الدقائق التي تشرفت فيها بلقاء أمير منطقة تبوك الأمير فهد بن سلطان، مرافقا لرئيس تحرير صحيفة الوطن طلال آل الشيخ؛ جعلتني أسبر ما وراء الكثير من القضايا، لاسيما تلك التي يتعاطى معها الإعلاميين بشكل مستمر، وتتعلق بخدمات واحتياجات وحقوق المواطنين.
وكإعلامي، أعتبر أن نقل صوت المواطن، وفرد المساحات لمطالباته ومتطلباته بمصداقية ومهنية وحياد - هي أولى مسؤولياتي، بل هي المسؤولية الرئيسية.
وأعتبر أيضاً أن الإعلامي الذي يتجاوز تلك المسؤولية، أو يتجاهل القيام بها كما يجب؛ هو جزء - باختياره أو رغماً عنه - من مشهد الإهمال والفساد.
اليوم، تشكل الصحافة، الورقية والإكترونية، الرافد الأول لهيئة مكافحة الفساد، ولها اليد الطولى باكتشاف الكثير من القضايا التي وصلت لأروقة الهيئة.. كما أنها تعتبر العين الثالثة للمسؤولين لمتابعة جوانب القصور؛ وهذا يعزز الاهتمام بها، ويحمل ممتهنيها أمانة كبيرة.
أعود إلى لقاء الأمير، والذي ربما اختصر علينا مساحات كبيرة من الحوار، حين ترك في نهاية الأمر الحديث لـ "تبوك" بكل مالها وماعليها، بكل مافيها وكل ما ينقصها.
أن يحيل أمير منطقة تبوك الحديث للمنطقة، فهي إشارة واضحة إلى أنه يريد له أن يكون حواراً صادقاً لا مجاملة فيه ولا تحامل، بحيث تتحدث تبوك: بشوارعها وأحيائها، بمؤسساتها العلمية والثقافية والخدماتية والاقتصادية والاجتماعية، بكل الإيجابيات والسلبيات فيها، عن نفسها بنفسها.
وإذ أنتظر، كغيري، نتيجة "حديث تبوك" الذي ينوي رئيس تحرير الوطن نشره قريباً، وانطباعه عنها بعد أن تجول في بعض أرجائها؛ أثق في أنه سيأتي حيادياً؛ فهو يأتي من طرف ثالث، لا يمثل المسؤولين كي يتحدث عن المنجزات ويتغافل عن الإخفاقات، ولا يمثل بعض أهالي المنطقة كي يرى ما ينقصه ويغفل عما لديه.
وفي المحصلة، فإن مدير تلك الإدارة الذي أهمل عمله وتجاوز عن إهمال موظفيه، ومدير تلك الإدارة الذي راقب الله في مسؤوليته وتابع من يعمل تحت إدارته، هما اللذان يكتبان "حديث تبوك" حين يكون سلبياً أو إيجابياً.
وللحق، فإن الانطباع الأول لأي زائر لتبوك يأتي إيجابياً، لأنه سيصل إلى أجمل وأحدث مطار في المملكة، وسيسير في شوارع معظمها في غاية الترتيب والجمال، وسيشاهد أرقاما متقدمة عن إحصائيات خدمات البنية التحتية التي وصلت لمعظم الأحياء، فيما تعيش مناطق كثيرة في المملكة نقصاً في تلك البنية، لا سيما أحياء كثيرة في الرياض وجدة وغيرها.
ولأن تلك الأحياء التي لم تصلها الخدمات، سواء في درة تبوك، أو حي السبيع، أو الأحياء الجنوبية، أو في بعض أرجاء المحافظات؛ هي جزء من تبوك، وتتحدث أيضاً عن "تبوك" فيجب على مسؤولي الإدارات المعنية ألا يكتبوا ما يسيء لنا ولمنطقتنا بإهمالهم وتراخيهم عن آداء واجبهم.
وأخيراً، أختم مقالي بما أكده سمو الأمير خلال اللقاء بأن رقابة الصحافة مهمة لتجويد أداء العمل، وإيمانه الكبير بهذا الدور العظيم للإعلام، متى ما التزم بالمصداقية والمهنية والحياد.