قال علي بن جبلة: زرت أبا دلف بالجبل، وهي مدن بين أذربيجان والعراق، فكان يظهر من إكرامي وبري والتحفي بي أمراً مفرطاً، حتى تأخرت عنه حيناً حياء؛ فبعث إلي معقل ابن عيسى، فقال: يقول لك الأمير: قد انقطعت عني، وأحسبك استقللت برّي بك، فلا يغضبنك ذلك فسأزيد فيه حتى ترضى.
فقلت: والله ما قطعني إلا إفراطه في البر، وكتبت إليه:
هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة
. وهل يرتجى نيل الزيادة بالكفر
ولكنني لما أتيتك زائراً
. فأفرطت في برّي عجزت عن الشكر
فملآن لاآتيك إلا مسلماً
. أزورك في الشهرين يوماً أو الشهر
فإن زدتني برا تزايدت جفوة
. ولم تلقني طول الحياة إلى الحشر
فلما قرأها معقل استحسنها، وقال: أحسنت والله! أما إن الأمير لتعجبه هذه المعاني.
فلما أوصلها إلى أبي دلف قال: قاتله الله! ما أشعره وأدق معانيه! وأعجبته وأجابني لوقته، وكان حسن البديهة حاضر الجواب:
ألا رب ضيف طارق قد بسطته
. وآنسته قبل الضيافة بالبشر
أتاني يرجّيني فما حال دونه ودون
. القرى والعرف من نائلي ستري
وجدت له فضلا علي بقصده إليّ
. وبرّا زاد فيه على برّي
فزودته مالا يقل بقاؤه
. وزودني مدحاً يدوم على الدهر
وبعث إليّ بالأبيات مع وصيف له، وبعث إليّ بألف دينار؛ فقلت حينئذ:
إنما الدنيا أبو دلف
. بين مبداه ومحتضره
وقيل إن أبا دلف سار يوماً مع أخيه معقل فرأيا امرأتين تتماشيان فقالت إحداهما للأخرى: هذا أبو دلف...؟ قالت: نعم، الذي يقول فيه الشاعر:
إنما الدنيا أبو دلف
. بين بادية ومحتضرة
فإذا ولى أبو دلف
. ولت الدنيا على أثره
فبكى أبو دلف حتى جرت دموعه فقال له معقل: ما لك يا أخي تبكي...؟
فقال: لأني لم أقض حق الذي قال هذا.
قال: أو لم تعطه مائة ألف درهم...؟
قال: والله ما في نفسي حسرة إلا لكوني لم أعطه مائة ألف دينار.
فقلت: والله ما قطعني إلا إفراطه في البر، وكتبت إليه:
هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة
. وهل يرتجى نيل الزيادة بالكفر
ولكنني لما أتيتك زائراً
. فأفرطت في برّي عجزت عن الشكر
فملآن لاآتيك إلا مسلماً
. أزورك في الشهرين يوماً أو الشهر
فإن زدتني برا تزايدت جفوة
. ولم تلقني طول الحياة إلى الحشر
فلما قرأها معقل استحسنها، وقال: أحسنت والله! أما إن الأمير لتعجبه هذه المعاني.
فلما أوصلها إلى أبي دلف قال: قاتله الله! ما أشعره وأدق معانيه! وأعجبته وأجابني لوقته، وكان حسن البديهة حاضر الجواب:
ألا رب ضيف طارق قد بسطته
. وآنسته قبل الضيافة بالبشر
أتاني يرجّيني فما حال دونه ودون
. القرى والعرف من نائلي ستري
وجدت له فضلا علي بقصده إليّ
. وبرّا زاد فيه على برّي
فزودته مالا يقل بقاؤه
. وزودني مدحاً يدوم على الدهر
وبعث إليّ بالأبيات مع وصيف له، وبعث إليّ بألف دينار؛ فقلت حينئذ:
إنما الدنيا أبو دلف
. بين مبداه ومحتضره
وقيل إن أبا دلف سار يوماً مع أخيه معقل فرأيا امرأتين تتماشيان فقالت إحداهما للأخرى: هذا أبو دلف...؟ قالت: نعم، الذي يقول فيه الشاعر:
إنما الدنيا أبو دلف
. بين بادية ومحتضرة
فإذا ولى أبو دلف
. ولت الدنيا على أثره
فبكى أبو دلف حتى جرت دموعه فقال له معقل: ما لك يا أخي تبكي...؟
فقال: لأني لم أقض حق الذي قال هذا.
قال: أو لم تعطه مائة ألف درهم...؟
قال: والله ما في نفسي حسرة إلا لكوني لم أعطه مائة ألف دينار.