نظام موحد لقطاع المقاولات !
في الأحياء الناشئة حديثاً خارج النطاق العمراني سيما في أطراف المدن نرى مشاهد يندى لها الجبين من تشويه للمنظر المتمثل في تحويل جدران الأسوار القائمة إلى لوحات للدعاية والإعلان من خلال كتابة أسماء وأرقام لأفراد ومؤسسات واستخدامها كوسيلة إعلامية لعرض الخدمات في قطاع المقاولات دون تدخل من قبل الجهة المسؤولة، فأين الأمانات عن تنظيم العمل لمنع الفوضى في هذا السوق ؟.
في إحدى البلدان العربية "السودان تحديدا" لا يُسمح بفتح مؤسسة للمقاولات إلا بعد الحصول على شهادة تخصص في الهندسة المدنية "هندسة الانشاءات" إذ يقوم المقاول بالإشراف بنفسه على سير العمل وفق التصاميم الهندسية؛ بينما يمتهن هذه المهنة لدينا من لا يُحسن الأبجدية وربما استخدم البصمة في التوقيع على العقود بعد تلاوتها عليه، ما يعني أن قطاع المقاولات أضحى مهنة من لا مهنة له !
ربما أن وزارة الشؤون البلدية هي الجهة المخولة بتنظيم هذا القطاع والتي يمكن أن تتدخل لوضع ضوابط ومعايير لمنع الغش والخداع الذي يمكن أن ينشأ من خلال دخول عناصر بشرية غير مدربة للعمل في قطاع المنشآت، فلماذا لا تقوم الأمانات بوضع دليل موحد لقطاع المقاولات ؟.
صور الغش في هذا القطاع عديدة منها استخدام بقايا الأخشاب (الطفش) في عمل النجارة للترقيع، وسد الفجوات بأوراق الإسمنت، وربط ألواح الخشب بالمسامير فوق بعضها البعض لتفادي بذل الجهد من قبل النجار وتوفير ألواح خشب غير مقصوصة للمقاول أو صاحب المؤسسة، وإن كان العقد بين الطرفين يشمل مواد البناء فحدث ولا حرج ، فمن الغش في الحدادة إما بتقليل عدد أسياخ الحديد أو باستخدام قطع حديد وتوصيل بعضها ببعض، هذا عدا الإخلال بمدة التنفيذ للمشروع التي لا يلتزم بها المقاول في كثير من الأحيان لقلة عدد العمالة لديه والعمل في أكثر من اتجاه لضمان عدم فوات الفرصة بالعمل في أكثر من مشروع في ذات الوقت.
ومن صور الغش في عقود العمل التفاوت في الأسعار بين المؤسسات "المقاولات" التي تقوم على التنفيذ، إذ تتراوح بين 1000- 1400 ريال للمتر تسليم على المفتاح، ومن 450- 600 ريال بناء العظم مع المباني ، ومن 80- 150ريال على شغل اليد "المصنعية" بينما مواد البناء على الطرف الآخر، دون أن يعرف صاحب المنشأة سبب هذا الاختلاف، مع العلم أن الطرفين قد اتفقا على تنفيذ المشروع بإشراف هندسي.
حان الوقت لوضع ضوابط وتنظيمات لقطاع المقاولات بدءاً من توحيد عقود العمل، وتصنيف هذه المؤسسات إلى فئات بحسب الإمكانات، وعدم السماح للوافدين بالعمل بهذه المهنة وقصرها على المواطنين، كما يلزم الأمانات عدم منح تراخيص البناء إلا بعد تزويدها بعقد العمل مع المؤسسة المسجلة نظاماً لدى الأمانات لتدوين المؤسسة التي سوف تقوم بالتنفيذ على رخصة البناء، وأجزم أنه من خلال هذا التنظيم سوف يتم القضاء على الفوضوية في العمل، وقلة المشكلات التي تظهر بين الفينة والأخرى الناجمة عن سوء التنفيذ، وتوفير فرص عمل للسعوديين على وجه التحديد دون غيرهم، على أن الأمانات سوف تكون المرجعية عند الاختلاف في وجهات النظر بين المقاول وصاحب المنشأة لحل النزاعات القائمة عن التنفيذ، والله تعالى من وراء القصد.