أذكر أنني كتبت مقالاً بهذه المناسبة السعيدة، بل ربَّما كانت أسعد مناسبة في حياتنا نحن السعوديين، لأنها وضعت اللبنة الأولى لأساس دولتنا الفتية الشامخة هذه التي نتفيأ ظلالها الوارفة، بعد أصبحت اليوم شامة بين الأمم، يُشار إليها بالبنان.. عبَّرت فيه عن امتناني وعرفاني، وعظيم شكري وتقديري، لقائد مسيرة خيرنا الظافرة القاصدة دوماً، خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله ورعاه، وسدَّد على طريق الخير خطاه، ذاكرة الوطن القوية الحاضرة دوماً، ومستودع إرثنا التاريخي والحضاري والثقافي.. عبَّرت فيه عن امتناني على اهتمام مقامه السَّامي الكريم بتأكيد هذا الاستمرار التاريخي العظيم لدولة أمجاد قوية راسخة، بإعلان يوم التأسيس الموافق لليوم الثاني والعشرين من شهر فبراير من كل عام، إجازة رسمية بالدولة. كما تمنيت في خاتمة المقال، أن أستطيع الاستطراد في هذا الموضوع الشيِّق، الذي يوثق لإرثنا التاريخي الاستثنائي، الذي نفاخر به اليوم الأمم في مشارق الأرض ومغاربها.
أجل، إنه إرث فريد، حقَّقته سلالة مجد، وراية حق، وبطولات رجال، نقشوا على صفحات التاريخ ملاحم التأسيس بمداد قوامه دماءهم الزكية وأرواحهم الطاهرة. فحقَّق الله لهم فكرتهم الخالدة بإرادتهم التي لا تلين، منطلقة من قرية الدرعية الصغيرة التي ترقد في نواحي القطيف، إلى اليمامة.
وهكذا تواصلت رحلة الكفاح حتى تمكن الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن فرحان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع المريدي، الذي كان مقيماً في الدرعية، بدهائه وحنكته وصموده، بعد توفيق الله له، من تثبيت إمارته فيها وما جاورها من الواحات الصغيرة. فوضع بنضاله هذا، اللبنة الأولى الراسخة في أساس مملكة آل سعود القوية الراسخة، التي أصبحت اليوم قارة يعمل لها (العالم الأول) ألف حساب.
ثم خلفه على الحكم ابنه الإمام عبد العزيز، فبلغت الدولة في عهده الميمون من سعة الرقعة وغزارة الموارد وقوة الجيش وعظم الهيبة واستقرار الحكم وشيوع الأمن، مبلغاً عظيماً. فخرجت من دائرة المشيخات الضيقة إلى فضاء الدولة القوية الواسعة الراسخة.
وهكذا استمرت قافلة خيرنا القاصدة، فكان كل خلف يعلي بنيان السلف بمزيد من اللبنات المشرقات الثابتات الراسخات، إلى أن حدث ما حدث، وأفل نجم الدولة السعودية الأولى. غير أن ذلك، مع فظاعته، لم يكن ليوهن عزم سلالة المجد؛ فجاء صاحب السيف الأجرب، الإمام تركي بن عبد الله، حفيد الإمام محمد ين سعود، ليثبت البنيان من جديد، طوعاً أو كرهاً، كما جاء في رسالته الشعرية المؤثرة لابن عمه مشاري:
ونزلتها غصب بخير وشرا
وجمعت شمل بالقرايا وقاري
وحصنت نجد عقب ما هي تطرا
مصيونة من حر لفح المذاري
والشرع فيها قد مشى واستقرا
وقرا بنا درس الضحى كل قاري
زال الهوى والغي عنها وفرا
ويقضي بها القاضي بليا مصاري
إلى أن يؤكد لابن عمه أن:
من غاص غبات البحر جاب درا
ويحمد مصابيح السرى كل ساري
ثم يحمد ربَّه الذي جاب له ما اتحرا وأذهب عنه غبار الذل.
ثم تدور عجلة الزمان وفق مشيئة الله في خلقه، فتذهب دولة الإمام تركي بن عبد الله. ومع هذا أيضاً، لم يكن لأحداث الزمان مهما قست، أن تئد فكرة سلالة مجد صاحبة رسالة سامية عظيمة، توارثت رايتها كابراً عن كابر؛ فأعادها البطل الأسطوري الفذ، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، وحيد زمانه، أكثر قوة هذه المرة، وأكثر ثباتاً ومساحة ونفوذاً ووحدة وتنظيماً ومنعة، بعد أن عاشت عهد بداوة تسلب وتقتل وتفرض على المدن المتفرقة (الأخاوة) وتتهدد سلامتها وتقطع الطرق وتشن حروباً متصلة نتيجة التشرذم إلى دويلات ضعيفة متخاذلة، لا يُحصى لها عدد.
وهكذا تستمر قافلة خيرنا القاصدة رغم أنف الصعاب في البناء والتعمير ونثر الخير هنا وهناك، إلى أن أصبحت بلادنا اليوم في هذا العهد الزاهر بقيادة والد الجميع، خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلما بن عبد العزيز آل سعود، صاحب الفكر الفريد والعقل الرشيد والرأي السديد، والعزم الذي لا يلين، والحسم الذي لا هوادة فيه والعدل الذي لا مكان فيه لحيف أو ظلم؛ يؤازره ويشد من عضده ولي عهده القوي بالله الأمين، أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، نائب رئيس مجلس الوزراء.. أقول: تواصلت مسيرة خيرنا الظافرة إلى أن أصبحت دولتنا القارة هذه اليوم قلب الشرق الأوسط الذي يمثل محور العالم القديم وملتقى الطرق التجارية بين القارات الثلاثة: أوروبا، آسيا وأفريقيا؛ كما يمثل مهد الحضارات والديانات السماوية كلها: اليهودية، النصرانية والإسلام.
فالسعودية تُعَدُّ اليوم أول دولة عربية إسلامية قوية حرة موحدة، أصبح فيها جميع العرب على اختلاف قبائلهم من حضرموت حتى الشام، كأنهم إخوان، أولاد رجل واحد.. دولة مهيبة الجانب، فرضت نفسها نتاج عمل مضنٍ وجهاد شاق، بعد أن انتفضت من ركام إمارات مستقلة طالما قاتل بعضها بعضاً. ولهذا يعدها المؤرخون الغربيون المنصفون اليوم، بداية تاريخ الجزيرة العربية الحديث، بل قل يعدونها بداية تاريخ الشرق الأوسط برمته.
وصحيح، ربَّما تكون (المملكة العربية السعودية) جديدة باسمها وتنظيمها الحديث، وفق مفهوم تاريخ الأمم والشعوب، غير إنها قديمة بتاريخها، عريقة بأمجادها وتفردها بإرثها الحضاري؛ إذ تمتد جذورها إلى فجر التاريخ العربي.. فهي إذن دولة رائدة اليوم، أو قل هكذا هي كانت منذ بزوغ فجرها الأول؛ ليس بدلالة اسمها فحسب، بل برايتها وأسرتها الحاكمة، مثلما هو الحال بشعبها الوفي النبيل. فكل من يطالع تاريخها بعين منصفة، ويتأمل حاضرها، ويستشرف مستقبلها، لا بد أن يدرك للوهلة الأولى أنها يد خير طولى لا مثيل لها، ولا ينازعها أحد في هذا الشرف العظيم، ليس لشعبها فحسب، بل للبشرية كلها حيثما كانت، دونما تفرقة بسبب عقيدة أو جنس أو لون.
فالحمد لله الواحد الأحد، المنعم الوهاب، الذي خصَّنا بوطن قارة، ليس مثله في الدنيا وطن، وهيأ لنا قيادة رشيدة فريدة نادرة، ليس لها مثيل اليوم حتى في دول (العالم الأول).. تفرح لفرحنا، وتحزن إن مس أحدنا ضرٌّ، وتصل الليل بالنهار في العمل من أجلنا، حتى ننعم بحياة كريمة، ملؤها الأمن والأمان والاستقرار، يغبطنا عليها الصديق قبل أن يحسدنا عليها العدو.
وحقَّاً، كما أكد الإمام تركي بن عبد الله، صاحب السيف الأجرب:
من غاص غبات البحر جاب درا
ويحمد مصابيح السرى كل ساري
فكل عام، بل كل لحظة من عمر هذا الزمن، وطننا في أمن وأمان وسلام، وقيادتنا في صحة وعافية، وشعبنا في خير ورخاء ووئام
أجل، إنه إرث فريد، حقَّقته سلالة مجد، وراية حق، وبطولات رجال، نقشوا على صفحات التاريخ ملاحم التأسيس بمداد قوامه دماءهم الزكية وأرواحهم الطاهرة. فحقَّق الله لهم فكرتهم الخالدة بإرادتهم التي لا تلين، منطلقة من قرية الدرعية الصغيرة التي ترقد في نواحي القطيف، إلى اليمامة.
وهكذا تواصلت رحلة الكفاح حتى تمكن الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن فرحان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع المريدي، الذي كان مقيماً في الدرعية، بدهائه وحنكته وصموده، بعد توفيق الله له، من تثبيت إمارته فيها وما جاورها من الواحات الصغيرة. فوضع بنضاله هذا، اللبنة الأولى الراسخة في أساس مملكة آل سعود القوية الراسخة، التي أصبحت اليوم قارة يعمل لها (العالم الأول) ألف حساب.
ثم خلفه على الحكم ابنه الإمام عبد العزيز، فبلغت الدولة في عهده الميمون من سعة الرقعة وغزارة الموارد وقوة الجيش وعظم الهيبة واستقرار الحكم وشيوع الأمن، مبلغاً عظيماً. فخرجت من دائرة المشيخات الضيقة إلى فضاء الدولة القوية الواسعة الراسخة.
وهكذا استمرت قافلة خيرنا القاصدة، فكان كل خلف يعلي بنيان السلف بمزيد من اللبنات المشرقات الثابتات الراسخات، إلى أن حدث ما حدث، وأفل نجم الدولة السعودية الأولى. غير أن ذلك، مع فظاعته، لم يكن ليوهن عزم سلالة المجد؛ فجاء صاحب السيف الأجرب، الإمام تركي بن عبد الله، حفيد الإمام محمد ين سعود، ليثبت البنيان من جديد، طوعاً أو كرهاً، كما جاء في رسالته الشعرية المؤثرة لابن عمه مشاري:
ونزلتها غصب بخير وشرا
وجمعت شمل بالقرايا وقاري
وحصنت نجد عقب ما هي تطرا
مصيونة من حر لفح المذاري
والشرع فيها قد مشى واستقرا
وقرا بنا درس الضحى كل قاري
زال الهوى والغي عنها وفرا
ويقضي بها القاضي بليا مصاري
إلى أن يؤكد لابن عمه أن:
من غاص غبات البحر جاب درا
ويحمد مصابيح السرى كل ساري
ثم يحمد ربَّه الذي جاب له ما اتحرا وأذهب عنه غبار الذل.
ثم تدور عجلة الزمان وفق مشيئة الله في خلقه، فتذهب دولة الإمام تركي بن عبد الله. ومع هذا أيضاً، لم يكن لأحداث الزمان مهما قست، أن تئد فكرة سلالة مجد صاحبة رسالة سامية عظيمة، توارثت رايتها كابراً عن كابر؛ فأعادها البطل الأسطوري الفذ، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، وحيد زمانه، أكثر قوة هذه المرة، وأكثر ثباتاً ومساحة ونفوذاً ووحدة وتنظيماً ومنعة، بعد أن عاشت عهد بداوة تسلب وتقتل وتفرض على المدن المتفرقة (الأخاوة) وتتهدد سلامتها وتقطع الطرق وتشن حروباً متصلة نتيجة التشرذم إلى دويلات ضعيفة متخاذلة، لا يُحصى لها عدد.
وهكذا تستمر قافلة خيرنا القاصدة رغم أنف الصعاب في البناء والتعمير ونثر الخير هنا وهناك، إلى أن أصبحت بلادنا اليوم في هذا العهد الزاهر بقيادة والد الجميع، خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلما بن عبد العزيز آل سعود، صاحب الفكر الفريد والعقل الرشيد والرأي السديد، والعزم الذي لا يلين، والحسم الذي لا هوادة فيه والعدل الذي لا مكان فيه لحيف أو ظلم؛ يؤازره ويشد من عضده ولي عهده القوي بالله الأمين، أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، نائب رئيس مجلس الوزراء.. أقول: تواصلت مسيرة خيرنا الظافرة إلى أن أصبحت دولتنا القارة هذه اليوم قلب الشرق الأوسط الذي يمثل محور العالم القديم وملتقى الطرق التجارية بين القارات الثلاثة: أوروبا، آسيا وأفريقيا؛ كما يمثل مهد الحضارات والديانات السماوية كلها: اليهودية، النصرانية والإسلام.
فالسعودية تُعَدُّ اليوم أول دولة عربية إسلامية قوية حرة موحدة، أصبح فيها جميع العرب على اختلاف قبائلهم من حضرموت حتى الشام، كأنهم إخوان، أولاد رجل واحد.. دولة مهيبة الجانب، فرضت نفسها نتاج عمل مضنٍ وجهاد شاق، بعد أن انتفضت من ركام إمارات مستقلة طالما قاتل بعضها بعضاً. ولهذا يعدها المؤرخون الغربيون المنصفون اليوم، بداية تاريخ الجزيرة العربية الحديث، بل قل يعدونها بداية تاريخ الشرق الأوسط برمته.
وصحيح، ربَّما تكون (المملكة العربية السعودية) جديدة باسمها وتنظيمها الحديث، وفق مفهوم تاريخ الأمم والشعوب، غير إنها قديمة بتاريخها، عريقة بأمجادها وتفردها بإرثها الحضاري؛ إذ تمتد جذورها إلى فجر التاريخ العربي.. فهي إذن دولة رائدة اليوم، أو قل هكذا هي كانت منذ بزوغ فجرها الأول؛ ليس بدلالة اسمها فحسب، بل برايتها وأسرتها الحاكمة، مثلما هو الحال بشعبها الوفي النبيل. فكل من يطالع تاريخها بعين منصفة، ويتأمل حاضرها، ويستشرف مستقبلها، لا بد أن يدرك للوهلة الأولى أنها يد خير طولى لا مثيل لها، ولا ينازعها أحد في هذا الشرف العظيم، ليس لشعبها فحسب، بل للبشرية كلها حيثما كانت، دونما تفرقة بسبب عقيدة أو جنس أو لون.
فالحمد لله الواحد الأحد، المنعم الوهاب، الذي خصَّنا بوطن قارة، ليس مثله في الدنيا وطن، وهيأ لنا قيادة رشيدة فريدة نادرة، ليس لها مثيل اليوم حتى في دول (العالم الأول).. تفرح لفرحنا، وتحزن إن مس أحدنا ضرٌّ، وتصل الليل بالنهار في العمل من أجلنا، حتى ننعم بحياة كريمة، ملؤها الأمن والأمان والاستقرار، يغبطنا عليها الصديق قبل أن يحسدنا عليها العدو.
وحقَّاً، كما أكد الإمام تركي بن عبد الله، صاحب السيف الأجرب:
من غاص غبات البحر جاب درا
ويحمد مصابيح السرى كل ساري
فكل عام، بل كل لحظة من عمر هذا الزمن، وطننا في أمن وأمان وسلام، وقيادتنا في صحة وعافية، وشعبنا في خير ورخاء ووئام