عن سعيد بن سلم قال: حدثني يزيد بن مزيد أنه كان يسامر الرشيد، فقال له: يا أعرابي هل لك في هذه السكة دار؟
قال: لا،
قال: اتخذ فيها داراً فإنها سكة الدنيا.
وذهب الرشيد إلى الرقة، وكان يستحسنها ويستطيبها، فيقيم بها، وأطال المقام بها مرة، فقالت زبيدة للشعراء: من وصف مدينة السلام وطيبها في أبيات يشوّق أمير المؤمنين إليها أغنيته.
فقال في ذلك جماعة، منهم النمري قال أبياتاً أولها:
ماذا ببغداد من طيب أفانين
. ومن عجائب للدنيا وللدين
إذا الصبا نفحت والليل معتكر
. فحرّشت بين أغصان الرياحين
فوقعت أبياته من بين جميع ما قالوا، وانحدر الرشيد إلى بغداد، فوهبت زبيدة للنمري جوهرة. ثم دست إليه من اشتراها، بثلاثمائة ألف درهم.
وفي أن طباع النساء هكذا قال الفضل بن الربيع: خرج أمير المؤمنين هارون الرشيد من عند زبيدة وقد تغدى عندها ونام وهو يضحك، فقلت: قد سرني سرور أمير المؤمنين.
فقال: ما أضحك إلا تعجباً، أكلت عند هذه المرأة ونمت فسمعت رنة، فقلت: ما هذا...؟ فقالوا: ثلاثمائة ألف دينار وردت من مصر، فقالت: هبها لي يا ابن عم، فدفعتها إليها، فما برحت حتى عربدت وقالت: أي خير رأيت منك.
ولما حجت أم جعفر زبيدة لقيها النصيب، فترجل عن فرسه وأنشأ يقول:
سيستبشر البيت الحرام وزمزم
. بأم ولي العهد زين المواسم
ويعلم من وافى المحصب أنها
. ستحمل ثقل الغرم عن كل غارم
بنو هاشم زين البرية كلها
. وأم ولي العهد زين لهاشم
سليلة أملاك تفرعت الذرى
. كرام لأبناء الملوك الأكارم
فوالله ما ندري: أفضل حديثها
. عليهم به تسمو أم المتقادم
يظن الذي أعطته منها رغيبة
. يقص عليه الناس أحلام نائم
فأمرت له بعشرة آلاف درهم وفرس، فأعطيه بلا سرج؛ فتلقاها لما رحلت وقال:
لقد سادت زبيدة كل حي
. وميت ما خلا الملك الهماما
تقى وسماحة وخلوص مجد
. إذا الأنساب أخلصت الكراما
إذا نزلت منازلها قريش
. نزلت الأنف منها والسناما
وأعطيت النهى لكن طرفي
. يريد السرج منكم واللجاما
فأمرت له بسرج ولجام.
(ونصيب الأصغر مولى المهدي، عبد نشأ باليمامة، واشتُري للمهدي في حياة المنصور، فلما سمع شعره قال: والله ما هو بدون نصيب مولى بني مروان، فأعتقه وزوّجه أمة يقال لها جعفرة، وكناه أبا الحجناء، وأقطعه ضيعة بالسواد، وعُمَّر بعده.)
قال: لا،
قال: اتخذ فيها داراً فإنها سكة الدنيا.
وذهب الرشيد إلى الرقة، وكان يستحسنها ويستطيبها، فيقيم بها، وأطال المقام بها مرة، فقالت زبيدة للشعراء: من وصف مدينة السلام وطيبها في أبيات يشوّق أمير المؤمنين إليها أغنيته.
فقال في ذلك جماعة، منهم النمري قال أبياتاً أولها:
ماذا ببغداد من طيب أفانين
. ومن عجائب للدنيا وللدين
إذا الصبا نفحت والليل معتكر
. فحرّشت بين أغصان الرياحين
فوقعت أبياته من بين جميع ما قالوا، وانحدر الرشيد إلى بغداد، فوهبت زبيدة للنمري جوهرة. ثم دست إليه من اشتراها، بثلاثمائة ألف درهم.
وفي أن طباع النساء هكذا قال الفضل بن الربيع: خرج أمير المؤمنين هارون الرشيد من عند زبيدة وقد تغدى عندها ونام وهو يضحك، فقلت: قد سرني سرور أمير المؤمنين.
فقال: ما أضحك إلا تعجباً، أكلت عند هذه المرأة ونمت فسمعت رنة، فقلت: ما هذا...؟ فقالوا: ثلاثمائة ألف دينار وردت من مصر، فقالت: هبها لي يا ابن عم، فدفعتها إليها، فما برحت حتى عربدت وقالت: أي خير رأيت منك.
ولما حجت أم جعفر زبيدة لقيها النصيب، فترجل عن فرسه وأنشأ يقول:
سيستبشر البيت الحرام وزمزم
. بأم ولي العهد زين المواسم
ويعلم من وافى المحصب أنها
. ستحمل ثقل الغرم عن كل غارم
بنو هاشم زين البرية كلها
. وأم ولي العهد زين لهاشم
سليلة أملاك تفرعت الذرى
. كرام لأبناء الملوك الأكارم
فوالله ما ندري: أفضل حديثها
. عليهم به تسمو أم المتقادم
يظن الذي أعطته منها رغيبة
. يقص عليه الناس أحلام نائم
فأمرت له بعشرة آلاف درهم وفرس، فأعطيه بلا سرج؛ فتلقاها لما رحلت وقال:
لقد سادت زبيدة كل حي
. وميت ما خلا الملك الهماما
تقى وسماحة وخلوص مجد
. إذا الأنساب أخلصت الكراما
إذا نزلت منازلها قريش
. نزلت الأنف منها والسناما
وأعطيت النهى لكن طرفي
. يريد السرج منكم واللجاما
فأمرت له بسرج ولجام.
(ونصيب الأصغر مولى المهدي، عبد نشأ باليمامة، واشتُري للمهدي في حياة المنصور، فلما سمع شعره قال: والله ما هو بدون نصيب مولى بني مروان، فأعتقه وزوّجه أمة يقال لها جعفرة، وكناه أبا الحجناء، وأقطعه ضيعة بالسواد، وعُمَّر بعده.)