×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
نورة الرواضين

ما أكثر أصنامنا!
نورة الرواضين

الإنسان في شعوبنا العربية قد لا يحيا بإنسانيته بشكل كامل ( التحريمات المجتمعية) التي يرمز لها بمفهوم العيب
تطمس كثيراً من هذه الإنسانية التي تحيل بمعالمها إلى شبه إنسان أو نصف بني آدمي
تتسائلون كيف ؟دعونا نتخذ من المجتمع السعودي أنموذج
إذا ما أتينا إلى أبرز قوانين هذا المجتمع فالخط العريض هو خط (العيب) حيث العيب الذي تخضح معاييره
لماهية العرف ذلك المتفاوت من قبيلة لأخرى لنجد المرأة والرجل هما المحوارن ,
المرأة اصطبغت بها دينيا صِبغة العورة فعمل المجتمع على تدميغها بما يتواطئ مع أعرافه
الرجل اصطبغت به صِبغة القوامة دمغ المجتمع هذه الصبغة بما يتواطئ مع أعرافه
فصار الحرام حرامـًا ليس بموجب ديني فقط إنما بمباركة الأعراف أيضـًا ,
فالحلال الذي أبيح من قبل الإسلام وقد "كان" أو "صار" محرمـًا بموجب العرف الاجتماعي,
لا تلقى له رواجـًا بمفهومه المباح بين صفوف المسلمين الخاضعين لعرف معين
رغم عدم إنكارهم لإباحيته في الأصل لكنهم (يتحفظون) عليه بحجج سد ذريعة أو تجنب عواقب وخيمة !

هنا يأتي دور الضحايا ,ويأتي وقت دفع الثمن نتيجة هيمنة عنصر آخر غير الدين على كاهل الإنسان العربي
لأنه يخضع لمعيارين دمجا سويـًا هما معياريّ الدين والعرف ومسألة طغيان معيار على الآخر
هي مسألة متوقفة على مدى بُعد الإنسان من دينه أو قربهِ منه .

حتى الإنسان العربي المسيحي واليهودي لم يسلم هو الآخر من التذبذب بين هذين المعيارين ,
بما يؤكد أن العرف ضارب بأعماق البيئة حتى أنه يؤثر على الأقليات من الديانة المسيحية والعرقية اليهودية
المنتشرة هنا وهناك في الأوطان العربية .

هذه المقالة تود أن تقول بأن مفهوم العرف أخذ أكبر من حجمه في اعتباراتنا الذاتية
إذ أنه يحجب الكثير من سؤدد الرؤى ذلك من خلال العماء الذي نمارس به سلوكياتنا المنطلقة من بؤرة العرف ,
خاصة تلك السلوكيات الطارئة ,التي تأتي نتيجة ردة فعل حادة مثل العرض / والثأر / التعصب القبلي
عندها يغيب كل منطق الدين ويحضر كل منطق العرف , يغيب قال تعالى و قال الرسول
وتحضر أقوال الموروثات الاجتماعية بكل مافيها من جور وطغيان و بطلان ,
في تلك المواقف التي تكون على المحك , هي بذاتها الفيصل بين الدين والعرف
وهي مقياس حقيقي لمن أراد أن يختبر مستوى إيمانه وهي أيضا مقياس لمن أراد أن يختبر
مدى حقيقة وعيه و انفتاحه وتجرده من المفاهيم الاجتماعية الجائرة وغير المنصفة .

وإذ ما أسقطنا نظرية ( العيب الذي يطمس معالم الإنسانية ) على الواقع الميداني فسوف نجد من مثال حي
بدءً من أقدم الظواهر وأكثرها مقتـًا وهي ظاهرة ( تعييّب اسم المرأة )
تغييب اسمها بموجب عرفي هو تعطيل حقيقي لممارسة إنسانيتها بشكل كامل ,
إذا أن اسم الشخص جزء من إنسانيته ,أيضـًا تحجيم دورها الاجتماعي بمهن معينة هو تغييب لأنسانيتها
سلبها الريادة مع استحقاقها لكفاءة علمية أو ماشابه هو جور يقع تحت بند ( العيب) ولغط ( يصلح وما يصلح )
و لأن مجتمعتنا المتدينة منها وغير المتدينة بكل شفافية تقدس العيب أكثر من تقديس الحرام و الأمر في تفاصيله -إن كان عكس ذلك -
فهو يعود على صعيد أشخاص وليس على صعيد أمة عرفت بأمة محمد !
هنا يحضرني ماقاله المفكر السعودي عبدالله القصيمي :
(نحن نفاخر أهل الأرض في أننا وحدنا الموحِّدون الذين يعبدون إلهًا واحدًا، كبيرًا جدًا، لا نُشرِك به أحدًا. ولكن ما أكثر الأصنام التي نعبد، ما أكثر أصنامنا!)
عطفـًا على ماقاله القصيمي نحن نعبد صنم معنوي اسمه ( العرف ) !
هذا الذي أكل نصف الإنسان فينا .
بواسطة : نورة الرواضين
 9  1