تعرفون ما يعنيه وجود سوق سوداء في بلد ما ، وماهي أسبابه وماهي أبعاده! إنكم لو تأملتم قليلاً فيما حولكم لوجدتم أن تجاراتنا على شفير تحول من سوق منظم خاضع لقوانين ولوائح ؛ إلى سوق سوداء لا تخضع لشيء مما ذُكر ! ولا تعرف من الضوابط والتنظيم شيئا . والحديث عن هذا يطول جداً ، وقد يوافقني فيه أكثركم وقد يعاني منه أغلبكم . لكني مع بداية العام الدراسي الجديد سأتعرض لموضوع النقل في تبوك وقضية النقل العشوائي ؛ لعلي أسهم في توجيه المجتمع وتنوير بعض مسؤلينا بالواقع الذي قد يخفى على بعضهم .
انتقل معي لمدارس البنات والجامعة وكذلك الاسواق لترى وفوداً من الباصات الصغيرة جاءت تحمل عدداً من النساء والفتيات ، ثم أذهب لترى من يقود تلك السيارات ؟
إنهم عمالة غير متخصصة ، بل إن كثيرا منهم قد يكون طاهياً أو سباكاً أو حدادا ينسق عمله بين الورشة والسياقة ؟
أو تجده شابّا سعوديا صغيراً في العمر - قد يكون حدثاً حتى - يحمل معه عددا من النساء والفتيات ! وقد رأيت عدد غير قليل من هؤلاء الشباب قد سبك هندامه واسبل خصلاته الناعمة على جبينه وأسبل عينيه أمام ( باصه ) ليخربني عن مدى أمانة أولياء الأمور عندنا !
ثم لك أن تتساءل ؛ أيحمل أحد من هؤلاء ترخيصاً بالنقل ؟
بالتأكيد لا يحمل أحداً منهم ترخيصاً واحدا بالنقل ، وإن وجدت فهم آحاد ! آحاد فقط !
أتدري لماذا ؟ بكل بساطة لأن وزارة النقل وضعت شروطاً وضوابطاً لن تجدها لدى من ذكرت لك ؟
إذ أن الوزارة تشترط لسائق الباصات أن يكون سعودياً وعمره فوق الثلاثين ويصاحبه إحدى محارمه ، إضافة إلى أن تكون سيارته يبدو من ظاهرها أنها أجرة !
هاه ! اخبروني الآن :هل رأيتم من هذا النظام شيئا ؟
واخبروني بربكم من يتحمل مسؤولية هذا العبث الحاصل لدينا ؟
ألهذه الدرجة لا تستطيع الجهات المعنية المكلفة بهذا الخصوص أن تقوم بدورها المطلوب منها ؟
ألا تستطيع وزارة النقل والشُرط والهيئات بالتعاون لضبط هذه العشوائية الحاصلة ؟
وكذلك أوجه اللوم الشديد لولي الأمر الذي لا يبالي أن تخرج إحدى محارمه مع سائق لا تتوفر فيه الأمانة أو العقل ولا حتى متطلبات السياقة ولا يخضع لنظام ! بل تجده استحسن أن يتمدد في بيته أو يخرج متنزها مع أصحابه لا يقوم بدوره كمسؤول في بيته وعن رعيته !
إن موضوع النقل والتساهل فيه ، وترك الحبل على الغارب في موضوعه ؛ له أبعاده الاجتماعية ، وله مدلولاته الواضحة على مدى ما نحمله من قيم فأخبار تلك الجرائم الأخلاقية التي تطالعنا بها الصحف والتي كانت بدايتها ووسيلتها ( باص) لا تخفى على متابع ، وهو - أخيراً - إشارة صريحة على مدى فهمنا للأنظمة ومدى اهتمام الجهات المعنية في تطبيق ما عمم عليها من لوائح وتعليمات .
فهل يا ترى سنحظى بالنظام الذي ننادي به دوماً ؟
فليخبرني أحدكم إن حصل هذا !
سلطان العطوي