أحكام يحتاج إليها الصائم
الدكتور نويجع العطوي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :فهذه جملة من الأحكام يحتاج إليها الصائم :
1- الأكل والشرب حال النسيان : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا نسي أحدكم فأكل أو شرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه ) متفق عليه0
2-من أدركه الفجر جنبا لا شيء عليه فعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جنب من أهله ، ثم يغتـسل ويصوم ) متفق عليه.
3- الطيب بأنواعه لا بأس به ولم يأتي ما ينهى عنه ، إلا البخور فالأولى اجتنابه
4-بلع الريق لم يرد فيه شيء ، ولأنه لا يمكن الاحتراز عنه ، كغبار الطريق وغربلة الدقيق 0
5- نزول الماء والانغماس فيه للتبرد وغيره لا بأس به للحديث السابق ( كان يصبح جنبا وهو صائم ثم يغتسل ) فإن دخل الماء فى جوف الصائم من غير قصد فصومه صحيح 0
6- الاكتحال والقطرة للعين لا شيء فيهما لأن العين ليست بمنفذ إلى الجوف أماقطرة الأذن وغسول الأذن إن لم يوجد خرق في الطبلة ولم يصل شيء إلى الحلق فالصيام صحيح وإن وجد طعما أفطر عند جمهور العلماء.
7- القبلة والمباشرة دون الفرج للزوجة لا شيء فيهما لمن قدر على ضبط نفسه فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ،ويباشر وهو صائم ، وكان أملككم لإربة ) متفق عليه . أي كان أقدركم على ضبط نفسه
8- لاشيء على من غلبه القيء لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ، ومن استقاء عمدا فليقض )
9- يجوز لتداوي بالإبر في العضل والوريد للصائم في نهار رمضان ، ولا يجور للصائم تعاطي الإبر المغذية في ، لأنها في حكم تناول الطعام والشراب فتعاطي تلك الحقن يعتبر حيلة على الإفطار في رمضان ، وإن تيسر تعاطي الإبر في العضل والوريد ليلا فهو أولى.
10- لا بأس أن يستعمل الصائم بخاخ الربو لأنه شيء يتطاير ويتبخر ويزول ولا يصل منه جرم إلى المعدة حتى يقال إن هذا مما يوجب الفطر .
11- إبرة الأنسولين التي يأخذها مرضى السكر لا تفسد الصيام في أصح قولي العلماء، لأنها ليست أكلاً أو شرباً، ولاهي في معنى الأكل والشرب ف وكذلك إبرة البنج التي تستعمل لقلع الأسنان.
12- إذا أحتاج الصائم للبنج و كان البنج كاملا وأدى إلى غياب الوعي طوال اليوم لزم عليه القضاء وإن أفاق في جزء من النهار , صح صومه , سواء كان في أوله أو آخره .
13- الحامل ومثلهاالمرضع إذا كانت لا تتأثر بالصيام ، فلا يشق عليها الصيام ولا يُخشى منه على ولدها ، فيجب عليها الصيام ، ولا يجوز لها أن تفطر .أما إن كانت تخاف على نفسها أو ولدها من الصيام ويشق عليها ، فلها أن تفطر وعليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها .
14-الرعاف لا يفطر ولو كان كثيراً، لأنه بغير قصد صاحبه.
15-الدم الذي يخرج بسب قلع الضرس لايفطر .
16- معجون الأسنان لا يفطر الصائم وهكذا السواك، وهكذا تنظيف الفم بالصابون، أو غيره كل هذا لا يفطر الصائم لكن يحذر الإنسان من دخول شيءٍ إلى جوفه، أما كونه ينظف الأسنان بمعجون، أو بصابون، أو بنوعٍ آخر ثم يبصق ذلك لا يضر صومه، أما إن تعمد ابتلاع شيء من ذلك، فإنه يفطر الصائم، أما لو ذهب إلى حلقه شيء من غير قصد ، أو نسياناً فلا يفطر صومه.
17-لا حرج في بلع الصائم ريقه لمشقة أو تعذر التحرز منه، أما النخامة والبلغم فيجب عليه لفظهما إذ وصلتا إلى الفم، ولا يجوز للصائم بلعهما لإمكان التحرز منهما بخلاف الريق.
18-يجوز للصائم استعمال التحاميل لأنها ليست أكلاً أو شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب، والشارع إنما حرّم على الصائم الأكل والشرب
19-الاحتلام لا يبطل الصوم لأنه ليس باختيار الصائم وعليه أن يغتسل غسل الجنابة.
20-تحليل الدم للصائم لايفطر لأنه مما تدعو الحاجة إليه وليس من جنس المفطرات المعلومة من الشرع المطهر أما إذا أخذ من الدم كمية كبيرة للتبرع بها و يلحق البدن بسببها ضعف فهذا يقاس على الحجامة وفيها خلاف قوي بين أهل العلم هل تفطرأولاقال الشيخ ابن باز رحمه الله
لا يضر الصائم خروج الدم إلا الحجامة، فإذا احتجم فالصحيح أنه يفطر بالحجامة، وفيها خلاف بين العلماء، لكن الصحيح أنه يفطر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) واحتجامه صلى الله عليه وسلم وهو صائم يحتمل أنه كان في سفر أو قبل النهي أو كان في صوم نفل أو لعذر كما قال ابن القيم )اهـ وأما الحكمة من فساد الصوم بالاحتجام؟ قال الفقهاء إنها تعبدية. وقال شيخ الإسلام : لذلك حكمة : أما المحجوم فلأن الحجامة تسبب له الضعف الذي يحتاج معه إلى غذاء؛ لأنه لو بقي بلا غذاء لأثر ذلك عليه في المستقبل. أما الحاجم : فلئلا يصل الدم إلى جوفه أثناء مصه لدم المحجوم.ولو حجم بآلة منفصلة؟ بمعنى أنه لا يمص الدم فرجح بعض أهل العالم أنه لا يفطر؛ لعدم وجود العلة.21-الغيبة لا تفطر الصائم وهي ذكر الإنسان أخاه بما يكره وهي معصية، لقول الله عز وجل: {ولا يغتب بعضكم بعضا} ، وهكذا النميمة والسب والشتم والكذب كل ذلك لا يفطر الصائم، ولكنها معاصي يجب الحذر منها واجتنابها من الصائم وغيره، وهي تجرح الصوم وتضعف الأجر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"رواه الإمام البخاري في صحيحه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل أني صائم"متفق عليه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
22-لا يبطل الصوم بتذوق الطعام إذا لم يبتلعه ولكن لا يفعله الصائم إلا إذا دعت الحاجة إليه، وفي هذه الحال لو دخل منه شيء إلى بطنه بغير قصد فصومه لا يبطل.
23- خروج المذي لأي سبب كان لا يبطل الصيام .
24-الغسيل الكلوي مفطر لأنه يزود الجسم بالدم النقي كما أنه قد يزود بمادة مغذية وهو مفطر آخر فاجتمع مفطران.
25 -الأولى ولأحوط للصائم أن يمسك إذا سمع المؤذن لئن من كان داخل المدن التي فيها الأنوار الكهربائية لا يستطيع أن يعلم وقت طلوع الفجر ، ولكن عليه أن يحتاط بالعمل بالأذان والتقويمات التي تحدد طلوع الفجر بالساعة والدقيقة ، وهذا أبعد عن الريبة .
26- إذا طهرت الحائض قبل الفجر ولو بدقيقة واحدة واغتسلت فصومها صحيح إذا تيقنت الطهر قبل طلوع الفجر لأن بعض النساء تظن أنها طهرت وهي لم تطهر ولهذا كانت النساء يأتين بالقطن لعائشة رضي الله عنها فيرينها إياه علامة على الطهر ، فتقول لهن : (لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء) لأنها حينئذ من أهل الصوم.
27- إذا أحست المرأة الطاهرة بألم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس فإن صومها ذلك اليوم صحيح وليس عليها إعادته إذا كان فرضاً ولايبطل الثواب به إذا كان نفلا وإذا خرج الدم قبل الغروب ولو بدقيقه بطل صومها وتقضي هذا اليوم
28- إذا طهرت النفساء في الأربعين فصامت أياماً ثم عاد إليها الدم في الأربعين فإن صومها صحيح وعليها أن تدع الصلاة والصيام في الأيام التي عاد فيها الدم ؛ لأنه نفاس حتى تطهر أو تكمل أربعين ، ومتى أكملت الأربعين وجب عليها الغسل وإن لم تر الطهر ؛ لأن الأربعين هي نهاية النفاس في أصح قولي العلماء ، وعليها بعد ذلك أن تتوضأ لوقت كل صلاة حتى ينقطع عنها الدم ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك المستحاضة ، ولزوجها أن يستمتع بها بعد الأربعين وإن لم تر الطهر ؛ لأن الدم والحال ما ذكر دم فساد لا يمنع الصلاة ولا الصوم ، ولا يمنع الزوج من استمتاعه بزوجته . لكن إن وافق الدم بعد الأربعين عادتها في الحيض فإنها تدع الصلاة والصوم وتعتبره حيضاً
29- في الأيام الأخيرة من الحيض وقبل الطهر لا ترى المرأة أثراً للدم، فإذا كان من عادتها ألا ترى القصة البيضاء كما يوجد في بعض النساء فإنها تصوم، وإن كان من عادتها أن ترى القصة البيضاء فإنها لا تصوم حتى ترى القصة البيضاء.
30 - إذا أسقطت المرأة قبل أربعة أشهر فالقاعدة في هذه المسألة أو الضابط فيها أنه إذا كان هذا الجنين قد تبين فيه خلق الإنسان فتبين يداه ورجلاه وبقية أعضائه فالدم دم نفاس لا تصلي المرأة ولا تصوم حتى تطهر منه ، وإن لم يتبين فيه خلق إنسان فليس الدم دم نفاس فتصلي وتصوم إلا في أيام التي توافق عادتها الشهرية فإنها تجلس لا تصلي ولا تصوم حتى تنتهي أيام الدورة .
31-منظار المعدة لايفطر لكونه جامداً لا يغذي، ولا يمكن اعتبار عملية إدخاله إلى المعدة أكلاً لا لغةً، ولا عرفاً، فهي عملية علاج ليس أكثر. إلا إذا وضع الطبيب على المنظار مادة دهنية مغذية لتسهيل دخول المنظار فهنا يفطر الصائم بهذه المادة لا بدخول المنظار؛ وذلك لأنها مفطرة بذاتها، فهي مادة مغذية دخلت المعدة، وهذا يفطر بلا إشكال. وكذلك المنظار الشرجي لايفطر
32- الغسول المهبلي لايفطر فهو لا يصل مطلقاً إلى المعدة، وليس فيه ما يسبب الفطر.وليس في النصوص ما يدل على التفطير، فكل ما جاء في النصوص فيما يتعلق بالمهبل من المفطرات هو الجماع، ولا علاقة له لا شرعاً، ولا لغةً، ولا عرفاً بالغسول المهبلي.
33-ما يدخل إلى الجسم عن طريق مجرى البول كالقطرة، أو المنظار، أو إدخال دواء، أو محلول لغسل المثانة، أو مادة تساعد على وضوح الأشعة لايفطرفقد ظهر جلياً من خلال علم التشريح الحديث أنه لا علاقة مطلقاً بين مسالك البول والجهاز الهضمي، وأن الجسم لا يمكن أن يتغذى مطلقاً بما يدخل إلى مسالك البول.
34- المسافر في رمضان له حالتان أن يكون صائماً وهو مسافر ثم أراد أن يفطر جاز له الفطر ،أوان يكون صائماً في النهار وهو مقيم ثم سافر فلا يفطر إلا إذا جاوز العمران
35-من غربت عليه الشمس في مطار بلده أو غيره فأفطر ثم أقلعت الطائرة ورأى الشمس فلا يلزمه الإمساك.
36- من سافر من بلد رأوا فيه هلال شوال وقدم على بلد لم يروا فيه الهلال فيلزمه الصيام معهم وإن زاد يوماً فأصبح صائماً واحداً وثلاثين يوماً فلا يؤثر .
ومن سافر من بلد وهم صيام في آخر الشهر وقدم على بلد رأوا هلال شوال فيفطر معهم وإن كان صيامه ناقصاً عن تسع وعشرين يوماً فيفطر ويقضي يوماً مكانه والقاعدة في ما تقدم : أن العبرة بالبلد الذي هو فيه ، فإن كان أهله صياماً صام وإن كانوا مفطرين أفطر ويقضي الناقص ولا يؤثر الزائد لحديثه صلى الله عليه و سلم : ( الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون ) .
37-المريض الذي يشق عليه الصيام، يشرع له الإفطار ومتى شفاه الله قضى ما عليه؛ لقول الله سبحانه: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) والمريض مرضا مستمر ولا يرجى برؤه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من قوت البلد مقداره كيلو ونصف.
38- الشيخ الكبير، الذي وهن العظم منه، وبلغ من الكبر عتيًا، ويجهده الصوم ويلحق به مشقة شديدة ومثله المرأة العجوز، التي أضعفها الكبر فحكمهما واحد بالإجماع. لا صوم عليهما لقوله تعالى
وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) نصف صاع من قوت البلد مقداره كيلو ونصف عن كل يوم قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ( وهذه الكفارة يجوز دفعها لواحد أو أكثر في أول الشهر أو وسطه أو آخره) قال الشيخ صالح الفوزان : (فالعدد ليس مشترطًا أن يكون ثلاثين وإنما يدفعها لجملة مساكين وجملة فقراء أو لفقير أما جمع المساكين على الطعام أن يصنع طعامًا يكفي عن ثلاثين يومًا أو عدد الأيام التي أفطر فيها ويجمع عليها المساكين الجمهور لا يجيزون هذا لأن المطلوب تمليك المسكين هذا الطعام إن شاء بالأكل وإن شاء بالبيع وإن شاء بغيره فإعطاؤه الطعام غير مطبوخ أنفع له بالتصرف أما المطبوخ فلا ينتفع به إلا بالأكل وأجاز بعض العلماء أن يصنع طعامًا عن الكفارة ويجمع المساكين ولكن كما ذكرنا الجمهور على عدم الجواز والتعليل لأنه لا يتمكن المسكين من الانتفاع الكامل بهذا الشيء وإنما ينتفع به في الأكل)ومجموع هذه الكفارة (45)كيلوا إذا كان الشهر كامل(30)يوما وإذا كان ناقصا تكون(43,5)كيلو هذا على اعتبار أن الصاع(3)كيلو احتياطا فنصفه(1,5)كيلو ونصف. إعـــداد
د/ نويجع بن سالم العطوي
أستاذ الحديث وعلومه المشارك
رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية
جامعة تبوك
1433هـ