إننا مع زخم الحياة ، والانشغال بالملهيات ، والإغراق في الماديات ، التي في كثير من الأحيان تكون مصطنعة من أجل الظهور أمام الناس ، فنفقد حقيقة واقعنا ، وحقيقة وجودنا ، ومن ثم ننسى مسؤولياتنا مع تقادم الأزمان .
إن المسؤولية الاجتماعية هي التي تورث تناغم المعيشة ، وانتقال الغنى من شخص إلى شخص دون نقصان كما قال المصطفى لمعاذ تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم .
وإن منطلق هذه المسؤولية يأتي من التربية الأسرية داخل المنزل وفي مدرسته ، فالإنسان بطبعه مدني يحب المخالطة ، وإقامة العلاقات مع الآخرين ، ولا يلزم من ذلك وجود النفعية البحتة فهذه مذمومة بمفهوم نصوص العموم فالرسول الأكرم يقول : " لا يؤمن وهذا نفي للإيمان إذا ما بعده يكون أمرا ذا بال بل أمرا ذا أهمية شديدة حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وهنا مطلق الأخوة تقتضي عدم الإقامة على النفعية " رواه البخاري ومسلم.
إن هذا الحديث وأمثاله الكثيرة يزرع في الواحد منا مسؤوليته أمام أخيه المسلم ويقتضي بالضرورة مسؤوليته اتجاه مجتمعه المسلم .
إن المسؤوليات الملقاة على أكتافنا كثيرة جدا يصعب حصرها فكل حصر لها إنما هو ضرب من المثال لا غير ، إلا أن هناك قاعدة تساعد في فهم هذا الموضوع ألا وهي : أن كل مشترك مع الغير فهو مسؤوليتي أولاً كما هو مسؤولية غيري ، فالأمن ليس مسؤولية رجال الأمن فقط ، بل هو مسؤولية كل من يعيش على هذه الأرض ، ومثله المأكل والمشرب والتعليم والصحة ، فهي مسؤولية الفرد في المجتمع قبل مسؤولية الجهات المختصة في ذلك فأنت المخاطب الأول بكل ما تملية تلك المشتركات أولاً .
ولن نعي هذا الأمر إلا إذا وعينا معنا العمل التطوعي ، وزرعناه في ذواتنا حتى يأتي يوم الحصاد فنقطف الثمار اليانعة ، وتلك الأعمال التطوعية لا تنحصر في مال تعطيه جمعية خيرية وتنتهي عندها المسؤولية بل الأولى بك أن تقف أنت على من هم حولك وتنظر في أحوالهم وما احتياجاتهم فالأقربون أولى بالمعروف ، والأولى بالجمعيات الخيرية بدل أن تنشر عربات تملأ الطرقات في نهاية رمضان من أجل أن تأخذ المال لإيصالها لمستحقيها أن تجعل بمثلها عربات تدل على أماكن الفقراء وحث الفرد على أخذ صدقته وأن يوصلها بنفسه إلى بيت الفقير ، فالفقير ليس محتاجاً لمالك فقط بل هو محتاج أولاً لمشاعرك اتجاهه ، وتلمس حاجاته .
وليس العمل التطوعي محصور في جانب المال فقط بل في كل جوانب الحياة المعيشية لذلك قال تعالى بعد آية مضاعفة النفقة وشبهها بالسنابل : " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى " فالقول المعروف هنا خير وهذا يستلزم الأجر والمثوبة ، خير من مالك الذي قد تطرد الفقير من عند بيتك ولا تعطه شيئا من مالك مع وجوده عندك .
ويقول تعالى : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " لم يقل من المال بل علقه بالمحبه وهذا ديدن القرآن " ويؤتي المال على حبه ذوي القربى واليتامى " فكل ما تحبه لنفسك وتنفقه لغيرك فلك فيه أجر سواء كان مالاً عينياً أو علماً ينتفع به فتجلس لتعلمه أو تبذل البذل الذي يوصل المتعلم إلى مراده من نيل العلم .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» رواه البخاري ومسلم .
عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ» قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: " وَبَدَأَ بِالْعِيَالِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا، مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ، يُعِفُّهُمْ أَوْ يَنْفَعُهُمُ اللهُ بِهِ، وَيُغْنِيهِمْ " رواه مسلم.
وهذا فقه من أبي قلابة عندما قال يغنيهم وهذا يفهم منه أنه لا يعطيهم مرة واحدة بل يسلك خطوات معهم إلى أن يغنيهم فتعليم الفقير الوصول إلى غناه أفضل وأعظم من إعطائه المال المجرد وهذه مهمة الجمعيات الخيرية بالدرجة الأولى ثم مهمتنا نحن كأفراد مجتمع واحد .
وقال تعالى : " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى.... والجار الجنب والصاحب بالجنب " فهذا إحسان وليس مجرد إعطاء فكل هذه النصوص تدل على المسؤولية الاجتماعية الملقاة على الفرد المسلم داخل مجتمعه ، فهو مأمور بحبه ، وبمماثلته بالنفس ، وبالإحسان إليه .
بل إن الوعيد جاء على من حاول التغافل عن هذه المسؤولية فقال تعالى : " أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم سواء بزجره أو دفعه بالسوء ، ثم قال تعالى : " ولا يحض على طعام المسكين " وهنا عبر بالحض ولم يعبر بالإعطاء مما يدل على أن الأمر لم يقف عند العطاء بل الأمر يصل إلى التوصية بهذا المسكين ، وجعل من لا توجد فيه هذه الخلة وهي التوصية على المسكين ممن يكذب بالدين وهذا يدل على أن الدين كما هو شرائع وعبادات تؤدى كذلك هو وحدة اجتماعية يسعى إلى تحقيق العدل وإحقاق الحق حتى يصبح البشرية سواسية على الأرض الواحدة ، فسبحان من رزقتنا دروب العدل وما زلنا ننكص ونرجع إلى الوراء بأفكار عقيمة وأنانية مقيتة .
إن العمل التطوعي لا يقوم فقط على العطاء والبذل فهو قائم أيضاً على المساعدة في وصول ما يحتاجه الفرد ، والمساهمة في ذلك كالدخول في الجمعيات الخيرية بصفة تطوعية ليس يرجو من ورائها رزق ولا مكافأة إنما من أجل وجه الله أولا ودافع المسؤولية الاجتماعية ثانياً ، فعلى جمعياتنا استحداث آليات تخول للفرد سهولة الالتحاق بها الالتحاق المؤقت الذي يرجع إلى طبيعة الإنسان من حيث شغله وإجازاته الرسمية ، فمثل الإجازة الصيفية يلتحق بها لمدة شهر أو شهرين أو بحسب ما يستطيع الفرد ، فنكسب مساهمته في المجتمع ، والمشاركة في صناعة وطنيته ، فيقف على الأمر بنفسه ، مما يزرع في داخله أن المجتمع بحاجة إليه فيجتهد ويبادر إلى بث الخير في المجتمع ، بل قد تقضي الجمعيات من خلال هذه البرامج الميدانية على بعض الأمراض النفسية التي يعاني منها الفرد ، فإن الإنسان بعد البذل والعطاء يجد الراحة والسعادة ، حتى أن المشافي النفسية الغربية أصبحت الوصفات الطبية لمرضاهم هي عبارة عن الحث على العمل التطوعي حتى تكسب النفس شيئا من الاعتدال والتوازن داخل مجتمعه .
أخيراً: *لا بد أن يقدر الواحد منا ما هو العمل الذي يناسبه ويصلح له ، فالعمل التطوعي لا يقوم على تسمين الفقير فقط بل على نمو وعيه العقلي ، وعلى المحافظة على صحته ، فالتبرع لإقامة مدرسة خاصة لاحتضان أبناء الفقراء المتميزين في جانب التعليم والإنفاق عليهم حتى نساعدهم في التحصيل العلمي خير وأفضل من التبرع لإقامة مسجد في حي فيه من المساجد ما يكفيه وما يحقق هدف الاجتماع والتعارف ، وكل ميسر لما خلق له فكل يعمل بحسب ميوله ورغباته ، ومحاولة إفادة من حوله بمثل هذه التخصصات التي تفيده في دنياه وأخراه .
فالأعمال التطوعية متنوعة وعديدة وليس مقتصرة على جانب واحد فلو كل واحد سخر نفسه لعمل ما وساعد في تشييده وازدهاره سنرى الوجه الجديد في تبوك في الأعوام القادمة ، فبالتنسيق مع الجمعيات الرسمية نستطيع الوصول إلى مرادنا بإذن الله .
وليكن شعارنا في رمضان 1432هـ " تبوك ريادة في العمل الاجتماعي الفقير مسؤوليتي أولاً- " .
محمد ال الياس
m.a.d.y@hotmail.com
إن المسؤولية الاجتماعية هي التي تورث تناغم المعيشة ، وانتقال الغنى من شخص إلى شخص دون نقصان كما قال المصطفى لمعاذ تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم .
وإن منطلق هذه المسؤولية يأتي من التربية الأسرية داخل المنزل وفي مدرسته ، فالإنسان بطبعه مدني يحب المخالطة ، وإقامة العلاقات مع الآخرين ، ولا يلزم من ذلك وجود النفعية البحتة فهذه مذمومة بمفهوم نصوص العموم فالرسول الأكرم يقول : " لا يؤمن وهذا نفي للإيمان إذا ما بعده يكون أمرا ذا بال بل أمرا ذا أهمية شديدة حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وهنا مطلق الأخوة تقتضي عدم الإقامة على النفعية " رواه البخاري ومسلم.
إن هذا الحديث وأمثاله الكثيرة يزرع في الواحد منا مسؤوليته أمام أخيه المسلم ويقتضي بالضرورة مسؤوليته اتجاه مجتمعه المسلم .
إن المسؤوليات الملقاة على أكتافنا كثيرة جدا يصعب حصرها فكل حصر لها إنما هو ضرب من المثال لا غير ، إلا أن هناك قاعدة تساعد في فهم هذا الموضوع ألا وهي : أن كل مشترك مع الغير فهو مسؤوليتي أولاً كما هو مسؤولية غيري ، فالأمن ليس مسؤولية رجال الأمن فقط ، بل هو مسؤولية كل من يعيش على هذه الأرض ، ومثله المأكل والمشرب والتعليم والصحة ، فهي مسؤولية الفرد في المجتمع قبل مسؤولية الجهات المختصة في ذلك فأنت المخاطب الأول بكل ما تملية تلك المشتركات أولاً .
ولن نعي هذا الأمر إلا إذا وعينا معنا العمل التطوعي ، وزرعناه في ذواتنا حتى يأتي يوم الحصاد فنقطف الثمار اليانعة ، وتلك الأعمال التطوعية لا تنحصر في مال تعطيه جمعية خيرية وتنتهي عندها المسؤولية بل الأولى بك أن تقف أنت على من هم حولك وتنظر في أحوالهم وما احتياجاتهم فالأقربون أولى بالمعروف ، والأولى بالجمعيات الخيرية بدل أن تنشر عربات تملأ الطرقات في نهاية رمضان من أجل أن تأخذ المال لإيصالها لمستحقيها أن تجعل بمثلها عربات تدل على أماكن الفقراء وحث الفرد على أخذ صدقته وأن يوصلها بنفسه إلى بيت الفقير ، فالفقير ليس محتاجاً لمالك فقط بل هو محتاج أولاً لمشاعرك اتجاهه ، وتلمس حاجاته .
وليس العمل التطوعي محصور في جانب المال فقط بل في كل جوانب الحياة المعيشية لذلك قال تعالى بعد آية مضاعفة النفقة وشبهها بالسنابل : " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى " فالقول المعروف هنا خير وهذا يستلزم الأجر والمثوبة ، خير من مالك الذي قد تطرد الفقير من عند بيتك ولا تعطه شيئا من مالك مع وجوده عندك .
ويقول تعالى : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " لم يقل من المال بل علقه بالمحبه وهذا ديدن القرآن " ويؤتي المال على حبه ذوي القربى واليتامى " فكل ما تحبه لنفسك وتنفقه لغيرك فلك فيه أجر سواء كان مالاً عينياً أو علماً ينتفع به فتجلس لتعلمه أو تبذل البذل الذي يوصل المتعلم إلى مراده من نيل العلم .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» رواه البخاري ومسلم .
عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ» قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: " وَبَدَأَ بِالْعِيَالِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا، مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ، يُعِفُّهُمْ أَوْ يَنْفَعُهُمُ اللهُ بِهِ، وَيُغْنِيهِمْ " رواه مسلم.
وهذا فقه من أبي قلابة عندما قال يغنيهم وهذا يفهم منه أنه لا يعطيهم مرة واحدة بل يسلك خطوات معهم إلى أن يغنيهم فتعليم الفقير الوصول إلى غناه أفضل وأعظم من إعطائه المال المجرد وهذه مهمة الجمعيات الخيرية بالدرجة الأولى ثم مهمتنا نحن كأفراد مجتمع واحد .
وقال تعالى : " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى.... والجار الجنب والصاحب بالجنب " فهذا إحسان وليس مجرد إعطاء فكل هذه النصوص تدل على المسؤولية الاجتماعية الملقاة على الفرد المسلم داخل مجتمعه ، فهو مأمور بحبه ، وبمماثلته بالنفس ، وبالإحسان إليه .
بل إن الوعيد جاء على من حاول التغافل عن هذه المسؤولية فقال تعالى : " أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم سواء بزجره أو دفعه بالسوء ، ثم قال تعالى : " ولا يحض على طعام المسكين " وهنا عبر بالحض ولم يعبر بالإعطاء مما يدل على أن الأمر لم يقف عند العطاء بل الأمر يصل إلى التوصية بهذا المسكين ، وجعل من لا توجد فيه هذه الخلة وهي التوصية على المسكين ممن يكذب بالدين وهذا يدل على أن الدين كما هو شرائع وعبادات تؤدى كذلك هو وحدة اجتماعية يسعى إلى تحقيق العدل وإحقاق الحق حتى يصبح البشرية سواسية على الأرض الواحدة ، فسبحان من رزقتنا دروب العدل وما زلنا ننكص ونرجع إلى الوراء بأفكار عقيمة وأنانية مقيتة .
إن العمل التطوعي لا يقوم فقط على العطاء والبذل فهو قائم أيضاً على المساعدة في وصول ما يحتاجه الفرد ، والمساهمة في ذلك كالدخول في الجمعيات الخيرية بصفة تطوعية ليس يرجو من ورائها رزق ولا مكافأة إنما من أجل وجه الله أولا ودافع المسؤولية الاجتماعية ثانياً ، فعلى جمعياتنا استحداث آليات تخول للفرد سهولة الالتحاق بها الالتحاق المؤقت الذي يرجع إلى طبيعة الإنسان من حيث شغله وإجازاته الرسمية ، فمثل الإجازة الصيفية يلتحق بها لمدة شهر أو شهرين أو بحسب ما يستطيع الفرد ، فنكسب مساهمته في المجتمع ، والمشاركة في صناعة وطنيته ، فيقف على الأمر بنفسه ، مما يزرع في داخله أن المجتمع بحاجة إليه فيجتهد ويبادر إلى بث الخير في المجتمع ، بل قد تقضي الجمعيات من خلال هذه البرامج الميدانية على بعض الأمراض النفسية التي يعاني منها الفرد ، فإن الإنسان بعد البذل والعطاء يجد الراحة والسعادة ، حتى أن المشافي النفسية الغربية أصبحت الوصفات الطبية لمرضاهم هي عبارة عن الحث على العمل التطوعي حتى تكسب النفس شيئا من الاعتدال والتوازن داخل مجتمعه .
أخيراً: *لا بد أن يقدر الواحد منا ما هو العمل الذي يناسبه ويصلح له ، فالعمل التطوعي لا يقوم على تسمين الفقير فقط بل على نمو وعيه العقلي ، وعلى المحافظة على صحته ، فالتبرع لإقامة مدرسة خاصة لاحتضان أبناء الفقراء المتميزين في جانب التعليم والإنفاق عليهم حتى نساعدهم في التحصيل العلمي خير وأفضل من التبرع لإقامة مسجد في حي فيه من المساجد ما يكفيه وما يحقق هدف الاجتماع والتعارف ، وكل ميسر لما خلق له فكل يعمل بحسب ميوله ورغباته ، ومحاولة إفادة من حوله بمثل هذه التخصصات التي تفيده في دنياه وأخراه .
فالأعمال التطوعية متنوعة وعديدة وليس مقتصرة على جانب واحد فلو كل واحد سخر نفسه لعمل ما وساعد في تشييده وازدهاره سنرى الوجه الجديد في تبوك في الأعوام القادمة ، فبالتنسيق مع الجمعيات الرسمية نستطيع الوصول إلى مرادنا بإذن الله .
وليكن شعارنا في رمضان 1432هـ " تبوك ريادة في العمل الاجتماعي الفقير مسؤوليتي أولاً- " .
محمد ال الياس
m.a.d.y@hotmail.com