كان السُليك من تميم، وأمه أمة سوداء اسمها السلكة، واسم أبيه عمرو بن يثربي، وهو من أشد رجال العرب وأدهاهم وأشعرهم، وكان أدل الناس بالأرض، وأعلمهم بمسالكها، وأجودهم عدواً على رجليه، وكان لا تعلق به الخيل، وكان يقول: اللهم إنك تهيء ماشئت لما شئت إذا شئت، اللهم إني لو كنت ضعيفا كنت عبداً، ولو كنت امرأة كنت أمة، اللهم إني أعوذ بك من الخيبة، أما الهيبة فلا هيبة.
ذكروا أنه أصابته خصاصة شديدة حتى لم يبق له شيء، فخرج على رجليه رجاء أن يصيب غرة من بعض من يمر به، فيذهب بإبله، حتى أمسى في ليلة من ليالي الشتاء باردة مقمرة، فاشتمل الصماء، ثم نام (اشتمل الصماء أن يرد فضلة ثوبه على عضده اليمنى ثم ينام عليها).
فبينما هو نائم إذ جثم عليه رجل فقعد على جنبه، وقال: استأسر.
فرفع السليك إليه رأسه، وقال: الليل طويل وأنت مقمر.
فجعل الرجل يلهزه ويقول: يا خبيث، استأسر.
فلما آذاه بذلك أخرج السليك يده، وضم الرجل إليه ضمة صرخ منها، وهو فوقه، ثم قال: من أنت...؟
فقال: أنا رجل افتقرت، فقلت لأخرجن فلا أرجع إلى أهلي حتى أستغني فآتيهم وأنا غني.
فقال للرجل: انطلق معي.
فانطلقا فوجدا رجلا قصته مثل قصتهما، فاصطحبوا جميعاً حتى أتوا الجوف؛ جوف مراد وهو واد باليمن، فلما أشرفوا عليه إذا فيه نعم قد ملأ كل شيء من كثرته، فهابوا أن يغيروا فيطردوا بعضها، فيلحقهم الطلب، فقال لهما سليك: كونا قريباً مني حتى آتي الرعاء، فأعلم لكما علم الحي: أقريب أم بعيد، فإن كانوا قريباً رجعت إليكما، وإن كانوا بعيداً قلت لكما قولا أوحي إليكما به فأغيرا.
فانطلق حتى أتى الرعاء فلم يزل يتسقطهم حتى أخبروه بمكان الحي، فإذا هم بعيد، إن طُلبوا لم يُدركوا؛ فقال السليك للرعاء: ألا أغنيكم...؟ فقالوا: بلى. غننا، فرفع صوته وغنى:
يا صاحبي ألا لا حي بالوادي
سوى عبيد وآم بين أذواد
أتنظران قريبا ريث غفلتهم
أم تغدوان فإن الربح للغادي
فلما سمعا ذلك أتيا السليك، فأطردوا الإبل، فذهبوا بها، ولم يبلغ الصريخ الحي فيأتوهم بالإبل.
ذكروا أنه أصابته خصاصة شديدة حتى لم يبق له شيء، فخرج على رجليه رجاء أن يصيب غرة من بعض من يمر به، فيذهب بإبله، حتى أمسى في ليلة من ليالي الشتاء باردة مقمرة، فاشتمل الصماء، ثم نام (اشتمل الصماء أن يرد فضلة ثوبه على عضده اليمنى ثم ينام عليها).
فبينما هو نائم إذ جثم عليه رجل فقعد على جنبه، وقال: استأسر.
فرفع السليك إليه رأسه، وقال: الليل طويل وأنت مقمر.
فجعل الرجل يلهزه ويقول: يا خبيث، استأسر.
فلما آذاه بذلك أخرج السليك يده، وضم الرجل إليه ضمة صرخ منها، وهو فوقه، ثم قال: من أنت...؟
فقال: أنا رجل افتقرت، فقلت لأخرجن فلا أرجع إلى أهلي حتى أستغني فآتيهم وأنا غني.
فقال للرجل: انطلق معي.
فانطلقا فوجدا رجلا قصته مثل قصتهما، فاصطحبوا جميعاً حتى أتوا الجوف؛ جوف مراد وهو واد باليمن، فلما أشرفوا عليه إذا فيه نعم قد ملأ كل شيء من كثرته، فهابوا أن يغيروا فيطردوا بعضها، فيلحقهم الطلب، فقال لهما سليك: كونا قريباً مني حتى آتي الرعاء، فأعلم لكما علم الحي: أقريب أم بعيد، فإن كانوا قريباً رجعت إليكما، وإن كانوا بعيداً قلت لكما قولا أوحي إليكما به فأغيرا.
فانطلق حتى أتى الرعاء فلم يزل يتسقطهم حتى أخبروه بمكان الحي، فإذا هم بعيد، إن طُلبوا لم يُدركوا؛ فقال السليك للرعاء: ألا أغنيكم...؟ فقالوا: بلى. غننا، فرفع صوته وغنى:
يا صاحبي ألا لا حي بالوادي
سوى عبيد وآم بين أذواد
أتنظران قريبا ريث غفلتهم
أم تغدوان فإن الربح للغادي
فلما سمعا ذلك أتيا السليك، فأطردوا الإبل، فذهبوا بها، ولم يبلغ الصريخ الحي فيأتوهم بالإبل.