عندما نلتقي بأحد من أصحابنا يخطر ببالنا أن نعاتبه على تقصير بدر منه، من دون استعداد أو تهيؤ لذلك، فنحس في أنفسنا شيء من الشد والعصبية وتزداد خفقات القلوب، وتنعكس في داخلنا الإرادة من محادثة هادئة إلى إفحام وجدل.
فمن وجد منا في نفسه مثل ذلك فليحضر كلماته وليتمالك نفسه وليستعد لردود غير متأنية وغير مناسبة، وليوطن أمره على ما لا يرتضي من القول يمكن سماعه، فيجابهه بما يريح محدثه ويعيده إلى النقاش الهادئ، وهذا بلا شك يتطلب جهدا كبيرا، والأجر على قدر المشقة، وإذا صدقت النوايا الخيّرة، وصلحت السبل، كان حري بالتوفيق أن يقع.
فلا نجعل من المعاتبة ساحة قتال وميدان نزال يريد كل طرف أن يهزم الخصم، بل لتكن حديقة غناء تحوي زهرات الكلام ولطيف الألفاظ التي تستل بها الوحشة التي وقعت في القلوب، نتيجة خطأ أو سوء فهم، فتكون خاتمة اللقاء معروفة قبل بدايته، جلية في صفاء القلوب وإزالة الكدر، مع بسمات المحبة، وعودة الألفة، ورفع الضيق، فيكون العتاب حدائق الأحباب.
من اليوم تعارفنا
. ونطوي ما جرى منا
فلا كان ولا صار
. ولا قلتـم ولا قلنا
وإن كان ولابد
. من العتب فبالحسنى
وكلمة التعاتب يجد فيها الزاهد ابن السماك نوع جفاء، فيسبق اللقاء بكلمة بديلة توضح بجلاء الغاية الوحيدة من اللقاء، قال له صديق: الميعاد بيني وبينك غدا نتعاتب.
فقال ابن السماك رحمه الله: بل الميعاد بيني وبينك غدا نتغافر.
ويمسح من قلب أخيك ما كان فيه من غيظ فيحيله إلى تقدير واعتزاز ومحبة بعد أن تصافح يدك يده ويعانق قلبك قلبه، وتجهد بالدعاء (الله اغفر لي ولأخي) وتنسى ما كان منه من تقصير، وترى أنه أعانك على دحر الشيطان والفوز بجولة كاد اللعين أن يظفر بها، فبسمة التراضي سهام تصوب لمكر الشيطان فتقطع سبيله وتعيقه.
والتعاتب الذي أعد كل طرف له الحجج والكلمات المسكتة وإن انتهى بالبسمات، فإن تحته نار الغضب التي يمكن أن تحرق عند إثارتها مرة أخرى، فصاحبك بشر له زلاته الكثيرة التي لا ينجو من فعلها أحد فهو ليس معصوما.
والبعض يضع لنفسه قدرات لا تكون لبشر مطلقا فيؤكد أنه المعني عمدا بذلك الفعل الذي وقع، وأن صاحبه يقصد ذلك وينويه، وفي هذا تجاوز وتعد لا ينبغي ولا يستقيم لمسلم.
أقل ذا الود عثرته وقفه
. على سنن الطريقة المستقيمة
ولا تسرع بمعتبة إليه
. فقد يهفو ونيته سليمة
وإذا تقدم لنا أخونا بعتاب، استقبلناه بلقاء الأحباب، وأصغينا إليه مسامعنا، وفتحنا له قلوبنا، كي نستمع منه إلى توجيه لنا يبين فيه زلة منا بدت، أو هفوة ظهرت، ساعيا أن تطهر أنفسنا من المعائب، فما أحرى بنا أن نعطيه من التقدير والاحترام والتشجيع، ما يجعله يواصل هذا الفعل معنا كلما احتجنا إلى ذلك، وما أكثر ما نحتاج، ففعله هذا فعل محب فلا يجازى بصدود ورد، وإن كان ما يقول يسيء إلينا حين أبدى من تقصيرنا ما يخجلنا، إلا أن بعده ما يقيم لنا أمورنا ويهديها.
فلعل عتبك محمود عواقبه
. وربما صحت الأجسام بالعلل
وقد قيل: أفضل المحبة ما كان بعد المعتبة.
وقد يكون أحيانا العتب أنفع من الصفح دون عتاب، وقد يكون العتاب الهادئ عن ذنب واحد يمنع إتيان ذنوب كثيرة، كما أن من المحتمل أن المسيء غافل عن إساءته، أو جاهل بها، أو بدرت منه دون قصد أو انتباه، فإشعاره بذلك أحب إليه وأحسن.
فمن وجد منا في نفسه مثل ذلك فليحضر كلماته وليتمالك نفسه وليستعد لردود غير متأنية وغير مناسبة، وليوطن أمره على ما لا يرتضي من القول يمكن سماعه، فيجابهه بما يريح محدثه ويعيده إلى النقاش الهادئ، وهذا بلا شك يتطلب جهدا كبيرا، والأجر على قدر المشقة، وإذا صدقت النوايا الخيّرة، وصلحت السبل، كان حري بالتوفيق أن يقع.
فلا نجعل من المعاتبة ساحة قتال وميدان نزال يريد كل طرف أن يهزم الخصم، بل لتكن حديقة غناء تحوي زهرات الكلام ولطيف الألفاظ التي تستل بها الوحشة التي وقعت في القلوب، نتيجة خطأ أو سوء فهم، فتكون خاتمة اللقاء معروفة قبل بدايته، جلية في صفاء القلوب وإزالة الكدر، مع بسمات المحبة، وعودة الألفة، ورفع الضيق، فيكون العتاب حدائق الأحباب.
من اليوم تعارفنا
. ونطوي ما جرى منا
فلا كان ولا صار
. ولا قلتـم ولا قلنا
وإن كان ولابد
. من العتب فبالحسنى
وكلمة التعاتب يجد فيها الزاهد ابن السماك نوع جفاء، فيسبق اللقاء بكلمة بديلة توضح بجلاء الغاية الوحيدة من اللقاء، قال له صديق: الميعاد بيني وبينك غدا نتعاتب.
فقال ابن السماك رحمه الله: بل الميعاد بيني وبينك غدا نتغافر.
ويمسح من قلب أخيك ما كان فيه من غيظ فيحيله إلى تقدير واعتزاز ومحبة بعد أن تصافح يدك يده ويعانق قلبك قلبه، وتجهد بالدعاء (الله اغفر لي ولأخي) وتنسى ما كان منه من تقصير، وترى أنه أعانك على دحر الشيطان والفوز بجولة كاد اللعين أن يظفر بها، فبسمة التراضي سهام تصوب لمكر الشيطان فتقطع سبيله وتعيقه.
والتعاتب الذي أعد كل طرف له الحجج والكلمات المسكتة وإن انتهى بالبسمات، فإن تحته نار الغضب التي يمكن أن تحرق عند إثارتها مرة أخرى، فصاحبك بشر له زلاته الكثيرة التي لا ينجو من فعلها أحد فهو ليس معصوما.
والبعض يضع لنفسه قدرات لا تكون لبشر مطلقا فيؤكد أنه المعني عمدا بذلك الفعل الذي وقع، وأن صاحبه يقصد ذلك وينويه، وفي هذا تجاوز وتعد لا ينبغي ولا يستقيم لمسلم.
أقل ذا الود عثرته وقفه
. على سنن الطريقة المستقيمة
ولا تسرع بمعتبة إليه
. فقد يهفو ونيته سليمة
وإذا تقدم لنا أخونا بعتاب، استقبلناه بلقاء الأحباب، وأصغينا إليه مسامعنا، وفتحنا له قلوبنا، كي نستمع منه إلى توجيه لنا يبين فيه زلة منا بدت، أو هفوة ظهرت، ساعيا أن تطهر أنفسنا من المعائب، فما أحرى بنا أن نعطيه من التقدير والاحترام والتشجيع، ما يجعله يواصل هذا الفعل معنا كلما احتجنا إلى ذلك، وما أكثر ما نحتاج، ففعله هذا فعل محب فلا يجازى بصدود ورد، وإن كان ما يقول يسيء إلينا حين أبدى من تقصيرنا ما يخجلنا، إلا أن بعده ما يقيم لنا أمورنا ويهديها.
فلعل عتبك محمود عواقبه
. وربما صحت الأجسام بالعلل
وقد قيل: أفضل المحبة ما كان بعد المعتبة.
وقد يكون أحيانا العتب أنفع من الصفح دون عتاب، وقد يكون العتاب الهادئ عن ذنب واحد يمنع إتيان ذنوب كثيرة، كما أن من المحتمل أن المسيء غافل عن إساءته، أو جاهل بها، أو بدرت منه دون قصد أو انتباه، فإشعاره بذلك أحب إليه وأحسن.