العالم وأشراط الحرب النووية
إن الاستغراب مما يحدث في العالم هذه الأيام ، والاندهاش من الأحداث المتتالية، يصيب فقط من لم يكن له دراية بما يعانيه العالم من اضطرابات منذ نهاية الحرب الباردة ، ومن هم عائشون في ذرى التاريخ ولم يسبروا غوره بصورة صحيحة ، حيث العالم يحيا اليوم مناخ خطر المواجهات في ظل معضلات دولية هائلة لم تحل بعد ، وهزات اجتماعية ولدتها الثورة التكنولوجية و مشكلات كونية حادة . والبشرية اليوم تقف أمام مهام لم تشهد لها مثيلا ، مهام ستضع مستقبل البشرية موضع تساءل اذا لم تحل بجهود مشتركة ، ولا ريب أن أغلب السيناريوهات التي قد تتطور وفقها الأحداث ، هو أفق الهلاك النووي وثمة شيء آخر يكمن في ثنايا المشكلة هو اجراء التجارب الصاروخية و النووية الكورية الشمالية ، التي تتطور بصورة حلزونية وما يحمله ذلك من رسائل للعالم ، وبالأخص أميركا وحلفائها ، مما يعيق الاعتماد على التعاون بين البلدان والشعوب ، حيث العالم اليوم ليس كعالم الأمس ، ويستحيل حل المشاكل على أساس التفكير الموروث عن العقود السابقة . عالم اليوم يشكل وحدة متكاملة رغم تناقضاته ، ورغم تنوع انظمته السياسية والاجتماعية القائمة ، فكلنا ركاب سفينه واحدة هي الأرض ، ولايجوز السماح بتدميرها ، لانه لن تتوفر لنا سفينة نوح مرة ثانية . والواقع العالمي اليوم يبرهن على أن الشعوب لن تقبل ادعاءات الهيمنة واطماع السيطرة الكونية من جانب أمريكا ، وعليها الإقرار أن من حق كل شعب أن يحيا طبقا لقوانينه وقواعده ، وعاداته ، وتقاليده ، وعلى العالم التوجس من تصعيد المواجهة بين أمريكا ، وكوريا الشمالية ، لأن ذلك يهدد في أسوأ الأحوال بنشوب حرب نووية ، حيث يصر الكوريون على أن تجاربهم بمثابة ردع للعدو الخارجي ، والولايات المتحدة تعتبر هذه التجارب تهديد لأمنها و أمن حلفائها ، ويظهر أن تكرار ييونغ يانغ لتجاربها الصاروخية والنووية ، برهان على عدم خضوعها للتهديدات ، ورغبتها إلزام العالم بقبولها عضو في النادي النووي ، ومن المؤكد بأن كوريا الشمالية اكتسبت خبرة في كيفية اثارة الادارة الأمريكية ، ووضعها في زاوية حرجة ليتعذر معها الرد العسكري ، لما يترتب على ذلك من تبعيات ولا سبيل إلا تصعيد سلم العقوبات ، ولكن الجانب الأمريكي قد كرر التهديد على لسان الرئيس ووزير دفاعه ،بشن عمل عسكري ضخم ، مؤكدين جاهزية أمريكا لاستخدام كامل قدراتها للدفاع عن أمنها و أمن حلفائها ، وربما أن الولايات المتحدة تلجأ إلى استعداء كوريا الشمالية ، والتهديد حيال برنامجها النووي ، بغرض الإبقاء على كوريا عدو قائم ، تستخدمه للإبقاء على مصالحها ، وتواجدها في المنطقة المحيطة بكوريا ، كما فعلت مع إيران في الشرق الأوسط ، بحجة الحماية من التهديدات التي برعت في إيجادها ، ودعمها والترويج لضرورة الاستعانة بها ، وتغذية روح الزعامة ، وعناصر القوة لديها .ولكن تصاعد المواجهة بين الطرفين يزيد من احتمال اندلاع الحرب النووية عن طريق الصدفة او بسبب عطل تكنيكي أو انهيار عصبي لأحد الرئيسين وسيكون ثمن ذلك كل ماهو حي على وجه الارض وأغلب الظن أن دول العالم متفقة على أن حرب كهذه خطر يهدد الجميع بالفناء ، لاسيما وأن تداعياتها ستشمل دول نووية أخرى مثل روسيا ، والصين ، وأوروبا . وقد تنبأ هنري كيسنجر - وزير الخارجية الأمريكي الأسبق - بقرب قيام الحرب العالمية الثالثة ، وربما تكون الأزمة الكورية الحالية سبب لبدئها ، حيث قال ( عندما تتحرك روسيا والصين من غفوتهما ، ستكون الحرب الكبرى قد وقعت ، ولن ينتصر فيها سوى أمريكا و اسرائيل ، وأكد أن على اسرائيل القتال بكل ما أوتيت من قوة ، واستخدام الأسلحة الفتاكة لقتل اكبر عدد من العرب ، وبين أن الشباب الأوروبي والأمريكي تلقوا تدريبات جيدة ، وعندما تصدر لهم الأوامر لمحاربة "الدقون المجنونة " فسوف يحولونهم إلى رماد . ويؤكد أنه يحلم بهذه اللحظة التي تتحقق فيها رؤيته للأحداث لتتمكن أمريكا الماسونية من بناء مجتمع عالمي جديد ))
فهل تتسبب انفعالات الرئيس الأمريكي وطفولية الرئيس الكوري الشمالي بأنطلاق صفارات الانذار ببدء الحرب العالمية الثالثة ؟
فهل تتسبب انفعالات الرئيس الأمريكي وطفولية الرئيس الكوري الشمالي بأنطلاق صفارات الانذار ببدء الحرب العالمية الثالثة ؟
عضو مجلس المنطقة
اللواء متقاعد عبدالله كريم العطيات