×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبد الرحمن بن سعود الحربي

الثغرة الكبرى في لائحة انتخاب الأندية الأدبية
عبد الرحمن بن سعود الحربي

للعمل الإبداعي حساسية مفرطة تجاه الدوائر المغلقة ، التي تحدُّ من انطلاقة المبدع في عوالمه الخاصة به ، فلا يمكن للإبداع أن يتأتَّى في أُطُرٍ لا تتسع لاحتوائه ، كما كانت عليه الحال في الأندية الأدبية ، قبل أن تشرِّع وزارة الثقافة قانون الانتخاب لترشيح أعضاء مجالسها الإدارية ، وهو القانون الذي استبشر به كل من تابع مسيرة الأندية في سنواتها الماضية ، ورأى الآثار السلبية التي ترتبت على القيادة الشللية المبنية على الصداقة أو القبيلة أو المصلحة أو نحوها ...
لا أريد أن أبعث الماضي الذي يوشك أن تُطوى صفحته ، إلا أن القانون الانتخابي الذي استبشرنا به من أول وهلة ، بات كالثوب الذي اتسع خرقه على راقعه ، لولا أن الوزارة أوكلت المهمة إلى مجالس الأندية الحالية ، وهي جزء من الماضي الذي نحاول أن نمحوه من ذواكرنا ، غير أننا نجد أنفسنا تحت وصايته في الحاضر وربما في المستقبل ؛ فإشراك المجالس الحالية في وضع اللائحة الانتخابية ، وترك الحرية لها في اختيار شروط المرشحين لجمعياتها العمومية ، يعيق التغيير الجذري الذي كنا نتطلع إليه .
وبما أن اللائحة أصبحت واقعا مفروضا لا يمكننا الحديث عنه ، فعلينا أن نتحدث عما هو ممكن ، فالرؤية للمجالس القادمة تكاد أن تتشكل لدينا - باستشرافها من خلال المتقدمين لعضوية الجمعية العمومية ، على الأقل حتى هذه اللحظة ، ومما ينذر الأدباء والمهتمين بالأدب ، أن أغلب من تقدم لطلب العضوية لا علاقة له بالأدب لا من قريب ولا من بعيد ، مما يستوجب التدخل العاجل من الوزارة لتضييق الشرط الفضفاض ، الذي يسمح لكل جامعي أن يرشح نفسه بغض النظر عن تخصصه ، أو تقييده بشرط المؤلف الأدبي أو ما يثبت اهتمامه بالأدب ، ولكم أن تتخيلوا طبيبا أو مهندسا أو طيارا - أو غيرهم ممن يحملون الدرجة الجامعية ، ولا علاقة لهم بالأدب - وهم يقودون دفة نادٍ أدبي !! حينها سيصبح النادي الأدبي تحت إدارة الطبيب مَشْفَاً ، وتحت إدارة المهندس مكتبا معماريا ، وتحت إدارة الطيار مَدْرَجاً للهبوط ، وحينها سيدخل مشهدُنا الثقافي التاريخَ من أوسع أبوابه - بما يطفح على واقعه من مهازل !
كما أن المؤسسات الدينية لا يجوز لها أن تتدخل في الشأن الأدبي ، إذ الأدب من أمور الدنيا ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - عندما نهى أهلَ المدينة عن تأبير (تلقيح) النخل ، ورأى أن النخل لا يُطلع من غير تأبير ، قال : ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) .
ونحن لا نريد أن تتكرر تجربة نادي حائل الأدبي في المناطق الأخرى ، فاستبعاد ثلثي الأعضاء يعني أن نفتح جبهة صدامية نحن في غنىً عنها ، لكنني أرى أنه يجب على بعض الأندية التي ما تزال في بداية استقبال طلبات العضوية ، أن تبادر مجالسها باشتراط التخصص الأدبي في الترشيح ، قبل أن يصل عدد غير المتخصصين إلى ما وصل إليه في حائل ، فيعزُّ على من يفتقد الجرأة أن يتخذ القرار حينها ، فتنفضُّ المجالس الحالية عن حماقة لن يغفرها لها التاريخ .
بواسطة : عبد الرحمن بن سعود الحربي
 2  0