في هذه الحياة الواسعة تتزاحم الأفكار، وتختلف التوجهات، وتتصارع وجهات النظر، ويبقى البعض مقطب الحاجبين، يكاد صدره أن يتحول إلى بركان يقذف حمم الغضب ، لأن فلاناً خالفه في وجهة نظر في قضية من القضايا التي يتّسع فيها الخلاف، وقد يصل الأمر إلى هجر أخيه المسلم بسبب ذلك أو أن يظن به السوء.
إن الواقع التّوحدي الذي كان يعيش فيه مجتمعنا المحلي في سنوات سابقة وعدم انفتاحه فقهياًّ، أدّى إلى عدم وجود مرونةٍ في تقبل الآراء الفقهية الأخرى، التي بدأت تظهر في تسارع رهيب وتصدم البعض، مما أفقدهم توازنهم أحيانا فيبدأ يغضب ممن يتبنى آراءً أخرى مخالفةً، لها مُستندها الشرعي ووجاهتها .
إن كثيراً من الآراء التي قد نستغربها ونظن أنها مُستحدثة ،إنما هي موجودةٌ في موروثنا الفقهي، ولكنّ العيب في قلة القراءة والبحث، بل وُجِد من جيلنا الجديد من يهاب فتح بعض كتب المراجع المعتبرة للمذاهب الفقهية ككتب المذاهب الأربعة كأقل تقدير.
إنّ مِمّا يُورِث العجب أنْ نختزل الدين في مسائل محددة ،ونجعلها المقياس لاستقامة الشخص من عدمه، ولكن يزيد عجبك عندما تعرف أن هذا المقياس له آراءٌ متعددة، أذكر أني ناقشت أحدهم في مسألةٍ فقهية ٍفرعيّة ، وذكرت له الاتجاهات الفقهية، فقال لي : وماذا بقي من الدين إذا كانت كل مسألة فيها خلاف.
إنّ العجلة في إطلاق الحكم على آراء الآخرين، قبل أن نعرف سبب قولهم ذلك يُعتبر من الظلم لهم،أَلَم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لحاطب رضي الله عنه في قصته المشهورة عندما أرسل رسالة لقريش يخبرهم بإرادة النبي صلى الله عليه.وسلم لغزوهم،قال : ما الذي حملك على ذلك ؟؟ إذاً فالسؤال عن السبب ومعرفة الدليل قبل إطلاق الحكم هو منهج نبوي، مع إيماني الكامل أن الله لم يجعلنا بحكام على أحد من الناس ولسنا مطالبين أن نقول رأينا في كل احد.
أيها القارئ الكريم لابد أن تتسع صدورنا لتنوع الخلاف ووجوده، والنوع الذي أقصده هو الخلاف المُعتبر في فروع الدين، والمستند إلى دليل صحيحٍ من كتاب، أو سنة، أو إجماعٍ، أو قياسٍ مُعتبر، أو اجتهاد قائم على القواعد المنظمة للشريعة الإسلامية.
أما الخلاف في أصول الدين، أو المُصادم للنصوص الثابتة، أو المبني على اجتهادٍ عَبثي، غير مُنطلق من أساسٍ شرعي صحيح فلا يُلتفت إليه.
إنّ الخلاف المعتبر في صورٍ كثيرةٍ، ومواقف متنوعة، يُعدُّ من رحمة الله بعباده، فإنّ التغيرات الهائلة في العالم من جميع الجوانب، تُحتِّم علينا اجتهاداتٍ جديدةٍ وقياساتٍ مُتعددة ،نخرج بها لنعلن فعلاً قدرة الشريعة الإسلامية على التعامل مع المتغيرات حتى ولو وقع الخلاف بين المجتهدين .
ولو نظرنا للخلاف من جوانب مختلفة غير فقهية، كالأمور التربوية، أو النفسية، أو الاقتصادية، أو الحياتية، نجد أنّ البعض يُمارس وِصايةً وكبتاً فكرياًّ على الآخرين، رغم أن الأرض تتسع للجميع.
يا أيها المربي ويا طالب العلم ويا أيها الزوج ويا أيها الأب ..دعوا من تحت أيديكم يطلقون أفكارهم، ويُعملون عقولهم، وصدقوني ستجدون كنوزاً رائعة، وثمارا يانعة ...والله من وراء القصد .
إبراهيم علي السفياني
عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة والأنظمة بجامعة تبوك
إن الواقع التّوحدي الذي كان يعيش فيه مجتمعنا المحلي في سنوات سابقة وعدم انفتاحه فقهياًّ، أدّى إلى عدم وجود مرونةٍ في تقبل الآراء الفقهية الأخرى، التي بدأت تظهر في تسارع رهيب وتصدم البعض، مما أفقدهم توازنهم أحيانا فيبدأ يغضب ممن يتبنى آراءً أخرى مخالفةً، لها مُستندها الشرعي ووجاهتها .
إن كثيراً من الآراء التي قد نستغربها ونظن أنها مُستحدثة ،إنما هي موجودةٌ في موروثنا الفقهي، ولكنّ العيب في قلة القراءة والبحث، بل وُجِد من جيلنا الجديد من يهاب فتح بعض كتب المراجع المعتبرة للمذاهب الفقهية ككتب المذاهب الأربعة كأقل تقدير.
إنّ مِمّا يُورِث العجب أنْ نختزل الدين في مسائل محددة ،ونجعلها المقياس لاستقامة الشخص من عدمه، ولكن يزيد عجبك عندما تعرف أن هذا المقياس له آراءٌ متعددة، أذكر أني ناقشت أحدهم في مسألةٍ فقهية ٍفرعيّة ، وذكرت له الاتجاهات الفقهية، فقال لي : وماذا بقي من الدين إذا كانت كل مسألة فيها خلاف.
إنّ العجلة في إطلاق الحكم على آراء الآخرين، قبل أن نعرف سبب قولهم ذلك يُعتبر من الظلم لهم،أَلَم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لحاطب رضي الله عنه في قصته المشهورة عندما أرسل رسالة لقريش يخبرهم بإرادة النبي صلى الله عليه.وسلم لغزوهم،قال : ما الذي حملك على ذلك ؟؟ إذاً فالسؤال عن السبب ومعرفة الدليل قبل إطلاق الحكم هو منهج نبوي، مع إيماني الكامل أن الله لم يجعلنا بحكام على أحد من الناس ولسنا مطالبين أن نقول رأينا في كل احد.
أيها القارئ الكريم لابد أن تتسع صدورنا لتنوع الخلاف ووجوده، والنوع الذي أقصده هو الخلاف المُعتبر في فروع الدين، والمستند إلى دليل صحيحٍ من كتاب، أو سنة، أو إجماعٍ، أو قياسٍ مُعتبر، أو اجتهاد قائم على القواعد المنظمة للشريعة الإسلامية.
أما الخلاف في أصول الدين، أو المُصادم للنصوص الثابتة، أو المبني على اجتهادٍ عَبثي، غير مُنطلق من أساسٍ شرعي صحيح فلا يُلتفت إليه.
إنّ الخلاف المعتبر في صورٍ كثيرةٍ، ومواقف متنوعة، يُعدُّ من رحمة الله بعباده، فإنّ التغيرات الهائلة في العالم من جميع الجوانب، تُحتِّم علينا اجتهاداتٍ جديدةٍ وقياساتٍ مُتعددة ،نخرج بها لنعلن فعلاً قدرة الشريعة الإسلامية على التعامل مع المتغيرات حتى ولو وقع الخلاف بين المجتهدين .
ولو نظرنا للخلاف من جوانب مختلفة غير فقهية، كالأمور التربوية، أو النفسية، أو الاقتصادية، أو الحياتية، نجد أنّ البعض يُمارس وِصايةً وكبتاً فكرياًّ على الآخرين، رغم أن الأرض تتسع للجميع.
يا أيها المربي ويا طالب العلم ويا أيها الزوج ويا أيها الأب ..دعوا من تحت أيديكم يطلقون أفكارهم، ويُعملون عقولهم، وصدقوني ستجدون كنوزاً رائعة، وثمارا يانعة ...والله من وراء القصد .
إبراهيم علي السفياني
عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة والأنظمة بجامعة تبوك