×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
الدكتور زيد بن محمد الرماني

أخلاق الصوم وآدابه !!
الدكتور زيد بن محمد الرماني

أخلاق الصوم وآدابه !!

لقد نظمت الشريعة الإسلامية الفقه في المعاملات والعقود، فوضعت له منهجاً عاماً يسلكه الأفراد في معاملاتهم المختلفة لبناء أخلاقهم من خلال قضاء حاجاتهم وتحقيق أغراضهم. وهذا المنهج الإسلامي في بناء الأخلاق اقتضى أن يكون الأساس في عقود المعاملات هو مصالح المجتمع ومقاصد الأفراد.
فلا عجب أن يكون من أخلاق الإسلام: غرس التعاون والإخاء والمحبة والتكافل والرحمة والعدل وما يؤدي إلى إزالة الفوارق الشاسعة بين الأفراد فلا إسراف ولا ترف ولا تبذير، بحيث يبلغ الغني حد النعيم والرخاء المنهي عنه، وينزل بالفقير الجوع والمسغبة، فما جاع فقير إلا بما متع أو منع غني وكل سرف فبإزائه حق مضيع.
والله تعالى جل شأنه أكّد على القوام العدل بقوله ((والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً))، وقال سبحانه محذِّراً من التبذير ((ولا تبذِّر تبذيراً، إن المبذرِّين كانوا إخوان الشياطين)) وقال سبحانه في شأن الترف هادم المجتمعات ((وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً)).
لذا , فإن من الأخلاق الاجتماعية التي تنميّها فريضة الصوم الصبر وقوة العزيمة وأسمى أنواع الأمانات، وكلها من مبادئ الأخلاق في العقود والمعاملات، فالصبر يغرس في النفس احتمال الجوع والعطش وهما من ضروريات حياتها وبقائها، والصبر على الضروريات من أشد ما تكابره النفس وتعانيه، وبهذا يكون الصبر عليها أقوى وأشدّ.
والصبر الذي يغرسه الصوم له دور فعّال في مجال العقود والمعاملات، فهو سلاح قوي يقاوم الشطط في الأسواق ويحارب شهوات النفس في حبها للمال وجمعه بشتى الوسائل ويوزن التصرفات المالية على أساس من الحكمة والاتزان ووضع الأمور في نصابها الصحيح. وإذا كان أحد المتعاقدين صابراً يضبط نفسه فإن النجاح والتوفيق يكون حليف المتعاقدين في العقود والتصرفات والمعاملات.




وكذلك الصوم يربّي في النفس أسمى أنواع الأمانات وما أحوجنا في العقود والمعاملات إلى هذا النوع السامي من الأمانة التي يغرسها الصيام في النفس، بحيث يتعامل الناس فيما بينهم ابتغاء مرضاة الله عز وجل وتحت مراقبته، فلا تظالم ولا أكل لأموال الناس بالباطل ولا هوى أو رياء أو مظاهر كاذبة.
إنّ الأخلاق التي تنميّها العبادات في النفس ليس المقصود منها أن تكون أخلاقاً أنانية ذاتية للشخص نفسه فحسب، ولكن المقصود منها هو أن تكون أخلاقاً اجتماعية يتعامل بها مع الناس. لهذا كان المقصود من العبادات والغاية منها هو تربية الأخلاق في النفس وتنميتها لكي تحسن المعاملات والعقود التي تجري مع الناس تبعاً لسنة الحياة وناموس الطبيعة الإنسانية الاجتماعية.



بواسطة : الدكتور زيد بن محمد الرماني
 0  0