×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
ماجد ساعد ابوذراع

وداعاً "أبا أمجد"
ماجد ساعد ابوذراع

( خواطر من المقبرة.. وداعاً أبا أمجد الدكتور ناصر أبوذراع )

تعمدت أن أقف الآن على قبرك بعد يوم من دفنك ياصديقي ...
تعمدت أن أفضفض مع قبرك الصامت المهاب لأقول لك
مسائيات محبوبك الشاي الممزوج بالنعناع
مساء حزني المغلف بالوداع
مساء الحلم الذي هام و ضاع
مساء الوقوف المتعب ...
مساء التفكير المرعب
مساء الذكرى الجميلة ، ودمعة الإلتياع
مساء الضحكة الذي سافرت معك ، مساء الأوجاع التي بقيت هنا.... بين جوانح ماجد ، بعد الوداع

مساء النور. مساء الرحمة.. مساء الحبور ... على كل القبور ... وأخص قبر أخي وصديقي وابن عمي ، وخال أولادي الدكتور : ناصرحمود سلامه أبوذراع


( ساعة لن تنسى ) ...

كان فجر الأحد١٤٣٩/١٠/٩ من أصعب الاوقات لأنه موعد الفراق ، وساعة الرحيل ، ودقائق الفجيعة ، وزمان الصمت الصارخ .

رحل الدكتور أبو أمجد فجرا بوفاة طبيعية على فراشه دون انتظار ، أو موعد ، أو رسالة ، أو إشارة ، أو نظرة ، أو وصية ...
سافر دون أن يحمل الحقائب كالعادة ، ويوّدع ويصافح ويقبل أحبابه عند الباب ... لم يتجشم للمطار ، بل كانت رحلته محجوزة والتذكرة مقصوصة من بيته ومن على سريره إلى مطار دار الآخرة ....

سافر أبو أمجد سفرا لا رجوع بعده ، وبطائرة لن تعود ، ومن مطار لن تحلق منه سوى طائرته
ليكون الموعد الجنة بإذن الله

كان خبر وفاته مرعباً مؤلماً ومحزنًا لجميع من يعرف الدكتور ناصر صاحب الأخلاق الطيبة، والسيرة العطرة، والنوايا الحسنة، والتواضع الجم ،وجمال المعشر، وعذب الألفاظ ، وكمال العطاء والكرم ونبل الصفات ، عُرِفَ بنقاء القلب وصفاء السريرة


(طرف من حياة مكافح )...

وُلد الدكتور ناصر ١٣٩٤ بمدينة الرياض وفي السنوات الأولى من عمره تعرض لحمى في جسده على إثرها أعطي إبرة من طبيب بالخطأ فأصيب بأعاقة دائمة بإحدى رجلية ليتوقف نموها نسبياً فكان في فترة من الفترات يمشي على يديه ورجليه فتحسنت أحواله قليلا فأكمل دارسته الإبتدائية ثم المتوسطة ثم الثانوية وهو على عكازه ثم التحق بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة ليكمل البكالوريوس ثم يكمل الماجستير في قسم الأحياء ، ثم يبتعث إلى نيوزلندا ليمكث بها عدة سنوات من ضمن برنامج الدكتوراة ثم يواصل دراسته في جامعة جدة وقبل ثلاثة أسابيع في شهر رمضان ١٤٣٩ ناقش رسالته في الدكتوراه فمنح درجة الإمتياز مع مرتبة الشرف وتمت التوصية على نشر بحثه من قبل اللجنة المانحة

( عريس غائب )

فرح مقربوه بتفوقه ونحاحه وإكتمال فرحته فكان من ترتيبات العائلة أن يقام له حفل بهذا المناسبة بمدينة تبوك خلال الأيام القادمة فتمت تجهيز بعض مستلزمات الحفلة ولكن الناس تريد والله يفعل مايريد ومشيئة الله فوق كل مشيئة ...
فينزل الخبر كأنه الصاعقة ..
لتؤجل جميع المراسم ، وتقيض الخيام ، وتتوقف الأقلام ، وتنطفئ الشموع بدموع محبيه ، وتؤجل الهدايا، وتطوى الأقمشة الحريرية ، والورود المجففة لوقتٍ آخر فالعريس غائب ، والحبيب مضى نحو ربه ليكتمل عرسه هناك فهناك ثمة فرح ، وثمة سعادة ، وثمة سكينة .


هنا ... تنحدر دموعي على صحن خدي رغما عني ويتوقف مداد حبري ، وتتخبط يدي لمواقف جميلة عالقة لا استطيع ذكرها مع هذا الإنسان العزيز ...

آن أن ترتاح أبا أمجد ، اجهدت نفسك بطلب العلم ، وتحصيل المعارف، أنفقت مالك ، وحُرمت الجلوس مع ابنائك وإخوانك للوصول للهدف الأسمى ، والأمنية السامية فوصلت وصول الأبطال بفضل الله ثم بكفاحك ومواصلتك

شهدت لك قارة أوربا وجامعاتها ، ومطارات أسيا وسفاراتها ، حلقت فوق سمائها مهاجرا ، طالبا للعلم ، حاملا أقلامك ، فارداً أوراقك ، مرهقاً جسدك عازما على تحقيق مرادك ، فنعم العزيمة والهمة والهدف ..

(اللقاء الأخير )...

فعندما علمت بوفاته توجهت للمستشفى بخطى ثقيلة ، كمشية المهزوم من المعركة ، او كسير القطار عند بداية صفارة مسيرة ، وقف عند رأسه ورفعت الغطاء عن وجهه

كان وداعي له مختلفا ً
وشعوري مختلفاً
والمكان مختلفاً
والوقت مختلفاً

كانت المعايدة في قسم الحالات الحرجة بالمستشفى بادرته بقُبلتةٍ على جبينه البارد الذي فارقته الروح قبل سويعات، لتكون النظرة الأخيرة إلى يوم يبعثون


هكذا يا ابنائي ...كان خالكم ناصر .. هكذا يابني هشام كان خالك قلعة في الصبر ، وروح التحدي ، وعزيمة المؤمن ، في طلب العلم وتحصيله ، هذه الكلمات شذرات مسافر ،و طيف من أطياف ، قطرة من بحر ، وإلا في الذاكرة مواقف لا تحويها مقالة أو مقالات
أود ان لاتنسوه من خالص دعائكم.

وتقبلوا تحيات محبكم


ماجد بن ساعد بن عليان أبوذراع البلوي
خطيب جامع إسكان الأمن بمنطقة تبوك
حرر مساء الاثنين ١٤٣٩/١٠/١٠
بواسطة : ماجد ساعد ابوذراع
 1  0