لاشك أنَّ النشر الإلكتروني كوسيلة لنقل المعرفة وتبادلها، وخاصة في المجتمعات الصناعية، قد شهد قفزات كبيرة خلال العقدين الأخيرين لا تقل في طفرتها وآفاقها المستقبلية عن صناعة الورق من قبل الصينيين عام 100بعد الميلاد، واختراع مطبعة جوتنبرج في ألمانيا عام 1455م.
وجاء انتشار تقنيات النشر الإلكتروني ليخدم ظاهرة اتساع حيز المعرفة البشرية وتشعب فروعها ومنابعها.
لذا، تشير إحدى التقديرات أنَّ حجم المعرفة البشرية يتسارع بشكل هائل، وأنَّ الكم المعرفي صار يتضاعف كل 15ـ20سنة.
ووفق تلك التقديرات فإنَّ مخزون المعرفة البشرية منذ بداياتها وحتى الثمانينات تضاعف خلال الفترة اللاحقة بين عامي 1980 و1998، وأنَّ فترة تضاعف المعرفة ستتقلص تدريجياً خلال هذا القرن.
كما تشير الإحصاءات إلى أنه في منتصف التسعينات كان هنالك أكثر من مجالات العلوم البحتة والتطبيقية، فقط حوالي 7000مجلة علمية أكاديمية في أمريكا متخصصة في تلك المجالات، نشرت أكثر من 600ألف بحث علمي. وأنَّ متوسط تكلفة الاشتراك السنوي في أيٍّ منها حوالي 500دولار.
لذا، يقول الدكتور أحمد بشارة في دراسته عن (قارئ المستقبل): نحن أمام انفجار معرفي لم تعد الوسائل التقليدية، من كتابة يدوية ومراجعة إلى صف وإخراج وطباعة وتوزيع وانتشار، قادرة على مجاراة الجديد أو هي مقبولة لدى المستفيد.
ومن هنا، تبرز أهمية النشر الإلكتروني، فهو ليس فقط وسيلة سريعة لنقل المعرفة عبر قنوات الاتصال (الانترنت)، أو متيسرة مثل الوسائط المتعددة Multimedia، أو ذات كثافة تخزينية عالية لمجاراة السيل العارم من الجديد والمتجدد أو كلفة أقل كما يشاع عنه، إنما أداة تخاطب وتبادل جديدة بين البشر غير مسبوقة.
والنشر الإلكتروني نمط جديدة للحياة والتعلّم أكثر من أنه تقنية جديدة، وسيتطلب هذا النمط تبدلاً كبيراً في حزمة القيم والعلاقات والشروط القانونية والأدبية والمالية بين الكاتب والناشر والقارئ. فضلاً عن الحاجة الملحة لتعلم مهارات جديدة وبشكل متقدم حتى يتمكن المستفيد من الاستفادة القصوى والمثلى من هذه التقنيات.
والتقنية الجديدة تفتح أبواباً غير مطروقة في السابق في العلاقة بين الكاتب والمستفيد. وهي علاقة مباشرة ومتجددة، توفر المعلومات والبيانات والصور والكلمات والأشكال والمجسمات المتحركة والنماذج. كما تتيح فرصة التفاعل الحيّ والمناقشة بين الكاتب ومجتمع القراء من جهة، وبين القرّاء والمهتمين أنفسهم كذلك من جهة أخرى.
كما ستتيح برمجيات النظم الذكية Expert Systems إمكان اختزال التجارب والخبرات الشخصية للمبدعين والرواد في المجالات المتخصصة حول العالم لتكون في متناول مجتمع المهتمين والدارسين.
إنَّ التفاعل الإيجابي الذي تتميز به المعلومات المنشورة إلكترونياً عبر الإنترنت وبرامج الحاسوب المختلفة سيضع المادة المطبوعة أسيرة الورق في معركة غير متكافئة بين جمود المطبوع وحيوية المعروض إلكترونياً.
ختاماً يمكن القول إنَّ شبكة الإنترنت التي ستساعد على تبادل المعرفة الأصلية ستكون في نفس الوقت مأوى لمافيا الفكر وسماسرته.
أ . د زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو
هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
للتواصل : zrommany3@gmail.com
وجاء انتشار تقنيات النشر الإلكتروني ليخدم ظاهرة اتساع حيز المعرفة البشرية وتشعب فروعها ومنابعها.
لذا، تشير إحدى التقديرات أنَّ حجم المعرفة البشرية يتسارع بشكل هائل، وأنَّ الكم المعرفي صار يتضاعف كل 15ـ20سنة.
ووفق تلك التقديرات فإنَّ مخزون المعرفة البشرية منذ بداياتها وحتى الثمانينات تضاعف خلال الفترة اللاحقة بين عامي 1980 و1998، وأنَّ فترة تضاعف المعرفة ستتقلص تدريجياً خلال هذا القرن.
كما تشير الإحصاءات إلى أنه في منتصف التسعينات كان هنالك أكثر من مجالات العلوم البحتة والتطبيقية، فقط حوالي 7000مجلة علمية أكاديمية في أمريكا متخصصة في تلك المجالات، نشرت أكثر من 600ألف بحث علمي. وأنَّ متوسط تكلفة الاشتراك السنوي في أيٍّ منها حوالي 500دولار.
لذا، يقول الدكتور أحمد بشارة في دراسته عن (قارئ المستقبل): نحن أمام انفجار معرفي لم تعد الوسائل التقليدية، من كتابة يدوية ومراجعة إلى صف وإخراج وطباعة وتوزيع وانتشار، قادرة على مجاراة الجديد أو هي مقبولة لدى المستفيد.
ومن هنا، تبرز أهمية النشر الإلكتروني، فهو ليس فقط وسيلة سريعة لنقل المعرفة عبر قنوات الاتصال (الانترنت)، أو متيسرة مثل الوسائط المتعددة Multimedia، أو ذات كثافة تخزينية عالية لمجاراة السيل العارم من الجديد والمتجدد أو كلفة أقل كما يشاع عنه، إنما أداة تخاطب وتبادل جديدة بين البشر غير مسبوقة.
والنشر الإلكتروني نمط جديدة للحياة والتعلّم أكثر من أنه تقنية جديدة، وسيتطلب هذا النمط تبدلاً كبيراً في حزمة القيم والعلاقات والشروط القانونية والأدبية والمالية بين الكاتب والناشر والقارئ. فضلاً عن الحاجة الملحة لتعلم مهارات جديدة وبشكل متقدم حتى يتمكن المستفيد من الاستفادة القصوى والمثلى من هذه التقنيات.
والتقنية الجديدة تفتح أبواباً غير مطروقة في السابق في العلاقة بين الكاتب والمستفيد. وهي علاقة مباشرة ومتجددة، توفر المعلومات والبيانات والصور والكلمات والأشكال والمجسمات المتحركة والنماذج. كما تتيح فرصة التفاعل الحيّ والمناقشة بين الكاتب ومجتمع القراء من جهة، وبين القرّاء والمهتمين أنفسهم كذلك من جهة أخرى.
كما ستتيح برمجيات النظم الذكية Expert Systems إمكان اختزال التجارب والخبرات الشخصية للمبدعين والرواد في المجالات المتخصصة حول العالم لتكون في متناول مجتمع المهتمين والدارسين.
إنَّ التفاعل الإيجابي الذي تتميز به المعلومات المنشورة إلكترونياً عبر الإنترنت وبرامج الحاسوب المختلفة سيضع المادة المطبوعة أسيرة الورق في معركة غير متكافئة بين جمود المطبوع وحيوية المعروض إلكترونياً.
ختاماً يمكن القول إنَّ شبكة الإنترنت التي ستساعد على تبادل المعرفة الأصلية ستكون في نفس الوقت مأوى لمافيا الفكر وسماسرته.
أ . د زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو
هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
للتواصل : zrommany3@gmail.com