انتشر في السنوات القليلة الماضية نوع من الموروث الغنائي الشعبي الخالي من الآلات الموسيقية الوترية والإيقاعية والمسمى محليا بالشيلات الغنائية ، وركز هذا الموروث في الأعوام القريبة المنصرمة على التفاخر بالأحساب والأنساب بشكل لافت وغير مقبول ، و إشعال نار العصبية القبلية وغرسها في نفوس الأجيال وباتت تردد في المناسبات ، ووسائل الإعلام وخاصة القنوات الفضائية الخاصة ، ومما ساعد على انتشار هذا النوع من الغناء في بلادنا غض الطرف المتعمد من بعض المؤسسات المسؤولة عن نشر المواد الإعلامية المؤثرة في توجهات المجتمع ، و إتاحة الفرصة للمنتجين والمنشدين في زيادة كمية المواد الإعلامية المؤثرة بشكل سلبي على وحدة وتكاتف أبناء مجتمعنا السعودي ، ولا تخلو مناسبات الأفراح من هذا النوع من الفن الشعبي ؛ حتى وأنت جالس في سرادق و قاعات الأفراح تحاصر مسامعك كلماتها بصوت مرتفع وبنغم غنائي يتعاطف معه كثير من الحاضرين ، وتأثيرها الأخطر يمتد للأطفال والمراهقين الذين هم في سن المدارس فينقلوها إلى زملائهم داخل المدارس ويرددوها للتفاخر ووصم غيرهم ، ويروون لأقرانهم أنهم أفضل قبيلة وعائلة مما يسبب التشاجر والخروج على الآداب العامة واحترام عامة المجتمع ، وهذا كله يعود باللائمة على الشيلات الغنائية المتضمنة التفاخر بالقبائل والأسر والتي لاقت قبولا من بعض المؤسسات الإعلامية الربحية وشجعت المنشدين الغنائيين على الإنشاد والتغني بها ، وظهرت أعداد من المؤدين لها الذين قد يتمتعون بصوت حسن وجيد ويتلقون أجور مرتفعة ممن يبحثون عن المديح والإطراء الزائد لهم ولقبائلهم غير مدركين لخطر العصبية القبلية ، وتفشيها بين أجيال المجتمع وغرس التناحر والشقاق بينهم ونشر الكراهية والعداء المستمر ، ونادرا ما نجد هذا النوع من التفاخر بين شرائح المجتمع الواعية والتي وصلت لدرجات علمية عالية لأن هذه الشرائح تدرك خطر هذا النوع من الغناء على أبناء المجتمع وتماسكه و الوحدة الوطنية ؛ فالجميع سواء ومن يريد التميز يجد الأبواب العديدة له مشرعة سواء بالإبداع والعمل وخدمة الوطن والمجتمع والإخلاص والدفاع عن الدين والوطن ، إننا بحاجة دائمة إلى الوحدة الوطنية ونبذ أي تطرف مجتمعي وتجريم وسائله والقائمين عليه ؛ لأن الوطن للجميع وأهل الوطن سواسيه عند ولاة الأمر حفظهم الله فلا مجال للمزايدة ، وشق الصف وغرس الكراهية والبغضاء بين أبناء الوطن .