عقارب الساعة تشير للتاسعة وأربعون دقيقة صباحاً، القاعة باردة جداً فالتكييف المركزي بداخل البنايات يقابله طقس حار ومشمس بالخارج، لقد تسبب هذا برشح وزكام قاسيين علي..
لم أكن أستطيع إكمال المحاضرة، فالدكتورة -إيميلي تتعامل معنا كما لو أنها في أمريكا، أعني... بحدة القوانين ودقة الوقت!
ساعتين تتبقى كي تنتهي المحاضرة.. أريد الخروج من الجامعة لمراجعة المستشفى ، فالإعياء يشتد .. الإحساس بالضعف والوهن يجعلني أعجز عن استقبال أي معلومة مثرية..
بصوت مرتجف..كنت أكلمها باللغة الإنجليزية طبعا:-
يا دكتورة.. أحتاج الذهاب للعيادة بضع دقائق.. إنني متعبة جدا،،
وافقت بعد أن حللنا التدريب، فلملمت حقيبتي وأقلامي ورفعت شعري عن وجهي وذهبت مسرعة للعيادة في المبنى المقابل..
لم أتفاجئ كثيرا حينما قالت لي الطبيبة أن حرارتي كانت قرب ال39
أكملت معها إجراءات الفحص الطبي داخل العيادة، كانت تسألني أثناء قياس الضغط:
عبير.. لماذا تبدين هكذا؟
-لأنني مريضة يا دكتورة
قالت:"هل تعز عليك نفسك أن تريها بهذا الضعف والعجز وقلة الحيلة؟"
يااه ، لقد كان هذا السؤال حارق ومؤلم، الإحساس بالعجز عن الجدل والنهوض أمراً يجلب لنا الكسل والغبن..
إنني..
لم أختلف كثيراً عن أمتي.. فهذا حالنا كمسلمين.. جسداً محطماً ضعيفاً واهنا يعجز عن نفض الظلم والقيام كسائر القائمين!
( - فين سرحتي يا عبير؟ )
هكذا كان سؤالها غلبت عليه لهجة مصرية رقيقة جداً.. وقد كانت تتكلم بعيون ناعسة حنونة.. جعلتني..-ولأول مرة- أتجاوز رسميات الحوار مع طبيبة .
- لا يا دكتورة.. كنت أفكر بالإجابة على سؤالك..فعلا..أنا حزينة على نفسي.. إن المرض وإن كان مجرد رشح وإرتفاع في درجة الحرارة فهو يلقننا دروسا في الشكر والحمد..لن نجدها في الكتب، وقد كانت التجربة أقسى وأقوى برهان!
=: (عبير.. كلٌ منا في حياته يُواجه ظروف صعبة ولكن العبرة في من يخرج من نيران هذه الظروف سالما معافى صلبا قويا كالحديد)"والأمة.. والشعوب .. ودماء الأبرياء..؟
هل تخرج من النيران سليمة؟
هل تعيدها لنا أقراص من الدواء؟
وماذا يكون هذا الذي يعصف بالأمة؟
إنها وحشية وعدوانية غير مجبولة عليها البشرية، سبحانك ربي كيف يتنافسون في صنع القنابل والصواريخ ليقتل بعضهم بعضا لأسباب فكرية أو اقتصادية أو عنصرية سواء كانت مذهبية أو لونية أو دينية-!
تبقى في أصلها أقل و أسذج من المجازر والمذابح!"
لقد كنت أتمتم بذلك بيني وبين نفسي في حين تصرف هي الدواء،
- تفضلي يا عبير هذه مسكنات ستفيدك إن شاء الله
لقد إنصرفت من العيادة وكلي حسرة على حال أمة لم تذكرني إلا بجسدي في لحظات المرض والحزن و الانكسار..
ألا تطيب أمتي وتٌشفى، كما طابت الأجساد !
ألا تتحرر أمتي، وتتخلى عن القيود والأصفاد !
ألا تعود أمتي بعد كل هذا الهوان لصناعة الأمجاد ؟
لم أكن أستطيع إكمال المحاضرة، فالدكتورة -إيميلي تتعامل معنا كما لو أنها في أمريكا، أعني... بحدة القوانين ودقة الوقت!
ساعتين تتبقى كي تنتهي المحاضرة.. أريد الخروج من الجامعة لمراجعة المستشفى ، فالإعياء يشتد .. الإحساس بالضعف والوهن يجعلني أعجز عن استقبال أي معلومة مثرية..
بصوت مرتجف..كنت أكلمها باللغة الإنجليزية طبعا:-
يا دكتورة.. أحتاج الذهاب للعيادة بضع دقائق.. إنني متعبة جدا،،
وافقت بعد أن حللنا التدريب، فلملمت حقيبتي وأقلامي ورفعت شعري عن وجهي وذهبت مسرعة للعيادة في المبنى المقابل..
لم أتفاجئ كثيرا حينما قالت لي الطبيبة أن حرارتي كانت قرب ال39
أكملت معها إجراءات الفحص الطبي داخل العيادة، كانت تسألني أثناء قياس الضغط:
عبير.. لماذا تبدين هكذا؟
-لأنني مريضة يا دكتورة
قالت:"هل تعز عليك نفسك أن تريها بهذا الضعف والعجز وقلة الحيلة؟"
يااه ، لقد كان هذا السؤال حارق ومؤلم، الإحساس بالعجز عن الجدل والنهوض أمراً يجلب لنا الكسل والغبن..
إنني..
لم أختلف كثيراً عن أمتي.. فهذا حالنا كمسلمين.. جسداً محطماً ضعيفاً واهنا يعجز عن نفض الظلم والقيام كسائر القائمين!
( - فين سرحتي يا عبير؟ )
هكذا كان سؤالها غلبت عليه لهجة مصرية رقيقة جداً.. وقد كانت تتكلم بعيون ناعسة حنونة.. جعلتني..-ولأول مرة- أتجاوز رسميات الحوار مع طبيبة .
- لا يا دكتورة.. كنت أفكر بالإجابة على سؤالك..فعلا..أنا حزينة على نفسي.. إن المرض وإن كان مجرد رشح وإرتفاع في درجة الحرارة فهو يلقننا دروسا في الشكر والحمد..لن نجدها في الكتب، وقد كانت التجربة أقسى وأقوى برهان!
=: (عبير.. كلٌ منا في حياته يُواجه ظروف صعبة ولكن العبرة في من يخرج من نيران هذه الظروف سالما معافى صلبا قويا كالحديد)"والأمة.. والشعوب .. ودماء الأبرياء..؟
هل تخرج من النيران سليمة؟
هل تعيدها لنا أقراص من الدواء؟
وماذا يكون هذا الذي يعصف بالأمة؟
إنها وحشية وعدوانية غير مجبولة عليها البشرية، سبحانك ربي كيف يتنافسون في صنع القنابل والصواريخ ليقتل بعضهم بعضا لأسباب فكرية أو اقتصادية أو عنصرية سواء كانت مذهبية أو لونية أو دينية-!
تبقى في أصلها أقل و أسذج من المجازر والمذابح!"
لقد كنت أتمتم بذلك بيني وبين نفسي في حين تصرف هي الدواء،
- تفضلي يا عبير هذه مسكنات ستفيدك إن شاء الله
لقد إنصرفت من العيادة وكلي حسرة على حال أمة لم تذكرني إلا بجسدي في لحظات المرض والحزن و الانكسار..
ألا تطيب أمتي وتٌشفى، كما طابت الأجساد !
ألا تتحرر أمتي، وتتخلى عن القيود والأصفاد !
ألا تعود أمتي بعد كل هذا الهوان لصناعة الأمجاد ؟