قضايا اجتماعية.. الجزء الثالث "قضية أبناؤنا و التقنية"
أصبحت التكنولوجيا والتقنية سمة ظاهرة لمجتمعاتنا الحديثة ، بل وأنها غدت المحرك الأساسي لها ، فكل مجالاتها قامت عليها ، وكل مؤشراتها تشير إليها ، وكل اتجاهاتها تدور حولها ، وكل تطوراتها ارتبطت بها .
فلم يعد لنا غنى عنها في أي أمر ، ولم نعد قادرين على العمل بدونها في أي مجال ، فتعليمنا أصبح قائماً عليها ، واقتصادنا يسير بها ، وسياستنا اعتمدت عليها ، وصناعاتنا اتجهت لها ، حتى صارت لساننا الناطق ، ويدنا العاملة ، وعيننا المبصرة ، وعقلنا المفكر ، وذهننا المُدَبِّر ، وحِسُّنا المسيطر ، وقدمنا الثابتة ، وهمتنا العالية ، وبها نحقق أحلامنا الغالية ، وكل هذا يعتبر مؤشراً جيداً ، بل أكثر من جيد على مدى التطور الذي وصلنا إليه ، والتقدم الذي حلمنا به .
وكوننا ارتبطنا بها ارتباطاً يدفعنا إلى الأمام ، ويثبت أقدامنا على أرض الحضارة دون ضعف ، أو تردد ، أو اهتزاز ، فهذا دليل على قدرتنا على مسايرة ركبها ، ودفع عجلتها ، ولكنه في نفس الوقت أعمى أعيننا عن عيوبها ، وأخفى ضررها عن إدراكنا .. .
وهذا ما جعلني أتعمق في الأمر ، وأدرك حجم الخطر ، وأتوقف عند زواياه ، وأفكر في طريقة للتخلص من آثاره وسلبياته ، وهو رؤيتي لمدى سطوة تلك التكنولوجيا على أبنائنا ، وسيطرتها على أوقاتهم ، وهيمنتها على أفكارهم ، وتحديدها لاتجاهاتهم ، مما وصل به الحال لتحكمها بهم ، بطريقة أصبح من الصعب التعامل معها ، أو علاجها ، فقد تطور الحال من مجرد عادة إلى إدمان ، وتحولت من وسيلة للترفيه إلى استعباد ، ومن تعود إلى تحكم وامتهان ، فقد استفحل الأمر ، وتطور الحال ، فلم تعد ناراً تحت الرماد ، ولكنها أضحت ألسنة من لهب ، تأكل عقول أبنائنا ، وتنهش في أفكارهم ، وتنخر في أجسادهم .
فأصبحوا عبيداً لها ، وقد أدمنوها حتى بات يصعب معه إبعادهم عنها ، أو فصلهم عن أجهزتهم ، فإن سحبناها منهم شعروا وكأنك تقبض أرواحهم ، أو تسلبهم حياتهم .
فلو كان الأمر لأغراض مطلوبة كالتعليم ، أو التدريب ، أو التثقيف ، لكنا قبلنا بها ، وارتضيناها ، وتحملنا آثارها ، ولكنها للأسف أصبحت مسيطرة على كل أفكارهم ، ومستغلة لبراءتهم ، وفضولهم ، وفراغهم ، مما جعل الأمر يتحول إلى هجوم على عقولهم ، وسيطرة على أفكارهم ، واستغلال لبراءتهم ، وفضولهم ، وفراغهم ، وهو ما يجعلنا نتنبه لسوء أهدافهم ، وخبث نواياهم ، وأن ندرك حجم الخطر الذي يترصد بنا ، والحرب التي تُشنُّ علينا ، وسلاحهم بها أبناؤنا ، فلذات أكبادنا ، ونقطة ضعفنا التي استغلوها هي حبنا لهم ، ورغبتنا في تدليلهم ، وبحثنا عن رفاهيتهم .
فهاهم يتقصدون أبناءنا فيزرعون بهم ما شاؤوا من أفكار ، بطريقة غير مباشرة .
وتوصلوا إلى ذلك بأساليب لا تخفى على كل من أعمل عقله ، وركز نظره في محتويات ما يقدمونه لهم .
فألعابهم مليئة بالأفكار الهادمة التي يرفضها ديننا ، وتأباها عقولنا ، ولا تقرها عاداتنا ، ولا تقبل بها تقاليدنا .
وهي أمور تنافي فطرتهم ، وتستثير شهوتهم ، وتشغل تفكيرهم بأمور تصرفهم عن دينهم ، وتطمس هويتهم ، وتقتل شخصيتهم ، وتفتك بأخلاقهم .
وكذلك الحال في الصور التي امتلأت بها المواقع والصفحات ، والتي تملأ الشاشات دون إذن أو طلب ، وكأنها تفرض نفسها عليهم ، فتقع أعينهم عليها دون تفكير ، وتركز النظر فيها دون تفسير ، فتنغرس في أذهانهم ، وتلامس أهوائهم ، وكذلك صفحات التعارف ، وتطبيقات المحادثات التي انتشرت بلا حسيب ولا رقيب ، فعاثت بهم ، وأفسدت أخلاقهم ، وقتلت مبادءهم التي زرعناها بِحُبٍّ في تربتهم الغضَّة ، وكأنها مبيدات فتكت بثمارهم ، وأظهرت فيها الفساد ، فلم يعد يفلح معهم ريٌّ ، أو حرث ، أو اهتمام ؛ لأن البذرة الصالحة ، حتى وإن غُرِست في تربة صالحة ، إلا أنها إن رُوِيت بماء فاسد ، أو رُشَّت بمبيد سام ، ستموت حتماً ، أو تُخْرِجُ لنا ثماراً خبيثة لا تُسْعِدُنا رؤيتها ، ولا يُرِيحنا التعامل معها ، فظاهرها سيء ، فضلاً عن سوء باطنها .
وهكذا هم أبناؤنا ، وللأسف ، فقد سلمناهم بأيدينا تلك الأجهزة ، ولم نكن نعلم أننا سلمناها لهم لتفتك بهم ، وتعبث بعقولهم ، فتعلقوا بها حتى أدمنوها ، والتصقت بهم حتى أصبحوا لا يفارقوها .
وهنا يأتي دورنا لنتدخل ، ونحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، ونحن لسنا بريئين من تهمة ضياعهم إن ضاعوا ، ولا من تهمة فسادهم إن فسدوا ، فإن كانت تلك غاية أعدائنا ، إلا أننا نحن من سلمناهم الوسيلة ، وتركناهم دون مراقبة أو توجيه ، فكأننا نعينهم على تحقيق غاياتهم ، ونساعدهم للوصول لأهدافهم . ( أيحق لنا بعد ذلك أن نتهمهم بضياع أبنائنا ، وهل سنُبرِّئ أنفسنا من تلك التهمة ؟؟؟)
بحثنا عن الراحة ، فاتسعت لهم المساحة ، وطلبنا الرفاهية ، فأتحنا لهم المجال لتحقيق أهداف لم يخفى على مدركٍ فينا ، ما هي .
ظننا أننا بذلك ندللهم ، إلا أننا اكتشفنا أننا نضللهم ، إن لم نكن نقتلهم .
وحتى نتدارك كل ذلك ، علينا فصلهم عنها قدر المستطاع ، وبما أن الأمر أصبح إدماناً ، يجب علينا أن نطبق هذا الفصل بطريقة تدريجية حتى لا تصبح النتائج عكسية ، فيزداد تعلقهم بها .
وعلينا أيضاً أن نضع رقابة على أجهزتهم حتى نضمن سلاسة انفصالهم عنها ، ونخفف قدر المستطاع من تأثيرها عليهم ، وذلك بالتحكم فيما يشاهدونه من صور ومقاطع ، أو ما يدخلونه من صفحات ومواقع ، أو ما يفتحونه من روابط ورسائل ، ومن جانب آخر لابد أن نملأ فراغهم بما يساعدهم على الابتعاد عنها حتى نسيانها ، ومن ذلك مثلاً إشراكهم باجتماعات الأسرة ، أو الخروج معهم للنزهة ، أو تنظيم فعاليات تثير حماسهم ، وتحرك نشاطهم ، وتوجه أفكارهم ، وتنمي ميولهم ، وتكتشف مواهبهم ، بطريقة سليمة تتفق مع عاداتنا ، كالانضمام للأندية ، أو مراكز تنمية المواهب ، وفتح المجال أمامهم للنقاش ، والتعبير عن أنفسهم ، ووصف مشاعرهم ، دون كبحهم ، والاستماع لشكواهم دون زجرهم ، حتى نعرف ما يملأ عقولهم من أفكار ، وما غرسته تلك الأجهزة بأذهانهم من مبادئ ، لنعرف التعامل معها بما يناسبها .
وشيئاً فشيئاً أرجو أننا سنتمكن من إنقاذهم منها ، وفصلهم عنها ، ولكن الأمر سيحتاج لمزيد من الصبر ، والكثير من الجهد ، وأن يكون قراراً جماعياً ، فكلنا متضرر منها ، وعلينا جميعاً العمل على تخليص أبناءنا من عبوديتها ، ونحررهم من قبضتها ، إنفاذاً لتوجيه رسولنا الكريم حيث قال : " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " .
فلم يعد لنا غنى عنها في أي أمر ، ولم نعد قادرين على العمل بدونها في أي مجال ، فتعليمنا أصبح قائماً عليها ، واقتصادنا يسير بها ، وسياستنا اعتمدت عليها ، وصناعاتنا اتجهت لها ، حتى صارت لساننا الناطق ، ويدنا العاملة ، وعيننا المبصرة ، وعقلنا المفكر ، وذهننا المُدَبِّر ، وحِسُّنا المسيطر ، وقدمنا الثابتة ، وهمتنا العالية ، وبها نحقق أحلامنا الغالية ، وكل هذا يعتبر مؤشراً جيداً ، بل أكثر من جيد على مدى التطور الذي وصلنا إليه ، والتقدم الذي حلمنا به .
وكوننا ارتبطنا بها ارتباطاً يدفعنا إلى الأمام ، ويثبت أقدامنا على أرض الحضارة دون ضعف ، أو تردد ، أو اهتزاز ، فهذا دليل على قدرتنا على مسايرة ركبها ، ودفع عجلتها ، ولكنه في نفس الوقت أعمى أعيننا عن عيوبها ، وأخفى ضررها عن إدراكنا .. .
وهذا ما جعلني أتعمق في الأمر ، وأدرك حجم الخطر ، وأتوقف عند زواياه ، وأفكر في طريقة للتخلص من آثاره وسلبياته ، وهو رؤيتي لمدى سطوة تلك التكنولوجيا على أبنائنا ، وسيطرتها على أوقاتهم ، وهيمنتها على أفكارهم ، وتحديدها لاتجاهاتهم ، مما وصل به الحال لتحكمها بهم ، بطريقة أصبح من الصعب التعامل معها ، أو علاجها ، فقد تطور الحال من مجرد عادة إلى إدمان ، وتحولت من وسيلة للترفيه إلى استعباد ، ومن تعود إلى تحكم وامتهان ، فقد استفحل الأمر ، وتطور الحال ، فلم تعد ناراً تحت الرماد ، ولكنها أضحت ألسنة من لهب ، تأكل عقول أبنائنا ، وتنهش في أفكارهم ، وتنخر في أجسادهم .
فأصبحوا عبيداً لها ، وقد أدمنوها حتى بات يصعب معه إبعادهم عنها ، أو فصلهم عن أجهزتهم ، فإن سحبناها منهم شعروا وكأنك تقبض أرواحهم ، أو تسلبهم حياتهم .
فلو كان الأمر لأغراض مطلوبة كالتعليم ، أو التدريب ، أو التثقيف ، لكنا قبلنا بها ، وارتضيناها ، وتحملنا آثارها ، ولكنها للأسف أصبحت مسيطرة على كل أفكارهم ، ومستغلة لبراءتهم ، وفضولهم ، وفراغهم ، مما جعل الأمر يتحول إلى هجوم على عقولهم ، وسيطرة على أفكارهم ، واستغلال لبراءتهم ، وفضولهم ، وفراغهم ، وهو ما يجعلنا نتنبه لسوء أهدافهم ، وخبث نواياهم ، وأن ندرك حجم الخطر الذي يترصد بنا ، والحرب التي تُشنُّ علينا ، وسلاحهم بها أبناؤنا ، فلذات أكبادنا ، ونقطة ضعفنا التي استغلوها هي حبنا لهم ، ورغبتنا في تدليلهم ، وبحثنا عن رفاهيتهم .
فهاهم يتقصدون أبناءنا فيزرعون بهم ما شاؤوا من أفكار ، بطريقة غير مباشرة .
وتوصلوا إلى ذلك بأساليب لا تخفى على كل من أعمل عقله ، وركز نظره في محتويات ما يقدمونه لهم .
فألعابهم مليئة بالأفكار الهادمة التي يرفضها ديننا ، وتأباها عقولنا ، ولا تقرها عاداتنا ، ولا تقبل بها تقاليدنا .
وهي أمور تنافي فطرتهم ، وتستثير شهوتهم ، وتشغل تفكيرهم بأمور تصرفهم عن دينهم ، وتطمس هويتهم ، وتقتل شخصيتهم ، وتفتك بأخلاقهم .
وكذلك الحال في الصور التي امتلأت بها المواقع والصفحات ، والتي تملأ الشاشات دون إذن أو طلب ، وكأنها تفرض نفسها عليهم ، فتقع أعينهم عليها دون تفكير ، وتركز النظر فيها دون تفسير ، فتنغرس في أذهانهم ، وتلامس أهوائهم ، وكذلك صفحات التعارف ، وتطبيقات المحادثات التي انتشرت بلا حسيب ولا رقيب ، فعاثت بهم ، وأفسدت أخلاقهم ، وقتلت مبادءهم التي زرعناها بِحُبٍّ في تربتهم الغضَّة ، وكأنها مبيدات فتكت بثمارهم ، وأظهرت فيها الفساد ، فلم يعد يفلح معهم ريٌّ ، أو حرث ، أو اهتمام ؛ لأن البذرة الصالحة ، حتى وإن غُرِست في تربة صالحة ، إلا أنها إن رُوِيت بماء فاسد ، أو رُشَّت بمبيد سام ، ستموت حتماً ، أو تُخْرِجُ لنا ثماراً خبيثة لا تُسْعِدُنا رؤيتها ، ولا يُرِيحنا التعامل معها ، فظاهرها سيء ، فضلاً عن سوء باطنها .
وهكذا هم أبناؤنا ، وللأسف ، فقد سلمناهم بأيدينا تلك الأجهزة ، ولم نكن نعلم أننا سلمناها لهم لتفتك بهم ، وتعبث بعقولهم ، فتعلقوا بها حتى أدمنوها ، والتصقت بهم حتى أصبحوا لا يفارقوها .
وهنا يأتي دورنا لنتدخل ، ونحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، ونحن لسنا بريئين من تهمة ضياعهم إن ضاعوا ، ولا من تهمة فسادهم إن فسدوا ، فإن كانت تلك غاية أعدائنا ، إلا أننا نحن من سلمناهم الوسيلة ، وتركناهم دون مراقبة أو توجيه ، فكأننا نعينهم على تحقيق غاياتهم ، ونساعدهم للوصول لأهدافهم . ( أيحق لنا بعد ذلك أن نتهمهم بضياع أبنائنا ، وهل سنُبرِّئ أنفسنا من تلك التهمة ؟؟؟)
بحثنا عن الراحة ، فاتسعت لهم المساحة ، وطلبنا الرفاهية ، فأتحنا لهم المجال لتحقيق أهداف لم يخفى على مدركٍ فينا ، ما هي .
ظننا أننا بذلك ندللهم ، إلا أننا اكتشفنا أننا نضللهم ، إن لم نكن نقتلهم .
وحتى نتدارك كل ذلك ، علينا فصلهم عنها قدر المستطاع ، وبما أن الأمر أصبح إدماناً ، يجب علينا أن نطبق هذا الفصل بطريقة تدريجية حتى لا تصبح النتائج عكسية ، فيزداد تعلقهم بها .
وعلينا أيضاً أن نضع رقابة على أجهزتهم حتى نضمن سلاسة انفصالهم عنها ، ونخفف قدر المستطاع من تأثيرها عليهم ، وذلك بالتحكم فيما يشاهدونه من صور ومقاطع ، أو ما يدخلونه من صفحات ومواقع ، أو ما يفتحونه من روابط ورسائل ، ومن جانب آخر لابد أن نملأ فراغهم بما يساعدهم على الابتعاد عنها حتى نسيانها ، ومن ذلك مثلاً إشراكهم باجتماعات الأسرة ، أو الخروج معهم للنزهة ، أو تنظيم فعاليات تثير حماسهم ، وتحرك نشاطهم ، وتوجه أفكارهم ، وتنمي ميولهم ، وتكتشف مواهبهم ، بطريقة سليمة تتفق مع عاداتنا ، كالانضمام للأندية ، أو مراكز تنمية المواهب ، وفتح المجال أمامهم للنقاش ، والتعبير عن أنفسهم ، ووصف مشاعرهم ، دون كبحهم ، والاستماع لشكواهم دون زجرهم ، حتى نعرف ما يملأ عقولهم من أفكار ، وما غرسته تلك الأجهزة بأذهانهم من مبادئ ، لنعرف التعامل معها بما يناسبها .
وشيئاً فشيئاً أرجو أننا سنتمكن من إنقاذهم منها ، وفصلهم عنها ، ولكن الأمر سيحتاج لمزيد من الصبر ، والكثير من الجهد ، وأن يكون قراراً جماعياً ، فكلنا متضرر منها ، وعلينا جميعاً العمل على تخليص أبناءنا من عبوديتها ، ونحررهم من قبضتها ، إنفاذاً لتوجيه رسولنا الكريم حيث قال : " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " .