أبو دلامة من شعراء الفكاهة واللطافة، وله في ذلك باع كبير ومتناثرة أخباره في صفحات الأدب، ومن ذلك أنه دخل على المهدي وعنده عيسى بن موسى، والعباس بن أحمد، وجماعة من بني هاشم، فقال المهدي: يا أبا دلامة.
قال: لبيك يا أمير المؤمنين…!
قال: لئن لم تهج واحداً ممن في هذا المجلس لأقطعن لسانك.
فنظر إلى القوم، فكلما نظر إلى واحد منهم غمزه بأن عليه رضاه، فعلم أنه قد وقع، وقال: أنا أحد من بالمجلس ثم أنشد:
ألا أبلغ إليك أبا دلامة
. فليس من الكرام ولا كرامة
إذا لبس العمامة كان قرداً
. وخنزيراً إذا نزع العمامة
جمعت دمامة وجمعت لؤما
. كذاك اللؤم تتبعه الدمامة
فإن تك قد أصبت نعيم دنيا
. فلا تفرح فقد دنت القيامة
فضحك المهدي، وسر القوم إذ لم يسيء إلى أحد منهم، ثم قال له المهدي: تمنّ.
فقال: يا أمير المؤمنين؛ تأمر لي بكلب صيد.
فسبه وقال: ما تصنع به...؟
فقال: الحاجة لي أم لك...؟!
فقال: صدقت؛ أعطوه كلباً. فأعطيه.
فقال: يا أمير المؤمنين؛ لا بد لهذا الكلب من كلّاب.
فأمر له بغلام مملوك.
فقال: يا أمير المؤمنين، أو يهيأ لي أن أصيد راجلاً...؟
فقال: أعطوه دابة.
فقال: ومن يسوس الدابة...؟
فقال: أعطوه غلاماً سائساً.
فقال: ومن ينحر الصيد ويصلحه...؟ فقال أعطوه طباخاً.
فقال: ومن يأويهم...؟
فقال: أعطوه داراً.
فبكى أبو دلامة وقال: ومن يموّن هؤلاء كلهم...؟
فقال: يكتب له بمائة جريب عامرة، ومائتي جريب غامرة.
فقال: وما الغامرة...؟
قال: التي لا نبات فيها.
قال: فأنا أعطيك مائتي ألف جريب من فيافي بني أسد.
فضحك وقال: ما تريد...؟
قال: بيت المال.
قال: على أن أخرج المال منه.
قال: يصير حينئذ غامراً.
فاستفرغ ضحكا وقال: اذهب فقد جعلتها لك كلها عامرة.
فقال: يا أمير المؤمنين، ائذن لي أن أقبل يدك.
قال: أما هذه فدعها.
فقال: والله ما تمنع عيالي شيئاً أهون عليهم منها.
فناوله يده فقبلها.
قال: لبيك يا أمير المؤمنين…!
قال: لئن لم تهج واحداً ممن في هذا المجلس لأقطعن لسانك.
فنظر إلى القوم، فكلما نظر إلى واحد منهم غمزه بأن عليه رضاه، فعلم أنه قد وقع، وقال: أنا أحد من بالمجلس ثم أنشد:
ألا أبلغ إليك أبا دلامة
. فليس من الكرام ولا كرامة
إذا لبس العمامة كان قرداً
. وخنزيراً إذا نزع العمامة
جمعت دمامة وجمعت لؤما
. كذاك اللؤم تتبعه الدمامة
فإن تك قد أصبت نعيم دنيا
. فلا تفرح فقد دنت القيامة
فضحك المهدي، وسر القوم إذ لم يسيء إلى أحد منهم، ثم قال له المهدي: تمنّ.
فقال: يا أمير المؤمنين؛ تأمر لي بكلب صيد.
فسبه وقال: ما تصنع به...؟
فقال: الحاجة لي أم لك...؟!
فقال: صدقت؛ أعطوه كلباً. فأعطيه.
فقال: يا أمير المؤمنين؛ لا بد لهذا الكلب من كلّاب.
فأمر له بغلام مملوك.
فقال: يا أمير المؤمنين، أو يهيأ لي أن أصيد راجلاً...؟
فقال: أعطوه دابة.
فقال: ومن يسوس الدابة...؟
فقال: أعطوه غلاماً سائساً.
فقال: ومن ينحر الصيد ويصلحه...؟ فقال أعطوه طباخاً.
فقال: ومن يأويهم...؟
فقال: أعطوه داراً.
فبكى أبو دلامة وقال: ومن يموّن هؤلاء كلهم...؟
فقال: يكتب له بمائة جريب عامرة، ومائتي جريب غامرة.
فقال: وما الغامرة...؟
قال: التي لا نبات فيها.
قال: فأنا أعطيك مائتي ألف جريب من فيافي بني أسد.
فضحك وقال: ما تريد...؟
قال: بيت المال.
قال: على أن أخرج المال منه.
قال: يصير حينئذ غامراً.
فاستفرغ ضحكا وقال: اذهب فقد جعلتها لك كلها عامرة.
فقال: يا أمير المؤمنين، ائذن لي أن أقبل يدك.
قال: أما هذه فدعها.
فقال: والله ما تمنع عيالي شيئاً أهون عليهم منها.
فناوله يده فقبلها.