بث الإيطالي أنطونيو ميوتشي البهجة والسرور والأجواء السعيدة في نفوس البشرية باختراعه الهاتف الثابت ، و فارق الدنيا وكانت البسمة لا تفارق محياه كلما تذكر اختراعه العظيم وخدمته للبشرية ، و إن كان اختراعه لا يعمل إلا بالأسلاك والأجهزة الثابتة ، وبعد رحيله بسنوات طويلة جاء مارتن كوبر واخترع الهاتف المتحرك ، ولم يدر بخلده أن اختراعه سوف يتسبب بموجات إدمان غير مسبوقة في طول مدة الاستخدام ، وبإزهاق الآلاف من الأرواح البشرية نتيجة سوء الاستخدام خاصة أثناء قيادة المركبات ، إذ تعاني الأرواح البشرية في عصرنا الحالي من تحديات وأخطار جسيمة بسبب استخدام أجهزة الجوال والانشغال بها أثناء القيادة ، وأصبح من الشائع أن نشاهد الجوال بين الأيدي أثناء تجاوز المركبات أو السير خلفها أو الانعطاف في الطرق حتى أن مجرد التأخير في التحرك عند الإشارات الضوئية يكونه سببه متابعة شاشة الجوال ، وما يجري خلفها من أحداث وتواصل مع المحيط الخارجي للسائق فتضطر مرغما لاستخدام المنبه الصوتي لتنبيه المركبات المتوقفة لتبدأ بالتحرك قبل بداية اشتعال الضوء الأحمر معلنا إجبار التوقف الكلي والسماح لجهة أخرى من الطريق ببداية انسياب الحركة المرورية ، و يعد الانشغال بأجهزة الجوال أثناء القيادة من السائقين سلوك قاتل و محفوف بالمخاطر ونهايته الفشل المؤكد والعاقبة الوخيمة ؛ لأنه من المستحيل أن يتقن السائق استخدام الجوال والقيادة في نفس التوقيت دائما ، فالعقل البشري مهما بلغ من الذكاء لا يمكنه التنسيق التام والإتقان بين أكثر من حدث وأمر جوهري متزامنة في التو واللحظة ، و كل منها يتطلب الرد والتفاعل بدقة من السائق ؛ فقد ينحاز السائق للاستجابة مع الجوال وحديث المتصل فيفقد القدرة على التركيز على القيادة والمحافظة على الطريق فيتعرض للخطر المباشر ، ويعرض من في الطريق للموت المحقق ، ولا يكتفي كثير من السائقين بإجراء المكالمات الهاتفية باستخدام الجوال بل تتجاوز الأمور إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أثناء السير في الطريق بالكتابة والرسائل الصوتية ، والتصوير اللحظي الثابت والمتحرك ووصف حالة الطريق وما يلاحظه وقد يصاحب ذلك تصفح بعض الصفحات الإلكترونية ، وقراءة الرسائل والردود والتعليق عليها وكل ذلك يشغله عن القيادة الصحيحة الآمنة فيتسبب بوقوع الحوادث الشنيعة ودهس للمشاة على قارعة الطريق ، و من المؤلم بحق أن بعضا من حوادث أجهزة الجوال المفجعة تم توثيقها قبل وأثناء وقوعها من السائقين أنفسهم بسبب انشغالهم بالتصوير ، وبقيت المشاهد المؤلمة تعرض على شاشات وسائل التواصل الاجتماعي ، و أصحاب المشاهد في غياب أبدي فلقد فارقوا الحياة ،وبقي سوء استخدام أجهزة الجوال عبرة لمن يبحث عن السلامة .
كتبه / نواف بن شليويح العنزي
كتبه / نواف بن شليويح العنزي