وميض نار تحت الرماد!
لم تكن ازمة الخليج حدثا عابرا في تاريخ أمتنا ،بل أيقظت في الضمائر الأسى والحزن حيث تخللت مراحلها حالة من العبث والمكائد ،ومن المؤكد بأن مخرجاتها الأخرى أعدت بعناية فائقة . بين عشية وضحاها اختفت من الأعالي قيم المحبة والأخاء ، والتي كانت ثوابت في مرآة الخليج كالقمم الشاهقة . ليس المهم الاعلام الهائج الذي امتطى الأزمة منذ بدئها ، لكن الخطر كل الخطر هو السقوط المفاجئ لكافة الشعارات التي عايشها أبناء الخليج خلال أربعة عقود من تأسيس المجلس . لقد كانت أول التأثيرات التي اجتاحت دول الخليج هي تكون أجواء من العداء ليس فقط على مستوى الأسر الحاكمة وإنما أيضا على مستوى الشعوب ،التي تفاعلت مع الإعلام المرجف ، وأنجرفت في مزالق غير أخلاقية من سب وشتم وخوض في الأعراض . إنها مفاجأة العصر التي دفعت بعقول البعض للتدثر بالخداع الامريكي ضاربةً بعرض الحائط كافة الوعود والمواثيق التي قطعت للأشقاء من أجل مصالح أنانية هابطة ، ورؤية قاصرة ، ولكن التاريخ كفيل بكشف جميع هذه الشعارات المخادعة. ان حدت الازمة جعل من المستحيل الهروب والتخلص منها ، لذا كم هو مفجع أن تجد أشقاء الأمس يتسابقون لكسب مواقف الأعداء . في ظل توجه الأزمه إلى حرب إعلامية بكل امتياز ، فهل دول الخليج متجهه إلى قطيعة ستطول في ظل الشواهد ، حيث الجميع أمام خيارات سياديه سيمارسها الكل وفق المصالح الوطنية.
ولو نظرنا إلى نتائج زيارات وزراء خارجية أمريكا وبعض الدول الغربية ، فسوف نلاحظ أن أقصى ماحققته هذه الزيارات هو خفض مستوى التوتر بين الأطراف بما ينسجم مع الضوابط الامريكية ، على أن يستمر التراشق السياسي و الإعلامي على أشده بين الفرقاء ، ومن المؤكد أن ممارسة الضغوط السياسية على دول الخلاف ستستمر خلال الفترة القادمة ، لتكريس بذور الشقاق ، والإبقاء على العلاقات متوترة لسنوات قادمة ، حيث أن أمريكا في هذا العقد بحاجة إلى تحقيق مكاسب اقتصادية ملحة ، وهذا يحتم عليها أن تقوم بدور البوليس الغير مؤدب ، وبما ان السعي البطيء للسيطرة على الموارد في الخليج لن يحقق الأهداف الامريكية ، لذا فإن الاستراتيجية تحتم السيطرة العاجلة على إيرادات المنطقة من خلال التأهيل العسكري لدولها ولعب دور سياسي رائد بحجة توفير الأمن والاستقرار لها . والاستراتيجية الأمريكية تعتمد ظاهريا على الصداقات في المنطقة ، وإذا فشلت في كسب تجاوب الأصدقاء من الحكام ، يتم اللجوء إلى خلق النزاعات المحلية بين هذه الدول ، حسب ماتقتضيه المصلحة من اشغال للحكام فيما بينهم بدلا من مواجهتهم لها ، وإذا تعذر إثارة المشاكل ، فسيتم اللجوء إلى توريطهم في سياسات خاطئة تمس الأمن فيما بينهم مما يهدد الاستقرار ، ويتيح لها لعب دور مباشر للسيطرة على مجريات الأحداث . ولا يجب أن تكون هذه الاستراتيجية الحذرة ثابته أو محددة بمعايير جامدة ، بل يجب أن تكون متغيرة وفقا للظروف السياسية في المنطقة ، وهي من اختصاص ( الرئيس - الأمن القومي -وزارة الدفاع - وزارة الخارجية ) ولو نظرنا إلى قبلة الحياة التي منحها - وزير الخارجية الأمريكي - تيلرسون لقطر من خلال توقيع الاتفاق الثنائي معها لمحاربة الارهاب ، نجد أن الدول الأربع الأخرى قابلتها بالرفض قبل أن يجف حبرها . و الأزمة مع قطر قد تطول ،وقد سبق وأن عانت إحدى دول الخليج حالة مماثلة ، حيث قامت بريطانيا عام ١٩١٨ بحصار الكويت قرابة العشرون عاما ، بتهمة وقوفه مع تركيا ، ومرور الأسلحة عن طريقه إلى فلسطين - حسب ماذكره حمد السعيدان في مختصر موسوعته و حسين خزعل في تاريخه - .
إن عدم الانهاء العاجل لأزمة الخليج هو الخطر الأكبر الذي لايتوقف على اثارة الشكوك في الاذهان ، ولكنه يمتد مع الزمن إلى التاثير على الأوضاع الأمنية ، ويجعل دول المنطقة مسرحا للتجاذبات الاقليمية والدولية ، ، ومن الثابت أن التجاذبات سوف ينتج عنها وجهات نظر غير متطابقة ، وأحيانا تكون متعارضة مما يطيل أمد الازمة ويزيد تشعباتها . كل من ينظر حولنا يتبين له ان البلاء يزيد والفتن تعظم والخطر محدق من كان يظن ان يحدث في دول الخليج ماحدث وهي التي كانت كاالسماء الصافية قبل ان تتلبد الغيوم وتتكاثر تدفعها رياح تزمجر ورعود تقصف وما ذلك الا انذارات لعاصفة هوجاء قادمة سوف تقتلع كل ماتجد امامها وبما أن حكام الخليج هم خير من يدرك جيدا أن أوضاع دولهم وشعوبها متشابكة جدا وان الامر لايتوقف على المقاطعة والتراشق الاعلامي لان تحت الرماد وميض نار كما قال (نصر بن سيار) أرى تحت الرماد وميض نار ويوشك ان يكون لها ضرام فإن النار بالعودين تذكى وان الحرب مبدأها كلام.
لذا يجب أن يكون الجميع تواقون إلى طي صفحة هذا الخلاف الذي يعد الأسوأ في تاريخ الخليج على الإطلاق ، واتخاذ قرار جماعي للحل ، واعتماد رؤية للمستقبل ، والاحتفاظ بماء الوجه المتبقي ، وإدراك أن خلخلت الخليج بخلق الازمات السياسية ، وماينتج عنها من فراغات لن يملؤها الهواء ، بل الطامحون من كل مله.
عضو مجلس المنطقة
اللواء متقاعد/ عبدالله بن كريم العطيات
لم تكن ازمة الخليج حدثا عابرا في تاريخ أمتنا ،بل أيقظت في الضمائر الأسى والحزن حيث تخللت مراحلها حالة من العبث والمكائد ،ومن المؤكد بأن مخرجاتها الأخرى أعدت بعناية فائقة . بين عشية وضحاها اختفت من الأعالي قيم المحبة والأخاء ، والتي كانت ثوابت في مرآة الخليج كالقمم الشاهقة . ليس المهم الاعلام الهائج الذي امتطى الأزمة منذ بدئها ، لكن الخطر كل الخطر هو السقوط المفاجئ لكافة الشعارات التي عايشها أبناء الخليج خلال أربعة عقود من تأسيس المجلس . لقد كانت أول التأثيرات التي اجتاحت دول الخليج هي تكون أجواء من العداء ليس فقط على مستوى الأسر الحاكمة وإنما أيضا على مستوى الشعوب ،التي تفاعلت مع الإعلام المرجف ، وأنجرفت في مزالق غير أخلاقية من سب وشتم وخوض في الأعراض . إنها مفاجأة العصر التي دفعت بعقول البعض للتدثر بالخداع الامريكي ضاربةً بعرض الحائط كافة الوعود والمواثيق التي قطعت للأشقاء من أجل مصالح أنانية هابطة ، ورؤية قاصرة ، ولكن التاريخ كفيل بكشف جميع هذه الشعارات المخادعة. ان حدت الازمة جعل من المستحيل الهروب والتخلص منها ، لذا كم هو مفجع أن تجد أشقاء الأمس يتسابقون لكسب مواقف الأعداء . في ظل توجه الأزمه إلى حرب إعلامية بكل امتياز ، فهل دول الخليج متجهه إلى قطيعة ستطول في ظل الشواهد ، حيث الجميع أمام خيارات سياديه سيمارسها الكل وفق المصالح الوطنية.
ولو نظرنا إلى نتائج زيارات وزراء خارجية أمريكا وبعض الدول الغربية ، فسوف نلاحظ أن أقصى ماحققته هذه الزيارات هو خفض مستوى التوتر بين الأطراف بما ينسجم مع الضوابط الامريكية ، على أن يستمر التراشق السياسي و الإعلامي على أشده بين الفرقاء ، ومن المؤكد أن ممارسة الضغوط السياسية على دول الخلاف ستستمر خلال الفترة القادمة ، لتكريس بذور الشقاق ، والإبقاء على العلاقات متوترة لسنوات قادمة ، حيث أن أمريكا في هذا العقد بحاجة إلى تحقيق مكاسب اقتصادية ملحة ، وهذا يحتم عليها أن تقوم بدور البوليس الغير مؤدب ، وبما ان السعي البطيء للسيطرة على الموارد في الخليج لن يحقق الأهداف الامريكية ، لذا فإن الاستراتيجية تحتم السيطرة العاجلة على إيرادات المنطقة من خلال التأهيل العسكري لدولها ولعب دور سياسي رائد بحجة توفير الأمن والاستقرار لها . والاستراتيجية الأمريكية تعتمد ظاهريا على الصداقات في المنطقة ، وإذا فشلت في كسب تجاوب الأصدقاء من الحكام ، يتم اللجوء إلى خلق النزاعات المحلية بين هذه الدول ، حسب ماتقتضيه المصلحة من اشغال للحكام فيما بينهم بدلا من مواجهتهم لها ، وإذا تعذر إثارة المشاكل ، فسيتم اللجوء إلى توريطهم في سياسات خاطئة تمس الأمن فيما بينهم مما يهدد الاستقرار ، ويتيح لها لعب دور مباشر للسيطرة على مجريات الأحداث . ولا يجب أن تكون هذه الاستراتيجية الحذرة ثابته أو محددة بمعايير جامدة ، بل يجب أن تكون متغيرة وفقا للظروف السياسية في المنطقة ، وهي من اختصاص ( الرئيس - الأمن القومي -وزارة الدفاع - وزارة الخارجية ) ولو نظرنا إلى قبلة الحياة التي منحها - وزير الخارجية الأمريكي - تيلرسون لقطر من خلال توقيع الاتفاق الثنائي معها لمحاربة الارهاب ، نجد أن الدول الأربع الأخرى قابلتها بالرفض قبل أن يجف حبرها . و الأزمة مع قطر قد تطول ،وقد سبق وأن عانت إحدى دول الخليج حالة مماثلة ، حيث قامت بريطانيا عام ١٩١٨ بحصار الكويت قرابة العشرون عاما ، بتهمة وقوفه مع تركيا ، ومرور الأسلحة عن طريقه إلى فلسطين - حسب ماذكره حمد السعيدان في مختصر موسوعته و حسين خزعل في تاريخه - .
إن عدم الانهاء العاجل لأزمة الخليج هو الخطر الأكبر الذي لايتوقف على اثارة الشكوك في الاذهان ، ولكنه يمتد مع الزمن إلى التاثير على الأوضاع الأمنية ، ويجعل دول المنطقة مسرحا للتجاذبات الاقليمية والدولية ، ، ومن الثابت أن التجاذبات سوف ينتج عنها وجهات نظر غير متطابقة ، وأحيانا تكون متعارضة مما يطيل أمد الازمة ويزيد تشعباتها . كل من ينظر حولنا يتبين له ان البلاء يزيد والفتن تعظم والخطر محدق من كان يظن ان يحدث في دول الخليج ماحدث وهي التي كانت كاالسماء الصافية قبل ان تتلبد الغيوم وتتكاثر تدفعها رياح تزمجر ورعود تقصف وما ذلك الا انذارات لعاصفة هوجاء قادمة سوف تقتلع كل ماتجد امامها وبما أن حكام الخليج هم خير من يدرك جيدا أن أوضاع دولهم وشعوبها متشابكة جدا وان الامر لايتوقف على المقاطعة والتراشق الاعلامي لان تحت الرماد وميض نار كما قال (نصر بن سيار) أرى تحت الرماد وميض نار ويوشك ان يكون لها ضرام فإن النار بالعودين تذكى وان الحرب مبدأها كلام.
لذا يجب أن يكون الجميع تواقون إلى طي صفحة هذا الخلاف الذي يعد الأسوأ في تاريخ الخليج على الإطلاق ، واتخاذ قرار جماعي للحل ، واعتماد رؤية للمستقبل ، والاحتفاظ بماء الوجه المتبقي ، وإدراك أن خلخلت الخليج بخلق الازمات السياسية ، وماينتج عنها من فراغات لن يملؤها الهواء ، بل الطامحون من كل مله.
عضو مجلس المنطقة
اللواء متقاعد/ عبدالله بن كريم العطيات