سقوط الأقنعة في زمن "كورونا"!
الوباء مفردة تهتز لها فرائض الإنسان ، وتشعره أن الحدود بين الموت والحياة أصبحت أكثر قرباً ، وباتت معه فلسفة الخوف أكثر مأساوية ، وأعمق تأثيرا . الأوبئة قديماً قضت على العديد من الأنظمة والسياسات ، بل أسقطت دولاَ ، وأقامت أخرى. وهانحن نعيش في هذا الجيل زمن أحد هذه الأوبئة ، والذي لن تنساه البشرية عبر تاريخها . فقد أصبح أكبر تهديد واجهته الإنسانية في التاريخ الحديث ، مشكلاً جبهة دفاع شاملة على مستوى العالم بأسره.*
إنه زمن كورونا أيها السادة ، هذا الفيروس البسيط والذي لايكاد يرى بالعين المجردة، إلا أنه أصبح معياراً لما قبله ومابعده ، يقاس عليه مدى صحة العديد من الأنظمة وعلى رأسها الرأسمالية وجنون الإنتاج ،ويعيد النظر في ترتيب الأولويات وتوجيهها لصالح البحث العلمي وتقدير العلم والعلماء. كما أنه أعطى العالم بأسره دروساً وعظات ، وكشف لنا حقائق صادمة كان أولها على الإطلاق سقوط اقنعة الكثيرين ممن كنا نظنهم قادة العالم، وارشدنا بوضوح تام ان معايير الفشل والنجاح يتقدمها معيار فن إدارة الأزمات والكوارث. وأصبح لدينا يقيناً لايرقى إليه شك أن القائد الحقيقي هو من يتعامل مع الحدث الحالي باحترافية عالية، مع الاستعداد المبكر لما سوف يحدث ، وهو حرفيا فن إدارة الأزمات. ولعلي من هنا انطلق لأقول بعيداً عن كل مبالغة بأن هذا الفن في علم الإدارة تربع عليه بكل احتراف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده حفظهم الله ومعهما فريق طويل من أبناء هذا الوطن ، مثلوا نموذجاً فريداً في إدارتهم لأزمة فايروس كورونا العالمية .*
ولنرى بشكل موضوعي كيف تم ذلك
؟ إدارة الأزمات عادة تحتاج إلى قائد يتخذ القرار بشكل حاسم وفي الوقت المناسب بعيدا عن التردد ، مع الأخذ في الاعتبار كافة العوامل المؤثرة إيجابا أو سلبا. وهذا ماقام به قائد المملكة العربية السعودية حفظه الله ، فكانت تلك القرارات التي تسابق الزمن ، وكانت في توقيت أطلق عليه لقب حاسم بكل حيادية ، كونه أتى في مرحلة يتحدد فيها مسار المرض اما نحو التعافي أو نحو التفشي وكل ذلك طبعا بإرادة الله سبحانه وتعالى. كما أن إدارة الأزمة بفعالية تحتاج أيضأ للتعامل الشفاف والواضح وذكر الحقائق للمواطن كما هي دون استحياء في شرح واقع الأزمة وحجمها ، فكانت تلك المؤتمرات والايجازات الإعلامية اليومية للجمهور السعودي مضافا إليه الرسائل الصحية التوعوية البسيطة التي كان لها الأثر الإيجابي في طمأنة المواطنين، وتعزيز الثقة في سرعة استجابة أجهزة الدولة ، وفعاليتها في مواجهة هذا الوباء. *الأمر الذي جعل الكثير من دول العالم ووسائل إعلامها ومواطنيها، يتناقلون تلك الجهود الكبيرة والإجراءات الاستباقية والاحترازية التي اتخذتها السعودية في إدارتها للأزمة رغم الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي تمر بها المنطقة . ناهيك عن تلك الصورة المشرقة التي ابرزتها تلك الوسائل الإعلامية عن أفراد المجتمع السعودي الذي عكس للعالم صورة المسلم الحقيقي في تطبيقه لتعاليم الدين الإسلامي، خاصة في مجال الانضباط والتكاتف والتعاون بين أفراده وكأنه جسد واحد ، مع التذكير بأن هذا الشعب النبيل يحتل مراكز متقدمة عالميا في مجال النظافة الشخصية والتي هي من تعاليم ديننا الحنيف الذي امرنا بالوضوء خمس مرات باليوم ، ولاشك في أن النظافة الشخصية هي من أهم وسائل مواجهة هذا الوباء. في المقابل لنرى وبشكل موضوعي أيضاً كيف سقطت الأقنعة عن دول كثيرة كنا نصنفها دول العالم الأول ، في حين أنهم يطلقون علينا لقب دول العالم الثالث (مع ملاحظة عدم وجود تصنيف لدول العالم الثاني وذلك لاعتقادهم بعدم استحقاقنا للوصول لهذا المكان الشاغر حتى الآن ) . ولنرى على أرض الواقع كيف أدار هذا العالم ( الأول) هذه الأزمة بنظرة موضوعية ، وبالأرقام والحقائق المعلنة: رأينا النموذج الأمريكي الذي أستحق درجة فاشل بامتياز في إدارته لهذه الأزمة على كافة المستويات الاقتصاديةوالاجتماعية والطبية طبعاً ، وهي من كانت دائما تنتهز كل أزمة يمر بها العالم لتثبت أنها قائدة هذا الكون. ثم رأينا ايطاليا وفرنسا واسبانيا وبريطانيا وألمانيا واغلب دول الإتحاد الأوروبي وغيرها والذين أداروا هذا الملف بأسلوب كارثي أدى إلى عواقب وخيمة على مجتمعاتهم. فماذا كانت النتائج؟ باستعراض سريع وموجز جداً نجد التالي : غرف المستشفيات مملوءة بالمرضى ، نقص حاد ورهيب في المواد والإمدادات الصحية ، عجز ونقص مخيف في الكوادر الطبية. حتى اضطر الأطباء لتقنين الرعاية الصحية، وتقديمها للذين يرجح بقاؤهم احياء وترك الآخرين . لدرجة أن بعض هذه الدول طبقت منهج طب الحروب في التعامل مع المرضى كإيطاليا مثلاً التي أعلن رئيس وزرائها إنهيار النظام الصحي لديهم بالكامل ، وانهم باتوا غير قادرين على فعل أي شيء على الأرض وإن الأمر متروك للسماء كما قال. هذا التصريح من إيطاليا رغم اعترافه بالانهيار الكامل والنظرة السوداء للمستقبل، ألا إنه اعتراف بالفشل يلامس الواقع ، عكس ذلك التصريح الشهير لرونالد ترامب الذي قال فيه: ( أن الحالات المصابة بالفيروس في كافة الولايات ستصبح صفرا في غضون أيام ) .فكانت النتيجة أن الولايات المتحدة تصدرت العالم واجتازت الصين وإيطاليا في عدد الإصابات ووصلت الاعداد الى الرقم ( 140.000 حالة إصابة) حتى كتابة هذا المقال. هكذا أدار الغرب أزمتهم ولو كان المجال يتسع لحدثتكم عن تصريح رئيس وزراء بريطانيا الشهير ، قبل إصابته بالمرض ، ولحدثتكم عن صدمة الأسبان بنظامهم الصحي وإدارتهم للأزمة، ولحدثتكم أيضا عن سرقة التشيك لشحنة الكمامات المرسلة من الصين لإيطاليا ، وكذلك استخدام فرنسا لإسطوانات اجهزة الغوص البحري لتعويض النقص الهائل في اسطوانات الأوكسجين ، وغير ذلك الكثير والكثير من تصرفات أسقطت الأقنعة عن دول كثيرة كنا نظنها تحظى بالريادة في كل شيء. ختاماً ، لن ينسى التاريخ البشري هذا الوباء، وستبقى آثاره لعقود وأجيال قادمة، وسيسجل التاريخ بين سطوره أن زمن ماقبل كورنا ليس كما بعده ، وأن النجاح والفشل نتائج تفرزها طريقة التعاطي مع الأزمات ، وسيدون ايضاً عبر صفحاته أسماء الفاشلين والناجحين بكل وضوح .
بقلم / نايف بن سعيد العطوي*
الوباء مفردة تهتز لها فرائض الإنسان ، وتشعره أن الحدود بين الموت والحياة أصبحت أكثر قرباً ، وباتت معه فلسفة الخوف أكثر مأساوية ، وأعمق تأثيرا . الأوبئة قديماً قضت على العديد من الأنظمة والسياسات ، بل أسقطت دولاَ ، وأقامت أخرى. وهانحن نعيش في هذا الجيل زمن أحد هذه الأوبئة ، والذي لن تنساه البشرية عبر تاريخها . فقد أصبح أكبر تهديد واجهته الإنسانية في التاريخ الحديث ، مشكلاً جبهة دفاع شاملة على مستوى العالم بأسره.*
إنه زمن كورونا أيها السادة ، هذا الفيروس البسيط والذي لايكاد يرى بالعين المجردة، إلا أنه أصبح معياراً لما قبله ومابعده ، يقاس عليه مدى صحة العديد من الأنظمة وعلى رأسها الرأسمالية وجنون الإنتاج ،ويعيد النظر في ترتيب الأولويات وتوجيهها لصالح البحث العلمي وتقدير العلم والعلماء. كما أنه أعطى العالم بأسره دروساً وعظات ، وكشف لنا حقائق صادمة كان أولها على الإطلاق سقوط اقنعة الكثيرين ممن كنا نظنهم قادة العالم، وارشدنا بوضوح تام ان معايير الفشل والنجاح يتقدمها معيار فن إدارة الأزمات والكوارث. وأصبح لدينا يقيناً لايرقى إليه شك أن القائد الحقيقي هو من يتعامل مع الحدث الحالي باحترافية عالية، مع الاستعداد المبكر لما سوف يحدث ، وهو حرفيا فن إدارة الأزمات. ولعلي من هنا انطلق لأقول بعيداً عن كل مبالغة بأن هذا الفن في علم الإدارة تربع عليه بكل احتراف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده حفظهم الله ومعهما فريق طويل من أبناء هذا الوطن ، مثلوا نموذجاً فريداً في إدارتهم لأزمة فايروس كورونا العالمية .*
ولنرى بشكل موضوعي كيف تم ذلك
؟ إدارة الأزمات عادة تحتاج إلى قائد يتخذ القرار بشكل حاسم وفي الوقت المناسب بعيدا عن التردد ، مع الأخذ في الاعتبار كافة العوامل المؤثرة إيجابا أو سلبا. وهذا ماقام به قائد المملكة العربية السعودية حفظه الله ، فكانت تلك القرارات التي تسابق الزمن ، وكانت في توقيت أطلق عليه لقب حاسم بكل حيادية ، كونه أتى في مرحلة يتحدد فيها مسار المرض اما نحو التعافي أو نحو التفشي وكل ذلك طبعا بإرادة الله سبحانه وتعالى. كما أن إدارة الأزمة بفعالية تحتاج أيضأ للتعامل الشفاف والواضح وذكر الحقائق للمواطن كما هي دون استحياء في شرح واقع الأزمة وحجمها ، فكانت تلك المؤتمرات والايجازات الإعلامية اليومية للجمهور السعودي مضافا إليه الرسائل الصحية التوعوية البسيطة التي كان لها الأثر الإيجابي في طمأنة المواطنين، وتعزيز الثقة في سرعة استجابة أجهزة الدولة ، وفعاليتها في مواجهة هذا الوباء. *الأمر الذي جعل الكثير من دول العالم ووسائل إعلامها ومواطنيها، يتناقلون تلك الجهود الكبيرة والإجراءات الاستباقية والاحترازية التي اتخذتها السعودية في إدارتها للأزمة رغم الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي تمر بها المنطقة . ناهيك عن تلك الصورة المشرقة التي ابرزتها تلك الوسائل الإعلامية عن أفراد المجتمع السعودي الذي عكس للعالم صورة المسلم الحقيقي في تطبيقه لتعاليم الدين الإسلامي، خاصة في مجال الانضباط والتكاتف والتعاون بين أفراده وكأنه جسد واحد ، مع التذكير بأن هذا الشعب النبيل يحتل مراكز متقدمة عالميا في مجال النظافة الشخصية والتي هي من تعاليم ديننا الحنيف الذي امرنا بالوضوء خمس مرات باليوم ، ولاشك في أن النظافة الشخصية هي من أهم وسائل مواجهة هذا الوباء. في المقابل لنرى وبشكل موضوعي أيضاً كيف سقطت الأقنعة عن دول كثيرة كنا نصنفها دول العالم الأول ، في حين أنهم يطلقون علينا لقب دول العالم الثالث (مع ملاحظة عدم وجود تصنيف لدول العالم الثاني وذلك لاعتقادهم بعدم استحقاقنا للوصول لهذا المكان الشاغر حتى الآن ) . ولنرى على أرض الواقع كيف أدار هذا العالم ( الأول) هذه الأزمة بنظرة موضوعية ، وبالأرقام والحقائق المعلنة: رأينا النموذج الأمريكي الذي أستحق درجة فاشل بامتياز في إدارته لهذه الأزمة على كافة المستويات الاقتصاديةوالاجتماعية والطبية طبعاً ، وهي من كانت دائما تنتهز كل أزمة يمر بها العالم لتثبت أنها قائدة هذا الكون. ثم رأينا ايطاليا وفرنسا واسبانيا وبريطانيا وألمانيا واغلب دول الإتحاد الأوروبي وغيرها والذين أداروا هذا الملف بأسلوب كارثي أدى إلى عواقب وخيمة على مجتمعاتهم. فماذا كانت النتائج؟ باستعراض سريع وموجز جداً نجد التالي : غرف المستشفيات مملوءة بالمرضى ، نقص حاد ورهيب في المواد والإمدادات الصحية ، عجز ونقص مخيف في الكوادر الطبية. حتى اضطر الأطباء لتقنين الرعاية الصحية، وتقديمها للذين يرجح بقاؤهم احياء وترك الآخرين . لدرجة أن بعض هذه الدول طبقت منهج طب الحروب في التعامل مع المرضى كإيطاليا مثلاً التي أعلن رئيس وزرائها إنهيار النظام الصحي لديهم بالكامل ، وانهم باتوا غير قادرين على فعل أي شيء على الأرض وإن الأمر متروك للسماء كما قال. هذا التصريح من إيطاليا رغم اعترافه بالانهيار الكامل والنظرة السوداء للمستقبل، ألا إنه اعتراف بالفشل يلامس الواقع ، عكس ذلك التصريح الشهير لرونالد ترامب الذي قال فيه: ( أن الحالات المصابة بالفيروس في كافة الولايات ستصبح صفرا في غضون أيام ) .فكانت النتيجة أن الولايات المتحدة تصدرت العالم واجتازت الصين وإيطاليا في عدد الإصابات ووصلت الاعداد الى الرقم ( 140.000 حالة إصابة) حتى كتابة هذا المقال. هكذا أدار الغرب أزمتهم ولو كان المجال يتسع لحدثتكم عن تصريح رئيس وزراء بريطانيا الشهير ، قبل إصابته بالمرض ، ولحدثتكم عن صدمة الأسبان بنظامهم الصحي وإدارتهم للأزمة، ولحدثتكم أيضا عن سرقة التشيك لشحنة الكمامات المرسلة من الصين لإيطاليا ، وكذلك استخدام فرنسا لإسطوانات اجهزة الغوص البحري لتعويض النقص الهائل في اسطوانات الأوكسجين ، وغير ذلك الكثير والكثير من تصرفات أسقطت الأقنعة عن دول كثيرة كنا نظنها تحظى بالريادة في كل شيء. ختاماً ، لن ينسى التاريخ البشري هذا الوباء، وستبقى آثاره لعقود وأجيال قادمة، وسيسجل التاريخ بين سطوره أن زمن ماقبل كورنا ليس كما بعده ، وأن النجاح والفشل نتائج تفرزها طريقة التعاطي مع الأزمات ، وسيدون ايضاً عبر صفحاته أسماء الفاشلين والناجحين بكل وضوح .
بقلم / نايف بن سعيد العطوي*