اجتمع العالم أجمع في هذه الأيام على متابعة الكأس الذي جمعهم ، والحدث الذي جذبهم ، و اتفق الجميع على أهميته ، وأنفق الكثيرعلى رؤيته ، والتقت الأنظار في زاويته ، والتفت الصغار قبل الكبار لمتابعته ، ورصد تطوراته ، وتحرك بهم الحماس لِتَرقب أحداثه ، ووضع الكثيرون للنهاية توقعاته ، وغيّر الناس لاجله روتين حياته ، وجعله مقدما على سائر التزاماته ، وهو دوما في مطلع أولوياته ، مواعيده محفوظة ، وجداوله للجميع معروضة ، وفكرة إهماله أصبحت بلا تفكير مرفوضة ، فقد جذب نحوه الجميع بلا استثناء ، ولم يعد الامر محصورا على من يهتم بالرياضة من الرجال او النساء ، او من كان قادرا على متابعته وتوفير وسائله لذلك من الأغنياء .
فالنظر لكاس العالم يتجاوز حدود اللعب ، ويمتد أفقه لما بعد اسوار الملاعب ، والتعامل معه لا يتوقف على مجرد نتائج ، والحكم عليه أكبر من كلمة فائز وخاسر ، وتاثيره أعمق من قائمة ترتيب لأول أو آخر ، فهو مهرجان عالمي تُكتب أحداثه في سجلات الأمم ، لتصبح حديثا يروى في الأجيال فيرويها الابكم ، ويسمعها الأصم ، ويضع بصمته في أعالي القمم ، ويترك إمضاءه كي ينير طريقه وقت الظُلم .
يشرف عليه ملوك وحكام وقادة ، ويترقبه ويرعاه أمراء واشراف وسادة ، ويُصرف عليه ميزانية تفوق التوقعات وزيادة ، وكل دولة تطمح للوصول إليه ، لأن مجرد الوصول يعتبر وسام فخر ، وعلى التميز شهادة .
وهو وإن كان ظاهره رياضة ويحكمها اللعب ، ومضماره ملاعب وفِرَق يدفعها نشاط ، ويوقفها التعب ، ومناورات بين حكام وخطط وكأنها تشعل بين المدربين نارا ولاعبيهم هم الحطب ، ومباريات يدفعوهم لها ، ويراقبوهم بها ، يستبدلونهم كيف شاؤوا بين أساسي واحتياطي ، ومن يُسْتبعد ، ومن طُلِب ، شدة وارتخاء ، وحِدّة والتواء ، وضيق ورخاء ، وخروج أو بقاء ، وضحك أو بكاء ، وبالرغم من كل ذلك إلا أنه ليس كذلك ، فهو أكبر بكثير مما ترصده العيون ، أو تدركه المدارك ، فهو مركب حمل الجميع من مختلف دولهم وجعل وجهتهم حسب بوصلته في مكانه ، وهو مركب يصعب فصل مكوناته ، وخليط لا يمكن مزج عناصره لتنافر صفاتها مع صفاته ، وهو الشتاء الذي اشتدت حرارته ، والصيف الذي أمطرت سماؤه ، والربيع الذي جفّت أغصانه ، وسقطت أوراقه ، والخريف الذي أينعت أزهاره وأثمرت أشجاره ، فهو الحدث الذي تنقلب فيه الموازين ، وتختلف فيه المعايير ، وتلتقي به الأضداد ، ويجتمع به الأنداد ، وتتساوى به القيم ، وتختفي الحروف ، وتتسيد الأعداد ، فيصبح المقياس بالأرقام ، وتغدوا التوقعات مجرد أوهام ، واطيافها تبقى ولكنها مجرد أحلام ، خطوات للخلف وأخرى للأمام ، وبداياتها ونهاياتها مرتبطة بصافرات الحكام ، ونتائجها محسومة ولا ينفع معها اعتذار ، حتى وإن كثر الكلام .
هو ساحة كبيرة ممتدة الأفق ، جمعت الصالح بالطالح دون فرق ، وحملت المتأدب والنَزِق ، والمتعصب واللبق ، فالأخلاق متفاوتة ، وردات الفعل مختلفة ، والاصوات متعالية ، بأهازيج متباينة ، ولغات متداخلة ، وصيحات متوالية ، ترتفع مع الهجمات ، وتنخفض مع الردّات ، وتُدَوّي كزئير الأسد ، وهدير البحر مع التسديدات ، ويقابلها بركان ثائر ، وزلزال تهتز به مدرجات الخصم بلا مقدمات ، وكانهم يدفعون من أعصابهم ثمن الهدف ، وعلى انقاضهم تُفرش للنّد الموائد ، وكما يقال : “ مصائب قوم عند قوم فوائد “ ، فهو النزال ، والأمر أكبر من عناد أو معاند ، وهذا هو الحال ، وعلى الجميع الحكم سائر ، كما هو معروف وسائد .
ومما يحتار له العقل ، ويشتغل به الفكر ، ما يستطيعه هذا المحفل من أمور عجزت عن فهمها العقول ، وأذعنت لها بالقبول ، فاستسلمت ، ولم يسعها أمامها إلا التسليم لها ، وبها القبول ، فلم يعد للسياسة سلطة لمنعها ، ولا للسيادة قدرة على رفضها ، ولا للأديان الهيمنة لكبحها ، ولا للعادات او القيم يد في توجيهها او حتى ردعها .
فالدول المتقاطعة سياسيا تجتمع في ملعب واحد لتلعب سويا ، تحت مظلة كاس العالم وفي حمايته ، والمتحاربة اقتصاديا تلتقي في ضيافته ، والأديان المتضاربة تقبل وفادته ، والعادات المتناقضة تظهر كلها في ساحته ، نسمع ما يغضبنا ولا نعترض، ونرى ما لا يعجبنا ولا يحق لنا ان نمنعض ، ولا نُظهر أي ردة فعل كما هو متوقع او مفترض ، فهو كاس للعالم ، والكل به مشترك .
فاي قدرة امتلكها هذا الكاس ليفعل بنا ما فعل ، واي هيمنة له لنسلم له دون حرج او خجل ، ونعطيه وبكل رضى وسعادة أكثر مما سأل .
فالكل يضبط ساعته على أوقاته ، ويجدول أعماله وفقا للقاءاته ، وحسب مواعيد مبارياته ، وينظم اجتماعاته ويرتب حضورها لتكون مع أشخاص لهم نفس اهتماماته ، لتتضاعف معهم سعادته ، ويضمن برفقتهم راحته ، والدول تفرغهم من أعمالهم ، لتساعدهم على دعم منتخباتهم ، فعذرهم للغياب بات مسموحا ، إذ لم نعد بحاجة للاعتذار ، فقد مُنِحنا للحضور تصريحا ، وبات الغياب كمكافئة لنا عند الفوز وهو للجميع مقدما و ممنوحا ، ورأينا الجميع يستعدون لاستقباله ويتهيؤون له قبل بدئه ، وكأنه ضيف سيحل على الجميع ، فالقنوات الناقلة بُرمِجت ، والاشتراكات المساعدة تجددت ، والأجهزة تعددت ، واحجامها اتسعت ، والمنازل اكتظت ، والمقاهي امتلات ، والطرقات وقت المباريات فرغت ، وكان الديار من ساكنيها خلت .
هو مغناطيس يجذب نحوه كل مار ، ويشدهم له برغبة دون إجبار ، الصغير قبل الكبير ، والغني كما الفقير ، والسليم أو الضرير، والمالك والأجير ، فكلهم في ساحته حضور ، وكلهم في مصطلحاته داعم وجمهور .
هل هو الحماس الذي يحركهم ، ام التقليد الذي يدفعهم ، أم الفضول الذي كاد يقتلهم .
بل إن المحرك كما اراه واشعر به ، وما انا على يقين بانه الدافع لغيري كما كان لي ، هو الشعور بالوطنية والذي بات يأسرني ويأسرهم، قيالفخرنا ونحن نرى مملكتنا تنافس دول العالم وإن كانت المنافسة في ظاهرها لعبة ، إلا أنها في الحقيقة رغبة في رفع رايتنا ، ووضع بصمتنا ، وإثبات وجودنا ، وحجز مقعدنا بين الدول ، لنثبت لهم أننا قادرين على فعل ما فعلوا ، والوصول إلى ما وصلوا ، فلدينا من الإمكانات ما تساعدنا ، ومن القدرات ما تدفعنا ، وهي رسالة نبثها للعالم اجمع باننا هنا حيث انتم ، فلا تستهينوا بنا ، فإن كان هذا حالنا في اللعب ، فكيف تظنوه في الجد ، وإن كنا ننافس في الملاعب بحثا عن لقب ورفعا لكاس ، فكيف سيكون وضعنا في باقي الميادين بحثا عن سبب لنرفع الراس ، فرسالتي باختصار : ( أنا السعودي وبات الكل يعترف بوجودي ولا يدرك حدودي ) .
فالنظر لكاس العالم يتجاوز حدود اللعب ، ويمتد أفقه لما بعد اسوار الملاعب ، والتعامل معه لا يتوقف على مجرد نتائج ، والحكم عليه أكبر من كلمة فائز وخاسر ، وتاثيره أعمق من قائمة ترتيب لأول أو آخر ، فهو مهرجان عالمي تُكتب أحداثه في سجلات الأمم ، لتصبح حديثا يروى في الأجيال فيرويها الابكم ، ويسمعها الأصم ، ويضع بصمته في أعالي القمم ، ويترك إمضاءه كي ينير طريقه وقت الظُلم .
يشرف عليه ملوك وحكام وقادة ، ويترقبه ويرعاه أمراء واشراف وسادة ، ويُصرف عليه ميزانية تفوق التوقعات وزيادة ، وكل دولة تطمح للوصول إليه ، لأن مجرد الوصول يعتبر وسام فخر ، وعلى التميز شهادة .
وهو وإن كان ظاهره رياضة ويحكمها اللعب ، ومضماره ملاعب وفِرَق يدفعها نشاط ، ويوقفها التعب ، ومناورات بين حكام وخطط وكأنها تشعل بين المدربين نارا ولاعبيهم هم الحطب ، ومباريات يدفعوهم لها ، ويراقبوهم بها ، يستبدلونهم كيف شاؤوا بين أساسي واحتياطي ، ومن يُسْتبعد ، ومن طُلِب ، شدة وارتخاء ، وحِدّة والتواء ، وضيق ورخاء ، وخروج أو بقاء ، وضحك أو بكاء ، وبالرغم من كل ذلك إلا أنه ليس كذلك ، فهو أكبر بكثير مما ترصده العيون ، أو تدركه المدارك ، فهو مركب حمل الجميع من مختلف دولهم وجعل وجهتهم حسب بوصلته في مكانه ، وهو مركب يصعب فصل مكوناته ، وخليط لا يمكن مزج عناصره لتنافر صفاتها مع صفاته ، وهو الشتاء الذي اشتدت حرارته ، والصيف الذي أمطرت سماؤه ، والربيع الذي جفّت أغصانه ، وسقطت أوراقه ، والخريف الذي أينعت أزهاره وأثمرت أشجاره ، فهو الحدث الذي تنقلب فيه الموازين ، وتختلف فيه المعايير ، وتلتقي به الأضداد ، ويجتمع به الأنداد ، وتتساوى به القيم ، وتختفي الحروف ، وتتسيد الأعداد ، فيصبح المقياس بالأرقام ، وتغدوا التوقعات مجرد أوهام ، واطيافها تبقى ولكنها مجرد أحلام ، خطوات للخلف وأخرى للأمام ، وبداياتها ونهاياتها مرتبطة بصافرات الحكام ، ونتائجها محسومة ولا ينفع معها اعتذار ، حتى وإن كثر الكلام .
هو ساحة كبيرة ممتدة الأفق ، جمعت الصالح بالطالح دون فرق ، وحملت المتأدب والنَزِق ، والمتعصب واللبق ، فالأخلاق متفاوتة ، وردات الفعل مختلفة ، والاصوات متعالية ، بأهازيج متباينة ، ولغات متداخلة ، وصيحات متوالية ، ترتفع مع الهجمات ، وتنخفض مع الردّات ، وتُدَوّي كزئير الأسد ، وهدير البحر مع التسديدات ، ويقابلها بركان ثائر ، وزلزال تهتز به مدرجات الخصم بلا مقدمات ، وكانهم يدفعون من أعصابهم ثمن الهدف ، وعلى انقاضهم تُفرش للنّد الموائد ، وكما يقال : “ مصائب قوم عند قوم فوائد “ ، فهو النزال ، والأمر أكبر من عناد أو معاند ، وهذا هو الحال ، وعلى الجميع الحكم سائر ، كما هو معروف وسائد .
ومما يحتار له العقل ، ويشتغل به الفكر ، ما يستطيعه هذا المحفل من أمور عجزت عن فهمها العقول ، وأذعنت لها بالقبول ، فاستسلمت ، ولم يسعها أمامها إلا التسليم لها ، وبها القبول ، فلم يعد للسياسة سلطة لمنعها ، ولا للسيادة قدرة على رفضها ، ولا للأديان الهيمنة لكبحها ، ولا للعادات او القيم يد في توجيهها او حتى ردعها .
فالدول المتقاطعة سياسيا تجتمع في ملعب واحد لتلعب سويا ، تحت مظلة كاس العالم وفي حمايته ، والمتحاربة اقتصاديا تلتقي في ضيافته ، والأديان المتضاربة تقبل وفادته ، والعادات المتناقضة تظهر كلها في ساحته ، نسمع ما يغضبنا ولا نعترض، ونرى ما لا يعجبنا ولا يحق لنا ان نمنعض ، ولا نُظهر أي ردة فعل كما هو متوقع او مفترض ، فهو كاس للعالم ، والكل به مشترك .
فاي قدرة امتلكها هذا الكاس ليفعل بنا ما فعل ، واي هيمنة له لنسلم له دون حرج او خجل ، ونعطيه وبكل رضى وسعادة أكثر مما سأل .
فالكل يضبط ساعته على أوقاته ، ويجدول أعماله وفقا للقاءاته ، وحسب مواعيد مبارياته ، وينظم اجتماعاته ويرتب حضورها لتكون مع أشخاص لهم نفس اهتماماته ، لتتضاعف معهم سعادته ، ويضمن برفقتهم راحته ، والدول تفرغهم من أعمالهم ، لتساعدهم على دعم منتخباتهم ، فعذرهم للغياب بات مسموحا ، إذ لم نعد بحاجة للاعتذار ، فقد مُنِحنا للحضور تصريحا ، وبات الغياب كمكافئة لنا عند الفوز وهو للجميع مقدما و ممنوحا ، ورأينا الجميع يستعدون لاستقباله ويتهيؤون له قبل بدئه ، وكأنه ضيف سيحل على الجميع ، فالقنوات الناقلة بُرمِجت ، والاشتراكات المساعدة تجددت ، والأجهزة تعددت ، واحجامها اتسعت ، والمنازل اكتظت ، والمقاهي امتلات ، والطرقات وقت المباريات فرغت ، وكان الديار من ساكنيها خلت .
هو مغناطيس يجذب نحوه كل مار ، ويشدهم له برغبة دون إجبار ، الصغير قبل الكبير ، والغني كما الفقير ، والسليم أو الضرير، والمالك والأجير ، فكلهم في ساحته حضور ، وكلهم في مصطلحاته داعم وجمهور .
هل هو الحماس الذي يحركهم ، ام التقليد الذي يدفعهم ، أم الفضول الذي كاد يقتلهم .
بل إن المحرك كما اراه واشعر به ، وما انا على يقين بانه الدافع لغيري كما كان لي ، هو الشعور بالوطنية والذي بات يأسرني ويأسرهم، قيالفخرنا ونحن نرى مملكتنا تنافس دول العالم وإن كانت المنافسة في ظاهرها لعبة ، إلا أنها في الحقيقة رغبة في رفع رايتنا ، ووضع بصمتنا ، وإثبات وجودنا ، وحجز مقعدنا بين الدول ، لنثبت لهم أننا قادرين على فعل ما فعلوا ، والوصول إلى ما وصلوا ، فلدينا من الإمكانات ما تساعدنا ، ومن القدرات ما تدفعنا ، وهي رسالة نبثها للعالم اجمع باننا هنا حيث انتم ، فلا تستهينوا بنا ، فإن كان هذا حالنا في اللعب ، فكيف تظنوه في الجد ، وإن كنا ننافس في الملاعب بحثا عن لقب ورفعا لكاس ، فكيف سيكون وضعنا في باقي الميادين بحثا عن سبب لنرفع الراس ، فرسالتي باختصار : ( أنا السعودي وبات الكل يعترف بوجودي ولا يدرك حدودي ) .