×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
فرج شليويح

تقليص أيام العمل بين الترف والحاجة
فرج شليويح

يروى أن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال : "اعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا"*
‏هذا التوازن الذي عاش عليه الناس منذ عصور حقق لهم مقداراً كبيرا من الإرتياح المادي والروحي ؛ ولكن النفس الإنسانية التواقة إلى الكمال ظلت تُشعل هذا الطموح وتجعله مُتقدا باستمرار ، حتى تمكن الإنسان المعاصر من بلورة الكثير من المفاهيم ‏والنظريات التي تقوم عليها مدارس الفكر الإداري الحديث .
انطلاقاً من المدرسة الكلاسيكية التي واكبت الثورة الصناعية في أوربا والغرب وحققت نجاحاً في الإنتاجية لا يمكن تجاهله أبدا ولكنها أخفقت بحق الإنسان وعدتهُ كالآلة وعاملته على هذا الأساس ، لتبرز مدرسة العلاقات الإنسانية كمناوئ للكلاسيكية باهتمامها بالعلاقات الإنسانية في محيط العمل وانعكاس ذلك على معدلات الإنتاج وقد لاقت قبولاً واسعاً ودعما لا محدود من المهتمين بحقوق العاملين ، حتى ظهرت المدرسة السلوكية التي حاولت التوفيق بين هذه وتلك .
توالت المدارس الإدارية ولكنها كسابقاتها لم تستغني عما تجود به حقول المعرفة من علوم أخرى وبرز في تسعينيات القرن المنصرم التوجه نحو ( إدارة المعرفة والاقتصاد المعرفي ) إذ لاقى هذا التوجه قبولاً لدى الكثير من الباحثين في الجانب الإداري والمهتمين به . وما رؤيتنا الوطنية 2030 بمعزل عن ذلك كله ولا عن تحقيق الإستفادة القصوى منه .
يقودنا هذا للحديث عن واحدٍ من أهم القرارات الإدارية التي كان لها صدى ملفت مطلع هذا الأسبوع ؛ ألا وهو تقليص أيام العمل الأسبوعي إلى أربعة أيام بمبادرة من احدى شركاتنا الوطنية أسوة بغيرها من الشركات العالمية ، ولا يمكننا تجاوز ذلك دون أن نؤكد أن مثل هذا القرار الإداري لم يأتي هكذا دون دراسة وبحث ومعايير تؤكد سلامته ونتائجه الإيجابية على المنظمة وعلى العاملين فيها ، وبين من يرى أن هذا التوجه ماهو إلا ترف يعود فيه الفضل للتطورات المتسارعة في عالم الريبوتات والذكاء الصناعي وتطبيقاته ، ومن يرى أنه حاجة لمنح العامل والموظف مساحة كافية من الراحة التي ستكون دافعاً منطقياً لتقديم أفضل ما لديه من جهد وإنتاجية ، أجد نفسي منحازاً إلى أن تواتر مثل هذه القرارات في مختلف البلدان ماهو إلا امتدادا طبيعياً لانتصار منهج مدرسة العلاقات الإنسانية وتوهج مبادئها ، وربما تتوبجاً مستحقاً لها بعد قرن من ظهورها على يد عرابها الإسترالي جورج إلتون مايو .
بواسطة : فرج شليويح
 0  0