قضايا إملائية "الجزء التاسع والأخير"
( الوصل والفصل )
وها هو لقائي بكم أعزائي القراء يتجدد ، بقضية أخرى من قضايا الإملاء ، وهي كسابقاتها في الأهمية ، وبأثرها على اللغة هي مثل غيرها ، وهي بذلك ككل قضايانا على حد سواء .
وقضيتنا اليوم هي قضية الوصل و الفصل ، وهي القضية التي تربط بين علوم النحو والبلاغة والإملاء ، فأداؤها إملائياً بطريقة صحيحة يتوقف على التركيب النحوي ، ومرتبطاً بصورة وثيقة بالبلاغة والفصاحة ، والمعنى الذي نرغب بتقديمه . حتى أن هناك الكثير من المراجع عرفت هذه القاعدة على أنها العلم بمواقع الجمل، والوقوف على ما ينبغي أن يصنع فيها من العطف والاستئناف ، والاهتداء إلى كيفية إيقاع حروف العطف في مواقعها ، أو تركها عند عدم الحاجة إليها ، وعلماء اللغة يرون أن هذا الأمر صعب المسلك ، ولا يوفق للصواب فيه إلا من أوتي قسطاً موفوراً من البلاغة ، وطبع على إدراك محاسنها ، ورزق حظًّاً من المعرفة في ذوق الكلام ؛ وذلك لغموض هذا الباب ، ودقة مسلكه ، وعظيم خطره ، وكثير فائدته ، ويدل لهذا أنهم جعلوه حدًّا للبلاغة .
فقد سُئل عن البلاغة بعض البلغاء ، فقال : «هي معرفة الفصل والوصل »
فتعريف الوصل والفصل في حدود البلاغة هو :
الوصل عطف جملة على أخرى بالواو ، والفصل ترك هذا العطف بين الجملتين ، والمجيء بها منثورة ، تستأنف واحدة منها بعد الأخرى .
فالجملة الثانية تأتي في الأساليب البليغة مفصولة أحياناً ، وموصولة أحياناً أخرى .
فمن الفصل ، قوله تعالى : " وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، فجملة «ادفع» مفصولة عمَّا قبلها، ولو قيل : «وادفع بالتي هي أحسن» لما كان بليغاً .
ومن الوصل قوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ " عطف جملة «وكونوا» على ما قبلها .
ولو قلت: «اتقوا الله كونوا مع الصادقين» لما كان بليغاً .
فكل من الفصل والوصل يجيء لأسباب بلاغية .
ومن هذا يُعلم أن الوصل جمع وربط بين جملتين «بالواو خاصة» لصلة بينهما في الصورة والمعنى، أو لدفع اللَّبس .
والفصل: ترك الربط بين الجملتين ؛ إما لأنهما متحدتان صورة ومعنى ، أو بمنزلة المتحدتين ، وإما لأنه لا صلة بينهما في الصورة أو في المعنى .
وخلاصة القول أن تعلُّم هذه القاعدة وإتقانها يحتاج منا التعمق في المعنى والغاية منه ، أكثر من الشكل وظاهره ، لذا كانت علامة على البلاغة والفصاحة في باطن القول وظاهره ...
وهنا تنتهي رحلتنا مع القضايا الإملائية ، والتي تعتبر سبيلنا للكتابة الصحيحة التي تخدم المعنى وتظهره كما ينبغي له أن يظهر ...
أسأل الله أن أكون قد وُفقت لتقديم ما ينفع الناس ، وأن يجعله شاهداً لي لا عليّ ، فإن أحسنت فهو توفيق من الله وإن أسأت فمن نفسي والشيطان .
وإلى لقاءات أخرى ، مع قضايا أخرى .
وخير الختام لا يكون إلا بالسلام
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وها هو لقائي بكم أعزائي القراء يتجدد ، بقضية أخرى من قضايا الإملاء ، وهي كسابقاتها في الأهمية ، وبأثرها على اللغة هي مثل غيرها ، وهي بذلك ككل قضايانا على حد سواء .
وقضيتنا اليوم هي قضية الوصل و الفصل ، وهي القضية التي تربط بين علوم النحو والبلاغة والإملاء ، فأداؤها إملائياً بطريقة صحيحة يتوقف على التركيب النحوي ، ومرتبطاً بصورة وثيقة بالبلاغة والفصاحة ، والمعنى الذي نرغب بتقديمه . حتى أن هناك الكثير من المراجع عرفت هذه القاعدة على أنها العلم بمواقع الجمل، والوقوف على ما ينبغي أن يصنع فيها من العطف والاستئناف ، والاهتداء إلى كيفية إيقاع حروف العطف في مواقعها ، أو تركها عند عدم الحاجة إليها ، وعلماء اللغة يرون أن هذا الأمر صعب المسلك ، ولا يوفق للصواب فيه إلا من أوتي قسطاً موفوراً من البلاغة ، وطبع على إدراك محاسنها ، ورزق حظًّاً من المعرفة في ذوق الكلام ؛ وذلك لغموض هذا الباب ، ودقة مسلكه ، وعظيم خطره ، وكثير فائدته ، ويدل لهذا أنهم جعلوه حدًّا للبلاغة .
فقد سُئل عن البلاغة بعض البلغاء ، فقال : «هي معرفة الفصل والوصل »
فتعريف الوصل والفصل في حدود البلاغة هو :
الوصل عطف جملة على أخرى بالواو ، والفصل ترك هذا العطف بين الجملتين ، والمجيء بها منثورة ، تستأنف واحدة منها بعد الأخرى .
فالجملة الثانية تأتي في الأساليب البليغة مفصولة أحياناً ، وموصولة أحياناً أخرى .
فمن الفصل ، قوله تعالى : " وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، فجملة «ادفع» مفصولة عمَّا قبلها، ولو قيل : «وادفع بالتي هي أحسن» لما كان بليغاً .
ومن الوصل قوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ " عطف جملة «وكونوا» على ما قبلها .
ولو قلت: «اتقوا الله كونوا مع الصادقين» لما كان بليغاً .
فكل من الفصل والوصل يجيء لأسباب بلاغية .
ومن هذا يُعلم أن الوصل جمع وربط بين جملتين «بالواو خاصة» لصلة بينهما في الصورة والمعنى، أو لدفع اللَّبس .
والفصل: ترك الربط بين الجملتين ؛ إما لأنهما متحدتان صورة ومعنى ، أو بمنزلة المتحدتين ، وإما لأنه لا صلة بينهما في الصورة أو في المعنى .
وخلاصة القول أن تعلُّم هذه القاعدة وإتقانها يحتاج منا التعمق في المعنى والغاية منه ، أكثر من الشكل وظاهره ، لذا كانت علامة على البلاغة والفصاحة في باطن القول وظاهره ...
وهنا تنتهي رحلتنا مع القضايا الإملائية ، والتي تعتبر سبيلنا للكتابة الصحيحة التي تخدم المعنى وتظهره كما ينبغي له أن يظهر ...
أسأل الله أن أكون قد وُفقت لتقديم ما ينفع الناس ، وأن يجعله شاهداً لي لا عليّ ، فإن أحسنت فهو توفيق من الله وإن أسأت فمن نفسي والشيطان .
وإلى لقاءات أخرى ، مع قضايا أخرى .
وخير الختام لا يكون إلا بالسلام
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته