في سجن "الحائر" هناك.. جلست فرأيت!!
نجلاء الجهني
في سجن "الحائر".. جلست فرأيت!!
كان وفد كبيراً يضم نخبة من أهالي تبوك متجهين إلى العاصمة الحبيبة الرياض في مبادرة تثمن لوزارة الداخلية وجهاز المباحث العامة بتبوك، قضينا يوماً حافلاً في سجن الحائر ومركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، أول ما لفت نظرنا هو حفاوة الاستقبال التي قوبلنا بها من جميع القائمين في جهاز المباحث في تبوك ثم الرياض.
بعد ما هبطنا من الطائرة استقلينا باص إلى سجن الحائر الذي سبقته سمعة أخافت الكثيرين، عن نفسي كان أسوأ مخاوفي، لا ادري لماذا كنت اتخيله قاتماً خانقاً لا تزوره الشمس لكن مهلاً قليلاً ونصل إلى وجهتنا ونرى بأعيننا ونسمع بآذاننا.
أول ما وصلنا توجهنا إلى مبنى إداري وتناولنا طعام الإفطار ثم توجهنا إلى قاعة المحاضرات التي أخبرونا أنها احتضنت دفعة من الخريجين قبل أسبوعين حصلوا على شهادة البكالوريوس من جامعة الإمام محمد بن سعود وقُدم لنا عرض عن سجون المباحث العامة الخمس بالمملكة وعن الخدمات التي تُقدم للسجناء وهي كثيرة ومكلفة وتصل إلى تحمل الجهاز تكاليف السفر والإقامة لأسر السجناء الأجانب أو السجناء من خارج المنطقة.
أول محطة كان مشتل السجن وهو مساحة شاسعة وبيوت محمية يزرعون فيها الخضروات والفواكه ونباتات الزينة طوال العام حيث استمعنا إلى شرح من سجينين توقعت للوهلة الأولى أنهما مهندسان زراعيان حيث تحدثا بفخر وإعتزاز عن محصولهما الأخير من الخيار والذي بلغ 300 كغم.
بعدها زرنا (البيت العائلي) وهو أشبه بفندق 5 نجوم تم افتتاحه قبل 3 سنوات تقريباً ويستخدم كنوع من التحفيز والمكافأة للسجناء المنضبطين ويضم البيت 17 غرفة وجناح بالإضافة إلى قاعة طعام وملعب للأطفال حيث يسمح للسجين بإستضافة زوجته وأطفاله أو والديه وذويه من الدرجة الأولى وقضاء وقت طويل معهم قد يصل إلى 72 ساعة.
ثم وصلنا للسجن مبنى كبير مشمس نظيف تفوح من أروقته رائحة المطهرات يضم فروعاً لهيئة التحقيق والادعاء العام، وكتابة العدل، والبنك الأهلي، وهيئة حقوق الإنسان، والجوازات والأحوال المدنية ومكتب العمل ومكتب للتعليم وذلك لخدمة السجناء وذويهم وعدم تعطيل لمصالحهم.
وعلى يميننا ويسارنا غرف السجناء التي دخلنا إحداها تحتوي على أسرة بها أدراج للتخزين يقيم فيها من ٤ إلى ٥ نزلاء في كل غرفة فناء خارجي يتيح دخول الشمس وتجديد الهواء في الغرفة علاوة على نوافذ عالية تنير الغرفة وجهاز تلفاز معلق ومزود بجهاز تحكم في كل غرفة يضم قنوات فضائية متنوعة. ثم دخلنا إلى قاعة تضم شاشة كبيرة عليها تطبيق يسمى نافذة تواصل يستطيع السجين استخدامها لمعرفة أين وصلت قضيته ويتم من خلالها التواصل بصريا مع ذوي السجناء.
وواصلنا الزيارة إلى استوديو السجن المجهز بمعدات تسجيل حديثة بإدارة كاملة من السجناء الذين يخرجون أفلام ويبثون إنتاجهم عبر قناة خاصة الى جميع السجناء وعرض علينا سجينين بفخر مقطع ساخر من إعدادهم هو "ستاند اب كوميدي" نزع الابتسامة منا ومن هذا الاستديو إلى استديو آخر صوتي يعدون به الأناشيد والشيلات وأهدونا إنتاجهم الصوتي على أقراص مدمجة.
ومنها إلى قاعة لتحرير مجلة ثقافية يكتبون مواضيعهم ويحررونها بأنفسهم ويزينونها برسومات تعبيرية ويقومون بتجليدها وطباعتها من خلال الطابعات المتوفرة وأهدونا نسخة منها.
مروراً بمجلات للحائط وصور لاحتفالات الأعياد ومرافق عامة من حلاق ومغسلة ذاتية وبقالة صغيرة وأفنية خارجية للتشميس ومكتبة تضم مجموعة متنوعة من الكتب ومرسم بمزود بمختلف الألوان وأدوات للنحت.
واللافت للنظر هو الأريحية التي يتحدث بها شباب في منتصف العشرينيات من العمر أغلبهم جامعيون تم التغرير بهم في فترة من الفترات وما أخبرونا به من معاملة راقية من منسوبي السجن والقائمين عليه.
ثم توجه الوفد النسائي إلى سجن النساء الذي لا يتجاوز عدد نزيلاته ١٠ نزيلات وافقت اثنتان منهن على مقابلتنا إحداهما تعلو محياها ملامح الابتهاج لقرب موعد خروجها أما الأخرى فتطمح لإكمال دراستها العليا داخل السجن واطلعنا على مرافق سجن النساء من مكتبة إلى صالة رياضية ومكان مفتوح للتشمس.
ومن ثم تعرفنا على غرف الزيارة العامة والخاصة
وكما علمنا أن سجن النساء والرجال يداران من قبل برنامج يسمى إدارة الوقت يتيح تنظيم أوقات السجناء وتوزيعها على جميع المناشط الموجودة.
بعدها توجهنا إلى المستشفى الذي يضم كافة التخصصات الطبية والمجهز بأحدث الأجهزة والتقنيات، حيث استقبلنا طبيب قدم لنا شرحا عن أقسام المستشفى والخدمات التي يقدّمها كوحدة غسيل للكلى وغرف للعناية الفائقة وغرف للعمليات.
ومن ثم عدنا إلى قاعة المحاضرات لتوجيه الأسئلة إلى سعادة اللواء محمد السراح، الذي أجاب عن كل استفساراتنا بكل شفافية ووضوح.
ومن ثم تم تقديم وجبة الغداء للوفد بالقاعة الرياضية للسجن، وودعنا بمثل ما استقبلونا به من كرم بالغ وحفاوة أدهشتنا.
وتركنا أسوار السجن خلفنا ونحن ندعو الله أن يرد شبابنا وشاباتنا إلى أهليهم و وطنهم رداً جميلاً وأن يحفظ على هذا البلد أمنه وأمانه وولاة أمره.
وصلنا مع غروب شمس الثلاثاء ٢٠ شعبان إلى مركز سمو الأمير "محمد بن نايف للمناصحة" وتم استقبالنا في مجلس كبير تفوح منه رائحة القهوة العربية والبخور ثم توجهنا إلى التعرف على مرافق المركز في عجالة لتأخر الوقت، زرنا قاعة تعنى بالعلاج عن طريق الفن التشكيلي وهو علم رائد وحديث في العلاج النفسي وشاهدنا كيف تتغير الدلالات والرموز لرسومات في مراحل زمنية مختلفة لمستفيد واحد وتسمية مستفيد هي الصفة التي تطلق على النزلاء في هذا الصرح الذي اقل مايقال عنه أنه متفرد ومتميز.
ثم توجهنا إلى قاعة للمحاضرات وقدم لنا عرض متميز بعنوان "الريادة في إعادة التأهيل الفكري" يتخلله شرح وافي من سعادة اللواء "ناصر المطيري" ومداخلات سريعة من أعضاء الوفد يتضح فيها إنبهارنا من مشاهداتنا والأساليب الحديثة المتبعة لتأهيل المستفيدين من المركز.
حيث يقدم المركز المناصحة في مختلف الجوانب الاجتماعية والنفسية الهدف منها التأهيل الفكري والمعرفي والنفسي حتى أصبح مركز خبرة عالمي يشهد له بذلك نسبة النجاح المرتفعة جداً والتي تتجاوز ٨٠٪ بنسبة عودة لاتتجاوز ٢٠٪، ومن ثم قدم لنا د. العتيبي المستشار الشرعي نبذة عن كيفية التوعية وتصحيح المفاهيم.
ثم حيانا د. الشايجي بأبيات شعرية تغنى فيها بتبوك الورد وشرح لنا بأسلوب سلس ومشوق نظرية الميمات الخمس نظرية الميمات الخمس والتي تتلخص في أن الشخص بعد أن يخرج هو بين خمس ميمات:
أولاً الدائرة الصغيرة هو المحب وهم الأسرة الصغيرة من الوالدين والزوجة.
الدائرة الثانية هو المعاتب وهم الأسرة الأكبر الأعمام وكبار العائلة.
الثالثة المشكك وهو شخص يعرف السجين السابق قبل أن ينحرف فكرياً لكنه لايقتنع أنه رجع عن هذا الطريق فيتحاشاه ويتهرب منه.
الرابعة الممجد هو شخص تعرف على السجين أثناء الإيقاف أو في التنظيم ويحاول إعادة تجنيده.
الخامسة المراقب وهو أنه سيكون تحت دائرة المراقبة.
حيث يتم تأهيل المستفيد نفسيًّا ومعرفياً للتعامل مع المجتمع المحيط في كل مرحلة.
واختتم الحديث د. علي العفنان المستشار الأسري عن واجبنا تجاه أولادنا وعن أهمية حمايتهم وكيف أن أبنائنا وبناتنا مستهدفون من قبل أجندات خارجية، وفِي سياق الحديث تمت الإشارة الى مقولة جميلة للأمير نايف رحمه الله وهي أن الفكر لا يعالج إلاّ بالفكر
ثم تحدث لنا مدير وحدة التوعية الفكرية بجامعة تبوك أ. عبدالرحمن الحويطي عن تجربته الفريدة في مركز من مراكز الصراع وكيفية عودته وماتعرض له وعن عمله الحالي ودوره الرائد في توعية الشباب، ومن ثم قدم اللواء المطيري هدية تذكارية لصاحب السمو الملكي أمير المنطقة تشرف باستلامها مدير مباحث منطقة تبوك اللواء صالح الجارالله.
وفِي نهاية اللقاء تقدم سعادة د. نايف الجهني بكلمة بالنيابة عن الوفد شكر فيها جميع القائمين على هذه الزيارة وأثنى على جميع مشاهدتنا في هذا اليوم الحافل ورد بأبيات جميلة على تحية د. الشايجي.
وغادرنا إلى تبوك الورد فخورين بما شاهدنا فخورين بإنتمائنا لهذا الوطن العظيم محملين بأمانة كبيرة فنحن شهود الله في أرضه وما رأينا وسمعنا يجب على جميع فئات المجتمع أن تدركه وأن نبدأ من الأسرة الصغيرة وأن ننشأ الأبناء على التحلي بالأخلاق الاسلامية السمحة والآداب العامة واحترام آراء الآخرين وتقبلهم كما هم.
ونتمنى أن تصل أصواتنا للمسؤولين لدراسة المقترحات التالية وتبنيها ما أمكن:
1 - تدريس مواد عامة بالجامعات تعنى بالأمن الوطني يعدها المستشارون في مركز الأمير محمد بن نايف.
2 - تفعيل الأنشطة اللامنهجية في المدارس والجامعات وتضمينها شروحات عن الأمن الوطني واستهداف الشباب والشابات ومداخل الفكر الضال وكيفية وصولهم للشباب.
3 - استشعار الأسر المسؤولية المجتمعية وعدم التهاون في أي تغيير بسلوك الأبناء وتيسير طرق الوصول للجهات المختصة عن طريق نشر أفلام وثائقية قصيرة في أجهزة الإعلام المختلفة والتواصل الاجتماعي مذيلة بأرقام للتواصل.
هذا والله من وراء القصد،،
د. أريج بنت جميل الغبّان
وكيلة عمادة القبول والتسجيل بجامعة تبوك
A_alghabban@hotmail.com
كان وفد كبيراً يضم نخبة من أهالي تبوك متجهين إلى العاصمة الحبيبة الرياض في مبادرة تثمن لوزارة الداخلية وجهاز المباحث العامة بتبوك، قضينا يوماً حافلاً في سجن الحائر ومركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، أول ما لفت نظرنا هو حفاوة الاستقبال التي قوبلنا بها من جميع القائمين في جهاز المباحث في تبوك ثم الرياض.
بعد ما هبطنا من الطائرة استقلينا باص إلى سجن الحائر الذي سبقته سمعة أخافت الكثيرين، عن نفسي كان أسوأ مخاوفي، لا ادري لماذا كنت اتخيله قاتماً خانقاً لا تزوره الشمس لكن مهلاً قليلاً ونصل إلى وجهتنا ونرى بأعيننا ونسمع بآذاننا.
أول ما وصلنا توجهنا إلى مبنى إداري وتناولنا طعام الإفطار ثم توجهنا إلى قاعة المحاضرات التي أخبرونا أنها احتضنت دفعة من الخريجين قبل أسبوعين حصلوا على شهادة البكالوريوس من جامعة الإمام محمد بن سعود وقُدم لنا عرض عن سجون المباحث العامة الخمس بالمملكة وعن الخدمات التي تُقدم للسجناء وهي كثيرة ومكلفة وتصل إلى تحمل الجهاز تكاليف السفر والإقامة لأسر السجناء الأجانب أو السجناء من خارج المنطقة.
أول محطة كان مشتل السجن وهو مساحة شاسعة وبيوت محمية يزرعون فيها الخضروات والفواكه ونباتات الزينة طوال العام حيث استمعنا إلى شرح من سجينين توقعت للوهلة الأولى أنهما مهندسان زراعيان حيث تحدثا بفخر وإعتزاز عن محصولهما الأخير من الخيار والذي بلغ 300 كغم.
بعدها زرنا (البيت العائلي) وهو أشبه بفندق 5 نجوم تم افتتاحه قبل 3 سنوات تقريباً ويستخدم كنوع من التحفيز والمكافأة للسجناء المنضبطين ويضم البيت 17 غرفة وجناح بالإضافة إلى قاعة طعام وملعب للأطفال حيث يسمح للسجين بإستضافة زوجته وأطفاله أو والديه وذويه من الدرجة الأولى وقضاء وقت طويل معهم قد يصل إلى 72 ساعة.
ثم وصلنا للسجن مبنى كبير مشمس نظيف تفوح من أروقته رائحة المطهرات يضم فروعاً لهيئة التحقيق والادعاء العام، وكتابة العدل، والبنك الأهلي، وهيئة حقوق الإنسان، والجوازات والأحوال المدنية ومكتب العمل ومكتب للتعليم وذلك لخدمة السجناء وذويهم وعدم تعطيل لمصالحهم.
وعلى يميننا ويسارنا غرف السجناء التي دخلنا إحداها تحتوي على أسرة بها أدراج للتخزين يقيم فيها من ٤ إلى ٥ نزلاء في كل غرفة فناء خارجي يتيح دخول الشمس وتجديد الهواء في الغرفة علاوة على نوافذ عالية تنير الغرفة وجهاز تلفاز معلق ومزود بجهاز تحكم في كل غرفة يضم قنوات فضائية متنوعة. ثم دخلنا إلى قاعة تضم شاشة كبيرة عليها تطبيق يسمى نافذة تواصل يستطيع السجين استخدامها لمعرفة أين وصلت قضيته ويتم من خلالها التواصل بصريا مع ذوي السجناء.
وواصلنا الزيارة إلى استوديو السجن المجهز بمعدات تسجيل حديثة بإدارة كاملة من السجناء الذين يخرجون أفلام ويبثون إنتاجهم عبر قناة خاصة الى جميع السجناء وعرض علينا سجينين بفخر مقطع ساخر من إعدادهم هو "ستاند اب كوميدي" نزع الابتسامة منا ومن هذا الاستديو إلى استديو آخر صوتي يعدون به الأناشيد والشيلات وأهدونا إنتاجهم الصوتي على أقراص مدمجة.
ومنها إلى قاعة لتحرير مجلة ثقافية يكتبون مواضيعهم ويحررونها بأنفسهم ويزينونها برسومات تعبيرية ويقومون بتجليدها وطباعتها من خلال الطابعات المتوفرة وأهدونا نسخة منها.
مروراً بمجلات للحائط وصور لاحتفالات الأعياد ومرافق عامة من حلاق ومغسلة ذاتية وبقالة صغيرة وأفنية خارجية للتشميس ومكتبة تضم مجموعة متنوعة من الكتب ومرسم بمزود بمختلف الألوان وأدوات للنحت.
واللافت للنظر هو الأريحية التي يتحدث بها شباب في منتصف العشرينيات من العمر أغلبهم جامعيون تم التغرير بهم في فترة من الفترات وما أخبرونا به من معاملة راقية من منسوبي السجن والقائمين عليه.
ثم توجه الوفد النسائي إلى سجن النساء الذي لا يتجاوز عدد نزيلاته ١٠ نزيلات وافقت اثنتان منهن على مقابلتنا إحداهما تعلو محياها ملامح الابتهاج لقرب موعد خروجها أما الأخرى فتطمح لإكمال دراستها العليا داخل السجن واطلعنا على مرافق سجن النساء من مكتبة إلى صالة رياضية ومكان مفتوح للتشمس.
ومن ثم تعرفنا على غرف الزيارة العامة والخاصة
وكما علمنا أن سجن النساء والرجال يداران من قبل برنامج يسمى إدارة الوقت يتيح تنظيم أوقات السجناء وتوزيعها على جميع المناشط الموجودة.
بعدها توجهنا إلى المستشفى الذي يضم كافة التخصصات الطبية والمجهز بأحدث الأجهزة والتقنيات، حيث استقبلنا طبيب قدم لنا شرحا عن أقسام المستشفى والخدمات التي يقدّمها كوحدة غسيل للكلى وغرف للعناية الفائقة وغرف للعمليات.
ومن ثم عدنا إلى قاعة المحاضرات لتوجيه الأسئلة إلى سعادة اللواء محمد السراح، الذي أجاب عن كل استفساراتنا بكل شفافية ووضوح.
ومن ثم تم تقديم وجبة الغداء للوفد بالقاعة الرياضية للسجن، وودعنا بمثل ما استقبلونا به من كرم بالغ وحفاوة أدهشتنا.
وتركنا أسوار السجن خلفنا ونحن ندعو الله أن يرد شبابنا وشاباتنا إلى أهليهم و وطنهم رداً جميلاً وأن يحفظ على هذا البلد أمنه وأمانه وولاة أمره.
وصلنا مع غروب شمس الثلاثاء ٢٠ شعبان إلى مركز سمو الأمير "محمد بن نايف للمناصحة" وتم استقبالنا في مجلس كبير تفوح منه رائحة القهوة العربية والبخور ثم توجهنا إلى التعرف على مرافق المركز في عجالة لتأخر الوقت، زرنا قاعة تعنى بالعلاج عن طريق الفن التشكيلي وهو علم رائد وحديث في العلاج النفسي وشاهدنا كيف تتغير الدلالات والرموز لرسومات في مراحل زمنية مختلفة لمستفيد واحد وتسمية مستفيد هي الصفة التي تطلق على النزلاء في هذا الصرح الذي اقل مايقال عنه أنه متفرد ومتميز.
ثم توجهنا إلى قاعة للمحاضرات وقدم لنا عرض متميز بعنوان "الريادة في إعادة التأهيل الفكري" يتخلله شرح وافي من سعادة اللواء "ناصر المطيري" ومداخلات سريعة من أعضاء الوفد يتضح فيها إنبهارنا من مشاهداتنا والأساليب الحديثة المتبعة لتأهيل المستفيدين من المركز.
حيث يقدم المركز المناصحة في مختلف الجوانب الاجتماعية والنفسية الهدف منها التأهيل الفكري والمعرفي والنفسي حتى أصبح مركز خبرة عالمي يشهد له بذلك نسبة النجاح المرتفعة جداً والتي تتجاوز ٨٠٪ بنسبة عودة لاتتجاوز ٢٠٪، ومن ثم قدم لنا د. العتيبي المستشار الشرعي نبذة عن كيفية التوعية وتصحيح المفاهيم.
ثم حيانا د. الشايجي بأبيات شعرية تغنى فيها بتبوك الورد وشرح لنا بأسلوب سلس ومشوق نظرية الميمات الخمس نظرية الميمات الخمس والتي تتلخص في أن الشخص بعد أن يخرج هو بين خمس ميمات:
أولاً الدائرة الصغيرة هو المحب وهم الأسرة الصغيرة من الوالدين والزوجة.
الدائرة الثانية هو المعاتب وهم الأسرة الأكبر الأعمام وكبار العائلة.
الثالثة المشكك وهو شخص يعرف السجين السابق قبل أن ينحرف فكرياً لكنه لايقتنع أنه رجع عن هذا الطريق فيتحاشاه ويتهرب منه.
الرابعة الممجد هو شخص تعرف على السجين أثناء الإيقاف أو في التنظيم ويحاول إعادة تجنيده.
الخامسة المراقب وهو أنه سيكون تحت دائرة المراقبة.
حيث يتم تأهيل المستفيد نفسيًّا ومعرفياً للتعامل مع المجتمع المحيط في كل مرحلة.
واختتم الحديث د. علي العفنان المستشار الأسري عن واجبنا تجاه أولادنا وعن أهمية حمايتهم وكيف أن أبنائنا وبناتنا مستهدفون من قبل أجندات خارجية، وفِي سياق الحديث تمت الإشارة الى مقولة جميلة للأمير نايف رحمه الله وهي أن الفكر لا يعالج إلاّ بالفكر
ثم تحدث لنا مدير وحدة التوعية الفكرية بجامعة تبوك أ. عبدالرحمن الحويطي عن تجربته الفريدة في مركز من مراكز الصراع وكيفية عودته وماتعرض له وعن عمله الحالي ودوره الرائد في توعية الشباب، ومن ثم قدم اللواء المطيري هدية تذكارية لصاحب السمو الملكي أمير المنطقة تشرف باستلامها مدير مباحث منطقة تبوك اللواء صالح الجارالله.
وفِي نهاية اللقاء تقدم سعادة د. نايف الجهني بكلمة بالنيابة عن الوفد شكر فيها جميع القائمين على هذه الزيارة وأثنى على جميع مشاهدتنا في هذا اليوم الحافل ورد بأبيات جميلة على تحية د. الشايجي.
وغادرنا إلى تبوك الورد فخورين بما شاهدنا فخورين بإنتمائنا لهذا الوطن العظيم محملين بأمانة كبيرة فنحن شهود الله في أرضه وما رأينا وسمعنا يجب على جميع فئات المجتمع أن تدركه وأن نبدأ من الأسرة الصغيرة وأن ننشأ الأبناء على التحلي بالأخلاق الاسلامية السمحة والآداب العامة واحترام آراء الآخرين وتقبلهم كما هم.
ونتمنى أن تصل أصواتنا للمسؤولين لدراسة المقترحات التالية وتبنيها ما أمكن:
1 - تدريس مواد عامة بالجامعات تعنى بالأمن الوطني يعدها المستشارون في مركز الأمير محمد بن نايف.
2 - تفعيل الأنشطة اللامنهجية في المدارس والجامعات وتضمينها شروحات عن الأمن الوطني واستهداف الشباب والشابات ومداخل الفكر الضال وكيفية وصولهم للشباب.
3 - استشعار الأسر المسؤولية المجتمعية وعدم التهاون في أي تغيير بسلوك الأبناء وتيسير طرق الوصول للجهات المختصة عن طريق نشر أفلام وثائقية قصيرة في أجهزة الإعلام المختلفة والتواصل الاجتماعي مذيلة بأرقام للتواصل.
هذا والله من وراء القصد،،
د. أريج بنت جميل الغبّان
وكيلة عمادة القبول والتسجيل بجامعة تبوك
A_alghabban@hotmail.com