اقبل رمضان يحكي لنا قصة حضارة ألغت معالم كان العباد ينتظرها بشوق كبير , تهفو له النفس بحب عالق بسيرة رسول قيّضه الله لينقذ هذه الأمة من الجهل .ظلت الأجيال متمسكة بعاداتها وتقاليدها المستمدة من الدين حتى جاء الانفتاح وشرع الأبواب على مصراعيه لدخول ثقافات غريبة على نفوسنا ومجتمعنا فأبهرتنا
فألغت التواصل الاجتماعي الرمضاني بالتواصل الالكتروني , كم كان المنظر جميلا في شوارعنا قبيل المغرب وقبل هيمنة هذا التواصل الالكتروني الغريب على ثقافتنا وتربيتنا بل وحتى على أخلاقنا , والكل يبعث طعامه لجاره , حين كنت صغيرة هنا بالمنطقة الشرقية , تبعثنا والدتي كل يوم لجيران مختلفين نتخالف مع أبناء جيراننا نحمل الأقداح للفقير والعاجز والمقطوع من شجرة , وللجار القادر من أجل التقرب والود , ننادي على بعضنا ونسأل عن ما يحمله الآخر " اللقيمات الهريس والشوربة " وقد نتذوقه بغفلة من الحامل ثم نتظاهر بالصيام , لنعود لمنازلنا بعد أن نقضي المهمة , فنجد طعام جيراننا تفوح رائحته الزكية بالطيبة وحسن الجوار فيكون مميزا بين إطباقنا وأول ما تمتد له أيدينا له لترد أمي " تمر قصرانا حلو "!! أنه وقت طرق الأبواب والرجال يأخذن من بيوتهم درب واحد لبيت يجتمعون فيه وقت الإفطار وقد تذهب الجارة لجارتها لتساعدها بتحضير الطعام .
أين نحن اليوم من هذه العادة ؟
اليوم بتنا نخاف أن نرسل لجيراننا , وأقفل الفقير بيته لان الناس تحتقر فقره , وصارت حاويات القمامة شبِعة بالطعام الزائد الملقى وفقدت السفرة الرمضانية قيمتها بسنبوسة البنقالي والهندي بعد ان كنا نتلذذ بها من أيدي أمهاتنا , وصمتت الجدة , وأغلقت حكايتها في صندوق صدرها , حتى ضاقت بها فاشتكت المرض والقهر , وأصبح الطعام اختراع , فصرنا نخلط الكريمة بالشوربة ونشكر الشيف على ذوقه الرفيع , ولو أن أمهاتنا من قام بهذا الخلط , لقلنا : " في أي عصر تعيشين ؟ ما هذا الطعم المقزز؟ يا سبحان الله !
وما هذه المعالم إلا استهتار وبذخ , وضرب في عرض الحائط للقيم الإسلامية في اغتنام رمضان للتواصل الحقيقي بين أفراد المجتمع والوسطية في ما انعم الله به علينا وقدر حاجتنا لأن رمضان عبادة وليس لزيادة الوزن والتفخر بطرق التقديم الغير مجدية لا دينيا ولا تربويا .
" ثم لتسألن يومئذ عن النعيم " 8 سورة التكاثر
هل سنعي وتصحو ضمائرنا ممما نحن فيه من غفوة؟
من قصص الجدة الشعبية
السعلوة أم أصبع
يحكى أن سعلوة يقال لها أم أصبع , كانت تتنقل بين بيوت الشعر فتأكل لحوم البشر وترعب الناس , وسمع بها قوم أنها قريبة من مساكنهم , فخططوا للهرب من المكان إلى مكان آخر , وكان بين القوم رجلان أعمى وكسيح "أي مقعد لا يمشي" فقرروا الرحيل بدونهم , حتى لا يكونان عائقان لرحيل القوم , فيتبعونهم ويدلون السعلوة عليهم , فقرروا أن يهربوا في الليل والأعمى والكسيح نائمان , وأخذوا على الكل ألا يتكلموا بالرحيل أمامهم . وفي الليل وبعد أن غط العمى والأعمى والكسيح في نوم عميق ضعن القوم بكل سكون , وفي الصباح وعندما استيقظ الأعمى والكسيح لم يجدوا أحدا فعرفا أن القوم بأبجمعه قد رحل , فقال الكسيح : أحملني وأنا أدلك على الدُريب , فحمله ومشيا وفي الطريق قابلتهما امرأة فقالت : إلى أين ؟ قالا : نبحث عن القوم الذين هربوا خوفاً من سعلوة يقال لها أم أصبع ،. فمدت يدها لأحدهما وسلمت عليه وقالت : هكذا . فعلما أنها هي السعلوة أم أصبع , رمى الأعمى الكسيح , وأخذ يتخبط وهو يحسب انه يركض , وأرض ترفعه وأرض ينزل معها , وشجرة تصدمه وشجرة يصدمها ، أما الكسيح فقد بقى في مكانه يخبط بيديه فضحكت السعلوة أم أصبع حتى ماتت من الضحك , ولما طلعت الشمس وحمى النهار سال شحمها فأخذ منها الكسيح ومسح رجليه فعافاه الله , ومشى يبحث عن رفيقه الأعمى حتى وجده , فبشره بموت السعلوة وقال له : أنا تدهنت من شحمها فشفاني الله فامسح عينيك فعسى أن يرد الله عليك بالأبصار , فمسح عينيه وأبصر بإذن الله واتجها نحو القوم الراحلين فلما رآوهما قالوا : هذان العمى والكسيح فمنعوهما من الدخول , فقد تكون السعلوة قادمة على أثرهما . فلما رأوهما سليمين وأعلموهما بالقصة ذهبوا معهما وتأكدوا من موت السعلوة فحفروا لها حفرة عميقة ودفنوها فيها وارتاح الناس منها .
فاطمة البلوي
فألغت التواصل الاجتماعي الرمضاني بالتواصل الالكتروني , كم كان المنظر جميلا في شوارعنا قبيل المغرب وقبل هيمنة هذا التواصل الالكتروني الغريب على ثقافتنا وتربيتنا بل وحتى على أخلاقنا , والكل يبعث طعامه لجاره , حين كنت صغيرة هنا بالمنطقة الشرقية , تبعثنا والدتي كل يوم لجيران مختلفين نتخالف مع أبناء جيراننا نحمل الأقداح للفقير والعاجز والمقطوع من شجرة , وللجار القادر من أجل التقرب والود , ننادي على بعضنا ونسأل عن ما يحمله الآخر " اللقيمات الهريس والشوربة " وقد نتذوقه بغفلة من الحامل ثم نتظاهر بالصيام , لنعود لمنازلنا بعد أن نقضي المهمة , فنجد طعام جيراننا تفوح رائحته الزكية بالطيبة وحسن الجوار فيكون مميزا بين إطباقنا وأول ما تمتد له أيدينا له لترد أمي " تمر قصرانا حلو "!! أنه وقت طرق الأبواب والرجال يأخذن من بيوتهم درب واحد لبيت يجتمعون فيه وقت الإفطار وقد تذهب الجارة لجارتها لتساعدها بتحضير الطعام .
أين نحن اليوم من هذه العادة ؟
اليوم بتنا نخاف أن نرسل لجيراننا , وأقفل الفقير بيته لان الناس تحتقر فقره , وصارت حاويات القمامة شبِعة بالطعام الزائد الملقى وفقدت السفرة الرمضانية قيمتها بسنبوسة البنقالي والهندي بعد ان كنا نتلذذ بها من أيدي أمهاتنا , وصمتت الجدة , وأغلقت حكايتها في صندوق صدرها , حتى ضاقت بها فاشتكت المرض والقهر , وأصبح الطعام اختراع , فصرنا نخلط الكريمة بالشوربة ونشكر الشيف على ذوقه الرفيع , ولو أن أمهاتنا من قام بهذا الخلط , لقلنا : " في أي عصر تعيشين ؟ ما هذا الطعم المقزز؟ يا سبحان الله !
وما هذه المعالم إلا استهتار وبذخ , وضرب في عرض الحائط للقيم الإسلامية في اغتنام رمضان للتواصل الحقيقي بين أفراد المجتمع والوسطية في ما انعم الله به علينا وقدر حاجتنا لأن رمضان عبادة وليس لزيادة الوزن والتفخر بطرق التقديم الغير مجدية لا دينيا ولا تربويا .
" ثم لتسألن يومئذ عن النعيم " 8 سورة التكاثر
هل سنعي وتصحو ضمائرنا ممما نحن فيه من غفوة؟
من قصص الجدة الشعبية
السعلوة أم أصبع
يحكى أن سعلوة يقال لها أم أصبع , كانت تتنقل بين بيوت الشعر فتأكل لحوم البشر وترعب الناس , وسمع بها قوم أنها قريبة من مساكنهم , فخططوا للهرب من المكان إلى مكان آخر , وكان بين القوم رجلان أعمى وكسيح "أي مقعد لا يمشي" فقرروا الرحيل بدونهم , حتى لا يكونان عائقان لرحيل القوم , فيتبعونهم ويدلون السعلوة عليهم , فقرروا أن يهربوا في الليل والأعمى والكسيح نائمان , وأخذوا على الكل ألا يتكلموا بالرحيل أمامهم . وفي الليل وبعد أن غط العمى والأعمى والكسيح في نوم عميق ضعن القوم بكل سكون , وفي الصباح وعندما استيقظ الأعمى والكسيح لم يجدوا أحدا فعرفا أن القوم بأبجمعه قد رحل , فقال الكسيح : أحملني وأنا أدلك على الدُريب , فحمله ومشيا وفي الطريق قابلتهما امرأة فقالت : إلى أين ؟ قالا : نبحث عن القوم الذين هربوا خوفاً من سعلوة يقال لها أم أصبع ،. فمدت يدها لأحدهما وسلمت عليه وقالت : هكذا . فعلما أنها هي السعلوة أم أصبع , رمى الأعمى الكسيح , وأخذ يتخبط وهو يحسب انه يركض , وأرض ترفعه وأرض ينزل معها , وشجرة تصدمه وشجرة يصدمها ، أما الكسيح فقد بقى في مكانه يخبط بيديه فضحكت السعلوة أم أصبع حتى ماتت من الضحك , ولما طلعت الشمس وحمى النهار سال شحمها فأخذ منها الكسيح ومسح رجليه فعافاه الله , ومشى يبحث عن رفيقه الأعمى حتى وجده , فبشره بموت السعلوة وقال له : أنا تدهنت من شحمها فشفاني الله فامسح عينيك فعسى أن يرد الله عليك بالأبصار , فمسح عينيه وأبصر بإذن الله واتجها نحو القوم الراحلين فلما رآوهما قالوا : هذان العمى والكسيح فمنعوهما من الدخول , فقد تكون السعلوة قادمة على أثرهما . فلما رأوهما سليمين وأعلموهما بالقصة ذهبوا معهما وتأكدوا من موت السعلوة فحفروا لها حفرة عميقة ودفنوها فيها وارتاح الناس منها .
فاطمة البلوي