باستثناء ساعات "الدهشة" الأولى، تلك التي ترافق ارتداء الملابس الجديدة والتوجه إلى الصلاة وتهنئة الأقرباء، تمر أيام العيد، بما فيها مساء اليوم الأول، كغيرها من الأيام، فلا مظاهر فرح، ولا ثقافة مجتمعية تغذيها.
لا يمكن لأحد أن يختزل العيد بـ "التهاني والتبريكات" والملابس الجديدة، أو بزيارة الأقرباء وحضور الولائم، فالأمر يتجاوز ذلك إلى ما هو أعمق، ويكفي أن نتأمل في الحديث الذي روته أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنهاـ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في قصة الجاريتين اللتين كانتا تغنيان في نهار العيد: "يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا"، وما يكشفه هذا الحديث من أن مظاهر الفرح والسرور، بهذا اليوم، يجب أن تكون ذات طابع مختلف عن بقية الأيام، بحيث يشعر المسلم وغير المسلم أن هذا يوم فرح ولهو لهذه الأمة.
لا أفهم لماذا يخفت ذلك الحماس الذي يصاحب شهر رمضان المبارك في الحث على الاستكثار من الطاعات والعبادات، في الحث أيضا على إبراز مظاهر الفرح والاستمتاع باللهو المباح في يوم العيد!
لماذا لا توزع الملصقات والمطويات، وتتحدث الخطب والدروس، عن أن يوم العيد يوم أباح الله فيه للمسلمين إظهار الفرحة والاستمتاع باللهو؟!
لمذا لم نسمع أن أحد الخطباء وقف على منبر العيد وقال: "عليكم بالفرح... أثابكم الله"؟!
يقول مصطفى صادق الرافعي: "العيد ليس مجرد شعائر تؤدى، وأقوال يلوكها اللسان ويرددها، ولكنه معان يجب أن نعيشها حقيقة ومضمونا".
أخيرا.. تحدثت بعض التقارير الإخبارية، خلال اليومين الماضيين، عن آلاف الأسر السعودية التي حزمت حقائبها واتجهت إلى خارج الحدود.. ألم يكن البحث عن "الفرح واللهو" هو الدافع وراء ذلك؟!
كل عام وأنتم في "فرح".