حين يأتي العيد يغسل الأرواح من جديد ويبث طاقته المورقة في النفوس لتزداد صفاء .. هو العيد يعيد صياغة النفوس ويمحو عنها وجع الليالي والأيام ويوقظ مساحات الحب والفرح.. فللعيد بهجته وللعيد حضوره الخاص .. وللعيد حكايات لاتنتهي عند لغة فرح واحدة بل تمضي الى آفاق أخرى .. وثمة من يقرأ العيد بلغة حزينة متباكية فينشغل بالهموم الكبرى للإنسان فيتألم لوجع جسد عربي مسلم ممزق هناك.. ويبكي مع احزان الثكالى في أرض عربية أو اسلامية هناك ولا يملك إلا الانحياز لتلك الأحزان الملقاة في الشارع العربي والتي ما أن تنتهي في بلد حتى تبدأ في بلد آخر. وفي كل عيد تطالعنا مقالات الكتّاب والشعراء والصحافيين فيرددون بيت شعر لأبي الطيب المتنبي شاعر العربية الكبير:
عيدٌ بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد
حتى فقد هذا البيت الكثير من حضوره ودلالاته الأخرى لكثرة وإفراط أولئك الذين يرددونه بمجرد قرب تباشير العيد وليس ثمك شك أن استحضار مثل هذا البيت المترع بالحزن والتساؤلات عن غياب العيد وبهجته يكشف عن مساحات الوجع والحزن التي يشعر بها الانسان العربي سواء على المستوى الشخصي او على المستوى الجمعي وحيث التكوين النفسي للإنسان العربي يميل غالبا للحزن والوجد وسكب اللوعات والرثاء فرغم أن العيد شعيرة إسلامية دينية تتجلى فيها صور الفرحة والبهجة بعد اكتمال العبادات وقضاء شهر الصوم إلا أن مجيء العيد بعد عام يجعلنا نتأمل ونعيد النظر لنتساءل: أين نحن من مساحات الفرح بوجه عام؟ فتبرز أمام النفس قراءات متعددة للوجع هنا وهناك وحيث الواقع العربي والإسلامي محاطا بصور قاتمة مليئة بالحزن فيتفاعل مع تلك الصور فلا يملك إلا أن يردد ( عيد بأية حال عدت ياعيد). لكن لعلنا في هذا العيد وكل عيد بإذن الله تعالى نعيد اكتشاف الفرح والبياض والنقاء .. لعلنا نعيد إنتاج الفرح بطريقة أكثر إيجابية مع الناس كل الناس فأيام الفرح التي نعيشها هي أجمل الأيام التي تصفو بلاكدر ونسأل الله تعالى أن لايجد الكدر طريقا إليها..
أما بيت المتنبي الشهير والذي مازال يهيمن وبقوة على مقالات الكتّاب في أيام العيد ويحيلها إلى مشهد آخر غير الفرح فلم تكن مناسبة ذلك البيت وتلك القصيدة برمتها لم تكن مناسبتها في قضية من قضايا الأمة العربية أو الإسلامية أو أنها تعبّر عن همومها أو انكساراتها أو تئن مع جراحها أو آلامها بل كانت بسبب خروج المتنبي من مصر وخلافه المعروف مع كافور الأخشيدي آنذاك فهي قصيدة تمثل حالة خاصة لشاعر لم تتحقق مصالحه ولم يجد المكرمات ولا الأعطيات من حاكم جاد ربما تكون له صورة أخرى غير تلك الصورة التي رسمها الشاعر في تلك القصيدة الهجائية فكان الهجاء بسبب مطالبه الخاصة وهي التي جعلته يهجوه بلا هواده يقول:
إني نزلت بكذابين ضيفهم عن القرى وعن الترحال محدود
جود الرجال من الايدي وجودهم من اللسان فلا كانوا ولا الجود
وهنا يظهر أن الشاعر كان موعودا من كافور الاخشيدي بعطاء مالي لكنه لم يتحقق لأسباب لانعلمها فما كان منه إلا أن هجاه فكان هو السبب في تحول الشاعر من مادح إلى قادح..
مضى المتنبي ثائرا على (كافور) ليترك لنا تلك القصيدة تهيمن على مساحات خصبة من الفرح فتحيلها إلى جدب فتكاد تختطف من داخلنا الفرح المنتظر.. ( كل عام .. أنتم بخير..)
alokeme@hotmail.com
عيدٌ بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد
حتى فقد هذا البيت الكثير من حضوره ودلالاته الأخرى لكثرة وإفراط أولئك الذين يرددونه بمجرد قرب تباشير العيد وليس ثمك شك أن استحضار مثل هذا البيت المترع بالحزن والتساؤلات عن غياب العيد وبهجته يكشف عن مساحات الوجع والحزن التي يشعر بها الانسان العربي سواء على المستوى الشخصي او على المستوى الجمعي وحيث التكوين النفسي للإنسان العربي يميل غالبا للحزن والوجد وسكب اللوعات والرثاء فرغم أن العيد شعيرة إسلامية دينية تتجلى فيها صور الفرحة والبهجة بعد اكتمال العبادات وقضاء شهر الصوم إلا أن مجيء العيد بعد عام يجعلنا نتأمل ونعيد النظر لنتساءل: أين نحن من مساحات الفرح بوجه عام؟ فتبرز أمام النفس قراءات متعددة للوجع هنا وهناك وحيث الواقع العربي والإسلامي محاطا بصور قاتمة مليئة بالحزن فيتفاعل مع تلك الصور فلا يملك إلا أن يردد ( عيد بأية حال عدت ياعيد). لكن لعلنا في هذا العيد وكل عيد بإذن الله تعالى نعيد اكتشاف الفرح والبياض والنقاء .. لعلنا نعيد إنتاج الفرح بطريقة أكثر إيجابية مع الناس كل الناس فأيام الفرح التي نعيشها هي أجمل الأيام التي تصفو بلاكدر ونسأل الله تعالى أن لايجد الكدر طريقا إليها..
أما بيت المتنبي الشهير والذي مازال يهيمن وبقوة على مقالات الكتّاب في أيام العيد ويحيلها إلى مشهد آخر غير الفرح فلم تكن مناسبة ذلك البيت وتلك القصيدة برمتها لم تكن مناسبتها في قضية من قضايا الأمة العربية أو الإسلامية أو أنها تعبّر عن همومها أو انكساراتها أو تئن مع جراحها أو آلامها بل كانت بسبب خروج المتنبي من مصر وخلافه المعروف مع كافور الأخشيدي آنذاك فهي قصيدة تمثل حالة خاصة لشاعر لم تتحقق مصالحه ولم يجد المكرمات ولا الأعطيات من حاكم جاد ربما تكون له صورة أخرى غير تلك الصورة التي رسمها الشاعر في تلك القصيدة الهجائية فكان الهجاء بسبب مطالبه الخاصة وهي التي جعلته يهجوه بلا هواده يقول:
إني نزلت بكذابين ضيفهم عن القرى وعن الترحال محدود
جود الرجال من الايدي وجودهم من اللسان فلا كانوا ولا الجود
وهنا يظهر أن الشاعر كان موعودا من كافور الاخشيدي بعطاء مالي لكنه لم يتحقق لأسباب لانعلمها فما كان منه إلا أن هجاه فكان هو السبب في تحول الشاعر من مادح إلى قادح..
مضى المتنبي ثائرا على (كافور) ليترك لنا تلك القصيدة تهيمن على مساحات خصبة من الفرح فتحيلها إلى جدب فتكاد تختطف من داخلنا الفرح المنتظر.. ( كل عام .. أنتم بخير..)
alokeme@hotmail.com