نواتج تعلم أفضل!
لمهنة المعلم دور محوري في تشكيل ملامح مستقبل الطلاب وتأثير مباشر على نواتج التعلم التي يحصدونها، ومع هذا الدور المهم والحساس يبرز السؤال الأهم؛ كيف يحقق المعلمون والمعلمات نواتج تعلم أفضل لطلابهم؟
وفي الواقع الإجابة على هذا السؤال*بمجرد مقال أمر صعب إن لم يكن محال..
ولكن ومن باب ما لا يدرك كله، لا يترك مفيده... ولو قلّ!
نستعرض بعضاً من العناصر والمهارات التي إن تحلى بها المعلم وأخذها بعين الإعتبار أسهمت بإذن الله في رفع وتحسين نواتج التعلم بدرجة كبيرة.
١- بناء ثقة الطالب بنفسه وقدراته ومهاراته:
إن أحد أكبر الصعوبات التي تواجه المعلم هي ضعف ثقة الطالب بنفسه، وبغض النظر عن الأسباب وراء ذلك فإن ضعف الثقة يقود بطبيعة الحال إلى ضعف الإنجاز والقصور في تحقيق النواتج المأمولة.
وليتجاوز المعلم أو المعلمة هذه المعضلة لابد أن يمارس التشجيع والتحفيز* لطلابه، وأن يزرع في نفوسهم تقدير ذواتهم وإنجازهم وبالتالي ثقتهم بأنفسهم، ويتجنب الرسائل السلبية التي تبعث على الإحباط وتكرس ضعف ثقة الطالب بنفسه.
٢- التوظيف الصحيح لإستراتيجيات التعلم النشط:
مع تقدم نظريات وأبحاث التعلم، وما تفرضه التطورات الهائلة في مجال تقنية المعلومات والإتصالات، وتنوع وتوسع وسائل ومصادر المعرفة، لم يعد المعلم المصدر الوحيد للمعلومة، ولم يعد التلقين والإلقاء الوسيلة المثلى للتعلم.
وهنا تبرز أهمية استراتيجيات التعلم النشط والتنويع في استخدامها بما يتوافق مع الموقف التعليمي واحتياجات الطلاب وظروف البيئة التعليمية، كونها تزيد من فرص اندماج الطلاب في عملية التعلم، وتزيد من ايجابيتهم تجاه اكتساب المعارف والمهارات والكفايات وبالتالي تحسن نواتج التعلم.
٣-إدارة الصف:
لاشك أن الإدارة الصفية الناجحة تمثل الحاضنة التي تخلق بيئة التعلم وتعزز نواتجه، وقصور المعلم فيها يؤثر تأثيرا سلبياً بالغاً على نواتج التعلم.
وقد يظن البعض أنّ إدارة الصف تعني سيطرة المعلم على سلوك الطلبة وضبطه أثناء الحصص والقيام بالشرح، إلا أن ذلك هو جزءٌ بسيطٌ من عملية إدارة الصف، ويُعرَّف مفهموم إدارة الصف بأنّه مجموعة من النشاطات التي ينفذها المعلم، باستخدام مهارات التواصل مع الطلبة، بهدف تحقيق الانسجام في الصف، بين الطالب والمعلم من جهة، وبين الطلبة أنفسهم من جهة أُخرى، ومن جهة ثالثة تسهّل الإدارة الصفية وصول المعلومة للطالب بشكلٍ أسهل، وأسرع، وأكثر مرونة.
وتتضمن أدوار المعلم في إدارة الصف جوانب عدة منها حفظ مسار التعلم وتييسيره وقيادته، و توفير المناخ العاطفي والاجتماعي الذي يشجع على التعلم، وكذلك ملاحظة الطلبة ومتابعة تقدمهم،بالإضافة إلى تقديم التقارير عن تقدم العمل وحفظ الملفات والسجلات.
٤-التحضير الجيد:
التحضير الجيد والتمكن من المادة العلمية المتعلقة بالدرس، والإستعداد التام لأي سؤال قد يطرحه الطلاب مهم جداً ليحقق المعلم نواتج تعلم أفضل لطلابه.
فالمعلم الناجح يجب أن يفهم تفاصيل الموضوع الخاص بالدرس،ويحيط بالمفاهيم الرئيسية المتعلقة بما سيقوم بتدريسه، ويدرك الافتراضات والمناقشات التي تدور حول موضوعه.
٥- التفكير التأملي:
إن التفكير التأملي مفيد في أي خطة عمل، ويتيح فرص أكبر في التعلم من الأخطاء، ويزيد من فرص التحسين، ويعزز الجوانب الإبداعية والإيجابية.
أما بالنسبة للمعلم فإن التفكير التأملي عنصر هام للتقييم الذاتي ومراجعة الممارسات التدريسية والإستراتيجيات المستخدمة، ويكشف نقاط القوة وفرص التحسين.
وهناك العديد من الطرق التي يمكن القيام بها بهذا الصدد، كتسجيل الملاحظات والأفكار والتجارب في مفكرة والإحتفاظ بها لتكون مرجعاً وأداة مفيدة مستقبلاً.
٦-التوقعات الكبيرة:
دائما توقع الأفضل من طلابك وأبرز الجوانب والممارسات الإيجابية،واحرص عند توجيه أي ملاحظة أو تنبيه على الفصل بين أدائهم الأقل وبين قدراتهم وإمكاناتهم المميزة، وأكد على أنهم يستطعيون القيام بما هو أفضل.
امتدح أدائهم المميز وقدر جهودهم حين ينجزون أداءً عالياً ومميزاً.
إن مثل هذه الرسالة الإيجابية ستستحث دافعية ونشاط الطالب ليكون أكثر تفاعلا وأداءً وبالتالي تحسناً في نواتج التعلم.
٧-اعرف طلابك!
ليس مطلوبا منك فقط معرفة ما تُدرس، بل أيضاً عليك أن تعرف من تُدرس.
احرص على فهم احتياجات طلابك و بناء جسور الإحترام والثقة المتبادلة بينك وبينهم، سمهم بأسمائهم، أشعرهم بأهمية وجودهم وأنهم ليسوا مجرد رقم ضمن عدد من الطلاب.
إن إشعار الطالب بأهميته وأهمية دوره وقيمته يعزز أهمية وقيمة ما يقوم به، ويزيد من دافعيته نحو المشاركة في التعلم ويسهم بلا شك في رفع نواتج التعلم.
٨-تقبل الفشل وواجه المسؤولية.
مهنة التعليم مهنة بالغة الأهمية والصعوبة، والفشل في تحقيق نواتج التعلم* أمر وارد ومحتمل، ولكن احذر أن يقودك فشل ما إلى اليأس والقنوط و الإستسلام .. فالأمل دائما موجود إذا استعنت بالله وانطلقت نحو التغيير وصبرت على المسيير حتى تصل لتحقيق ما تتطلع إليه.
لا تنغمس في مستنقع التبرير، وواجه المشكلة واعرف وتأمل أسبابها، وكيف تُحل وكيف تمنع تكرارها، وما يتوجب عليك فعله لذلك، حاول معرفة وتجربة طرق ووسائل وأساليب وممارسات مختلفة وجديدة.. فالنتائج لا تتغير إلا إذا تغيرت الطريقة.
٩- التعلم مدى الحياة:
واصل التعلم واستمر في تطوير ذاتك، كن شغوفاً متعطشاً للمعرفة؛ فشغف المعلم وإهتمامه يثير رغبة الطلاب ويلهمهم ويدفعهم للإنطلاق لتحصيل أعلى ونواتج أفضل.
وعلى العكس من ذلك عدم إهتمام المعلم ولا مبالاته سيورث الشعور نفسه عند طلابه ويقودهم إلى نواتج تعلم أقل.
وفي الختام تذكر أخي المعلم أن ما تقوم به له تأثير بالغ على نواتج تعلم طلابك،وأن جهودك مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمستقبلهم وما سيكونون عليه وما سيكون عليه الوطن.. فلا تخيب ثقتهم بك.
بقلم/ محمد احمد البلوي
معلم