ولا صاحب يتحمل ، ولا راغب بنا يَتَقَبَّل ، فقد علا المال على الدم ، وصار السؤال عن الحال مَذَم ، حتى السلام غدا يُعَامَل كالتهم ، وكثر الملام ، وزاد الخصام ، حتى ماتت العلاقات ، وقُطِعَت الأرحام ، فماذا سنرجوا بعد ذلك من قريب أو رَحِم ، إلا من له الله رحم ...
" هي الدنيا تقول بملء فيها ، حذارِ حذارِ من بطشي وفتكي " ، وها هي والله تبطش بنا وتفتك ، وتباعد بيننا وبين أهلينا ، وللأحقاد تنشر وتُحْرِك ، فقد طمست على عقولنا بملذاتها ، وأعمت عيوننا عن حقيقتها ، وصَكّت آذاننا عن كذبتها ، وأماتت قلوبنا عن طبيعتها ، فجعلتنا نعيشها في وحدة ، بالرغم من كثرة الناس حولنا ، ونقضي أوقاتنا بها في رهبة ، مع وجود من يُفْتَرَض أن تطمئن بهم القلوب لما لهم من قربة ومحبة ، ولكن الدنيا بجبروتها أبعدتهم ، وبقيودها قيدتنا كما قيدتهم ، فلم نعد نرفض لها طلبا ، ولا نعرض لها سببا ، فالمال وما يشريه قائد ، وهو في الواقع زائل ، والعقل وما يبغيه جاحد ، وهو الجامع لو للشفاء من حقده تماثل ، وللتحرر من قيود نفسه ناضل ، ولكن للأسف لم يعد هناك من يفكر أو حتى يحاول ...
فالأخ يقطع أخاه ، بعد أن عاداه ، والإبن يهجر أباه ، وما له في الحقيقة إلّاه ، وحال البنت مع أمها آهٌ وألف آه ، والأخت مع أختها أعيا القلب وأدماه ، ولأجل ماذا كل ذا ؟؟؟ لأجل سراب مهما سعينا له ما حزناه ، وإن وصلناه فقدناه ، ومهما حزنا منه تركناه ، حتى وإن جمعناه إلا أننا ما ملكناه .
فأي إرث لأبنائنا تركناه ، وأي غرس في قلوبهم غرسناه ، وأي ذكر لنا بعد موتنا ضَمِنّاه ، وكلُ ما كان سببا في قطيعتنا خلف ظهورنا رميناه ، وعندما غادرنا الحياة ما درهم معنا صحبناه ، ولكن ما المقابل ؟؟؟
جيلٌ نشأ على الكره ، وتغذى على القطيعة ، وتربى على الحقد ، حتى لم تعد تكفيه الوسيعة ، له أسرة بالإسم ، ولكنه عند الشدائد واحد ، وله عزوة بالوهم ، وإن احتاجهم فهو ليس لهم بواجد ، وكلٌ للفطرة ناكرٌ أو جاحد ، فصار الكل عند القطيعة قائد ...
رحماك ربي ، من سيقوى عند الحساب على الجواب ...
وهل سيقول لربه عذرا ، وهل سَتُعرَضُ الأسباب ؟؟ ...
ومن سيقرأ ذنبه ، وهل سيجرؤ يومها ، فقد عُرِض الكتاب ...
فأفق عزيزي من سُباتك ، واترك الدنيا وراءك ، واغلق على الأهواء بابك ، وافتح قلبك لأحبابك ، واجمع حولك من استطعت من أقربائك ، فهم لك بعد الله السند ؛ إن عاثت الدنيا بساحك ، وعليهم إن ضعفت المعتمد ؛ فبهم يرحل ركابك ، و" اترك لنفسك بعد موتك ذكرها ، فالذكر للإنسان عمر ثاني " .
وعلى الله المُتَّكل ، وأسأل الله أن بعينه يرعاكم ويرعاني ...
أهو الزمان الذي تغير ، أم نحن ، هل تغير علينا أم تغيرنا عليه وبكل جهل ، هل غيرناه بسلوكنا أم غيرنا هو بما حل عليه من طرائق تفكير ، ومختلف علوم ، وتعدد ملل وتداخل نِحَل .
هل كان للتطوير الذي قلب الزمان تأثيره على قلب أفكارنا رأساً على عقب ، أم أن تغييره الذي أحدثه بنا وبنفوسنا لم يجعله بأعيننا كما نحب ، أم أنه وبكل ما طرأ عليه من مستجدات لم تجعله قادرا على احتوائنا كما يجب .
فالعادات مازالت موجودة باسمها ، ولكنها لم تجد من يطبقها ويدرك حسنها .
والتقاليد بيننا معروفة بقيمتها ، لكنها لدى الكثيرين مجهولة بكيفية تطبيقها و طريقتها.
وإننا والله إن كان الجهل بالتطبيق محصوراً على طرائق اللباس ، وأنواع الطعام و أشكال البيوت فلا باس ، ولكنه تعمق حتى وصل الجذور ، وبدأ ينخر بالأساس .
فتلاعب بعقولنا ، واستهان بأفكارنا ، واستطال بسطوته ، واستبد بسلطته ، واستشدّ بقسوته ، واستعان بسمعته ، فجذب إليه كل من كانوا على شاكلته ، من المستهترين بسلبيّته ، والمتلاعبين بسلامته .
فها هو التغيير يُغِير على المبادئ والقيم ، والتقدم يتقدم على معانٍ ظلت لدهور فوق القمم ، ولم يقدر على زعزعتها ، أو الإطاحة بها أحد منذ القِدَم ، حيث بقيت لنا نبراساً يقودنا في الظُلم ، وفيها لنا حُرّاسا فيحيطنا بِقُوّته عند العدم ، فَسُدنا به وبقينا لسنوات لم يكن فيها سأم ، واجتمعنا بالمحبة لم يَطُف فينا حسود ، كلنا للخير ساعٍ ، دوماً ليبني ما انهدم ، وهكذا كنا ، وهكذا عشنا ... ، حتى استعمرتنا الحياة ، وزيّنت لنا أهواءنا ، فعكرت صفاءنا ، وشوّهت نقاءنا ، وباعدت بيننا وبين أحبائنا ، وجعلتنا نستبدل الجواهر بالحصى ، والثريا بالثرى ، والثمرة بالنوى ، حتى ضاق الصدر وما حوى ، وضاع العمر وما بنى ، وطار الصدق وما نوى ، وخار الرفق بمن هوى ، فلم يعد لنا حبيب يسأل ، ولا قريب يُقْبِل ، ولا صاحب يتحمل ، ولا راغب بنا يَتَقَبَّل ، فقد علا المال على الدم ، وصار السؤال عن الحال مَذَم ، حتى السلام غدا يُعَامَل كالتهم ، وكثر الملام ، وزاد الخصام ، حتى ماتت العلاقات ، وقُطِعَت الأرحام ، فماذا سنرجوا بعد ذلك من قريب أو رَحِم ، إلا من له الله رحم ...
" هي الدنيا تقول بملء فيها ، حذارِ حذارِ من بطشي وفتكي " ، وها هي والله تبطش بنا وتفتك ، وتباعد بيننا وبين أهلينا ، وللأحقاد تنشر وتُحْرِك ، فقد طمست على عقولنا بملذاتها ، وأعمت عيوننا عن حقيقتها ، وصَكّت آذاننا عن كذبتها ، وأماتت قلوبنا عن طبيعتها ، فجعلتنا نعيشها في وحدة ، بالرغم من كثرة الناس حولنا ، ونقضي أوقاتنا بها في رهبة ، مع وجود من يُفْتَرَض أن تطمئن بهم القلوب لما لهم من قربة ومحبة ، ولكن الدنيا بجبروتها أبعدتهم ، وبقيودها قيدتنا كما قيدتهم ، فلم نعد نرفض لها طلبا ، ولا نعرض لها سببا ، فالمال وما يشريه قائد ، وهو في الواقع زائل ، والعقل وما يبغيه جاحد ، وهو الجامع لو للشفاء من حقده تماثل ، وللتحرر من قيود نفسه ناضل ، ولكن للأسف لم يعد هناك من يفكر أو حتى يحاول ...
فالأخ يقطع أخاه ، بعد أن عاداه ، والإبن يهجر أباه ، وما له في الحقيقة إلّاه ، وحال البنت مع أمها آهٌ وألف آه ، والأخت مع أختها أعيا القلب وأدماه ، ولأجل ماذا كل ذا ؟؟؟ لأجل سراب مهما سعينا له ما حزناه ، وإن وصلناه فقدناه ، ومهما حزنا منه تركناه ، حتى وإن جمعناه إلا أننا ما ملكناه .
فأي إرث لأبنائنا تركناه ، وأي غرس في قلوبهم غرسناه ، وأي ذكر لنا بعد موتنا ضَمِنّاه ، وكلُ ما كان سببا في قطيعتنا خلف ظهورنا رميناه ، وعندما غادرنا الحياة ما درهم معنا صحبناه ، ولكن ما المقابل ؟؟؟
جيلٌ نشأ على الكره ، وتغذى على القطيعة ، وتربى على الحقد ، حتى لم تعد تكفيه الوسيعة ، له أسرة بالإسم ، ولكنه عند الشدائد واحد ، وله عزوة بالوهم ، وإن احتاجهم فهو ليس لهم بواجد ، وكلٌ للفطرة ناكرٌ أو جاحد ، فصار الكل عند القطيعة قائد ...
رحماك ربي ، من سيقوى عند الحساب على الجواب ...
وهل سيقول لربه عذرا ، وهل سَتُعرَضُ الأسباب ؟؟ ...
ومن سيقرأ ذنبه ، وهل سيجرؤ يومها ، فقد عُرِض الكتاب ...
فأفق عزيزي من سُباتك ، واترك الدنيا وراءك ، واغلق على الأهواء بابك ، وافتح قلبك لأحبابك ، واجمع حولك من استطعت من أقربائك ، فهم لك بعد الله السند ؛ إن عاثت الدنيا بساحك ، وعليهم إن ضعفت المعتمد ؛ فبهم يرحل ركابك ، و" اترك لنفسك بعد موتك ذكرها ، فالذكر للإنسان عمر ثاني " .
وعلى الله المُتَّكل ، وأسأل الله أن بعينه يرعاكم ويرعاني ...