زوجة هارون الرشيد زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، أم جعفر الهاشمية العباسية؛ زوجة هارون الرشيد وبنت عمه وأم ولده الأمين محمد، زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد، وزبيدة لقبٌ غلب عليها، واسمها أمة العزيز، وكان المنصور يرقصها وهي صغيرة، وكانت سمينة حسنة البدن، فيقول لها: يا زبيدة يا زبيدة، ما أنت إلا زبيدة، ما أنت إلا زبيدة، فمضى عليها هذا الاسم، وقيل لم تلد عباسية خليفة قط إلا هي.
كان في قصر زبيدة من الخدم والحشم والآلات والأموال ما يقصر عنه الوصف، وكان في قصرها مائة جارية تقرأ القران، لكل واحدة ورد عشر القرآن، وقيل يحفظن القرآن، فكان يسمع من قصرها دوي كدوي النحل من القراءة؛ ولم تزل زبيدة زين نساء الوقت بالعراق في حشمها أيام زوجها الرشيد وفي أيام ولدها محمد الأمين وفي أيام ابن زوجها عبد الله المأمون، ولم يتغير من حالها شيء إلى أن ماتت، وأما ما فعلته من المآثر والمصانع بالحجاز وغيره فهو معروف؛ وكان لها حرمة عظيمة وبر وصدقات وآثار حميدة في طريق الحج، فقد أنفقت في حجها بضعاً وخمسين ألف ألف درهم، وكانت مع جمالها وحشمتها فصيحة لبيبة عاقلة مدبرة.
وينقل صاحب كتاب تاريخ الآداب العربية في وصف زبيدة: ولئن كنت رأيت له (أي هارون الرشيد) في تدبير المملكة ذلك التصرف الجميل، فإني وجدته له في تدبير أهل بيته ومواليه، وإنما يرجع الرأي في ذلك إلى زوجه أم جعفر، وهي أنفذ نساء العباسيين كلمة في الدولة، ولما بنى بها الرشيد وجدها طرفة حديث ومصدر رأي في جمل لم ير بُدا من الانقياد إليها في قضاء جميع ما ترومه من الحوائج، ومن ذلك أنه مكّنها من بيوت المال فأنفقت من سعة ما ينيف عن ثلاثين ألفَ ألف دينار، فبنت مسجداً مباركاً على ضفة دجلة بمقربة من دور الخلافة يسمى بمسجد زبيدة، ومسجداً سامي الحسن في قطيعتها المعروفة بقطيعة أم جعفر، وحفرت بالحجاز العين المعروفة بين المشاش، ومهدت الطريق لمائها في كل خفض ورفع وسهل ووعر حتى أخرجتها من مسافة اثني عشر ميلاً إلى مكة، فبلغ ما أنفقته عليها ألفَ ألف دينار، وهذا من الأعمال التي لم تباشرها امرأة في الإسلام إلا الخيزران أم الرشيد، فإن لم يكن عند زبيدة من المال ما بلغ هذا القدر الجسيم فإن لها في السياسة رأيا تسمو به إلى التداخل في أمور الدولة كأفطن ما يكون من الرجال.
أما عين زبيدة فهي التي سقت أهل مكة بعد أن كانت الراوية عندهم بدينار، وأسالت الماء عشرة أميال تحط الجبال وتجوب الصخر حتى غلغلته في الحل إلى الحرم، وعملت عقبة البستان فقال وكيلها: يلزمك نفقة كبيرة، قالت: اعملها ولو كانت ضربة الفأس بدينار. قال اليافعي (المتوفى سنة 768 هـ في كتابه مرآة الزمان وعبرة اليقظان): وهذه العين المذكورة التي أجرتها، آثارها باقية مشتملة على عمارة عظيمة عجيبة مما يتنزه برؤيتها على يمين الذاهب إلى منى من مكة، ذات بنيان محكم في الجبال، تقصر العبارة عن وصف حسنه، وينزل الماء منه إلى موضع تحت الأرض عميق ذي درج كثيرة جداً لا يوصل إلى قراره إلا بهبوط، يفزع بعض الناس إذا ترك فيه وحده نهاراً، فضلاً عن الليل.
كان في قصر زبيدة من الخدم والحشم والآلات والأموال ما يقصر عنه الوصف، وكان في قصرها مائة جارية تقرأ القران، لكل واحدة ورد عشر القرآن، وقيل يحفظن القرآن، فكان يسمع من قصرها دوي كدوي النحل من القراءة؛ ولم تزل زبيدة زين نساء الوقت بالعراق في حشمها أيام زوجها الرشيد وفي أيام ولدها محمد الأمين وفي أيام ابن زوجها عبد الله المأمون، ولم يتغير من حالها شيء إلى أن ماتت، وأما ما فعلته من المآثر والمصانع بالحجاز وغيره فهو معروف؛ وكان لها حرمة عظيمة وبر وصدقات وآثار حميدة في طريق الحج، فقد أنفقت في حجها بضعاً وخمسين ألف ألف درهم، وكانت مع جمالها وحشمتها فصيحة لبيبة عاقلة مدبرة.
وينقل صاحب كتاب تاريخ الآداب العربية في وصف زبيدة: ولئن كنت رأيت له (أي هارون الرشيد) في تدبير المملكة ذلك التصرف الجميل، فإني وجدته له في تدبير أهل بيته ومواليه، وإنما يرجع الرأي في ذلك إلى زوجه أم جعفر، وهي أنفذ نساء العباسيين كلمة في الدولة، ولما بنى بها الرشيد وجدها طرفة حديث ومصدر رأي في جمل لم ير بُدا من الانقياد إليها في قضاء جميع ما ترومه من الحوائج، ومن ذلك أنه مكّنها من بيوت المال فأنفقت من سعة ما ينيف عن ثلاثين ألفَ ألف دينار، فبنت مسجداً مباركاً على ضفة دجلة بمقربة من دور الخلافة يسمى بمسجد زبيدة، ومسجداً سامي الحسن في قطيعتها المعروفة بقطيعة أم جعفر، وحفرت بالحجاز العين المعروفة بين المشاش، ومهدت الطريق لمائها في كل خفض ورفع وسهل ووعر حتى أخرجتها من مسافة اثني عشر ميلاً إلى مكة، فبلغ ما أنفقته عليها ألفَ ألف دينار، وهذا من الأعمال التي لم تباشرها امرأة في الإسلام إلا الخيزران أم الرشيد، فإن لم يكن عند زبيدة من المال ما بلغ هذا القدر الجسيم فإن لها في السياسة رأيا تسمو به إلى التداخل في أمور الدولة كأفطن ما يكون من الرجال.
أما عين زبيدة فهي التي سقت أهل مكة بعد أن كانت الراوية عندهم بدينار، وأسالت الماء عشرة أميال تحط الجبال وتجوب الصخر حتى غلغلته في الحل إلى الحرم، وعملت عقبة البستان فقال وكيلها: يلزمك نفقة كبيرة، قالت: اعملها ولو كانت ضربة الفأس بدينار. قال اليافعي (المتوفى سنة 768 هـ في كتابه مرآة الزمان وعبرة اليقظان): وهذه العين المذكورة التي أجرتها، آثارها باقية مشتملة على عمارة عظيمة عجيبة مما يتنزه برؤيتها على يمين الذاهب إلى منى من مكة، ذات بنيان محكم في الجبال، تقصر العبارة عن وصف حسنه، وينزل الماء منه إلى موضع تحت الأرض عميق ذي درج كثيرة جداً لا يوصل إلى قراره إلا بهبوط، يفزع بعض الناس إذا ترك فيه وحده نهاراً، فضلاً عن الليل.