شماغ ابوحنيك!!
احمد الحميدي
شماغ ابوحنيك!!
كان سائداً عند العرب قديما وضع العمائم لتغطية الرأس كنوع من اللباس الخاص بالرجال ومع تعاقب الأجيال أصبح هناك غطاء اخر للراس مع ربطه بعصابة ثم تحولت العصابة الى عقال واستمر التغير الى يومنا هذا مع ظهور الالوان والاشكال الخاصة بكل بلد. لكن العمائم لم تنقرض ولازال لبسها قائما في عدة من البلدان العربية والاسلامية ، قال الشاعر العربي مفاخراً :
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا * متى اضع العمامة تعرفوني ..
كذلك العباة او "المِشلح" وهي من الالبسة الخارجية للرجال بل حتى الأطفال كانوا يرتدونها في الماضي ولكنها اليوم اصبحت من ملابس الحكام والرؤساء والوجهاء وعلماء الدين في المناسبات الرسمية.
وفي بداية القرن الماضي تقريبا ظهر ما يسمى بالشماغ وهو ما نلبسة اليوم بعد التعديلات واصبح بصمة مميزة في لباسنا ونعرف به ،لكن هل نعرف أصل الشماغ الذى نلبسه و من اين اتى؟، المقولة الاولى : عندما جاء المستعمر الانجليزي الى البلاد العربية كانوا يتناولون طعامهم على طاولات وتفرش تلك الطاولات بقطعه من القماش المقلم بمربعات ملونه ، وتم إستخدامها من قبل العاملين العرب بعض من هذه الاغطية ووضعها على رؤسهم لتقيهم حراره الشمس وكان اسم الانجليزي (مستر شماغر) وعندما راى ذلك الانجليزى ان الناس يتهافتون على هذه الاغطية ويستخدمونها لباساً لهم قام باحضار عدد كبير منها بغرض المتاجرة ولذا يلاحظ الان ان الشُمغ الحمراء صناعه انجليزيه 100% واصبحنا نتفاخر بلبس الجديد منها (ولا اعتقد بصحة هذه المقولة).
اما المقولة الاخرى فهي عن القائد الانجليزي السير جون باجوت كلوب: المعروف باسم كلوب باشا والملقب بـ (ابو حنيك) والذي كان منتدبا من بريطانيا لقيادة الجيش العربي في الاردن ، أسس حرس البادية وهي قوة مكونة من البدو حصرياً وذلك للسيطرة على الازمة التي اصابت جنوب البلاد ،وفي سنوات قليلة استطاع ان يوقف الغزوات المتبادلة بين القبائل البدوية ، ومع ذلك هدده احد ابناء تلك القبائل متفاخراً بالابيات المشهورة:
عسكر أبو حنيك مرطوبة ... وأنا بشيرك بذبحتهم
خمس وثلاثين مركوبه ... من شرقي باير معارتهم
وزرق الحناتير مكسوبه ... حتى البنادق وزهبتهم
وجاءه الرد من شاعر اخر يدافع عن قوة البادية :
يا للي تبشر بذبحتنا ... علومك اليوم كذابة
خير المعيشات عيشتنا ... و ليا كمل ميرنا جابة
و يسلم ابو حنيك عزوتنا ... و مقرود ياللي حكينا به.
ويقال انه هو الذي ادخل الشماغ وعممه على الجيش الاردني، ولبسه هو أيضا ثم انتشر بين عرب الجزيرة بعد ماعانت المصانع البريطانية التي كانت تنتج هذا النوع من ازمة مالية بسبب قلة الطلب على هذه الأغطية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وفيما ذكر لي يعود تاريخ لبس الشماغ الى حضارات مابين النهرين في العراق قديما ، حيث وردت كلمة شماغ في اللغة السومرية او الارامية "إش ماخ" وقيل انها تركية اصلها "يشمغ" بمعنى الخِمار اوغطاء الرأس .. كذلك الخطوط في حاشية تشبه سنابل القمح مما يرمز الى الخير والنماء.
- اخيرا يبدوا لي ان المستعمرلم يتوقف عند تبديل الزي او الملبس بل حاول ونجح نوعا ما في تغيير الثقافة او الهوية والقيم التي تعتز بها امتنا .
أحمد عبدالعزيز الحميدي
باحث بالتاريخ الإسلامي والأدب العربي
كان سائداً عند العرب قديما وضع العمائم لتغطية الرأس كنوع من اللباس الخاص بالرجال ومع تعاقب الأجيال أصبح هناك غطاء اخر للراس مع ربطه بعصابة ثم تحولت العصابة الى عقال واستمر التغير الى يومنا هذا مع ظهور الالوان والاشكال الخاصة بكل بلد. لكن العمائم لم تنقرض ولازال لبسها قائما في عدة من البلدان العربية والاسلامية ، قال الشاعر العربي مفاخراً :
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا * متى اضع العمامة تعرفوني ..
كذلك العباة او "المِشلح" وهي من الالبسة الخارجية للرجال بل حتى الأطفال كانوا يرتدونها في الماضي ولكنها اليوم اصبحت من ملابس الحكام والرؤساء والوجهاء وعلماء الدين في المناسبات الرسمية.
وفي بداية القرن الماضي تقريبا ظهر ما يسمى بالشماغ وهو ما نلبسة اليوم بعد التعديلات واصبح بصمة مميزة في لباسنا ونعرف به ،لكن هل نعرف أصل الشماغ الذى نلبسه و من اين اتى؟، المقولة الاولى : عندما جاء المستعمر الانجليزي الى البلاد العربية كانوا يتناولون طعامهم على طاولات وتفرش تلك الطاولات بقطعه من القماش المقلم بمربعات ملونه ، وتم إستخدامها من قبل العاملين العرب بعض من هذه الاغطية ووضعها على رؤسهم لتقيهم حراره الشمس وكان اسم الانجليزي (مستر شماغر) وعندما راى ذلك الانجليزى ان الناس يتهافتون على هذه الاغطية ويستخدمونها لباساً لهم قام باحضار عدد كبير منها بغرض المتاجرة ولذا يلاحظ الان ان الشُمغ الحمراء صناعه انجليزيه 100% واصبحنا نتفاخر بلبس الجديد منها (ولا اعتقد بصحة هذه المقولة).
اما المقولة الاخرى فهي عن القائد الانجليزي السير جون باجوت كلوب: المعروف باسم كلوب باشا والملقب بـ (ابو حنيك) والذي كان منتدبا من بريطانيا لقيادة الجيش العربي في الاردن ، أسس حرس البادية وهي قوة مكونة من البدو حصرياً وذلك للسيطرة على الازمة التي اصابت جنوب البلاد ،وفي سنوات قليلة استطاع ان يوقف الغزوات المتبادلة بين القبائل البدوية ، ومع ذلك هدده احد ابناء تلك القبائل متفاخراً بالابيات المشهورة:
عسكر أبو حنيك مرطوبة ... وأنا بشيرك بذبحتهم
خمس وثلاثين مركوبه ... من شرقي باير معارتهم
وزرق الحناتير مكسوبه ... حتى البنادق وزهبتهم
وجاءه الرد من شاعر اخر يدافع عن قوة البادية :
يا للي تبشر بذبحتنا ... علومك اليوم كذابة
خير المعيشات عيشتنا ... و ليا كمل ميرنا جابة
و يسلم ابو حنيك عزوتنا ... و مقرود ياللي حكينا به.
ويقال انه هو الذي ادخل الشماغ وعممه على الجيش الاردني، ولبسه هو أيضا ثم انتشر بين عرب الجزيرة بعد ماعانت المصانع البريطانية التي كانت تنتج هذا النوع من ازمة مالية بسبب قلة الطلب على هذه الأغطية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وفيما ذكر لي يعود تاريخ لبس الشماغ الى حضارات مابين النهرين في العراق قديما ، حيث وردت كلمة شماغ في اللغة السومرية او الارامية "إش ماخ" وقيل انها تركية اصلها "يشمغ" بمعنى الخِمار اوغطاء الرأس .. كذلك الخطوط في حاشية تشبه سنابل القمح مما يرمز الى الخير والنماء.
- اخيرا يبدوا لي ان المستعمرلم يتوقف عند تبديل الزي او الملبس بل حاول ونجح نوعا ما في تغيير الثقافة او الهوية والقيم التي تعتز بها امتنا .
أحمد عبدالعزيز الحميدي
باحث بالتاريخ الإسلامي والأدب العربي