تشرفت منطقة تبوك مؤخرا بزيارة ميمونة لقائد البلاد خادم الحرمين الشريفين ،الملك سلمان بن عبدالعزيز ، وولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان ، حفظهم الله ، ومن الطبيعي ان تنعكس هذه الزيارة على المنطقة بالخير وان يتحقق معها الخير والنماء لكافة جوانبها سواء من البنى التحتية ، او المشاريع التحسينية التي تهدف جميعها الى تحقيق الرخاء والرفاهية للمواطن من جهة ، والازدهار والنماء للمنطقة من جهة اخرى ، ومن المعلوم ان اجزاء كبيرة من المنطقة قد حظيت بمشاريع مثل مشروع منطقة نيوم ، ومشروع أمالا ، ومشروع البحر الاحمر ، اضافة الى محمية الامير محمد بن سلمان ، وينتظر من هذه المشاريع العظيمة تحويل المنطقة الى بقعة حضارية تحقق الآمال المرجوة للمملكة العربية السعودية عامة ، وللمنطقة خاصة.
ومن المعروف ان هذه المشاريع انما هي نتاج لعبقرية فذة ، ودراسات معمقة مبنية على مقومات جغارافية وبيئية وجيولوجية وانثروبولوجية وغيرها من عوامل مهمة لضمان جدوى مثل هذه المشاريع العملاقة ، وبطبيعة الحال فالمنطقة تحوي مواقع ثقافية منها ما يحوى اثار تعود لمختلف العصور ، ومنها مايحوي تراث خصب مثل البيئة الساحلية والداخلية، اضافة الى التراث الغير محسوس المتمثل بما يكتنزة سكان المنطقة من عادات وشعر وقصص وتقاليد شعبية مختلفة الالوان.
ومن هذه المواقع موقع الديسة ، الذي يبعد الى الجنوب الغربي من تبوك بمئتين وعشرة كيلو مترات ، في المنطقة الواقعة الى الشمال الغربي من محمية الامير/ محمدبن سلمان ، وسط وادي يعرف بوادي دامة الذي يرتفع ب 400م عن سطح البحر ، وتتميز بمناخها العليل الذي لاينخفض عن اثنتي عشرة درجة مئوية شتاًء واحدى وثلاثين صيفاً ، والديسة تعني الموقع ذو النخيل الكثيف المتشابك ، هذا بالإضافة الى ان المكان اتصف بجبالة العالية ذات الاشكال المهيبة والجميلة وهي المعروفة بجبال قارقر ، كما واشتهر بعيونها الجارية على مدار العام والتي تنضح او تصب من الجبال المحيطة بها والتي تعتبر العين الزرقاء من اشهر عيونها ، بالإضافة الى ما تحمله من مقومات بيئية ، فهي تحوي الكثير من النقوش الثمودية والنبطية والكوفية والإسلامية بالاضافة الى واجهة نبطية وبعض المستوطنات مثل مشيرفة والسخنة.
مؤخراً في زيارة لمهندس وعراب رؤية 2030 صاحب السمو الملكي الأمير/ محمد بن سلمان ولي العهد ، وجه - يحفظه الله - بالبدء في اطلاق مشروع تطوير الديسة وذلك عن طريق صندوق الاستثمارات العامة ، والذي يهدف الى الحفاظ على الموقع بشواهده الحضارية ، والبيئية ، والاستفادة من المناخ ، والتضاريس ، والعيون الجارية في تهيئتها واستثمارها سياحياً ، ومن اجل ذلك سيقوم صندوق الاستثمارات العامة بانشاء شركة تعنى بتطوير المشروع والعمل على خلق قيمة مضافة لسياحة مستدامة ، ان في هذا المشروع ، ومايتبعه - بعون الله - من مشاريع ؛ لاشك سيمثل نقلة نوعية مؤداها ليس تفعيل مواقع الاثار والبيئة وحسب ، بل انها ستوفر فرصا وظيفية هائلة ، لتمثل اولى مشاريع المنطقة السياحية التي ستظهر وفق رؤى ثقافية واستثمارية ، لتتكامل مع بعضها في منطقة نيوم خاصة وتبوك عامة ، وفق الله الجميع لما فيه خير بلادنا الغالية.
محمد بن حمد النجم