الحرب اداة سياسية
الحرب ظاهرة أجتماعية برزت إلى الوجود منذ خلق الله آدم وأستخلفه وذريته في الأرض ليستعمروها ويستقروا بها إلى حين،حيث أطلت برأسها لتعكر صفوا كان بين شقيقين هما ابني آدم،فجعل الله الصراع بين البشر حقيقة أزلية.
قال تعالى ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل عظيم)
والحرب هي صراع المصالح الكبرى، صراع يسوى بإراقة الدما، والسياسة هي الرحم الذي تتنامى في ثناياه وتكمن فيه معطيات الحرب بحالة جنينية، وهي ثالوث مدهش يعتمد على العنف، والحقد، والغضب ، وبما أن الحرب وليدة السياسة فهي تحمل طبائعها وتقاس بمعاييرها ، وسلوكيات الحرب في ملامحها الكبرى هي السياسة بعينها التي تمتشق السيف بدلا من القلم ، ونظرا للتغيرات التي اعترت طبيعة الحرب وطابع السياسة، فلابد أن تتغير إذا وشائح الترابط بين السياسة وسلوكيات الحرب، حيث كلاهما يعنيان الذود عن بقاء الأمة.
والحرب مجال للجهد والألم البدني ، وأقوى المشاعر التي يتحلى بها الفرد خلال الجهد القتالي هي الطموح للشرف والمجد ،ومع هذا فإن التاريخ والأجيال المتعاقبة لا تعطي في العادة لقب العبقرية الحقة إلا لمن يلمع في الصف الأول (كقائد ) والصفات المعنوية والفكرية المطلوبة لتبؤ هذا المركز كبيرة جدا ،وصفات الفكر العليا تتطلب القدرة على التركيب والحكم ، نظرا للاختلاف بين العلم والإرادة ، وبين المعرفة والاستطاعة ، ولكن الانسان يتلقى أفضل الدعم من تلاحم الفكر والروح ذلك التلاحم الذي يدعى بأسماء متعددة ، كالتصميم والصلابة والاصرار وقوة الشخصية ، وبعد أن غزت الحرب كافة ميادين النشاط البشري وأضحت تستخدم مختلف الوسائل لتحقيقها ، أصبحت مهنة العمل الحربي من أصعب المهن، وأكثرها مشقة بعد أن دخلت فيها عوامل متعددة ومتسعة ، والعمل الحربي يتصف بعدم الاستقرار والتبدل والتنوع ، وهذا ينتج عنه صعوبة التفكير وعظمته إذ يحتاج الذكاء والتخيل إلى سبر أغوار المجهول في هذا المجال ، ولابد من محاكات تخرج عن المألوف لحل المعضلات التي تفاجيء ( القائد) حيث لايستطيع مصباح الذكاء أن يلقي على الاسباب المتعددة الا بعض الضوء الخافت، وينساب سيل الظروف المتحركة، المضطربة من شباكه كما ينساب الماء من شباك الصياد.
إن كل مانعرفه عن سير الاحداث في الحرب بسيط جدا لأن كل دولة تخفي عمدا معظم الجهود والأفكار التي تسبق تنفيذ مخطط هام، لكونها تمت إلى قضايا سياسية كبيرة ، ولكن الخبرة علمتنا أن الحرب تتطلب أن يوكل شرف الدفاع عن البلاد وأمنها ، ومصير مواطنيها إلى من يتحلى بالأفكار المستقصية أكثر من الافكار المبدعة ، والذكاء الواسع أكثر من الذكاء الموهوب ، والعقول المتزنة أكثر من العقول المندفعة، ومن يجهل الحرب لا يمكن أن يتخيل الصعوبات التي يتعرض لها الجند ، لأنه يضنها اندفاع نحو العدو في نشوة من الحماس لتحقيق النصر، وهذا التخيل أبعد عما تكون عليه الحقيقة ، ولابد من الأخذ بعين الاعتبار العوامل النفسية التي يثيرها العداء والخطر،التي يتجلاه واقعها عند الاشتباك مع العدو، ويعلو هزيم النيران المختلفة، وتتساقط المقذوفات بتواتر سريع ،وتكون الحرب في صورتها الحقيقية، وفجأة يتساقط الافراد ، ويدب في صفوف الجند الاضطراب ، ويختفي الهدوء وصفاء الذهن ، ويتجلى استفحال الخطر وتصاعده من خلال المشوهين الذين يتساقطون في ساحة المعركة وتمتليء القلوب بالشفقة عليهم ، ويكون العقل في وسط آخر بعيدا عن التـأمل السابق، ويفقد المرء قدرته على القرار الفوري، وهنا يظهر القادة ذو الصفات الخارقة وتتجلى الشجاعة المدفوعة بحماس شديد، وطموح عظيم غير مبالين بما يحيط بهم،والقائد الماهر هو من يكون زخمه في الحرب عارما وهو في طاقته الكامنة كالوتر المشدود .والحرب مأساة تغتصب الشعب ،وتمزق أحشائه،وتعذب عقله، فلا شي بعد الحرب مثله قبلها ،سواء انتهت بنصر أو هزيمة ،تلك مأساة التاريخ ،تبدأ صفحاته بحروب وتنتهي بحروب، ، وعندما تمثل الحرب التجسيد الآسمى لإرادة الامة في الحياة فعلى السياسة أن تحني رأسها لسلوكيات الحرب.
عضو مجلس المنطقة
اللواء /المتقاعد
عبدالله بن كريم بن عطية
الحرب ظاهرة أجتماعية برزت إلى الوجود منذ خلق الله آدم وأستخلفه وذريته في الأرض ليستعمروها ويستقروا بها إلى حين،حيث أطلت برأسها لتعكر صفوا كان بين شقيقين هما ابني آدم،فجعل الله الصراع بين البشر حقيقة أزلية.
قال تعالى ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل عظيم)
والحرب هي صراع المصالح الكبرى، صراع يسوى بإراقة الدما، والسياسة هي الرحم الذي تتنامى في ثناياه وتكمن فيه معطيات الحرب بحالة جنينية، وهي ثالوث مدهش يعتمد على العنف، والحقد، والغضب ، وبما أن الحرب وليدة السياسة فهي تحمل طبائعها وتقاس بمعاييرها ، وسلوكيات الحرب في ملامحها الكبرى هي السياسة بعينها التي تمتشق السيف بدلا من القلم ، ونظرا للتغيرات التي اعترت طبيعة الحرب وطابع السياسة، فلابد أن تتغير إذا وشائح الترابط بين السياسة وسلوكيات الحرب، حيث كلاهما يعنيان الذود عن بقاء الأمة.
والحرب مجال للجهد والألم البدني ، وأقوى المشاعر التي يتحلى بها الفرد خلال الجهد القتالي هي الطموح للشرف والمجد ،ومع هذا فإن التاريخ والأجيال المتعاقبة لا تعطي في العادة لقب العبقرية الحقة إلا لمن يلمع في الصف الأول (كقائد ) والصفات المعنوية والفكرية المطلوبة لتبؤ هذا المركز كبيرة جدا ،وصفات الفكر العليا تتطلب القدرة على التركيب والحكم ، نظرا للاختلاف بين العلم والإرادة ، وبين المعرفة والاستطاعة ، ولكن الانسان يتلقى أفضل الدعم من تلاحم الفكر والروح ذلك التلاحم الذي يدعى بأسماء متعددة ، كالتصميم والصلابة والاصرار وقوة الشخصية ، وبعد أن غزت الحرب كافة ميادين النشاط البشري وأضحت تستخدم مختلف الوسائل لتحقيقها ، أصبحت مهنة العمل الحربي من أصعب المهن، وأكثرها مشقة بعد أن دخلت فيها عوامل متعددة ومتسعة ، والعمل الحربي يتصف بعدم الاستقرار والتبدل والتنوع ، وهذا ينتج عنه صعوبة التفكير وعظمته إذ يحتاج الذكاء والتخيل إلى سبر أغوار المجهول في هذا المجال ، ولابد من محاكات تخرج عن المألوف لحل المعضلات التي تفاجيء ( القائد) حيث لايستطيع مصباح الذكاء أن يلقي على الاسباب المتعددة الا بعض الضوء الخافت، وينساب سيل الظروف المتحركة، المضطربة من شباكه كما ينساب الماء من شباك الصياد.
إن كل مانعرفه عن سير الاحداث في الحرب بسيط جدا لأن كل دولة تخفي عمدا معظم الجهود والأفكار التي تسبق تنفيذ مخطط هام، لكونها تمت إلى قضايا سياسية كبيرة ، ولكن الخبرة علمتنا أن الحرب تتطلب أن يوكل شرف الدفاع عن البلاد وأمنها ، ومصير مواطنيها إلى من يتحلى بالأفكار المستقصية أكثر من الافكار المبدعة ، والذكاء الواسع أكثر من الذكاء الموهوب ، والعقول المتزنة أكثر من العقول المندفعة، ومن يجهل الحرب لا يمكن أن يتخيل الصعوبات التي يتعرض لها الجند ، لأنه يضنها اندفاع نحو العدو في نشوة من الحماس لتحقيق النصر، وهذا التخيل أبعد عما تكون عليه الحقيقة ، ولابد من الأخذ بعين الاعتبار العوامل النفسية التي يثيرها العداء والخطر،التي يتجلاه واقعها عند الاشتباك مع العدو، ويعلو هزيم النيران المختلفة، وتتساقط المقذوفات بتواتر سريع ،وتكون الحرب في صورتها الحقيقية، وفجأة يتساقط الافراد ، ويدب في صفوف الجند الاضطراب ، ويختفي الهدوء وصفاء الذهن ، ويتجلى استفحال الخطر وتصاعده من خلال المشوهين الذين يتساقطون في ساحة المعركة وتمتليء القلوب بالشفقة عليهم ، ويكون العقل في وسط آخر بعيدا عن التـأمل السابق، ويفقد المرء قدرته على القرار الفوري، وهنا يظهر القادة ذو الصفات الخارقة وتتجلى الشجاعة المدفوعة بحماس شديد، وطموح عظيم غير مبالين بما يحيط بهم،والقائد الماهر هو من يكون زخمه في الحرب عارما وهو في طاقته الكامنة كالوتر المشدود .والحرب مأساة تغتصب الشعب ،وتمزق أحشائه،وتعذب عقله، فلا شي بعد الحرب مثله قبلها ،سواء انتهت بنصر أو هزيمة ،تلك مأساة التاريخ ،تبدأ صفحاته بحروب وتنتهي بحروب، ، وعندما تمثل الحرب التجسيد الآسمى لإرادة الامة في الحياة فعلى السياسة أن تحني رأسها لسلوكيات الحرب.
عضو مجلس المنطقة
اللواء /المتقاعد
عبدالله بن كريم بن عطية