ما معنى الانتماء. لن ادخل في تعريف ذلك ولكن سوف اضرب بعض من الامثلة لعلها عوضا عن التعريف .
من هذه الامثلة بداية بعثة النبي صلى الله عليه وسلم نزل قرآناً يتلى حتى قيام الساعة يشير إلى الانتماء ضمنا
قال تعالى (وأنذرعشيرتك الأقربين)الشعراء 214.ومعلوم أن عشيرة النبي هم ابناء عبدالمطلب ابن هاشم. ولذا يتضح حرص النبي على إسلام عمه (ابو طالب) وهو يقول له يا عم قل كلمة أحاج لك بها يوم القيامة. وأبو جهل وعبدالله ابن أمية يقولان هل ترغب عن ملة عبد المطلب حتى مات على الشرك والعياذ بالله .
مثال اخر:
بعد غزوة حنين دخل سعد بن عبادة رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفئ الذي أصبت، قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ،ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شئ. قال فأين أنت من ذلك يا سعد؟ قال يا رسول الله ما أنا إلا من قومي ...الخ الحديث .قلت قمة الصدق في الانتماء والحديث أتمنى لو اطلع كل قارئ علي هذه الواقعة ففيها مواقف رائعة من رسول الله والانصار نحن بحاجة لها في هذا الزمن .
بل إن الإنتماء ظهر في مواقف العرب في الجاهلية
فهذا الفارس والشاعر دريد ابن الصمة يقول في قصيدة رائعة يرثى أخاه عبدالله ويوضح أن قومه لم يسمعوا قوله ومع ذلك لم يتخلى عنهم
فلما عصوني كنت منهم وقد أرى غوايتهم وأنني غير مهتد
وهل أنا إلا من غُزيّة إن غوت غويت وان ترشد غزية ارشد
والبيت الثاني ذهب مثلا.
أعود لمواقف في العهد الإسلامي لعل من أشهرها
موقعة عمورية عندما قالت المرأة واسلاماه أو ومعتصماه ،فلما بلغ المعتصم صرختها قال لبيك .ونصرها في موقعة عمورية ويقول في ذلك أبوتمام
السيف أصدق إنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
هذه أمثلة ضربتها وهناك مواقف كثيرة في صدق الانتماء موجودة في تراثنا
ما دعاني لهذا الموضوع هو مما يحدث ممن يدعون الإسلام أو حب الوطن وهم يسيئون لهما ليلا ونهارا في الخفاء أو على الهواء وبدون خوفا أو حياء
أما في الخفاء فهم من يتجسسون على الوطن لصالح أعداءه وقد كشفت وزارية الداخلية مؤخرا عن مجموعة تتجسس على الوطن فيها من الأكاديميين ورجال المال .بل ومن المؤسف أنهم يجدون شرذمة تدافع عنهم. علما أن عملهم خيانة عظمى.
وأما على الهواء فهم ممن يدعون أنهم إما مصلح أو مفكر أو ناشط وهؤلاء يجلدون الوطن وينشرون أمور لا يعلمها الاعداء بل وقد تكون غير صحيحة فأتاحوا الفرصة لمن يريدون الكيد للدين والوطن بل والمجتمع بأكمله . انني اتسأل هل لدى هؤلاء انتماء للدين والوطن بالطبع لا. وقبلهم المجموعات الارهابية الذين قتلوا الابرياء ودمروا المنشاءت وروعوا الاطفال والنساء وكان ذلك باسم الدين وهو بعيد عن الدين وليس ذلك انتماء للدين بل هو اساءة للدين. وانتماء للعصابة التي توجههم
وبعد أخي القارئ الكريم .إن الانتماء لا يعني التعصب فالانتماء أسمى من ذلك ولذا لا غضاضة أن يغضب أحدنا
عندما يُساء إلى أمه أو أبيه أو أسرته أو عشيرته أو قبيلته أو إقليمه أو مدينته أو حتى هجرته وقبل هذا كله دينه ووطنه أننا بحاجة إلى صدق الإنتماء. ولله در الشاعر القائل:
بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام
ولله در أحمد شوقي وهو يقول:
وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي
شهد الله لم يغب عن جفوني شخصه ساعة ولم يخل حسي
لقد وعدت القراء الأفاضل بهذا المقال في مقالي السابق عن النظافة .وكان السبب أنه تبادر إلى تفكيري هو لو أن كل مسؤول أو موظف أخلص انتماءه للوزارة أو الادارة التي يعمل بها لكان الممثل الأمين لها في المجتمع يسمع النقد ووجهات النظر فيعمل على الأخذ بها أن المجتمع مراءة صادقة فهل المسؤول والموظف يستفيدان من المجتمع أم يسيرا (على الروتين الذي اختطاه لنفسيهما كعادة أو قناعة أو تعليمات بحاجة الى اعادة نظر)
إنني أعتقد جازما لو صدق المسؤول والموظف في الانتماء لعم الرخاء وذهب الفساد وكنا في القمة ولأصبحنا مثلا يحتذى
أن الانتماء ليس عبارة تقال بدون تدبر بل منهج يجب أن يكون مما لا مساومة عليه .وبعبارة أخرى هو خط أحمر .
أتمنى أن أكون قد أوصلت الرسالة وعذرا لديني ووطني .والله من وراء القصد