×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

إمام المسجد الحرام: إن من أسباب انشراح الصدر كثرة قراءة القرآن ويزداد الصدر انشراحا بتجويد حروفه ومعرفة وقوفه وتدبره

إمام المسجد الحرام: إن من أسباب انشراح الصدر كثرة قراءة القرآن ويزداد الصدر انشراحا بتجويد حروفه ومعرفة وقوفه وتدبره
 أمّ إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني المصلين بالمسجد الحرام واستهل فضيلته خطبته قائلا: عبادالله : لا لذة للحياة ولا طيب للعيش إلا بانشراح الصدر ، وراحة النفس بأن يتسع وينفسح ويستنير بنور الإيمان ويحيى بضوء اليقين بالله عز وجل ، وهذا مطلب من مطالب الإنسان في هذه الحياة الدنيا ، وهو علامة سعادة العبد وهدايته وإن الله قد هداه ومن عليه بالتوفيق وسلوك أقوم الطريق . قال الله تعالى ( فمن يردالله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقًا حرجًا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الرجس على الدين لا يؤمنون)
تَلَا رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قوله تعالى : {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : إنَّ النُّورَ إذا دَخَل الصَّدرَ انفَسَح ، فقيل: يا رَسولَ اللهِ ، هلْ لذلك مِن عِلمٍ يُعرَفُ ؟ قالَ : نَعمِ؛ التَّجافي عنْ دارِ الغُرورِ ، والإنابةُ إلى دارِ الخُلودِ ، والاستِعدادُ للمَوتِ قَبْلَ نُزولِه . رواه الحاكم .

فالهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدور ، وبدونهما قد يجد المرء راحة نفسية في مبدأ من المبادئ وتلك راحة مؤقتة ، وانشراح خادع لا يلبث إلا أن ينقلب حسرة وضيقًا .
والشرك والضلال من أعظم أسباب ضيق الصدر .
ومن أسباب انشراح الصدر كثرة قراءة القرآن ويزداد الصدر انشراحا بتجويد حروفه ومعرفة وقوفه وتدبره ، وكذلك العلم بسنته صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا تواترًا واحاداً قولًا وعملًا وتقريرًا فان كل ذلك يشرح صدر المؤمن ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا .
ومن أسباب انشراح الصدر ، الإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره والرضا عن الله عز وجل في كل أحواله ، فاذا علم الإنسان أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما اخطأه لم يكن ليصيبه ماكان فرحا بما أوتي ، ولا يائسا على ما فاته ، لأن العبد إذا اعتقد جازمًا أن كل شيءٍ من الله تعالى ، وأن الله لا يفعل إلا الخير ، اطمأنت نفسه وتقبل ما قدر عليه بارتياح ، قال صلى الله عليه وعلى أله وسلم تسليمًا : عجبًا لأمر المؤمن أمره كله خير أن أصابه سراء شكر فكان خيرا له ، وأن أصابه ضراء صبر فكان خيرا له ) رواه مسلم .
ونحن إزاء القدر نجهل الغيب ونجهل المصلحة الغائبة ، فاذا وكلنا الأمر لله عالم السر وأخفى ، سواءً انكشفت لنا ولم نميزها ، نجزم بأن الخير فيما اختاره الله تعالى ، فخيرة الله لعبده خير من خيرته لنفسه وكما ورد في الأثر : لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع .
ومن كان دائم الفكر في رضى الله فإنه لا تشغله النعمة ولا يعميه البلاء ، ومن كان مع الله في اليسر كان الله له في العسر، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة .
ومن أسباب انشراح الصدر أيضا الإحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكن من المال والجاه ، فان الكريم المحسن اشرح الناس صدرًا واطيبهم نفسًا ، والبخيل الذي ليس فيه إحسان لأحد ، أضيق الناس صدرًا وانكدهم عيشًا.
وصفاء القلب ، وطهارة النفس ، وحسن الظن بالله ، وحمل الناس على أحسن المحامل ، وتأويل القول على أحسن احتمالاته ، وطيب النفس وراحة القلب وحفظ اللسان عن فضول القول ، وحفظ العين عن شطحات النظر ، وحفظ الأذن عن سماع المحرمات كل ذلك من أسباب انشراح الصدر ومن أسباب رفعة النفس وقوتها
كما أن فضول القول وفضول النظر والاستماع . والإسراف في المباحات أكلا ًوشرباً ونوماً يتحول الاما وهموما على القلب تمرضه وتؤلمه ،
ولزوم جماعة المسلمين مما يُطهِّر القلب من الغل والغش ؛ فإن المسلم للزومه جماعة المسلمين يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لها ، بخلاف من انحاز عنهم ، وانشغل بالطعن عليهم والذمِّ لهم .
واستهل فضيلته خطبته الثانية قائلاً: إن الله يعطي الدنيا للمؤمن وللكافر ، ولا يعطي الدين إلا لمن يحب ، وقد تعجب رسول الله صلى الله عليه وعلى أله وسلم تسليمًا من عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما حين رآه يصلح جدار بيته ويطينه فأراد أن يخلي قلبه من التعلق بالدنيا ويذكره بقرب الأجل للاستعداد له فقال عليه الصلاة والسلام : ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك . رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه . ليجعل الآخرة همه والاستعداد لها شغله فإذا بالغ المرء في الانصراف عن إعمار الدنيا والسعي فيها فيحتاج إلى لفتة من نوع آخر ( ولا تنس نصيبك من الدنيا وإحسن كما أحسن الله إليك) فيبقى على جادة القصد والتوازن ، وأن العبد المحفوف بالنعيم قد يكون مستدرجا لمزيد من المسوولية والعذاب وهو لا يدري عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ( إذا رايت الله يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج ثم تلا : " فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ، حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ "
وإن المهتم لآخرته لا يرى الدنيا دار قرار لشعوره بقرب الرحيل إلى دار الخلود قال عليه الصلاة والسلام : قال لي جبريل : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ، واحبب من شئت فإنك مفارقه ، وأعمل ما شئت فانك ملاقيه . أخرجه الطيالسي في المسند والبيهقي .
التعليقات 0
التعليقات 0
المزيد