بعد ثورة المعلومات والاتصال والوسائط وتبسيط الأجهزه ودمجها في عصرنا الحالي
يستطيع حتى طفل في الرابعه من عمره أن يتعامل شكليا مع التقنيه الحديثه وأن يستخدم الحاسبات وأجهزة الاتصال وأن يلتقط الصور ومقاطع الفيديو من خلال أجهزة الجوال الذكيه ، ويستطيع أي شخص أن يكون المصور المحترف والمخرج والكاتب وأن ينشر كتاباته وأفكاره وصوره مهما كانت قيمتها خلال ثوان وبدون انتظار موافقة أي جهه
ومع هذا التسارع المخيف في ثورة المعلومات ووسائل الاتصال لن يكون للذكاء أو التخصص أو الرقابه أي قيمه
فما هو الحل المناسب لمواكبة هذا العصر والتعامل مع التقنيه التي يستخدمها الجميع بشكل آمن ومسؤول يجنبنا الكثير من التعقيدات ويحسن صورتنا أمام العالم ويجعلنا نستفيد ونتقدم ونشارك بدلا من التعامل معها بشكل استهلاكي بدائي يعيدنا للوراء لان استخدام التقنيه وامتلاك الاجهزه الحديثه لايعني التحضر والرقي بكل الأحوال وقد يكون مجرد وسيله عصريه لممارسة التخلف والهمجيه مع استحالة الرقابه والتدقيق على هذا الكم الهائل من المعلومات
الحل بكل بساطه هو أن نتقدم على المستوى الإنساني وأن نتحضر بالسلوك والأفكار وأن نتحصن بالوعي لنستطيع التعامل مع هذا التطور لان التقنيه أصبحت ملك للجميع والنشر متاح لكل انسان يملك جهاز ذكي وهو المسؤول عن نفسه وعن محتوى ماينشره
لكن المؤسف أن مايحدث هنا هو العكس تماما !
ففي السعوديه يمكن الحصول بسهوله على جوال ذكي مزوّد بكاميرا ويستخدم الجميع الانترنت وبسبب تطور هذه التقنيه في السنوات الأخيره أصيب الشعب بحمى التصوير والتوثيق وهي حمى عالميه لكنها تفشت هنا بشكل أخطر وتحولت لوباء
و كنا ننتقد تصوير اللحظات الخاصه وتصوير الطعام وتوثيق الناس ليومياتهم وحتى عباداتهم أو تصرفاتهم الانسانيه التي أفقدها التصوير صدقها وعفويتها كالكرم والتواضع وحسن الخلق رغم ان هذه الصور تدخل في باب الحريات الخاصه ومن الواجب احترامها لكن الانتقاد كان بسبب المبالغات والأخطاء التي صاحبت هذه الممارسات مثل التصوير أثناء قيادة السيارات وتصوير الاطفال وتصوير مظاهر الترف والتبذير
ثم دخلنا في مرحلة جديده وهي الأخطر وهي التي ستجعلنا نتراجع خطوات كبيره للوراء اذا استمر الوضع على ماهو عليه
وهذه المرحله هي مرحلة الاعتداء على حريات الآخرين وانتهاك خصوصياتهم وتصويرهم بدون اذن والاسائه لهم بشكل خطير بسبب هذه الصور التي تنتشر بسرعة البرق وتصبح في متناول الجميع ليستخدمها كل سفيه وكل جاهل وكل فاسد نصب نفسه حارسا للفضيله وكل متخلف لايراعي حرمات الناس ولا يخاف الله وكل مؤلف منافق من كتاب الواتس ووعاظه من أنصاف المثقفين وأرباعهم والمفلسين ثقافيا
وكل ناقل ساذج لهذه الصور غير مدرك لخطورتها وحساسيتها
من السهوله التقاط الصور للآخرين والاعتداء على خصوصياتهم لكن من الصعوبه تخيل الاثار المترتبة على هذه الجريمه أوالإحساس بمعاناة صاحب الصوره أو معرفة مدى الالم والحرج الذي وقع به أو حجم المشاكل التي عاناها ويعانيها بسبب تلك اللقطه وقد تكون مشاكل خطيره جدا لو علم بها ذلك المصور وأدرك حجم الذنوب التي تراكمت عليه بسبب إسائات الناس وتعليقاتهم على صاحب الصوره لتمنى لو لم يلتقطها
وفِي هذه الأيام انتشرت صوره لمواطن ملثم بجانب زوجته أو قريبته في ملعب كرة قدم وهي صوره عاديه جدا لرجل يمارس حياته اليوميه ويعيش خصوصيته وقناعته ولم يؤذي أحد أو يتعدى على أحد أو يخالف القانون ولم يظهر بمظهر شاذ يخالف الدين أو تقاليد المجتمع ولا يعلم أحد سبب طريقة لباسه في تلك اللحظه رغم أنها حريه شخصيه بحته
ومع ذلك كله
رأينا تعليقات مخجله على الصوره في وسائل التواصل الاجتماعي ورأينا إسائات وتلميحات ورأينا أحكام مسبقه ووصلت الامور للطعن بكرامة وشرف ذلك الرجل وتأليف قصائد هجاء وكتابة اطروحات عن فساده وقلة رجولته والعياذ بالله
وكل ذلك بسبب صوره التقطها أحدهم بكل سهوله ونشرها بكل سهوله وفتح الباب على مصراعيه لكل من هب ودب ولكل سفيه ولكل عديم ضمير ولكل منافق يتشدق بالاخلاق علنا ويمارس الفساد سرا ولكل متخلف يريد تفصيل كل الشعب السعودي على مقاس عقله وبيئته وقناعته ولكل إمعه يسير على نهجهم للإسائه لمواطن بريء يعلم الله وحده درجة معاناته الحاليّه بسبب تلك اللقطه..
واذا استمر الحال على ماهو عليه ولم تتوقف هذه التجاوزات ولم يحاسب كل منتهك لخصوصيات الناس وحرياتهم وحرماتهم سيتقدم العالم من حولنا ويزداد تحضرا ورقيا وستتقدم وسائل الاتصال ونحن سنتراجع للوراء ونزداد تخلفا ونستمر بإستخدام التقنيه الحديثه وحمل أسفار العالم ومخترعاته بدون وعي وسنفقد أخلاقنا وانسانيتنا ومبادئنا وهي كل مانملكه في الوقت الحالي.
مشهور عوض
Farestabouk@hotmail.com
يستطيع حتى طفل في الرابعه من عمره أن يتعامل شكليا مع التقنيه الحديثه وأن يستخدم الحاسبات وأجهزة الاتصال وأن يلتقط الصور ومقاطع الفيديو من خلال أجهزة الجوال الذكيه ، ويستطيع أي شخص أن يكون المصور المحترف والمخرج والكاتب وأن ينشر كتاباته وأفكاره وصوره مهما كانت قيمتها خلال ثوان وبدون انتظار موافقة أي جهه
ومع هذا التسارع المخيف في ثورة المعلومات ووسائل الاتصال لن يكون للذكاء أو التخصص أو الرقابه أي قيمه
فما هو الحل المناسب لمواكبة هذا العصر والتعامل مع التقنيه التي يستخدمها الجميع بشكل آمن ومسؤول يجنبنا الكثير من التعقيدات ويحسن صورتنا أمام العالم ويجعلنا نستفيد ونتقدم ونشارك بدلا من التعامل معها بشكل استهلاكي بدائي يعيدنا للوراء لان استخدام التقنيه وامتلاك الاجهزه الحديثه لايعني التحضر والرقي بكل الأحوال وقد يكون مجرد وسيله عصريه لممارسة التخلف والهمجيه مع استحالة الرقابه والتدقيق على هذا الكم الهائل من المعلومات
الحل بكل بساطه هو أن نتقدم على المستوى الإنساني وأن نتحضر بالسلوك والأفكار وأن نتحصن بالوعي لنستطيع التعامل مع هذا التطور لان التقنيه أصبحت ملك للجميع والنشر متاح لكل انسان يملك جهاز ذكي وهو المسؤول عن نفسه وعن محتوى ماينشره
لكن المؤسف أن مايحدث هنا هو العكس تماما !
ففي السعوديه يمكن الحصول بسهوله على جوال ذكي مزوّد بكاميرا ويستخدم الجميع الانترنت وبسبب تطور هذه التقنيه في السنوات الأخيره أصيب الشعب بحمى التصوير والتوثيق وهي حمى عالميه لكنها تفشت هنا بشكل أخطر وتحولت لوباء
و كنا ننتقد تصوير اللحظات الخاصه وتصوير الطعام وتوثيق الناس ليومياتهم وحتى عباداتهم أو تصرفاتهم الانسانيه التي أفقدها التصوير صدقها وعفويتها كالكرم والتواضع وحسن الخلق رغم ان هذه الصور تدخل في باب الحريات الخاصه ومن الواجب احترامها لكن الانتقاد كان بسبب المبالغات والأخطاء التي صاحبت هذه الممارسات مثل التصوير أثناء قيادة السيارات وتصوير الاطفال وتصوير مظاهر الترف والتبذير
ثم دخلنا في مرحلة جديده وهي الأخطر وهي التي ستجعلنا نتراجع خطوات كبيره للوراء اذا استمر الوضع على ماهو عليه
وهذه المرحله هي مرحلة الاعتداء على حريات الآخرين وانتهاك خصوصياتهم وتصويرهم بدون اذن والاسائه لهم بشكل خطير بسبب هذه الصور التي تنتشر بسرعة البرق وتصبح في متناول الجميع ليستخدمها كل سفيه وكل جاهل وكل فاسد نصب نفسه حارسا للفضيله وكل متخلف لايراعي حرمات الناس ولا يخاف الله وكل مؤلف منافق من كتاب الواتس ووعاظه من أنصاف المثقفين وأرباعهم والمفلسين ثقافيا
وكل ناقل ساذج لهذه الصور غير مدرك لخطورتها وحساسيتها
من السهوله التقاط الصور للآخرين والاعتداء على خصوصياتهم لكن من الصعوبه تخيل الاثار المترتبة على هذه الجريمه أوالإحساس بمعاناة صاحب الصوره أو معرفة مدى الالم والحرج الذي وقع به أو حجم المشاكل التي عاناها ويعانيها بسبب تلك اللقطه وقد تكون مشاكل خطيره جدا لو علم بها ذلك المصور وأدرك حجم الذنوب التي تراكمت عليه بسبب إسائات الناس وتعليقاتهم على صاحب الصوره لتمنى لو لم يلتقطها
وفِي هذه الأيام انتشرت صوره لمواطن ملثم بجانب زوجته أو قريبته في ملعب كرة قدم وهي صوره عاديه جدا لرجل يمارس حياته اليوميه ويعيش خصوصيته وقناعته ولم يؤذي أحد أو يتعدى على أحد أو يخالف القانون ولم يظهر بمظهر شاذ يخالف الدين أو تقاليد المجتمع ولا يعلم أحد سبب طريقة لباسه في تلك اللحظه رغم أنها حريه شخصيه بحته
ومع ذلك كله
رأينا تعليقات مخجله على الصوره في وسائل التواصل الاجتماعي ورأينا إسائات وتلميحات ورأينا أحكام مسبقه ووصلت الامور للطعن بكرامة وشرف ذلك الرجل وتأليف قصائد هجاء وكتابة اطروحات عن فساده وقلة رجولته والعياذ بالله
وكل ذلك بسبب صوره التقطها أحدهم بكل سهوله ونشرها بكل سهوله وفتح الباب على مصراعيه لكل من هب ودب ولكل سفيه ولكل عديم ضمير ولكل منافق يتشدق بالاخلاق علنا ويمارس الفساد سرا ولكل متخلف يريد تفصيل كل الشعب السعودي على مقاس عقله وبيئته وقناعته ولكل إمعه يسير على نهجهم للإسائه لمواطن بريء يعلم الله وحده درجة معاناته الحاليّه بسبب تلك اللقطه..
واذا استمر الحال على ماهو عليه ولم تتوقف هذه التجاوزات ولم يحاسب كل منتهك لخصوصيات الناس وحرياتهم وحرماتهم سيتقدم العالم من حولنا ويزداد تحضرا ورقيا وستتقدم وسائل الاتصال ونحن سنتراجع للوراء ونزداد تخلفا ونستمر بإستخدام التقنيه الحديثه وحمل أسفار العالم ومخترعاته بدون وعي وسنفقد أخلاقنا وانسانيتنا ومبادئنا وهي كل مانملكه في الوقت الحالي.
مشهور عوض
Farestabouk@hotmail.com