المثل: الحركة بركة.
شرح المثل: تستيقظ الطيور مبكرة، ثم تقضي يومها دائبة السعي متنقلة من مكان إلى مكان، تجمع القوت لها ولصغارها ثم تعود بما جمعت في سرور، ولو أنها مكثت في عشها ما صعد لها الحب، ولا وجدت القوت فتموت جوعاً وظماً.
وتغادر الوحوش غابها سعياً وراء فريستها تتحرك وتضرب في الأرض، إذا لم تجد أكلها في موضع انتقلت إلى غيره حتى تجد، ولو أنها ظلت في غابها لماتت جوعاً، إذ لن تصل إليها الفريسة وهي نائمة مستريحة.
الدلالة الاقتصادية: من وجد وكدح وتحرك وجد مأربه ونال الغنى والمجد، ومن كسل وتوانى فاته الرزق وناله الفقر والجوع.
وهكذا، فإن خطوة يخطوها المرء سعياً في عمل، أو مشياً في مناكب الأرض، أو جرياً وراء الرزق فإن وراءها الخير والبركة.
المثل: رب زارع لنفسه حاصد سواه.
شرح المثل: يقال لمن يقتر أو يشح: رب زارع لنفسه حاصد سواه. أي أن المال الذي تجمعه قد يتمتع به غيرك، وقد يجني ثمرته سواك، فمتع نفسك أولاً.
الدلالة الاقتصادية: يعمل الإنسان ولا يدري ما هو مخبوء له، يقدر في يومه لما بعده ولا يعرف ما هو مقدور له في غده، ويرسل فكره مخترقاً به الأيام والسنوات ويضع خططه لأعوام وأحقاب ويتحرى وجوه الصواب لتسير تلك الخطط على ما يهوى ويقدر، ولكن قدر الله يقلب كل ما صنع ويحول بينه وبين هواه ويحرمه نتائج سعيه.
فقد يجمع الرجل المال كأنه مخلد، ثم يموت فيأكل المال غير جامعه، كما حصد الزرع غير زارعه.
وقد يزرع الزارع ويحسب حين يزرع حساب غلته ويتخيل الثمرة يانعة، ويصور نفسه لنفسه وهو يجني تلك الثمرة ويتمتع بها، ولكن الموت قد يفاجئه قبل الحصاد فيحصد غيره الزرع ويتمتع بالثمرة سواه.
المثل: كل ذات ذيل تختال.
شرح المثل: كان المترفون من العرب يلبسون الثياب ذات الذيل الطويل، يجرونه من خلفهم فخراً وزهواً يصنع ذلك النساء وقد يصنعه الرجال.
فإذا لبست الفتاة أو المرأة ذلك الثوب ذا الذيل الطويل اختالت فيه وتبخرت لأنه دليل عزها وعنوان غناها.
والشجاع القوي يزهو بقوته ويتيه بقدرته، والجميل يزهو بجماله، والبليغ ببلاغته والمنجب بأبنائه.
الدلالة الاقتصادية: قد يزهو بعض الناس بما لديهم ويفخرون بما عندهم، فذو المال يزهو بثروته، ويتأنق في ملبسه ومسكنه وفيما يتخيره من مركب.
وحينذاك يقال: كل ذات ذيل تختال.
المثل: كل صعلوك جواد:
شرح المثل: الصعلوك الفقير الذي لا مال له و لا من يعتمد عليه والجواد: السخي الذي يجود بماله.
فذو العيال نفسه لعياله، يخاف أن يرمي نفسه ويجازف بها فيتعرض للمخاطر، أما من ليس له عيال ولا ما يشغله فيرمي نفسه كل مرمى، ويطرحها كل مطرح.
وكذلك ذو العرض النقي، يحافظ على عرضه وسمعته وشرفه أما من لا عرض له ولا شرف، فلا يبالي.
الدلالة الاقتصادية: عندما تكون للمرء ثروة ضخمة يعني بها ويحافظ عليها، وكلما كبرت تلك الثروة ازداد حرصه على القليل، لأنه يعتقد أن التفريط في الجزء يؤثر على الكل، وقد يتسبب له في الخسارة.
أما إذا لم يكن لدى المرء شيء فليس هناك ما يعني بحفظه ولا ما يشغل نفسه برعايته وتكثيره.
وكما يحافظ ذو المال على ماله فلا يفرط في قليله وكما يهون على الصعلوك ضياع ما يصل إلى يده.
حينذاك يقال: كل صعلوك جواد، أي من ليس له رأس مال يبقي عليه، يهون عليه ذهاب القليل.
المثل: كل مبذول مملول.
شرح المثل: يحب الإنسان التغيير وينفر من الرتابة والحالة الواحدة، ويسعى إلى الشيء البعيد عنه وإن كان القريب مثله، يقيس قيم الأشياء بندرتها.
فالذهب غال لديه، لأنه نادر، والماس أغلى لديه لأنه أندر، يحتاج إلى الطعام فإذا أكثر لديه عافة ويحتاج إلى الشراب فإذا يسر له مجه، إذا ورث ثروة استهان بها إذا نالها سهلة، فإذا فقدها حرص على القليل الذي يكسبه ويكدح من أجله.
الدلالة الاقتصادية: لقد عرف الإنسان أن ما يكون مبذولاً سهل الحصول يكون مملولاً.
لذا أوصي التاجر بأن يشتد في المساومة ولا يسرع ببذل السلعة فتهون في عين المشتري.
وكما أوصوا بالشدة في المساومة، أوصوا بالعمل على ندرة السلعة، حتى يلح الناس في طلبها، كما أوصوا باستخدام الإغراء بحيث تحلو السلع في نظر قاصديها، ومن ثم يحرصوا عليها ويدفعوا الأثمان العالية في سبيل ذلك، وما ذلك إلا لأنه كما قيل: كل مبذول مملول!
أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
للتواصل : zrommany3@gmail.com