( التنمية الريفية الزراعية المستدامة )
مازالت التنمية الزراعية والريفية المستدامة نموذجا حيا للتنمية فقد ظهرت أفكار ومبادئ جديدة، واكتسب العالم تجاربا ودروسا عديدة. فالتحول الاجتماعي و الاقتصادي للتركيز على التنمية القائمة على المدن، والنمو الهائل لصناعات الاتصالات، والتطلعات المتزايدة للسكان أينما كانوا، كل ذلك يعني أن الزراعة بحاجة إلى تشجيع وإلى إفساح المجال أمامها كمصدر سليم لمعيشة الريفيين، بالتناسق مع البيئة، وتوفير مستوى معقول للحياة العائلية.
فالتنمية الريفية عموما تشير إلى عملية تحسين نوعية الحياة والرفاهية الاقتصادية للناس الذين يعيشون في مناطق معزولة نسبيا وقليلة السكان فقد كان الحصول على الغذاء من ابرز المشكلات التي واجهت الإنسان عبر تاريخه, وإذا كانت احتياجاته الأساسية, تتمثل في الغذاء والمأوى والكساء, فان الغداء يمثل أولوية الاحتياجات, ومن أجل تامين غذائه امتهن حرفة الصيد والزراعة, ولم يكن يواجه مشكلات في الحصول على احتياجاته الغذائية . لكن مع ازدياد عدد السكان وتطور الحياة الاقتصادية في ظل الانفتاح الاقتصادي, بدأت مشكلة الحصول على الغذاء تلوح في الأفق, خاصة بعد السبعينيات من القرن الحالي, و ازدادت أوضاع الأمن الغذائي تعقيدا, بعد أزمة الغذاء لسنة2008, و هو ما حتم على المهتمين بالشأن الغذائي,من الباحثين وصناع القرار في العديد من الدول, ضرورة البحث عن سبل النهوض بالقطاع الزراعي, باعتباره المنتج الأساسي للغذاء . وإذ كان هذا القطاع يمارس في أغلب الحالات من طرف سكان الريف, فان الآمال تعلق عليهم من أجل النهوض بقطاع الزراعة, وعليه فان مشكلة تخلف الريف تمثل إحدى العقبات التي تعترض تحقيق التنمية الزراعية, ومن ثم تحقيق الأمن الغذائي الذي يطال الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي.
مما سبق يتبادر إلى أذهاننا التساؤل التالي: إلى أي مدى يمكن اعتبار التنمية الزراعية والريفية المستدامة كمدخل لتحقيق الأمن الغذائي ؟
فتعتبر قضية الأمن الغذائي قضية جوهرية وتكتسب أهمية عالمية نتيجة للتغيرات الحادثة فى عالمنا المعاصر من تغير فى الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية لغالبية دول العالم، والتى أدت بدورها إلى وضع قضية الأمن الغذائى فى أولى اهتمامات الدول والشعوب، من حيث قدرة الدول على تحقيق الأمن الغذائى.
وقد تضمن إعلان مؤتمر القمة العالمى للأغذية المنعقد فى روما عام 1996تعريفاً "للأمن الغذائى" يعتبر من أكثر التعاريف شيوعاً حتى الأن ويعرف بإسم تعريف منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) وهو "توفير الغذاء لجميع أفراد المجتمع في جميع الأوقات مع توفر الإمكانيات المادية والإجتماعية والإقتصادية للوصول إلى الأغذية المأمونة والمغذية بكميات كافية لتلبية احتياجاتهم وتفضيلاتهم الغذائية لينعموا بحياة نشيطة وصحية" (منظمة الأغذية والزراعة الفاو، 1996 ).
ويشكل الأمن الغذائي تهديداً كبيراً آخر، يدفعه بشكل رئيسي إهمال القطاع الزراعي وتخلفه، الأمر الذي يؤدي إلى سوء الإنتاجية الزراعية وما تزال الاقتصادات العربية تستنزف الموارد الطبيعية المتجددة بشكل غير مستدام، تحفزها أرباح قصيرة الأجل. وهذا يتسبب بإفقار الموارد الأرضية والمائية الشحيحة وتقليل قيمتها للأجيال المقبلة. ويقدَّر معدل الكلفة السنوية للتدهور البيئي في البلدان العربية بنحو 95 بليون دولار، أي ما يعادل 5 في المئة من مجموع ناتجها المحلي الاجمالي عام 2010.
ومن هنا تجدر الإشارة إلى أهمية برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة الذي بدأت مرحلته الاولي بتدشينه من قبل خادم الحرمين الشرفين في التاسع من يناير لعام 2019 كأحد أهم روافد التنمية وبما يتواكب مع رؤية المملكة 2030 في سبيل تحقيق التنمية الشامله المستدامه.
والنهوض بالاقتصاد وأود التنبيه هنا ان هذا البرنامج سيحقق اهدافه أذا أخذنا بعين الإعتبار أهمية العمل على تدوير النفايات العضوية والزراعية والتي يمكن من خلالها توفير الأسمدة والذي من خلاله يتحقق أمران مهمان وهما : تقليل التلوث البيئي وإنتاج أسمدة عضوية دون الحاجة إلى المبيدات التي تتسبب في أضرار أخرى للمحاصيل الزراعية مما يعيق مسيرة التنمية المنشودة من ناحية أخرى.
وأما الدور المحوري في عملية التنمية الريفية المستدامة فهو يبقى للمرأة وخاصة المراة الريفية ودورها في التنمية الريفية على اعتبار أنها تشكل نصف المجتمع وتنجب نصفه الآخر وتعيل حوالي ثلث العالم، فبدلاً من أن تكون المرأة عاملاً مساعداً على تخلف المجتمع فلماذا لا تكون وسيلة فعالة وناجحة في تقدمه بما يحقق منجزاته التنموية ويعمل على الإستفادة من خبراتها وقدراتها التي تختص بها عن الرجال في هذا المضمار وهو المجتمع الريفي والزراعي الذي تلعب فيه المرأة دوراً رئيسياً وفعالاً بوصفها مزارعة وعاملة في المزارع وصاحبة مشاريع ومقدمة الرعاية وقائدة المجتمع فالمرأة الريفية تشكل العمود الفقري للمجتمعات الريفية. فهي في كل مكان تقريبا، تقدّم مساهمات حاسمة لإنتاج الغذاء، وتجهيز الأغذية وتسويقها.
وفي الواقع، لأن المرأة تنتج، وتعالج وتحضّر الكثير من المواد الغذائية المتوفرة، فهي تمثل عنصراً جوهرياً في مجال الأمن الغذائي لأسرتها ولمجتمعها المحلي.
ومن هنا يتبين لنا ان تفعيل برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة لايتحق الا من خلال اتباع الاساليب الزراعيه النظيفه والتى تهدف الي انتاج زراعي امن وصحي خال من الملوثات والإحاطة بدور المرأة الريفية كاحد الاوجه الحقيقيه المساهمه في رسم معالم هذا البرنامج.
الدكتورة عائشة العطوي
جامعة تبوك
مازالت التنمية الزراعية والريفية المستدامة نموذجا حيا للتنمية فقد ظهرت أفكار ومبادئ جديدة، واكتسب العالم تجاربا ودروسا عديدة. فالتحول الاجتماعي و الاقتصادي للتركيز على التنمية القائمة على المدن، والنمو الهائل لصناعات الاتصالات، والتطلعات المتزايدة للسكان أينما كانوا، كل ذلك يعني أن الزراعة بحاجة إلى تشجيع وإلى إفساح المجال أمامها كمصدر سليم لمعيشة الريفيين، بالتناسق مع البيئة، وتوفير مستوى معقول للحياة العائلية.
فالتنمية الريفية عموما تشير إلى عملية تحسين نوعية الحياة والرفاهية الاقتصادية للناس الذين يعيشون في مناطق معزولة نسبيا وقليلة السكان فقد كان الحصول على الغذاء من ابرز المشكلات التي واجهت الإنسان عبر تاريخه, وإذا كانت احتياجاته الأساسية, تتمثل في الغذاء والمأوى والكساء, فان الغداء يمثل أولوية الاحتياجات, ومن أجل تامين غذائه امتهن حرفة الصيد والزراعة, ولم يكن يواجه مشكلات في الحصول على احتياجاته الغذائية . لكن مع ازدياد عدد السكان وتطور الحياة الاقتصادية في ظل الانفتاح الاقتصادي, بدأت مشكلة الحصول على الغذاء تلوح في الأفق, خاصة بعد السبعينيات من القرن الحالي, و ازدادت أوضاع الأمن الغذائي تعقيدا, بعد أزمة الغذاء لسنة2008, و هو ما حتم على المهتمين بالشأن الغذائي,من الباحثين وصناع القرار في العديد من الدول, ضرورة البحث عن سبل النهوض بالقطاع الزراعي, باعتباره المنتج الأساسي للغذاء . وإذ كان هذا القطاع يمارس في أغلب الحالات من طرف سكان الريف, فان الآمال تعلق عليهم من أجل النهوض بقطاع الزراعة, وعليه فان مشكلة تخلف الريف تمثل إحدى العقبات التي تعترض تحقيق التنمية الزراعية, ومن ثم تحقيق الأمن الغذائي الذي يطال الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي.
مما سبق يتبادر إلى أذهاننا التساؤل التالي: إلى أي مدى يمكن اعتبار التنمية الزراعية والريفية المستدامة كمدخل لتحقيق الأمن الغذائي ؟
فتعتبر قضية الأمن الغذائي قضية جوهرية وتكتسب أهمية عالمية نتيجة للتغيرات الحادثة فى عالمنا المعاصر من تغير فى الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية لغالبية دول العالم، والتى أدت بدورها إلى وضع قضية الأمن الغذائى فى أولى اهتمامات الدول والشعوب، من حيث قدرة الدول على تحقيق الأمن الغذائى.
وقد تضمن إعلان مؤتمر القمة العالمى للأغذية المنعقد فى روما عام 1996تعريفاً "للأمن الغذائى" يعتبر من أكثر التعاريف شيوعاً حتى الأن ويعرف بإسم تعريف منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) وهو "توفير الغذاء لجميع أفراد المجتمع في جميع الأوقات مع توفر الإمكانيات المادية والإجتماعية والإقتصادية للوصول إلى الأغذية المأمونة والمغذية بكميات كافية لتلبية احتياجاتهم وتفضيلاتهم الغذائية لينعموا بحياة نشيطة وصحية" (منظمة الأغذية والزراعة الفاو، 1996 ).
ويشكل الأمن الغذائي تهديداً كبيراً آخر، يدفعه بشكل رئيسي إهمال القطاع الزراعي وتخلفه، الأمر الذي يؤدي إلى سوء الإنتاجية الزراعية وما تزال الاقتصادات العربية تستنزف الموارد الطبيعية المتجددة بشكل غير مستدام، تحفزها أرباح قصيرة الأجل. وهذا يتسبب بإفقار الموارد الأرضية والمائية الشحيحة وتقليل قيمتها للأجيال المقبلة. ويقدَّر معدل الكلفة السنوية للتدهور البيئي في البلدان العربية بنحو 95 بليون دولار، أي ما يعادل 5 في المئة من مجموع ناتجها المحلي الاجمالي عام 2010.
ومن هنا تجدر الإشارة إلى أهمية برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة الذي بدأت مرحلته الاولي بتدشينه من قبل خادم الحرمين الشرفين في التاسع من يناير لعام 2019 كأحد أهم روافد التنمية وبما يتواكب مع رؤية المملكة 2030 في سبيل تحقيق التنمية الشامله المستدامه.
والنهوض بالاقتصاد وأود التنبيه هنا ان هذا البرنامج سيحقق اهدافه أذا أخذنا بعين الإعتبار أهمية العمل على تدوير النفايات العضوية والزراعية والتي يمكن من خلالها توفير الأسمدة والذي من خلاله يتحقق أمران مهمان وهما : تقليل التلوث البيئي وإنتاج أسمدة عضوية دون الحاجة إلى المبيدات التي تتسبب في أضرار أخرى للمحاصيل الزراعية مما يعيق مسيرة التنمية المنشودة من ناحية أخرى.
وأما الدور المحوري في عملية التنمية الريفية المستدامة فهو يبقى للمرأة وخاصة المراة الريفية ودورها في التنمية الريفية على اعتبار أنها تشكل نصف المجتمع وتنجب نصفه الآخر وتعيل حوالي ثلث العالم، فبدلاً من أن تكون المرأة عاملاً مساعداً على تخلف المجتمع فلماذا لا تكون وسيلة فعالة وناجحة في تقدمه بما يحقق منجزاته التنموية ويعمل على الإستفادة من خبراتها وقدراتها التي تختص بها عن الرجال في هذا المضمار وهو المجتمع الريفي والزراعي الذي تلعب فيه المرأة دوراً رئيسياً وفعالاً بوصفها مزارعة وعاملة في المزارع وصاحبة مشاريع ومقدمة الرعاية وقائدة المجتمع فالمرأة الريفية تشكل العمود الفقري للمجتمعات الريفية. فهي في كل مكان تقريبا، تقدّم مساهمات حاسمة لإنتاج الغذاء، وتجهيز الأغذية وتسويقها.
وفي الواقع، لأن المرأة تنتج، وتعالج وتحضّر الكثير من المواد الغذائية المتوفرة، فهي تمثل عنصراً جوهرياً في مجال الأمن الغذائي لأسرتها ولمجتمعها المحلي.
ومن هنا يتبين لنا ان تفعيل برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة لايتحق الا من خلال اتباع الاساليب الزراعيه النظيفه والتى تهدف الي انتاج زراعي امن وصحي خال من الملوثات والإحاطة بدور المرأة الريفية كاحد الاوجه الحقيقيه المساهمه في رسم معالم هذا البرنامج.
الدكتورة عائشة العطوي
جامعة تبوك