ينسكب الألم في نفوسنا حين نطوي صفحات العام الفارط مستذكرين معها رحيل الأخيار , ويزيد الألم عندما يكون الراحل من الأصدقاء الذين يكتنزون من السجايا أعلاها ومن الأخلاق أسماها ، ومؤلم أكثر أن تكون بالأمس معه في حديث لا تزال نبرات صوته ترن بين أذنيك وبين جدران قلبك ، لكن الإيمان بقضاء الله هو الكفيل بتخفيف آثار كل مصاب .
من هنا كان وقع رحيل الصديقين والزميلين العزيزين الأستاذ مدالله عياش الشراري مدير مدرسة عبدالله بن رواحة الابتدائية بتبوك وقبله الأستاذ فهد محمد العيسى المشرف التربوي بإدارة تقنية المعلومات بتعليم منطقة تبوك كبيرا على نفسي وعلى نفوس كل من عرفهما وعاشرهما رحمهما الله , فقد أفنى الراحلان غفر الله لهما ذوب وجدانهما ونضير عمرهما ونضارة شبابهما في خدمة التربية والتعليم في منطقة تبوك وكانا أبوين لكل طالب وصديقين لكل معلم فاستحقا الذكر العاطر من زملائهما وطلابهما وما أحوج مشهدنا التربوي لأمثالهما.
رحل الصديقان المحبوبان بعد أن غـرسـا فـيـنـا فـجـيـعـة رحـيـلـهـمـا عـلـى غـفـلـة مـنـا ..
رحلا عن دنيانا وأسكناهم بطن الأرض بعد أن كانا على ظهرها يملؤونها حيوية ويثرونها عطاء ..
وإذا كان الثناء على الأحياء أمرا محمودا إن كان حقا , فإن ذكر محاسن الراحلين والحديث عنهم هو عنوان الوفاء وقمة الإيفاء , فضلا عن أنه يكون سببا للاقتداء بهم , أما الأهم من ذلك فهو : الدعاء لهم عند ذكر محاسنهم وأعمالهم المباركة , وسجاياهم الندية ,وصنائعهم الجميلة التي قدموها في حياتهم , إن الرثاء والثناء والذكر الحسن لهؤلاء الراحلين يجيء من منطلق : أن الناس شهود الله في أرضه , ولعل ذلك هو بشراهم المعجلة في الدنيا بحول الله تعالى , وهذا يسعد أحبابهم , ويخفف من غمامات الحزن على رحيلهم .
وقد ورد في الحديث القدسي في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن عندي من جزاء إذا قبضت صفيه وخليله من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة.
رحم الله الفاضلين أبا بندر وأبا محمد اللذين لن يجف عطرهما حتى ولو كانا تحت الثرى , ونسأل المولى الذي حرمنا من "زمالتهما "في الدنيا ألا يحرمنا من "مجاورتهما" في دار النعيم , في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر .