فتحنا أعيننا ذات صباح ككل شعوب الأرض نبحث عما يسر النفس ويزيدها بهجة وسرور .. ذلك الخميس الثلجي إن صحّت التسمية بذلك في أقصى الشمال الغربي على مرتفعات اللوز يذكرون لنا روايات متواترة عن أن الأرض تكتسي بالبياض ، فبلغني أن أهل المدينة ( تبوك ) وضواحيها خرجت عن بكرة أبيها حتى أن القادم من الأردن يظن أن أهل المملكة خارجون منها ، أو ربما هناك أمر ما .. لا أحد يفهمه .. فالمركبات سلسلة طويلة من قلب المدينة إلى تلك المرتفعات البيضاء .. كثافة مرورية عالية جداً لا تشهدها المنطقة إلا مرة أو مرتين كل عام ..
أذهلني المشهد ، فالأرض ملتهبة رغم برودة الجو والسماء تجمع غيماتها لترسل زخات خيراتها لمن سكن تحتها ، وتبوك تحشُد زوارها باتجاه اللوز المميت ..
هذا المنظر الذي شاهدته لا يمكن أن تشاهده في أفلام هوليود فالطريق يفتقد أبسط قواعد الأمن والآمان ، وكأننا أمام مشهد لطريق الرعب الصيني .
أيعقل أن يخلو هذا الطريق الدموي من سيارة أمن أو مرور واحدة فقط .. أو حتى سيارة إسعاف ..
أيعقل أن تتوقف الحركة تماماً على الطريق العام بسبب حادث أكثر من ساعتين وهناك فكر تنظيمي ..
أيعقل أن تذهب بسيارتك بصحبة أطفالك لتستمتع برؤية الزائر الثلجي على قمم الجبال دون أن تجد أدنى مقومات الحياة السياحية ..
عشرات السنين مرّت دون الالتفات بعين بصيرة لإصلاح ما أفسده الدهر ..
أشياء كثيرة لا يمكنني حصرها من السلبيات غير أنه لا يوجد إيجابية في ذلك سوى أن الطبيعة هي الشيء الجميل هناك ، وما يؤكد كلامي أنه في خلال يومين تقريباً حدث ثمان حالات وفاة وربما أكثر ، وأكثر من ثمانون حالة إصابة وكأننا في حرب داحس والغبراء ولا حول ولا قوة إلا بالله ، كل هذا فقط إلى مساء الخميس ، ومساء الجمعة سيحكي لكم روايات أخرى غير كل ذلك بسبب حوادث الطريق والتهور الزائد ، ونحن نتحمل نسبة من ذلك .
أين هيئة السياحة ، أين الأمانة يا أصحاب الأمانة .. أين وزارة النقل ، أين وأين وأين .. وتبوك تئن صباح مساء لأجل الرقي ، لأجل الحياة المعتدلة عملياً وترفيهياً ..
تبوك .. عروس جميلة حتى أن الله سبحانه وتعالى خصها باللباس الأبيض كل عام ، فلا تلبسوها فستان أسود بقصوركم وعدم التخطيط واللامبالاة ، وماذا عساني أن أكتب عن تبوك وهي عروس الثلج والورد والشمال وحتى عروس أخرى للبحر والشجر ..
ولا أعتقد أن سقوط الثلج يسبب أزمة على مستوى القطاعات ، ولو آمنّا بأنها أزمة ، فقد مر الوطن بأزمات جسيمة وغير مسبوقة في الشكل أو في الحجم أو في مدى التأثير لكنها بفضل الله ثم بتضافر الجهود وإخلاص المخلصين تجاوزت تلك الأزمات بكل نجاح وإتقان .
ثم عودة إلى قائدي المركبات لماذا تُسابق الزمن لحتفك ، وما هذا التهور الذي يؤدي بك إلى حيث لا ترغب .
فما شاهدته شيئاً يؤذي العين كما شاهدتموه أنتم على طريق الخد الأجرد .. والجفن الممتد ، والأرض وحدها شاهدة على قسوة البشر وتجاوزهم كل الخطوط الخضراء والصفراء وحتى الحمراء في الحفاظ على النفس وأرواح البشر التي تتقاسم الأرض والحياة معهم ..
وأنت تعلم أن الثمن الذي ستدفعه نتيجة هذا الجنون سيكون حتما باهظا وثقيلا .. وسيكون زاده بكل ألم وحسرة .. دمك ودماء وأرواح الأبرياء من المواطنين مرتادي الطرق السياحية المميتة .
إلى أن يتبدل الحال ، ويؤدي كل أمين أوكل له عمل أمانتة أتمنى للوطن وتبوك والمواطن السلامة والعافية ، وكفانا الله شر الثلج واللوز إن كان سيذهب بنا للثلاجة ..
استمتعوا بالحياة ، لكن بهدوء وعقل ، وساعدوا الأرض وأهلها على الحياة الهانئة .
طلال الثبيتي
الجمعة
29 صفر 1434 هـ
أذهلني المشهد ، فالأرض ملتهبة رغم برودة الجو والسماء تجمع غيماتها لترسل زخات خيراتها لمن سكن تحتها ، وتبوك تحشُد زوارها باتجاه اللوز المميت ..
هذا المنظر الذي شاهدته لا يمكن أن تشاهده في أفلام هوليود فالطريق يفتقد أبسط قواعد الأمن والآمان ، وكأننا أمام مشهد لطريق الرعب الصيني .
أيعقل أن يخلو هذا الطريق الدموي من سيارة أمن أو مرور واحدة فقط .. أو حتى سيارة إسعاف ..
أيعقل أن تتوقف الحركة تماماً على الطريق العام بسبب حادث أكثر من ساعتين وهناك فكر تنظيمي ..
أيعقل أن تذهب بسيارتك بصحبة أطفالك لتستمتع برؤية الزائر الثلجي على قمم الجبال دون أن تجد أدنى مقومات الحياة السياحية ..
عشرات السنين مرّت دون الالتفات بعين بصيرة لإصلاح ما أفسده الدهر ..
أشياء كثيرة لا يمكنني حصرها من السلبيات غير أنه لا يوجد إيجابية في ذلك سوى أن الطبيعة هي الشيء الجميل هناك ، وما يؤكد كلامي أنه في خلال يومين تقريباً حدث ثمان حالات وفاة وربما أكثر ، وأكثر من ثمانون حالة إصابة وكأننا في حرب داحس والغبراء ولا حول ولا قوة إلا بالله ، كل هذا فقط إلى مساء الخميس ، ومساء الجمعة سيحكي لكم روايات أخرى غير كل ذلك بسبب حوادث الطريق والتهور الزائد ، ونحن نتحمل نسبة من ذلك .
أين هيئة السياحة ، أين الأمانة يا أصحاب الأمانة .. أين وزارة النقل ، أين وأين وأين .. وتبوك تئن صباح مساء لأجل الرقي ، لأجل الحياة المعتدلة عملياً وترفيهياً ..
تبوك .. عروس جميلة حتى أن الله سبحانه وتعالى خصها باللباس الأبيض كل عام ، فلا تلبسوها فستان أسود بقصوركم وعدم التخطيط واللامبالاة ، وماذا عساني أن أكتب عن تبوك وهي عروس الثلج والورد والشمال وحتى عروس أخرى للبحر والشجر ..
ولا أعتقد أن سقوط الثلج يسبب أزمة على مستوى القطاعات ، ولو آمنّا بأنها أزمة ، فقد مر الوطن بأزمات جسيمة وغير مسبوقة في الشكل أو في الحجم أو في مدى التأثير لكنها بفضل الله ثم بتضافر الجهود وإخلاص المخلصين تجاوزت تلك الأزمات بكل نجاح وإتقان .
ثم عودة إلى قائدي المركبات لماذا تُسابق الزمن لحتفك ، وما هذا التهور الذي يؤدي بك إلى حيث لا ترغب .
فما شاهدته شيئاً يؤذي العين كما شاهدتموه أنتم على طريق الخد الأجرد .. والجفن الممتد ، والأرض وحدها شاهدة على قسوة البشر وتجاوزهم كل الخطوط الخضراء والصفراء وحتى الحمراء في الحفاظ على النفس وأرواح البشر التي تتقاسم الأرض والحياة معهم ..
وأنت تعلم أن الثمن الذي ستدفعه نتيجة هذا الجنون سيكون حتما باهظا وثقيلا .. وسيكون زاده بكل ألم وحسرة .. دمك ودماء وأرواح الأبرياء من المواطنين مرتادي الطرق السياحية المميتة .
إلى أن يتبدل الحال ، ويؤدي كل أمين أوكل له عمل أمانتة أتمنى للوطن وتبوك والمواطن السلامة والعافية ، وكفانا الله شر الثلج واللوز إن كان سيذهب بنا للثلاجة ..
استمتعوا بالحياة ، لكن بهدوء وعقل ، وساعدوا الأرض وأهلها على الحياة الهانئة .
طلال الثبيتي
الجمعة
29 صفر 1434 هـ